د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2966
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
شريان الدولة هو الإدارة، وبعبارة أخرى الوظيفة العامة، وهو العنوان الأبرز للحكومة وكل حكومة. فإذا تقرر الإضراب العام في هذا القطاع فمعناه الشلل الكامل للحكومة.
فبماذا ستفرض إرادتها الحكومة لحمل الأطراف المتفاوضة على مطالب الموظفين النقابيين لديها بينهم وبين المصلحة العليا للدولة كما تمثلها هي، وكما تسيرها بدواليبها السياسية وغير السياسية مما هو متاح لديها، لمنع انسداد الأفق أمام المتفاوضين للوصول الى حلول أو ترضيات متبادلة.
هذا مردّه في الحقيقة الى مناخ الثقة المتبادلة واحترام صلاحيات كل طرف وضمان الحد الأدنى من التفاهم وتقاسم التضحيات بين الأطراف من أجل المصلحة العامة. وهذا بدوره راجع الى ثقافة المسؤول وحكمته في الأزمات حتى لا تتطور المواجهات الى صراعات عقيمة. لأن التدافع على الخير من سنن الحياة. فرُبّ سياسات لحكومة متنازع حولها أو وضع دستوري معقد يقوم على خلفية أدائها المضطرب أضاف الى الطين بلة، فأصبح المناخ الاجتماعي المتأثر حتماً بالمناخ العام السياسي بمثابة تحدّ لهذه الحكومة طالما الإرادة التي تحرّكها عبر مؤسسات الدولة، التشريعية والقضائية والتنفيذية والرئاسية منها في المقدمة، لا تتفاعل بالحد الأدنى من الضوابط والمواضعات العامة. فهنا يكمن الخلل في الواقع وتَضيع البوصلة عند من لديه البوصلة لتوجيه السَّفينِ الى بر الأمان.
فعند المآزِق عادة لا تُستنبط الحلول الارتجالية غير المقبولة عادة أو منطقاً وعقلاً للهروب الى الأمام. فأن تَعمد أهم وزارتين في الوظائف لمنح عطلة يوم الاضراب لمنظوريها تحسّباً لنجاح الاضراب يومها وقيامه تحديّاً جديداً لكسر إرادتها في مُقبل الحوار أو سياسة شد الحبل في المفاوضات بينها وبين الاطراف النقابية المقابلة، لهو عينُ مسْك الدب من ذيله لتفاديه. فكمن صب الزيت على النار، لأن المركزية النقابية سوف لا يفتّ في عضدها هذا الإجراء، بل سيزيدها تصميماً على تصعيد احتجاجاتها على الحكومة الجديدة التي تناصبها أصلا الحُجية فى ذاتها فضلاً على ضعف الثقة التي نالتها اخيراً بالمجلس النيابي من خلال العرض المجادل في مشروعيته دستورياً بالتحوير الأخير في اعضائها.
فلكل معركة سلاحها الأنسب، وإلا لَدفعنا بمؤسسات الدولة الى الاهتراء والى مزيد من قلة الهيبة وتضاؤل الدستورية في عملها. فالإضراب سيف دستوري ولكنه لا يُرفع بوجه كل حكومة. ولكن كل حكومة فاشلة فالأوْلى بها تسليم الزمام لمن هو أقوم منها على بسط نفوذها وحمْل العام والخاص على الامتثال لإرادتها بقدر ما هي مؤهلة دستورياً وشعبياً وحزبياً ونقابياً كذلك، ولمَ لا؟ لإدارة كفة أعمالها في كنَف المصلحة العامة للمجتمع، ولو بالالتجاء الى الأحوال الطارئة ودفع كافة منظوريها للتضحية ولو بأيام عمل لا بأيام عطل لاجتناب الإضراب أبغض الحلال للنقابات لتحقيق مطالبها.
تونس في ٢١ نوفمبر ٢٠١٨
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: