د.محمد حاج بكري - سوريا / تركيا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1966
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
حين يتقمص سوريا طبيب عيون فاسد أجرى جراحة أعمى فيها بصيرة معظم السوريين و قام بغسل أدمغتهم لينظروا إلى شرفائهم نظرة التخوين و الشك و ليتصيد كلماتهم بالماء العكر و ليبحث في ملفاتهم ليكيل لهم تهم رخيصة و ملفقة و ليسقط عنهم القيم الأخلاقية و الوطنية و ليوجه الأفكار بأنه القائد الأوحد و الأكثر قداسة و أنه رمز الوطن و الوطنية لابد لنا أن نعيد حساباتنا لواقعنا لنفهم اساليبه
من يعتقد من السوريين أن سلاح الأسد المستخدم ضد الثورة السورية المباركة وأحرارها هو أسلحته الثقيلة وطائراته ومدافعه والأسلحة المحرمة دوليا كالكيماوي والعنقودي الأكثر فتكا فهو مخطئ فالسلاح الحقيقي والأساسي لديه هو سلاح التلاعب بعقول السوريين وتضليلهم وإبعادهم عن الحقيقة
اعتمد نظام الأسد منذ بداية الثورة على استراتيجية وضع لها أسس و نفذها بحذافيرها و نذكر جميعا في البداية عندما صرحت بثينة شعبان بشكل طائفي وقح لتبدأ بإثارة النعرات لضرب الثورة و تشويه سمعة الثوار و مبادئهم و أهدافهم و مطالبهم في الحرية و الكرامة و لتبدأ المخابرات بإستغفال و إستغلال العناصر المتطرفة التي نسبوها للثورة بالإضافة إلى خلق الفتن بين الأطراف التي شكلت الاجسام السياسية و التي تناست بتصرفاتها الغير متناسقة و الشخصية أنها تصب جميعا في مصلحة بقاء النظام
من الأمور المتوفرة جدا في المجتمع السوري و الشائعة هو درجة الاستعداد الكبيرة لتصديق الشائعات و التهم و تحويلها الى حقائق متداولة رغم عدم صدقيتها و كأنها حقائق كونية منزلة لتصدق و تروج و أغلب الأحيان تضخم و هي ليست حالة عامة عند الشعب فقط بل وصل صداها و تبنيها إلى بعض النخب و من يدعون الثقافة و السياسة و للأسف كان معظمهم بعيدين عن الاحتكام للعقل في التفكير و التقدير و الأدلة و البراهين و رغم تصريح الأسد على شاشة التلفزيون أن لديه (60) الف جندي ألكتروني لا زال معظم الشعب يستقبل الإشاعات كما لو أنها حقيقة لا شك فيها و لا إلتباس مما خلق مرتعا كبيرا للأسد ليصل إلى أهداف رئيسية تلبي إستراتيجيته بعدم وجود شخصيات وطنية أو قرار وطني أو جيش للثورة و أصبح الكل يخون الكل ليتصدر المشهد منفردا
من خلال تسع سنوات تقريبا كان سلاح الأسد الأساسي المخابرات و كان هناك أمران مهمان
1- لا بد من اختراق صفوف المعارضة السورية من خلال عملاء و مخبرين و الهدف التجسس على المعارضين الشرفاء و اتصالاتهم و اجتماعاتهم و خلق المشاكل بينهم عن طريق المنافسة السياسية و الشخصية و النعرات الطائفية و التخوين على وسائل التواصل الاجتماعي و توريطهم في علاقات و اتصالات يتم فبركتها بشكل تؤدي إلى الشبهة و فقدانهم مصداقيتهم
2- صناعة الشائعة و فبركتها على يد اختصاصيين و تسويقها عبر وسائل الإعلام و التواصل و تكرارها بشكل دائم و خاصة في الأوساط الشعبية لترسخ في ذهن الناس و تصبح أقرب إلى الحقيقة حيث هناك فريق متكامل من التابعين للأسد و لو بحثت قليلا و بمجهود عقلي بسيط لوجدت أن مروجي هذه الاشاعات ليس لدى معظمهم ماض اجتماعي او ثقافي او تجاري و لا يملكون شيئا يخسرونه و يوجد بعد جغرافي بينهم و بين الثورة و يكمن نشاطهم فقط على وسائل التواصل
حقيقة سلاح المكر و الدهاء من خلال إختراق الثورة و زرع العملاء فيها و بث الشائعات لعب دورا كبيرا في تمزيق الصف و إشغاله بمعارك تافهة و زرع الشك ولا زالت نفس الحيل و الأساليب مستمرة حتى اليوم و نفس الأسماء على الانترنت
إن صراعنا لا يقتصر على السلاح و البندقية فهو في مضمونه الأساسي صراع إرادة و عزيمة و ثبات و صاحب النفس الطويل و القدرة على الثبات و التضحية سيكون له النصر و من يتعب أولا لا بد أن يسقط و عامل الوقت مهم جدا في استراتيجية الأسد من خلال إطالة زمن الحرب و إعتماده على التكتيكات المختلفة و الخلافات و التقاطعات على المستوى الدولي لإقناعه بأنه ضرورة حتمية ولا بديل له بالإضافة إلى إشاعة الملل و الفقر و السخط في محيط الثورة و هو ما يعول عليه النظام إذا لم يكن أمله الوحيد و لكن إرادة الثوار و روح الصبر و العزيمة و الإصرار الموجودة لدى الأحرار من الشعب السوري تدرك تماما أن الأمر يحتاج إلى الوقت و الخنق التدريجي لهذه العصابة و أنها ستنهار حتما و لو طال الزمن
العامل الاقتصادي له تأثير كبير في إستراتيجية النظام و خاصة ضيق المعيشة في المناطق المحررة و هي جبهة أساسية و لابد من توفير وسائل العيش الكريم والسلع و الخدمات لهذه المناطق و نحن ندرك تماما كيف أن النظام لا زال يرسل الرواتب لبعض النفوس الضعيفة في المناطق المحررة ليثبت لهم أنه الراعي و الحريص على الشعب رغم كل الإجرام و الدمار
من المهم جدا أن يكون هناك بناء للثقة في الثورة السورية و رغم الصعوبة إلا أنها ليست استحالة و أخطر ما نصل اليه و نخدم به هذا النظام المجرم هو فقدان الثقة بالنخب سواء السياسية أو العسكرية التي من واجبها أن تكون في ميدان العمل و الممارسة لا مجرد القاء الخطب و الوعود و التنظير
هل تستحق سوريا منا أن نبقى بلا إدراك و وعي أم علينا رفض هذا الواقع المقيت و أن نسعى لبناء وطن بمستقبل مشرف يقدر ثمن تضحياتنا و مبادئنا نفخر به و يفخر بنا
د.محمد حاج بكري- باحث مستقل
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: