د.محمد حاج بكري - سوريا / تركيا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2033
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ترتبط حياتنا في الثورة السورية المباركة بمختلف مجالاتها السياسية والإجتماعية والإقتصادية ... الخ بإعتبارها مجالا لصناعة التحول الممكن و ضمن آلية لخدمة هذه المجالات المتعددة من بناء دولتنا القادمة و خاصة التنمية و من خلال عدة مراحل تبدأ من التخطيط الى التنظيم الى التوجيه الى الرقابة وتأمين البدائل الحقيقية لما صنعه نظام الأسد الأب و الأبن من فساد عام و على مختلف الأصعدة في مجتمعنا و ذلك من خلال درجة وعي النخب في مختلف الإختصاصات لنصنع جميعا نموذج جديد مرن يتلائم مع الظروف التي نعيشها و ينسجم بشكل كلي مع المجتمع السوري بحلته الجديدة التي تتغير و تتبدل كل يوم نحو الأفضل للتخلص من رواسب الماضي العقيم .
لا أحد يستطيع ان ينكر أن نمو المجتمع و تقدمه يرتبط ارتباطا وثيقا بدرجة وعيه الا ان هذا الوعي و نتيجة التراكمات على مدار نصف قرن سابق لا زال مرتبطا بشكل كبير بحب الذات و الأنا المغروسة بشراسة لدرجة تصل الى حد التعصب مما يؤدي الى نشر الفوضى و اضطراب الأفكار و خاصة في ظل غياب المؤسسات لتنتشر حمى التنافس بالبروز و إظهار الذات و كأن الصراع صراع بقاء .
علينا ان ندرك ان ما نريده لمستقبل ناصع يؤمن حياتنا ينطلق تماما من قوة برامجنا و خططنا التي تصل بنا الى تحقيق اهدافنا الاستراتيجية و الى خطاب واضح بعيد عن الملابسات يتميز بالعقلانية عنوانه الصدق بعيدا عن خطاباتنا الحماسية في المناسبات و الاجتماعات الجماهيرية التي تغزوها العاطفة واثارة الغرائز بالتعابير الرنانة و الوعود الجوفاء التي يعززها الانتماء الجهوي و الأيديولوجي في وقت نحتاج به الى استنهاض قيم المجتمع السوري بكامل اطيافه و ان لا تكون الاختلافات الفكرية أساسا لتشويه مسارنا المجتمعي بإعتبارنا جميعا نعمل لتحقيق هدف واحد و طريقنا يحتم علينا مسار التنمية الشاملة كخيار مصيري
ان لغة الوضوح و المكاشفة يجب ان تكون أساس عملنا و ممارستنا و تقييم الماضي بقراءة نقدية لا تحمل التجريح و التخوين بل تقيم الأداء و تصويب و تصحيح المسار بناء على الواقع و متطلباته بعيدا عن الازدواجية و التصريحات المتضاربة و تمجيد انفسنا على حساب قضيتنا و ذلك يتحقق من خلال منهج عمل يعتمد برامج مرنة و يتفاعل مع متطلبات البيئة و حاجات الشعب فالتناقضات ستؤدي الى مزيد من الضياع الفكري و الإخفاق و تحولنا عن جوهر قضيتنا الحقيقي و مواطن العيب و الخلل بالإضافة الى إضاعة الوقت و تحويل أنظار المجتمع الدولي و الإقليمي عن قضية عادلة الى مسميات مختلفة عن مضمون ما نصبو اليه
من المؤكد تماما أن الإبتعاد عن الشأن الاجتماعي بين القيادة و الشعب و زيادة الفجوة بينهما من خلال عدم الانسجام كفيل بخلق اللحظة النفعية لأصحاب المصالح و لا يخدم الا ظهور فكر لأجندات تابعة مما يضرب وحدة المجتمع السوري و خاصة في المناطق المحررة و يؤدي الى الإحباط في الإصلاح و التغيير و تصبح خطاباتنا فاقدة لمعناها و مصداقيتها ولا يعوضنا عن الوصول الى هذه الحالة الا سيادة منطق التنظيم و رسم الأهداف و تحديد أساليب التنفيذ التي تعطي الحق لإنخراط اجتماعي جماعي لنصل جميعا الى حالة مجتمع متجانس متماسك و هو الهدف الأسمى
ان سر انتصار ثورتنا و استمرارها يكمن في عامل الوحدة الوطنية و شبابنا الثوري رغم قلة الأدوات و إيمانه بحقه في التغيير و حاجتنا تزداد يوما بعد يوم الى قيادات مخلصة و وفية و غير قابلة للتبعية و الابتزاز و خاصة امام الأهداف الإستراتيجية للثورة و ذلك دون تردد او خوف وإن المعارك الأخيرة في ربف حماة و ريف اللاذقية وريف ادلب اثبتت ان هناك تقدما بالوعي و الإدراك للأخطار و إن روح الثورة والتضحية و الإيثار لا زالت تعيش في ضمير السوريين و أننا نستطيع ببساطة الخروج من مرحلة التيه و الإحباط و أن معظم شرائح الشعب السوري مؤمنة بوحدة تراب سوريا و عدالة القضية مهما كبرت قوى الثورة المضادة و خرافات التقسيم
اليوم لدينا وعي سوري جديد يتبلور و يتطور ليتجاوز كل المصاعب و العقبات مطلبه بناء دولة حقيقية تواكب كل دول العالم وهو فرض و واجب وطني غير قابل للمساومة و نستطيع جميعا اذا تكاتفنا و تعاضدنا من انجاز التغيير و البناء المطلوب
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: