د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3117
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
السياسي لا يصدق بالضرورة، ولكن تصدقه الاحداث.
وترامب، كيف تصدقه الشعوب، وهو يعِدهم من البيت الابيض انْ سوف يدعمهم في الوقت المناسب اذا ما قاموا على حكامهم. اليس يعرف انه بالامس فضل امريكا على العالمين، وقال بعظم لسانه ان شعاره امريكا اولا. ولم يزل كلما دخل بلدا الا واغلظ القول على حكامه، انه سوف لن يقدم لهم المعونة الامريكية والقروض مستقبلا اذا لم يعوّضوا ما اخذوه في السابق من مساعدات واعْنوا له الجبين.
الا يكون اخطأ في كرامة الناس، ما وراء البحار، وانهم اتعظوا من اسلافه، بسوء اداراتهم للازمات خارج حدودهم ونفوذهم، وان "للاقوام رب يحميها". وسوف لن تسمع لكلامه المتهافت على اموالهم وخيراتهم، يريد ان يستصْفيها لمصالحه الخاصة وليس حتى لشعوب امريكا دون تمييز، وبالانصاف.
ومن ادْراه ان الثائرين في اي بلد كان، ربما اخذوا منه بيد وألقوا باليد الاخرى اطماعه في بلادهم وحكمَه. وهذه حركات كثيرة تولّت ثوراتها بنفسها، حتى اذا رأتْ امريكا تتهافت على دعمها عاملتْها معاملة سِنِمّار. فالقتْ بها من ساحق، لتتخبط في وحل بلادها وجباله لسنوات حتى تتعظ وتُولي الدُّبر.
ومثال افعانستان والعراق وسوريا والصومال، ربما هو الابرز لطْمةً على جبين الامريكيين والانقليز وفيالق الحلف الاطلنطي.
والمثل الايراني هو الأعتى على امريكا، حيث خسرت فيه سباق النووي الذي انفلتت حكومة ايران الاسلامية من فيتو الولايات المتحدة وحظرها، من اجل اكتسابه والتهديد به سلميا ان لم عسكريا.
وهذا البلد عَرف وحده منذ اكثر من اربعين سنة تقريبا من عمر الثورة الخمينية فيه اسوأ تحد للولايات المتحدة الامريكية، ما قد يُفضى الى نفس مآل الاتحاد السوفييتي الذي ابت حكوماته الا معاكسة ارادات الشعوب الاسلامية داخله وبجواره على العيش في دنياها بأمن وأمان في ظل كرامتها واسلامها.
الا يخشى، وهو من هو، وقد تبينت سياسته بالملموس، انه قد حرك نوازع شعب قد عانى من التدخل في شؤونه، امريكيا واطلنطيا، حتى اصبح اكبر من يُعادي على وجه الارض الطغيان الامريكي، هو الشعب الإيراني، فعاد يحتج في مظاهرات عارمة على حكومة بلاده كيف يَعنو الاصلاحيون فيها الجبين لغير الله، وينسوا من وصفوه يوما بالشيطان الاكبر وهتفوا له في شعاراتهم التي كانت تسد عين الشمس (مرْك بر آمريكا) "الموت لامريكا".
لماذا لم يجد ما يستنهض به همة هذا الشعب المسلم الابي غير ان يثيره ضد حكومته ونظامه، ألا كان الاولى به ان يعالج المصالحة معه، كما فعل غيره من الدول الكبرى، باحترام الانداد، والتعامل بالمثل، ورفع الحظر، والمسالمة، وعدم نقض العهود والالتزامات.
اليس درس الاتحاد الروسي بكاف وحده للعبرة والعظة. فإنه يرى القوى من حوله تتناصر لمحاربة الارهاب لا لمحاربة الاسلام، وتتحالف بينها لا لتتآكل وتذهب كالجِيَف ولكن لتتساند وتقوى بعضها ببعض.
ولو افلح توجيهُ ثورات الشعوب او انتفاضاتها او اضطراباتها في الدول الحريصة شعوبها علي الديمقراطية وعلى الاصلاحات الذاتية، بالتدخل الخارجي والمؤامرات والاستخبارات والجوسسة والضغوط لما استفاقت تركيا، التي لدِغت من كل جُحر في تاريخها، للانقلاب الاعظم في التاريخ الذي دبر بليل في عواصم العالم الكبرى والصغرى لو نجح.
ولكن هبة اليقظة للمؤامرات الخارجية افشلت كل مشروع، واذا الحناجر والسواعد والصدور والنفوس تطحن آلة البغي والخيانة والعمالة للاجنبي.
واذا كانت نية ترامب ان يفوز بكل اعزل او خصم على حدة، فليحذر. فلم يعد يبقى اي غافل في عصر الانترنت والاعلام الحر عبر القارات، ان يُوفيه الى غاياته. بقي، عليه ان يُسابق الدول التي اصبحت اليوم اكبر منه حتي بدون النووي العسكري او البالستي، ان كانت السياسات السلمية لديه، من آلياتها، ما هو كفيل بتحقيق امن الولايات المتحدة نفسها قبل ان تسوّل له نفسه العدوانية التطلع لوأد ثوراتها الحقيقية على امريكا أولا وعلى حكامهم ثانيا اذا لم يعودوا سيرتهم لمناصبتها العداء، لا إذعان رقابهم لإدارتها او الخفض لها جناح الذل من الرحمة، وهم ليسوا الأكرمين بها.
--------------------
تونس في 4 جانفي 2018
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: