البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ثقة بتحفظات كلا ثقة

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2187


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


حكومة أزمة تطلُب الثقة من البرلمان، بعد انتخابات رئاسية عسيرة وتشريعية غريبة الأطوار، فتواجه من أكبر الأحزاب بثقة مرتهنة بتحفظات، فكأنها ترتهن نفسها الى أكثر من المعارضة والعجز عن الخروج من أزمتها، بهذه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ولدها نظام برلماني مختل الأركان بانتخاباته ودستوره، بعد ثورة فقدت بسببه عناوينها الأساسية لتسقط في حلبة الأسود والذئاب الناهشة.

دستور لم يستكمل أحكامه الانتقالية، وعلى رأسها محكمة عليا تضمن على الأقل الحد الأدنى من التفسير المقبول للدستور وقوانينه الأساسية وفصل المنازعات بين سلطاته.

وعندما قلنا إن أولوية الأوليات قبل تشكيل الحكومة هو أن ينكب المجلس الجديد على إحداث المحكمة الدستورية، لكبح جماح بعض أطرافه التي تُلاعب على كسب الوقت لامتيازاتها الحزبية والبرلمانية وطلباتها المتطرفة، قلنا ما نعتقده الأنسب. فلو أضاع المجلس من الوقت في تشكيل ما هو أولى أكثر من الوقت في تشكيل ما هو أدنى لما كان محجوجاً بإهدار الجهود في تشكيل حكومة الأغلب ثم حكومة الأقدر.

ولكن ما دامت المصيبة بالمجلس المتشكل من البقايا الانتخابية هو مصيبة حكومة الأغلب كما هو مصيبة حكومة الأقدر، تكون النتيجة واحدة. فكل المعالجات المجانبة للديمقراطية مآلها الوقوع أكثر من السابق في المآزق، برلمانياً ورئاسياً على السواء.

خرجنا في انتخابات ٢٠١٤ من منظومة التوافق، التي كرست الالتفاف على منطوق النتائج الانتخابية التي مانعت من كل أغلبية مطلقة لحزب من الأحزاب أو ائتلاف في البرلمان، الى منظومة الثقة مع التحفظات في هذه المرة في حكومة انتخابات ٢٠١٩.

والديمقراطية آفتها الانقلاب عليها بمثل هذه المسوغات السياسية، التي لا تخدم في نهاية الأمر سوى أبطالها في معركة الحسم بالنتائج الانتخابية بين المعارضة والسلطة الحاكمة. فالتوافق والثقة المرتهنة بالتحفظات كلها أساليب يلجأ اليها صاحب الأغلبية المفقودة بحكم الدستور الانتخابي القائم على أكبر البقايا. ليصبح صاحبه أميل لاستتباب السلطة بين يديه بكل التكاليف، وإن راهن على تدهور الأوضاع لحمل البرلمان على تغيير مقتضى إجراءات التصويت داخله على الأشخاص بما يخدم أغراضه من توافق أو الثقة مع التحفظ.

وليس غير سلطة المحكمة الدستورية التي تحد من صلاحيات الأحزاب المتهارشة في البرلمان باجتهاداتها المطلقة من كل رقابة دستورية شرعية عليه.

وكان ينبغي أن تنال حكومة الرئيس، المسماة هكذا نسبة الى رئيس الجمهورية، الذي يختار الأقدر لها لممارسة الحكم في ظل الأزمة البرلمانية بحكومة الأغلب من أحزاب البرلمان، الترحيب لأول إعلانها. لكن الإجراءات المتبعة لانبثاق هذه الحكومة، أي حكومة الأقدر في تشكيلها جعلتها أشبه بالحكومات البرلمانية العادية. وهو أمر لم ينص عليه الدستور، إذ سقوطها في امتحان الثقة يجعلها غير لائقة باسمها وصفتها وضروريتها. وحتى منحها هذه الثقة المشروطة من الحزب الأغلبي بتحفظات هو تمش غير جدير بمقامها. لأن المجال أمام البرلمان لحجب الثقة عنها إذا تبين عجزها وليس وضع العصا في عجلتها قبل دورانها.

وما دام البرلمان فوتت أحزابه وكُتله على نفسها فرصة حكومة الأغلبية. فلا يراد منه، لتشكيل حكومة الأقدر أن يجمع لها من التأييد للثقة ما عجز عنه للحكومة الأولى النابعة من شرعيته الانتخابية. بل موضوع الثقة لها، أي لحكومة الأقدر، يجب أن يكون من تحصيل الحاصل لأنها حكومة منبثقة رئاستُها من إرادة رئيس الجمهورية، صاحب الشرعية المتميزة عن المجلس النيابي. ويجب بالتالي أن تمر دون استنفاد إجراءات مطولة كالأولى لاختلاف طبيعتهما. ولذلك قلنا إن الثقة الممهورة بتحفظات من بعض الأحزاب عند التصويت على الحكومة يجب أن لا يلابسها تحفظ، لأن التحفظ هو غير الاحتفاظ المرادف للتصويت بلا أو نعم. ومن غير الوارد اعتبار التحفظات إلا في التصويت على الاتفاقيات وأشباهها، أما التصويت على عضو في الحكومة أو على الحكومة جملة فلا يؤخذ فيه بتحفظات حزبية أو غيرها.

لأنها كالعلاج الأخير إما أن يمرّ أو يخضع المريض للتأهيل لقبولية العلاج الأقوم، عن طريق عملية جراحية أو نحوها كتجديد الدم، مثل المجلس النيابي بعد حله.

لأن حكومة الأقدر مآلها كالمحك لسلطة رئيس الجمهورية. وهو إنما لجأ اليها لمنع تعطيل سير دواليب الدولة بصفته الساهر الأول على احترام الدستور والتشريع، وهي بمثابة التدابير التي يتخذها في الحالات الاستثنائية، وليس له لاتخاذها غير استشارة رئيس المجلس التشريعي ورئيس الحكومة، وإعلام المحكمة الدستورية لا غير.

ومن الصعب تحديه في هذه الوضعية التي يغيب فيها وجود المحكمة الدستورية بفتاوى من غير المؤهلين دستورياً لمناهضته أو مناقضته. ولذلك فالثقة بتحفظات كلا ثقة، وليست بعربون وفاء للوضع القائم.

تونس في ٢٢ فيفري ٢٠٢٠


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، حكومة الفخفاخ، إلياس الفخفاخ، تشكيل الحكومة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 24-02-2020  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ‏حرب يتحمل تبعاتها الطرف المتسبب
  ‏لا خيار أمام ترامب غير خيار الحق
  لابن خلدون نظر وتحقيق
  ‌في ذكرى انبعاث الطوفان لحمل العدو وآلته العسكرية إلى حيث مصيره
  قتل بحجم النصر لقضية ‏المتوفى
  الإسلاموية في فرنسا
  حبر الانتخاب أو بيعة الرضوان
  ‌قدس يسوى أغلى من حسن وهنية
  ‏لينعم السيد حسن نصر الله باستشهاده
  ‌‏بقتل سيد المقاومة اللبنانية تخسر ‏ إسرائيل
  الرمز يُعلى بالإستشهاد ولا يسقط بالموت
  اللائكية كدين يستقلع الأديان ليحل محلها
  الحرب سجال والإنتصار قتال
  قليل من قلة الذوق ‏والشعارات الفارغة
  عملية أللنبي الأخيرة
  جامعة وكلية وقانون‏ ونفوس معقدة من مخلفات الاستعمار ومقبلات الاستقلال
  المستقبل السعيد
  ونقول للمحسن أحسنت
  ‌الرد المستور أقوى من الرد المكشوف الظهر
  ‌الحرب من أجل أمريكا والعالم
  ويذيق بعضكم بأس بعض
  ‌‏الرد الممدود
  ‌نُصرت بالرعب
  سفرة ناتنياهو إلى واشنطن استئذان بايدن على قتل هنية
  ‌إسرائيل أخطأت بقتل هنية بناتنياهو أي وهي تريد ناتنياه
  تناقل أقوال تشومسكي عضو بيت الحكمة في تونس
  مخطوط قيرواني نادر الوجود في بيت آل الكعبي
  وثائق زيتونية شابية عن إحالة الأستاذ الدكتور المنجي الكعبي على مجلس التأديب بتاريخ 25/03/1991
  تحلّ المشاكل بالأقوياء لأنها تنشأ بالضعفاء
  حادث بمثقال ‏الحادي عشر من سبتمبر

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بوادي، رضا الدبّابي، حاتم الصولي، محمد الياسين، عبد الرزاق قيراط ، صالح النعامي ، عمر غازي، وائل بنجدو، حسن الطرابلسي، ياسين أحمد، د- محمد رحال، طلال قسومي، فوزي مسعود ، حميدة الطيلوش، د- جابر قميحة، ضحى عبد الرحمن، الناصر الرقيق، بيلسان قيصر، سعود السبعاني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - عادل رضا، د. أحمد محمد سليمان، د. مصطفى يوسف اللداوي، علي عبد العال، أ.د. مصطفى رجب، إسراء أبو رمان، مصطفي زهران، مصطفى منيغ، د - محمد بن موسى الشريف ، رمضان حينوني، محمد عمر غرس الله، رافع القارصي، الهادي المثلوثي، أنس الشابي، د- هاني ابوالفتوح، محمود فاروق سيد شعبان، جاسم الرصيف، مجدى داود، د- محمود علي عريقات، رشيد السيد أحمد، تونسي، محمود طرشوبي، يزيد بن الحسين، مراد قميزة، المولدي اليوسفي، محرر "بوابتي"، محمد شمام ، د. خالد الطراولي ، عبد الله زيدان، محمد أحمد عزوز، يحيي البوليني، عبد العزيز كحيل، عواطف منصور، إيمى الأشقر، منجي باكير، فتحـي قاره بيبـان، خبَّاب بن مروان الحمد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. أحمد بشير، صلاح المختار، فتحي العابد، فتحي الزغل، محمد الطرابلسي، د - المنجي الكعبي، أشرف إبراهيم حجاج، محمد يحي، سليمان أحمد أبو ستة، إياد محمود حسين ، د - الضاوي خوالدية، أبو سمية، نادية سعد، عبد الله الفقير، الهيثم زعفان، د - محمد بنيعيش، د.محمد فتحي عبد العال، عزيز العرباوي، كريم السليتي، طارق خفاجي، علي الكاش، صلاح الحريري، سلام الشماع، صباح الموسوي ، د - مصطفى فهمي، سفيان عبد الكافي، محمد العيادي، د. عادل محمد عايش الأسطل، خالد الجاف ، أحمد الحباسي، العادل السمعلي، محمود سلطان، سيد السباعي، صفاء العربي، حسن عثمان، أحمد ملحم، حسني إبراهيم عبد العظيم، سلوى المغربي، د - صالح المازقي، صفاء العراقي، سامح لطف الله، المولدي الفرجاني، رحاب اسعد بيوض التميمي، عبد الغني مزوز، فهمي شراب، د. صلاح عودة الله ، رافد العزاوي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، أحمد النعيمي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، ماهر عدنان قنديل، سامر أبو رمان ، د. طارق عبد الحليم، د. عبد الآله المالكي، كريم فارق، عمار غيلوفي، محمد علي العقربي، عراق المطيري، د - شاكر الحوكي ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة