البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

هيئة الانتخابات.. المأزق

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2952


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


هيئة الانتخابات، التي تعاني في هذه الأيام مما هو أشبه بالولادة القيصرية لتجديد أعضائها هي انعكاس لوضع سياسي مريض على ما يبدو. إن مرض مرضت، وإن صح صحت. ولا يمكن القول إنها أصلاً ولادة مشوهة، لأنك أمام خلقة مجبولة أساساً من تكوينات سياسية وحزبية على علاتها. فهي بالتالي تعكس أكثر ما تعكس صورة مجلس تأسيسي بتركيب استثنائي، ولم يكن بإمكانه أن ينتج من الهيئات إلا على تصوير نفسه. والمتعين أن يخلفه المجلس التشريعي ليعيد تصويرها ويصنع منها بيجماليون على صورة نفسه هو أيضاً بتجديدها أو بالتعديل في قانونها.
لكن ما يحدث أوقع المجتمع السياسي وعموم الناخبين في مأزق التجديد لأعضائها المتخلين بالقرعة، وانتخاب رئيسها، الذي يغادر في ظرف من الظروف دون احتساب عواقبه على سيرها بعد ذلك أو تزامناً مع انتخابات قريبة.

ولكن أيضاً عندما يبقى المجلس في تجاذب غير سليم بين كتله ومغالطات تصل حد السياحة بين نوابه من حزب الى آخر أو كتلة الى أخرى تكون الأوضاع قد زادت تعقيداً في عمله لإنتاج أى عمل سوي؛ وإن اكتسى في الظاهر الأغلبية الشرعية. وتغرق الظنون والتأويلات القانونية حولها وحوله للخروج من المأزق؛ وكأن لا منقذ ولا خروج إلا عن طريق التوافق المشفوع بالتصويت، الذي كأنما صيغ إلا ليكون ترجمة أمينة للتوافق. فأصبحنا في ديمقراطية التوافق أو توافق الديمقراطية. وهو أمر غير منتج أصلاً. لأنه ضد طبيعة الأشياء. ومن هنا تنادت عديد الأصوات بضرورة المبادرة بتعديل الدستور في اتجاهات عديدة وإن مست بالأساس كثيراً من أبوابه ومسلماته، أو اقتضت الاستفتاء عليه. لأن الأزمات لا تحلها الأزمات وإنما تحلها الأغلبية التي لها القول الفصل في النزاعات، وليس التحالفات غير ذات الطبيعة الحزبية الواحدة أو المنسجمة بالضرورة.

فلا بد من إطلاق بناء الأغلبية الانتخابية وإعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله. لأن التوزيع للسلطة بين معارضة وحكومة في مجلس نيابي مشوه أو جاء مشوهاً عندما خالفنا طبيعة الحكم الديمقراطي في الدولة الحديثة: وهو تحالف الحزب الثاني في الانتخابات التشريعية مع الحزب الأول في الحكم. والأصل أن يكون الأول في الحكم وإن صانع بعض الأحزاب الصغيرة القريبة مذهبياً منه، ويتصدر الحزب الثاني المعارضة، لتكون دالةٌ في الحكم، بينه وبين صاحب الأغلبية بعد كل انتخابات تشريعية وأخرى.

لكون الخوف، الذي يسيطر على كل صاحب سلطة قائمة أن يتشبث بالكرسي حتى ولو كان الكرسي الإضافي، يفسد اللعبة الديمقراطية. وتمثل ذلك لأول يوم بالمجلس، عندما ذهبت رئاسة لجنة المالية، التي الشأن أن تتولاها المعارضة، الى محلها عند الحزب الثاني ثم انقلبت على عقبها، لأن الفائزين الأولين في التشريعية التقيا عند نقطة التعايش البراغمراتي إذا صح التعبير.

ولكنه زواج لن يدوم، لأنه لم يولِد إلا تشوهات في العملية الديمقراطية بما أصبح يسمى بالتوافق، بل حتى التوافق المغصوب على أمره، اكتفاء بالأدنى من حركية المجتمع لحساب الامتيازات الحزبية.

ومن هنا مأزق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي توقعنا من الأول أن تدخل في مضيق، عندما يتعافى المجتمع من إرهاصات الثورة ويتفطن لحقيقة العملية الديمقراطية الملعوبة فيه. لأن التقدير كان من الأول في المجلس التأسيسي تغييرها حتى لا تعاني من آثار اسمها في بعض الأفهام، من جهة كونها عليا وجهة كونها مستقلة.

ولم تبق المشكلة في الأسم ولكن في الصيغة التي تتجدد بها وفي إجراءات انتخاب رئيسها. فلم تكن ثغرات في القانون في الحقيقة وإنما هي تعبير عن إدارة سياسية لامحالة وهذه قد تختلف بين أغلبية وأخرى.

ولو كانت الأمور طبيعية كالديمقراطية في أذهان فلاسفة القانون، لكان الفصل في الخلاف مرجعه الى الحزب الأول الفائز بأغلبية المقاعد في المجلس، للإلقاء بوزنه في التصويت لرئيس الهيئة عندما يحكم التوافق بتعطيل العملية مهما كلفته الحيلة، طالما لا يحقق قيام الضمانات أمامه لاستدامة موقعه في السلطة عن طريق نتائج الانتخابات. لأن النظام البرلماني كما نسج خيوطة الدستور يمكّنه عبر آلياته وبالتوافق المبتكر لكل عملية تصويت من شد العربة دائما الى الوراء، لكي لا يفلت زمام السلطة منه في كل الأحوال.

ومن باب التفويت على نفسه وعدم الحفظ لحقوقه، أن يتخلى الحزب الأول للعبة التوافق، فيرهن التصويت به بشكل آلي، فتتحرف العملية الديمقراطية وتنتج الخوف على شرعية صاحب الأغلبية الأول في الانتخابات حسب نظام النسبية الى نهاية المدة النيابية. وللضرورة أحكام قد لا تقتضيها القوانين العادية والمواضعات؛ حتى لا نقول لماذا نحن في تخلف عن الاجتهاد في القوانين بمثل ما تجتهد به الدول التي صنعتها.

---------
تونس في غرة نوفمبر ٢٠١٧


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، هيئة الإنتخابات، الإنتخابات، الثورة التونسية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 1-11-2017  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة
  من وحي قلم الشيخ محمد الصادق بسيس
  تطبيق نظرية الإعجاز على الشعر
  مباحثاتي مع المستشرق الانجليزي بوزوورث

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
علي عبد العال، أشرف إبراهيم حجاج، محمود فاروق سيد شعبان، د- محمد رحال، عبد الله زيدان، محرر "بوابتي"، وائل بنجدو، د - الضاوي خوالدية، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أ.د. مصطفى رجب، يحيي البوليني، محمد شمام ، د. عبد الآله المالكي، محمود طرشوبي، صفاء العربي، فتحـي قاره بيبـان، محمد أحمد عزوز، سلوى المغربي، عمار غيلوفي، د. عادل محمد عايش الأسطل، مراد قميزة، محمد العيادي، د. أحمد محمد سليمان، أحمد بوادي، مجدى داود، سامح لطف الله، رافع القارصي، رشيد السيد أحمد، د - المنجي الكعبي، المولدي الفرجاني، عبد الله الفقير، العادل السمعلي، إسراء أبو رمان، محمد يحي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، جاسم الرصيف، د. طارق عبد الحليم، منجي باكير، د - شاكر الحوكي ، د- محمود علي عريقات، فوزي مسعود ، صفاء العراقي، عواطف منصور، رضا الدبّابي، سامر أبو رمان ، علي الكاش، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد الطرابلسي، الهيثم زعفان، رمضان حينوني، سيد السباعي، سفيان عبد الكافي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، طلال قسومي، أحمد النعيمي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حاتم الصولي، د - صالح المازقي، د - محمد بنيعيش، أحمد ملحم، خالد الجاف ، ماهر عدنان قنديل، عبد الرزاق قيراط ، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد الياسين، د - عادل رضا، د. خالد الطراولي ، محمد اسعد بيوض التميمي، صالح النعامي ، ياسين أحمد، إيمى الأشقر، أنس الشابي، أبو سمية، عبد الغني مزوز، إياد محمود حسين ، محمد عمر غرس الله، حسن عثمان، نادية سعد، د- جابر قميحة، فتحي العابد، الهادي المثلوثي، يزيد بن الحسين، صلاح المختار، مصطفي زهران، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- هاني ابوالفتوح، تونسي، سليمان أحمد أبو ستة، صباح الموسوي ، حسن الطرابلسي، خبَّاب بن مروان الحمد، د.محمد فتحي عبد العال، كريم فارق، مصطفى منيغ، د. أحمد بشير، سعود السبعاني، سلام الشماع، د - مصطفى فهمي، رافد العزاوي، ضحى عبد الرحمن، فتحي الزغل، عمر غازي، عزيز العرباوي، د. صلاح عودة الله ، كريم السليتي، حميدة الطيلوش، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد الحباسي، حسني إبراهيم عبد العظيم، صلاح الحريري، محمود سلطان، الناصر الرقيق، فهمي شراب، عراق المطيري،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة