مورو رسمياً مرشح لحزب النهضة على مقعد الرئاسة، وهي الخطوة التي يخاف منها كثير من الإسلاميين في العالم العربي.
والسؤال الذي يجب طرحه الآن هو: لماذا مورو في الرئاسة والغنوشي في البرلمان؟
إجابة السؤال تكمن في عدة مستويات.. بداية لا يمكن للشيخين النهضاويين أن يجتمعا في مجلس واحد، ولا في سلطة واحدة!
طبيعتُهما المختلفة في التفكير وإن اتَّفقت مشاربهما لا تجعلهما متوافقين على طول الخط، وإذا كانت النهضة تبحث عن فوز حقيقي بمقعد رئيس الجمهورية، فهي تحتاج إلى رئيس توافقي يستطيع الناخب التونسي أن يعطيه صوته في المرحلة الثانية من الانتخابات.
وتشهد الحالة الانتخابية ضبابيةً حقيقيةً في مشهد مليء بالمرشحين المجاهيل في السياسة التونسية، وزخماً يعم بعد وفاة أول رئيس منتخب، وتحديد موعد مبكر للانتخابات.
مَن سيختارُ التونسيون مِن نجوم السياسة المرشحين؟
يوسف الشاهد، نبيل القروي، قيس سعيد، محمد عبو، عبدالفتاح مورو، عبدالكريم الزبيدي، عبير موسى، مهدي جمعة، حمادي الجبالي، حمة الهمامي… والقائمة مازالت تحمل أسماءً يمكن أن تكون رقماً في المعادلة الانتخابية.
نعود لمورو، الذي مشى وحيداً مرتجلاً خلفَ السبسي، لماذا تدفع النهضةُ بنائب مجلس الشعب والمحامي الأكثر شعبية من الإخوان أنفسهم عند الشعب التونسي؟
يتمتَّع مورو بشعبيته، نتيجة كونه محامياً ودعوياً متمسكاً بتراثه التونسي حتى النخاع، يضاف لذلك طبيعته المرحة، التي تُناسب الذوق التونسي، غير أنَّه ليس متشدداً دينياً، وهو أمر يُقلق كثيراً من التونسيين الذين يعتبرون الدين أساسياً في حياتهم، لكن تكوينهم البورقيبي جعلَهم في حياتهم اليومية أقربَ إلى العلمانية، أو الليبرالية في تقديرات أخرى كثيرة.
أما راشد الغنوشي، الصوت الأقوى في النهضة، فعندما يُقرِّر أن يكون برلمانياً فإنَّ الأمر يجب أن يجعل الجميع يضع عينه على منصب رئيس مجلس الشعب التونسي القادم! قد يكون هو الغنوشي نفسه، وتصبح السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية في يد حزب النهضة الإسلامي، ذي الانتماء الإخواني فِكراً.
بعد ثماني سنوات من الثورة إذاً استطاعت النهضةُ الحصولَ على ضمانات من أصوات الناخبين، بعد الانتخابات البلدية العام الماضي، بأنها يمكنها أن تنافس وبقوة على كلِّ الصناديق.
لكن ماذا لو كانت الانتخابات القادمة وسيلةً أخرى لضمان السيطرة وتحويل الدولة الثورية الحديثة لدولة برلمانية، وأن تبتعد عن السلطة المركزية، فهل نتوقع من النهضة عرضَ تعديل دستوري لتحويل الدولة إلى دولة برلمانية، ويكون الغنوشي مديراً للبلاد لحين إجراء انتخابات مبكرة لانتخاب الحكومة.
الأسماء المطروحة للمنافسة كلٌّ له حيثياته في الحصول على أصوات، لكن يبدو أنَّ التونسيين دائماً على موعد مع أحد المحامين ليصبح حاكماً للبلاد.
يتمتَّع أصحابُ القانون في هذه البلاد بتقدير عالٍ في الحياة السياسية، يعرفون أزقَّتها تماماً، ويستطعيون تخديم مخاخهم (مصطلح تونسي) لنيل رضا الجمهور في تقديم برامج انتخابية تلقى رضا الكثيرين.
أزمة تونس ليست أزمة صراع سياسي على مناصب سياسية، لكنها أزمة اقتصادية، تحتاج برامج حقيقية ووعوداً ليست انتخابية فقط، يحتاجون لبرامج واضحة المعالم يمكن تحقيقُها في خُطط خمسية يلمسون نتائجها.
الاقتصادي الوحيد في المعركة الانتخابية هو رجل الأعمال نبيل القروي، لذلك استطاع الحصول على نصيب وافرٍ في استطلاع رأي نية الناخبين، وإن لم يكن هو المتصدر، لأن قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري استطاع أن يضع اسمه رقماً في المعادلة، لكن السبب الأكبر في عدم تصدُّر نبيل القروي للاستطلاعات يكمن في الحملات الممنهجة ضدَّه من منظمات المجتمع المدني، التي تتَّهمه بالتورُّط في قضايا فسادٍ مع نظام ما قبل الثورة، وتُنظر هذه القضايا حالياً أمام القضاء التونسي.
هل يجد التونسيون أنفسهم أمام إعادة في المرحلة الثانية مع رجال القانون، قيس سعيد وعبدالفتاح مورو؟ وهل يُغَلب التوانسة المستقل أم الحزبي؟ هذا حديث له وقته.
شخصية مورو التوافقية سياسياً وتونسياً وشعبياً قد تجعله صاحب الأولية في هذا السباق الثاني على منصب رئيس الجمهورية.
أما عن راشد الغنوشي وعبدالفتاح مورو فيمكن القول إن الغنوشي استطاع إهداء مورو فخ نهاية الخدمة السياسية في كل الأحوال، إذا فاز مورو بالرئاسة، فقد ضمن السلطة التنفيذية والتشريعية، وإذا خسر مورو الانتخابات فقد فاز الغنوشي بكونه أصبح الرجل الحديدي في البرلمان الذي يستطيع أن يتحكم في الكثير، بداية من تشكيل الحكومة وإسقاطها، بالإضافة للتوافقات السياسية في بلاد تحتاج لكثير من النصوص لتستقيم أمورها على نهج البلاد الديمقراطية.
ويبقى السؤال الأهم، اقتصادياً ماذا يمكن للمرشح الرئاسي تقديمه لبلاد قامت بها ثورة بالأساس من أجل الخبز؟
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: