د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3164
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ليس وعد بلفور هو الوعد الحق. لأنه وعد سياسة انتداب بريطاني. وليس للمندوب أن يُوعد بغير ما انتدب له. ولكنه منطق الغالب على المغلوب. والأمر كله يكمن في حق الغالب على المغلوب، هل كان الغُلب قائماً على حق أو على غير حق. وكم حروب قامت على باطل ! ولكن عين الظالم تعمى دائماً عن الحق. والذي يقرر الحق ليس هو كل واحد. لأن الحق لجماله ونبله لا يقرره لا غالب ولا مغلوب، لأن الأمر يصبح فيما بعد من العبث. والحياة ومن وراءها منزهة عن العبث. ولذلك قامت التضحيات وقامت النضالات من أجل الحق الذي لا يطعَمُه ولا يذوقه إلا الصادق. وقلما يكون صادقٌ في السياسة. ويعرفه المخلصون، ولذلك يتبعونه ويتبعون دعوته الصادقة ويضحّون دونه حياً أو ميتاً. ولذلك نجحت الدعوات ونجح أصحابها رغم كيد الكائدين وكفر الكافرين بدعواتهم.
ولذلك قالوا وقال ابن خلدون: لا تقوم الدول الكبرى إلا على دين أو دعوة حق. وكأنما قال شيئاً واحداً وهو الحق. لأنه لا يمكن أن ينجح دين إلا إذا كان صاحبه مؤيداً بدعوة حق. وانما تتالت الأديان لأن بعضها أصحابُه لم يبقوا على حق إلا أن يتطهّروا ويُظهرهم الله على عدوهم.
ولذلك قامت نضالات الأحرار لاستئناف ما وعدهم أباؤهم به من أن النصرة على عدوهم لا تكون إلا بالعمل الصالح والعلم النافع والإيمان الخالص. وقلما يَزَع الله بالقرآن ما يزعه الله نفسه بالسلطان، أي على يد السلطان. لأن الناس جُبلوا على ذلك لأن أكثرهم ضالين او مضلَّلين (بالفتح). ومن هنا حكَم السابقون بوجوب قيام الدولة بالسلطان الرادع والحامي والمانع.
وما كتبه القدر على المؤمنين بقضيتهم لا تحْتسبه الأيام والسنين. ومن ينظر في أحوال الأمم التى خلّدت أمجاداً لأبنائها لم تُطاوله آلة القمع الاستعماري أو الانتداب البريطاني أو الاحتلال الفرنسي في الجزائر أو في سوريا أو في مصر أو الهولاندي في أندونيسيا أو الاستعمار الانقليزي في الهند والعراق. وأدنى أن تُطاوله في أرض الحق التي وعد الله عباده. وإنما قال المؤمنون ولم يقل الغاصبون أو الظالمون.
وكل القوانين، وهذا يعرفه العقلاء وكذلك الحاكمون الذين وهبهم الله الرشد او العبرة من التاريخ، لا توضع ولا تسقط ولا تعدّل إلا بالإرادات التي تكتبها السواعد وتصنعها المهج التي في الأرواح، وتبذلها النفوس.
وإذا كانت مائة سنة مرت على وعد بلفور فليلتفت العالم الى أكثر من مائة قانون ظالم فسخه النضال الفلسطيني لاستحقاق أرضه.
ولو تعدّلت الرؤية لأصحاب القرار ولم تبق عقارب الساعة تنحرف الى الوراء لأدرك الأخوة اليهود والمسيحيون، من المؤمنين بالدين كإيمانهم بالله أو بالحق المطلق، أن الأهدى أن يعودوا الى الأرض التي وعد الله على كلمة سواء لا على ظلم بلفور.
--------
تونس 2 نوفمبر 2017
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: