البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

دفاعًا عن الديمقراطية لا الحكومات

كاتب المقال نور الدين العلوي - تونس   
 المشاهدات: 3233



تفسير الواضحات من الفاضحات ولكننا ملزمون بتبيان القول أمام موجة الاتهامات الثورية التي خرجت فجأة لتكتشف أن الحكومة تعمل لغير صالح شعبها وتبيع البلد للبنك الدولي.

مصادرات ثورية تنبني على أن التمسك بمسار الانتقال الديمقراطي السلمي هو دفاع عن الحكومة، وتتسع المصادرة عند الغوغاء إلى أن هذا الموقف ارتزاق الصنائع والخونة للمسار الثوري.

تغطي هذه المصادرة كل تاريخ الاضطراب السياسي الذي عرفته الثورة التونسية الذي انطلق من رفض الاحتكام إلى نتائج انتخابات 2011 ورفض مشروع التأسيس نفسه مرورًا باعتصام الرحيل الذي قوض نتائج انتخابات 2011 ومهد لاستعادة النظام القديم كل أدواته البشرية والمالية في مواجهة التأسيس، حيث استعيد الرئيس الحاليّ من النسيان ليقود مرحلة ما بين 2014 و2018 ويتوجها الآن بمحاولة إلغاء الدستور أو تهميش أهم مكاسبه وهي قرصنة الحكم المحلي وإفراغ العمل البلدي من مبادراته والتحايل على النظام شبه البرلماني لاستعادة سلطات الرئيس على التنفيذي عبر تهميش مؤسسة رئاسة الحكومة وانتهاء بالتوريث على طريقة بن على ومبارك وبقية شلة الطغاة العرب الذين خربوا بلدانهم منذ أكثر من نصف قرن.

تقاطع مشبوه

تصدر الاتهامات بالعمالة للحكومة من جهتين يظهران للناس خلافًا ويبطنان تقاطعًا في المهام وينتظران نتيجة واحدة، هما الرئيس وطائفته وعائلته في المقدمة ويسار النقابة وأذيال اليسار في النقابة ممن يغريهم كل قول فيه زيادة في الأجر أو تمكين نقابي لمكاسب قادمة ولو بعد حين.

لذلك تنزل النقابة بثقلها هذه الأيام متذكرة كل مطلب يمكن أن يغري فئات الموظفين في القطاع العام خاصة (لأن القطاع الخاص خط أحمر على النقابات المتواطئة مع رؤوس الأموال)، وفي اللحظة التي أكتب فيها تصطف طوابير طويلة أمام محطات الوقود لتدبر شحنة مقسطة، فقد أضرب المزودون فجأة دون سابق إعلام ودون أن يعرف أحد ما المطالب المقدمة للحكومة بالضبط، وينتظر إغلاق المجال الجوي التونسي خلال أيام نتيجة إضراب مراقبي الجو بالمطارات من أجل منحة القفة وهي منحة منافع صغيرة لم يمكنهم تأجيلها، في الأثناء توقف العام الدراسي لعدم إجراء الامتحانات في قطاع الثانوي نتيجة إضراب كاسر يضع البلد على كف عفريت.

وفجأة صار الرئيس وابنه زعماء تحركات اجتماعية تطالب بإنصاف الموظفين المساكين، وصار حزب النداء حزبًا يساريًا يطعن في ولاء الحكومة للوطن. الهدف واضح ولا يمكن التغطية عليه أكثر وهو إسقاط حكومة الشاهد بأي ذريعة ممكنة وكسر مسار الانتقال الديمقراطي وإعادة النظام الرئاسي، أكتب هذا على هامش ندوة السترات الحمراء التي أعلنت نفسها تحركًا اجتماعيًا، فإذا هي تطالب بتعديل الدستور نحو النظام الرئاسي.

إذا لم تسقط الحكومة فأنت عميل كريستين لاغارد

"رئيسة البند الدولي تملي على حكومة الشاهد وحكومة الشاهد تبيعها البلد" الصورة مبسطة إلى هذا الحد عند ثوار التوريث، متغافلين عن أن الرئيس وابنه لا يقدمان أي أطروحة اجتماعية في مواجهة حكومة الشاهد، بل إنه لمن السخرية السوداء أن نذكر ابن الباجي بجانب لفظ مشروع سياسي أو اقتصادي، لكن إذا تكلمنا عن تناقضات هذا الخطاب وكم الديماغوجيا الكامن فيه رجمنا بالدفاع عن كريستين لاغارد وحكومة العمالة.

الماكينة المنتجة لهذا الخطاب نعرفها جيدًا وقد خبرناها، وهي ماكينة قوية ولا أخلاق لها، ولديها خبرة في خلط الحق بالباطل خاصة أن أدواتها الإعلامية جربت فنجحت في تفريغ الثورة من كل مضمون، وهي فوق ذلك متمكنة من الإعلام العمومي الذي يدفع كلفته المواطن المفقر نفسه، وما تفعله الآن هو حلقة من سلسلة أعمال تنقض مكتسبات الثورة وقد نقضت الكثير ولم يبق إلا الدستور ومؤسساته (وكثيرها غير فعال مثل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد).

وهي تستهدف الآن المسار الانتقالي السلمي لتنقض على الانتخابات وتعيد حكم الفوضى، وهنا يتقاطع النقابي الثوري مع مطالب الرئيس في التوريث وسواء خطط النقابي لذلك أم أنكره فالنتيجة واحدة، إلغاء آخر مكتسبات الثورة وإعادة الحكم الفردي.

لحظة مسؤولية

وجب تحديد المسؤوليات والبناء على موقف أخلاقي، فما كان الوضع الاقتصادي ليتردى كل هذا التردي ويصبح مصدرًا للاحتجاج المشروع إلا لأن النقابة أفحشت في المطلبية في السنوات الفارطة حتى صار الإنفاق على الأجور يلتهم كل الموجودات وصار الاقتراض يجري لتغطية الأجور، في قطاعات كثيرة تضم الشرائح الوسطى قبل المفقرة فعلاً.

فاوضت النقابة بصمت وعلى استحياء في القطاع الخاص وحصلت زيادات بسيطة لكنها توقف البلد حين تشاء من أجل منحة إضافية في القطاعات العامة الحساسة مثل مراقبي المطارات أو النقل الحضري أو قطاع الصحة الأساسية، حيث تحولت مؤسسات القطاع العام والوظيفة العمومية إلى رهائن عند النقابة تفاوض بها على مطالبها السياسية.

وهذه أيام تفاوض سياسي غير نقابي تستهدف التأثير على انتخابات 2019 قبل أوان الانتخاب فإما أن يحصل المسيطرون على النقابة قسطهم في السلطة خارج الصندوق وقبل الانتخابات أو أن يحرق البلد، وهنا مرة أخرى نجد الرئيس وطائفته الذين ينفخون في كير الاضطرابات بزعم العدالة الاجتماعية تقاطعات خالية من المسؤولية، فأكثر الرجعيين رجعية وأشد التقدميين تقدمية يلتقيان ضد مكاسب الثورة، فإذا وضعت المعادلة أمام ناظرهم قالوا خدمة لكريستين لاغارد.

هناك معركة قادمة مع النقابة كلما تأجلت انهارت حالة البلد، توجد معارك أخرى شديدة الأهمية مع طبقة الفساد الملتفة حول الرئيس وابنه وتسعى إلى التوريث السياسي بكل معوقاته التنموية، ولكن ما دامت النقابة تتقاطع مع هذه الطبقة فإن المعركة مع الفساد تتأجل، إذ لا يمكن خوضها ببلد لا يعمل ويطالب فقط بالكماليات، ويمكن لأي شرذمة نقابية أقلية أن تغلق المؤسسة في وجه من يريد العمل.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، السترات الحمراء، الثورة المضادة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-12-2018   المصدر: نون بوست

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رمضان حينوني، صفاء العراقي، ماهر عدنان قنديل، علي عبد العال، د- محمود علي عريقات، رحاب اسعد بيوض التميمي، صباح الموسوي ، علي الكاش، سفيان عبد الكافي، أحمد الحباسي، المولدي الفرجاني، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد الياسين، محمد أحمد عزوز، خالد الجاف ، عمار غيلوفي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، وائل بنجدو، محمد الطرابلسي، الناصر الرقيق، عبد الغني مزوز، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - صالح المازقي، حميدة الطيلوش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، سامح لطف الله، فتحي الزغل، عبد الرزاق قيراط ، د. عبد الآله المالكي، محمود فاروق سيد شعبان، جاسم الرصيف، د. صلاح عودة الله ، فوزي مسعود ، محمود طرشوبي، كريم فارق، عواطف منصور، ياسين أحمد، د- جابر قميحة، صلاح الحريري، يحيي البوليني، د. أحمد محمد سليمان، الهادي المثلوثي، فتحـي قاره بيبـان، مصطفى منيغ، د.محمد فتحي عبد العال، صلاح المختار، د. أحمد بشير، الهيثم زعفان، فهمي شراب، سعود السبعاني، محمد عمر غرس الله، سامر أبو رمان ، د. مصطفى يوسف اللداوي، مراد قميزة، د. عادل محمد عايش الأسطل، إيمى الأشقر، صفاء العربي، محمد شمام ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمود سلطان، محمد يحي، د - شاكر الحوكي ، ضحى عبد الرحمن، د - المنجي الكعبي، سيد السباعي، نادية سعد، إياد محمود حسين ، د - محمد بنيعيش، د- محمد رحال، د. طارق عبد الحليم، عمر غازي، محمد العيادي، د - الضاوي خوالدية، سلام الشماع، منجي باكير، إسراء أبو رمان، رشيد السيد أحمد، أحمد ملحم، سليمان أحمد أبو ستة، العادل السمعلي، رافد العزاوي، مصطفي زهران، خبَّاب بن مروان الحمد، حاتم الصولي، سلوى المغربي، د - عادل رضا، عبد الله زيدان، أشرف إبراهيم حجاج، حسن الطرابلسي، مجدى داود، د - مصطفى فهمي، عبد الله الفقير، رافع القارصي، يزيد بن الحسين، محمد اسعد بيوض التميمي، طارق خفاجي، أ.د. مصطفى رجب، أبو سمية، رضا الدبّابي، حسن عثمان، حسني إبراهيم عبد العظيم، بيلسان قيصر، فتحي العابد، محمد علي العقربي، طلال قسومي، محرر "بوابتي"، كريم السليتي، عزيز العرباوي، المولدي اليوسفي، أنس الشابي، د. خالد الطراولي ، صالح النعامي ، د- هاني ابوالفتوح، عراق المطيري، تونسي، أحمد النعيمي، عبد العزيز كحيل، أحمد بوادي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز