د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2254
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أبرز ظاهرتين تمثلتا في هذه الانتخابات بشقيها هما ظاهرة انتفاء عهد تزييف أصوات الصندوق. وكلفنا ذلك هيئة مستقلة بعشرات المليارات لمنع تلك الظاهرة المعروفة بتزييف النتائج، والتي كانت مستفحلة تحت حكم الحزب الواحد أو ما يشبهه. والظاهرة الثانية، وهي خطوة انتقلنا اليها تدريجياً بعد الثورة وتجاربها المتعددة قبل هذه الانتخابات، هي الاستباق الى اجتلاب أصحاب الأصوات الى صناديق الانتخاب، من بين أكثر الناس فقراً وبالتالي عجزاً عن الانتقال الى مكاتب الاقتراع، أو يأساً من العملية الانتخابية او جِدّة عليها، وأكثر أفراد هذه الطبقة هم الشباب العاطل والمحبط والمتضامن مع أمثاله في الثورة على الأوضاع.
وإنما أفلح المترشحون لهذه الانتخابات خاصة من الأفراد المترشحين بصفة مستقلة للرئاسية أو على رأس قائمات مستقلة في التشريعية في اقتحام معاقل هاتين الطبقتين خارج أُطر الحزبية او التنظيم الاجتماعي تحت مسمى من المسميات المرخص فيها، في حين لا يجد المترشحون المعولون على هذا الخزان الانتخابي المهمل سابقاً للتفاعل مع أفراده المتألف من هاتين الطبقتين، مع من يزورونه منهم في المقاهي أو يُواعدونهم على الالتقاء بهم بكل أريحية في مجالسهم بقراهم ومداشرهم دون أدنى حرج قانوني من الاجتماع بهم والتحدث اليهم في مقهي أو ناد عمومي أو في استضافة كريمة على مأدبة عشاء أو غداء. فليس يتوقع من أفرادهم من ينافسه على ترشح أو يقايضه على وعد أو يناصره على شرط.
ولذلك فاز كثير من المترشحين الذين عوّلوا على استجلاب الأصوات لهم من هاتين الطبقين من الناس الأفقر حظاً من الحياة والمتحررة نفوسهم بطبيعتها من قيود الحزبية والزبونية. ولذلك تكرر التنويه بتلقايتهم في التعامل مع المترشحين غير المتقدمين اليهم بصفاتهم الحزبية أو المنظماتية أو الاعتبارية التي تحتاج الى نواميس في استقبالهم أو التفاعل معهم. بل وجدوا منهم كل سخاء في العطاء لمساندة ترشحهم بالمائتي مليم وبدينار بدل توقع الاقتضاء منهم لمقابل مادي أو وعد صريح لقاء ذلك.
فوفر عدد كبير من المستقلين في هذه الانتخابات على نفسه الراحة من سلبيات الترشحات الحزبية التي عانت قياداتها من الصراعات داخل نُظمها لافتقادها حقيقة لهياكل وأُطر قائمة داخلها ترأسها زعامات مؤثرة قوية.
فهل يكون قانون تعديل الانتخابات الذي صادق عليه البرلمان وامتتع عن ختمه رئيس الجمهورية الراحل لو مُرّر أعطى مثل هذه النتائج للانتخابات الأخيرة، والتي لا يمكن أن نعرف نتائجها إلا بعد تشكيل الحكومة وانخراط الدواليب في السير العادي للدولة دون ارتدادات؟
تونس في ٢٧ اكتوبر ٢٠١٩
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: