البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

التبرير بغياب المؤسسات والقوانين

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3819


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لا شك أن وجود المحكمة الدستورية كفيل وحده بصرف الكثيرين عن التقاضي لديها، اعتقاداً منهم بأن وجودها كاف وحده لردع المخالفين للدستور والحد من جسارة السلطات على التشاريع في ظل محكمة قائمة.

ولكن وهي غائبة اليوم بغياب الإرادة السياسية لقيامها ربما وليس لأسباب أخرى إجرائية أو فنية، فإن التعللات باحتمال تجاوز السلطات للتشريعات القائمة تقفز الى الأذهان لمجرد اطمئنان عامة الناس الى محكمة مختصة للفصل فيها.
فأصبح التبرير بغياب المؤسسات والقوانين أقوى من التبرير بخرق الموجود منها.

فمن ذلك أنه منذ الثورة لا يتخذ قرار أو يصدر أمر إلا وتنهال الفتاوى والتأويلات بالتشكيك في دستورية ما اتخذ أو التأكيد على دستوريته دون سماع قول فصل.

وهناك الى الآن لجوء في أبسط الأحوال الى إحدى مؤسستين، أو هيئتين دستوريتين على أصح تعبير، للفصل فيما يعرض من دعاوى أمامهما لشبهة الاختصاص. وهما المحكمة الإدارية المحدودة الاختصاص بالأوامر الرئاسية والتراتيب الإدارية، والثانية الهيئة الوقتية للنظر في دستورية القوانين، المحدودة كذلك بمراقبة مشاريع القوانين المحالة اليها من مجلس النواب أو من رئاسة الجمهورية فقط دون غيرهما.

ورأينا أخيراً جهة جديدة تتولى تقديم التوضيح عند الاستفسار حول بعض الإشكالات التي تطرأ بخصوص بعض القوانين أو اللوائح، فيما يمكن أن يتوجه بها اليها بعض الصحفيين في مسائل بعينها. وهذه الجهة وإن تكن غير رسمية بالضرورة ولكن الاستئناس بتفسيرها هام، على اعتبار أنها صادرة عن مكتب مجلس نواب الشعب، وتحديداً عن الملحق الإعلامي به، بما يعني وقوف جهة وظيفية استشارية بالمجلس وراءه، كما حدث أخيراً بخصوص أمرين اثنين نعرض لهما هنا بالتعليق، لأهميتهما في ظروف تشكيل حكومة السيد يوسف الشاهد، التي تعرضت منذ البداية الى تأويلات دستورية متضاربة، ولاحتمال طلب استعادة بعض الوزراء المستقيلين من حكومة الصيد بحكم سحب الثقة منها الى مقاعدهم النيابية في حال لم يظفروا بحقائب في حكومة الشاهد الجديدة.

لكن هذه الجهة لا تعبر عن سند قانوني رسمي، وإنما مهمتها مجرد توضيح دور المؤسسات الدستورية والتذكير بمهامها المحددة وبفحوى القوانين واللوائح والإحالة على مداولات المجلس بشأنها، واتصال ذلك كله باعتبارات ظرفية راجعة الى الموقف الرسمي للمؤسسة التشريعية بتجنب الدخول في جدل مع أية جهة رسمية أو طرف معنوي أو فرد.

ولذلك كان الرد على إمكانية الطعن في دستورية التكليف ليوسف الشاهد بتأليف الحكومة بأنه لا اختصاص لجهة قضائية حالياً للنظر في الأمر. فهو التوضيح الذي يشفع لدفع هذه الإمكانية بوجه من أثارها أو أكّد عليها. وربما السخرية بكون صاحب هذه الإثارة ألمح الى عدم تفطن النواب اليها؛ في حين كان يجب أن لا يغيب عن الجميع بأن التفطن غير وارد في حالة نواب غير معنيين إلا بعد تشكيل الحكومة بمثل هذه الإثارة أو غيرها.

فيبقى المبرر اعتبار ما تم اتخاذه من قرارات عليا قد جاء في غياب المحكمة الدستورية أهم من كل تفكير في خروقات أو إخلالات.
وهو أمر لا يبشر بقيام المؤسسات اللازمة لحماية الدستور فضلاً عن التهاون عن الأخذ بالموجود منها وبالمعهود من القوانين والأعراف.

والتوضيح الثاني الصادر عن المكتب الإعلامي لمجلس النواب بخصوص عدم إمكانية استرجاع أعضاء الحكومة المستقلين مهامهم النيابية إذا رغبوا في ذلك بعد مغادرتهم الحكومة، يحيل المستجوب فيه كذلك الى سقوط كل طعن لدى المحكمة الدستورية لعدم وجودها. ويقطع السبيل على عودتهم بصفة باتة، بينما النصوص القانونية تحيل الى عكس ذلك، لأنها تتحدث عن استقالة مبررة بعدم الجمع بين التمثيل النيابي والمناصب الحكومية، وليس في الأمر استقالة اختيارية أو اضطرارية لوفاة أو عجز كامل. ولا حديث في الفصل المتعلق بأعضاء الحكومة النواب ابتداء في المجلس التشريعي عن استقالة نهائية أو أو وقتية (الفصل 35) وإنما هي استقالة مكيفة بوضع خاص هو مراعاة الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. ولذلك فسبيل العودة مفتوح لمن يرغب وباتفاق مع حزبه أو من عوضه من أعضاء قائمته في أن يُخلي له مقعده. ولا يمكن حرمان نائب من حقه في فوز حققه في انتخابات تشريعية بإسقاط المجلس له من عضويته لدواع سامية كالتعيين في منصب وظيفي فما بالك بمنصب وزاري، لكي يجد نفسه بعد ذلك مجرداً من صفته النيابية التي أهلته من ناحية لتولي المناصب الحكومية ثم للتمثيل لمدة نيابية كاملة باسم الشعب وباسم ناخبيه في دائرته في المجلس التشريعي.

ولا حديث خاصة في القوانين عن كونهم أي أعضاء الحكومة لا يحق لهم العودة بعد مغادرة مهامهم التي تعين أن يستقيلوا من أجل توليها.

وكذلك فلا حديث عن استقالة نهائية في الفصل 35 وهو الفصل ذاته المتعلق بحالات عدم الجمع، الذي يعني من جملة من يعني الأعضاء في الحكومة من بين النواب.

أما الشغور النهائي، فالحديث عنه في الفصل 34 لغاية وصفه بعد ملاحظته وسده بالنسبة لجميع من يتعين تعويضهم بغيرهم حسب الترتيب في القائمة الانتخابية بعد ملاحظة الشغور النهائي، أي تقديم استقلالة خطية من طرف صاحبها وتأييدها من الجهات الرسمية.
أما الاستقالة في حالات عدم الجمع بالنسبة للوظائف التي يقررها الفصل 35 تحت عنوان "حالات عدم الجمع" فمرجع الكلام فيها عن "الدائمة" و "الوقتية"، يعود لا الى الاستقالة ولكن الى الوظيفة التي سيتقلدها النائب المعني بعدم الجمع سواء كانت وظيفة بأجر أو بدون أجر، وقتية أو دائمة.

وكل اجتهاد مخالف للقوانين نصاً وروحاً قد يخلق بلبلة في أوساط الرأي العام وتوتراً في العلاقات بين أصحاب الاستحقاق؛ ولا يترجم إلا عن مناورات حزبية وضغوط سياسية لمنع الخصم من التصويت مثلاً أو حرمانه من المنافسة في المجال العام بالعناوين المستحقة نضالاً واقتداراً.
ولذلك لا تسلم الساحة السياسية من الأزمات المفتعلة طالما تقف وراءها إرادات تراهن على تجاوز القوانين والمؤسسات أو غياب البعض منها لاستغلال الوضع الى أقصاه للاستفراد بالسلطة وتوجيه القرار. وهذا ليس من علامات القوة في النظم الديمقراطية. فالمبررات للفراغ الدستوري أو القانوني في مجال من المجالات لا يجب أن يتجاوز المعقول والمقبول والمعهود والمعروف في ميزان الأمم.

-----------
تونس في 22 أوت 2016


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، التحوير الحكومي، الثورة التونسية، الحبيب الصيد، يوسف الشاهد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 23-08-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة
  من وحي قلم الشيخ محمد الصادق بسيس
  تطبيق نظرية الإعجاز على الشعر

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- هاني ابوالفتوح، إيمى الأشقر، د. أحمد محمد سليمان، جاسم الرصيف، صباح الموسوي ، الناصر الرقيق، صفاء العراقي، المولدي الفرجاني، الهادي المثلوثي، أبو سمية، إياد محمود حسين ، أ.د. مصطفى رجب، سامر أبو رمان ، أحمد ملحم، د- محمود علي عريقات، سعود السبعاني، د- جابر قميحة، عبد الغني مزوز، رحاب اسعد بيوض التميمي، فهمي شراب، محمد الطرابلسي، الهيثم زعفان، أحمد بوادي، سليمان أحمد أبو ستة، أنس الشابي، عزيز العرباوي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد أحمد عزوز، عبد الله الفقير، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. أحمد بشير، فوزي مسعود ، علي الكاش، سلوى المغربي، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله زيدان، صلاح الحريري، محمد عمر غرس الله، د. عادل محمد عايش الأسطل، عراق المطيري، العادل السمعلي، ماهر عدنان قنديل، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن عثمان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سلام الشماع، محمد الياسين، د. كاظم عبد الحسين عباس ، مجدى داود، رافد العزاوي، د - المنجي الكعبي، طلال قسومي، د - محمد بنيعيش، صالح النعامي ، د - عادل رضا، رضا الدبّابي، أشرف إبراهيم حجاج، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - مصطفى فهمي، مراد قميزة، رمضان حينوني، أحمد الحباسي، د- محمد رحال، محمود سلطان، محمد العيادي، عبد الرزاق قيراط ، ياسين أحمد، مصطفى منيغ، سامح لطف الله، عمر غازي، محمود طرشوبي، د - الضاوي خوالدية، د. طارق عبد الحليم، سفيان عبد الكافي، حسن الطرابلسي، علي عبد العال، رشيد السيد أحمد، محمد شمام ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، نادية سعد، خبَّاب بن مروان الحمد، سيد السباعي، خالد الجاف ، فتحي العابد، حاتم الصولي، فتحـي قاره بيبـان، محرر "بوابتي"، محمود فاروق سيد شعبان، ضحى عبد الرحمن، عواطف منصور، د. صلاح عودة الله ، حميدة الطيلوش، د. عبد الآله المالكي، فتحي الزغل، صلاح المختار، د.محمد فتحي عبد العال، وائل بنجدو، مصطفي زهران، يحيي البوليني، منجي باكير، إسراء أبو رمان، كريم فارق، يزيد بن الحسين، كريم السليتي، د. خالد الطراولي ، تونسي، صفاء العربي، أحمد النعيمي، محمد يحي، د - صالح المازقي، عمار غيلوفي، د - شاكر الحوكي ، رافع القارصي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة