البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

محرقة ترامب في فلسطين

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2386


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


الرئيس ترامب والرئيس ناتنياهو كلاهما متابع من قضاء بلاده بتهم تصل جرائمها الى حد الخيانة العظمى، وكلاهما يبحث تجديد ولايته لمدة قادمة، ومن خلالها على حصانته في الحكم بأوسع ما يكون له من سلطات لقهر أعدائه وحل مشكلاته معهم بكل وسيلة.

ومشكل جميعِهما الإسلام، الذي ينعتونه بالإرهاب أحياناً للتعمية به عن توريطهم للآخرين في الحرب على جماعاته ودوله المتهمة به، وأحياناً بالاسم، كعقيدة مناوئة لصهيونية أحدهما والآخر، أصالة أو بطريق المصاهرة والمصالح المتقاطعة. وقلب الإسلام النابض هو اليوم فلسطين والقدس ثالث الحرمين الشريفين ومهوى أفئدة المسلمين جميعاً بقريب من مليارين من جميع سكان العالم.

وقلب الرجلين كليهما مليء بالحقد على هذه الديانة وأتباعها، لأن فئة من أبنائها مثّلت قبل عشرين عاماً أكبر تحد لقوة أمريكا الاقتصادية والعسكرية المُرْهبة للعالم، بضربات الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ في عز دارها ونهارها. وبالحقد كذلك على هذه المقاومة الباسلة، التي تحبل بها الأرض الفلسطينية لتصب النار والدمار على الكيان الغاصب لمقدساتهم، حتى يطردوه أو على المعنى المجازي يلقوا به في البحر.

وقبل إسرائيل لم يكن كيان لدولة يهودية منذ ملْك سليمان، لأن العناية الربانية حرّمت عليهم في عقيدتهم بعد موسى عليه السلام منازعة الدول سلطانها لأن ديانة موسى ديانة قومية ولم يسخر الله قومها لنشرها خارج قومهم. وبذلك بطلت عنايتهم بالدولة لحساب العيش بسلام وأمان في كنف الدول.

ومعاشر اليهود الذي لم يتربّوا على الصهيونية الناشئة في أوروبا لأغراض استعمارية لم ينفكوا على اللِّياذ منها طلباً للسلامة وعملاً بالدين.

لكن أوروبا، الذين كرس فلاسفتُها وباباواتها العداء للسامية بسبب نوازع مسيحية وعنصرية، وجدت الأسلم من محاربة اليهود على أرضها وإذلالهم والتضييق عليهم ألواناً من التضييق والحرمان والإقصاء والتمييز، أن تدفع بهم للعمالة لها على الأراضي التي تستعمرها في الشرق الأوسط. فأعانت على استحداث كيان لهم بفلسطين، التي هي من قديم الزمان جزء من شبه جزيرة العرب التي كانت بعض مدائنه وقراه موئلاً بعد تيههم من مصر والعراق والشام. فانقلبوا من مهاجرين من أوروبا الى سكان ليهود فلسطين كسائر اليهود فيها، وأخذوا يضايقون العرب الفلسطينيين الذين كانت لهم الدولة والحكم منذ فتح الإسلام لبلاد الشام.

لكن الصليبية التي انهزمت في استيلاء الغرب على مقدسات المشرق باسم المسيحية، وجدت في الصهيونية خير حليف لها في مستعمراتها الجديدة التي قطّعتها الى دويلات دويلات متجاورة متقاتلة علي الحدود ليسْلَم لها قيادُها وبسطِ هيمنتها ونفوذها على جميعهم.

وبإمكان الغرب تعميم منوال إسرائيل على جميع هذه الدويلات أو الدول القائمة الآن بأسماء مختلفة لتجعل من الأقليات اليهودية فيها أغلبيات بالتجنيس وبغيره من طرق الاستيطان والتعمير. لتخلق منها في الأخير دولة إسرائيل الكبرى في مصر والعراق والأردن والشام واليمن وربما المغرب وتونس والجزائر.. الخ.

لكن المشكل هو أن هذه الدولة الكبرى لإسرائيل سوف لن تبلغ أجلها، لأنها بالأساس ليست دولة يهودية لكن دولة للعرب واليهود، وما أن تصبح دولة يهودية كما يريد ناتنياهو حتى يكتشف الغرب سواء في شخص أمريكا أو أوروبا التي تنافسها اليوم أمريكا في هذه المنطقة التي كانت مستعمرات لها، أن هذه الدولة الكبرى اقتصاديا وعسكريا أصبحت عصِيّة عليها بطبيعتها اليهودية وتصطدم بها كشأنها مع الدول المتنافسة على الغلبة بعضها مع بعض.

ويكفي التذكير أن ترامب لا يريد من إسرائيل إلا أن تكون ولاية لأمريكا في الشرق الأوسط لا أكثر ولا أقل، ونتذكر ما قاله في زيارته الأولى لها أنهم مدينون بتقدمهم المذهل كما يراه لأمريكا وأنه عليهم أن يردوا ما قدمته لهم من معونات!

لكن إذا فكر في أنها ربما تهدده بالسلاح النووي الذي تمتلكه من الآن لتتحداه في تقدمها وبسطتها على عالمها الشرقي، فإنه سيكون الخاسر الأكبر من صفقته هذه. إذ كم صفقة أخفقت مع اليهود الذين أزعجوا هتلر بعد الحرب العالمية الأولى التي قامت بسببهم وانتهى بهم ليُريح منهم دول أوروبا بكاملها، بعد أن فشلت كل محاولات دولهم السابقة في حملهم على الطاعة للملوك والحكام لا المؤامرة عليهم والتحدي لحكمهم.

وترامب بدل أن يقرأ جيداً تاريخ الإسلام ليعلم أن اليهود لم يطب لهم عيش في ظل حكم كظل حكم العرب المسلمين باعتبارهم أبناء عمومة وباعتبارهم من أهل الكتاب، المؤمنُ المسلمون برسولهم، وفاء بالمواثيق التي تربطهم في الوطن الواحد معهم. فلو كان عرف ذلك ولم تقْصُر همته على ما دون مصالحه القريبة منهم واستغالهم للانتقام له من مسلمي عصره الذين دمروا سياسات امريكا في أفغانستان والعراق وسوريا ولبنان والصومال وغيره من دول العالم الإسلامي، لآلَفَهم في ظل حكم دولة إسلامية، أو في أكثر من دولة ليعيشوا ذميين أي محميين بقوانين تلك الدولة لا حكاماً عليها بحكم مجاف لطبيعة الأقوام والشعوب غيرهم، باعتبارهم شعب الله المختار، بل المحرم عليهم عقيدة، وتاريخاً لشدة ما تسببوا فيه من محارق لأنفسهم ولغيرهم.

فهل يوشك ترامب أن يُرديهم بصفقته هذه في محرقة فلسطين، لتتطهّر من صهيونيتهم أرضُها كما تطهّرت من الصليبية بعد نحو مائة عام.

ويعود اليهود والعرب الى ألفة واحدة بعد هذه الامتحانات بالعداء للسامية لكليهما في أوروبا والغرب.

تونس في ٢٨ جانفي ٢٠٢٠


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

ترامب، فلسطين، صفقة القرن، إسرائيل، أمريكا،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 30-01-2020  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ‏حرب يتحمل تبعاتها الطرف المتسبب
  ‏لا خيار أمام ترامب غير خيار الحق
  لابن خلدون نظر وتحقيق
  ‌في ذكرى انبعاث الطوفان لحمل العدو وآلته العسكرية إلى حيث مصيره
  قتل بحجم النصر لقضية ‏المتوفى
  الإسلاموية في فرنسا
  حبر الانتخاب أو بيعة الرضوان
  ‌قدس يسوى أغلى من حسن وهنية
  ‏لينعم السيد حسن نصر الله باستشهاده
  ‌‏بقتل سيد المقاومة اللبنانية تخسر ‏ إسرائيل
  الرمز يُعلى بالإستشهاد ولا يسقط بالموت
  اللائكية كدين يستقلع الأديان ليحل محلها
  الحرب سجال والإنتصار قتال
  قليل من قلة الذوق ‏والشعارات الفارغة
  عملية أللنبي الأخيرة
  جامعة وكلية وقانون‏ ونفوس معقدة من مخلفات الاستعمار ومقبلات الاستقلال
  المستقبل السعيد
  ونقول للمحسن أحسنت
  ‌الرد المستور أقوى من الرد المكشوف الظهر
  ‌الحرب من أجل أمريكا والعالم
  ويذيق بعضكم بأس بعض
  ‌‏الرد الممدود
  ‌نُصرت بالرعب
  سفرة ناتنياهو إلى واشنطن استئذان بايدن على قتل هنية
  ‌إسرائيل أخطأت بقتل هنية بناتنياهو أي وهي تريد ناتنياه
  تناقل أقوال تشومسكي عضو بيت الحكمة في تونس
  مخطوط قيرواني نادر الوجود في بيت آل الكعبي
  وثائق زيتونية شابية عن إحالة الأستاذ الدكتور المنجي الكعبي على مجلس التأديب بتاريخ 25/03/1991
  تحلّ المشاكل بالأقوياء لأنها تنشأ بالضعفاء
  حادث بمثقال ‏الحادي عشر من سبتمبر

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
إيمى الأشقر، وائل بنجدو، رمضان حينوني، كريم فارق، د. أحمد محمد سليمان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- محمد رحال، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، خالد الجاف ، أ.د. مصطفى رجب، د. مصطفى يوسف اللداوي، كريم السليتي، فتحـي قاره بيبـان، المولدي الفرجاني، عبد الله زيدان، أنس الشابي، سامر أبو رمان ، جاسم الرصيف، علي الكاش، محمد عمر غرس الله، سعود السبعاني، د. صلاح عودة الله ، أشرف إبراهيم حجاج، عبد الرزاق قيراط ، مجدى داود، سليمان أحمد أبو ستة، العادل السمعلي، عزيز العرباوي، رافع القارصي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - مصطفى فهمي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، محمد يحي، صفاء العراقي، محمد العيادي، صلاح المختار، أحمد الحباسي، بيلسان قيصر، حسن عثمان، فهمي شراب، حاتم الصولي، صالح النعامي ، عواطف منصور، محمد الطرابلسي، عبد الله الفقير، محمود طرشوبي، محمود فاروق سيد شعبان، حميدة الطيلوش، د- جابر قميحة، فتحي العابد، د - شاكر الحوكي ، علي عبد العال، عبد العزيز كحيل، منجي باكير، أحمد بوادي، خبَّاب بن مروان الحمد، د. طارق عبد الحليم، سامح لطف الله، فتحي الزغل، يحيي البوليني، طارق خفاجي، صلاح الحريري، مصطفى منيغ، د. عبد الآله المالكي، عراق المطيري، يزيد بن الحسين، صفاء العربي، الهيثم زعفان، طلال قسومي، صباح الموسوي ، سيد السباعي، عمار غيلوفي، فوزي مسعود ، ياسين أحمد، د - الضاوي خوالدية، حسن الطرابلسي، ماهر عدنان قنديل، رشيد السيد أحمد، د- هاني ابوالفتوح، محمد شمام ، د - عادل رضا، إياد محمود حسين ، أحمد ملحم، د. أحمد بشير، مراد قميزة، د - محمد بن موسى الشريف ، الناصر الرقيق، د- محمود علي عريقات، سفيان عبد الكافي، أبو سمية، الهادي المثلوثي، حسني إبراهيم عبد العظيم، مصطفي زهران، إسراء أبو رمان، د. خالد الطراولي ، المولدي اليوسفي، محمد الياسين، محمود سلطان، د - محمد بنيعيش، أحمد النعيمي، عمر غازي، د - المنجي الكعبي، سلوى المغربي، محمد اسعد بيوض التميمي، رافد العزاوي، نادية سعد، د.محمد فتحي عبد العال، عبد الغني مزوز، محرر "بوابتي"، د - صالح المازقي، سلام الشماع، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، رحاب اسعد بيوض التميمي، تونسي، محمد أحمد عزوز، محمد علي العقربي، د. عادل محمد عايش الأسطل، ضحى عبد الرحمن، رضا الدبّابي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة