البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

في الأحزاب: لا مناص من الانسلاخ لحسن التنظّم

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 5805


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


بعد الأخذ من كل شيء بطرف لتشكيل نواته الأولى بأوسع تمثيل سياسي يدخل "النداء" غداة مرحلته الأولى التي تكللت بالنجاح في الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة مرحلة التهيكل، بما يعنى انضباط أفراده وقياداته لنظام أساسي متين وبنية قوية تصمد للأحداث والهزات التي تعرفها الأحزاب جميعها في مسيرتها نحو الحكم.

وها هو هذه الأيام، وربما منذ تولّده كحركة تطمح الى الظهور كحزب مهيمن على المناخ السياسي لما بعد الثورة في تونس، يدخل هذا الطور من حياته التي نعتقد أنها ستدوم ما دامت الظروف السياسية في تونس تحتضنها، بنفس القدر التي رعتها به في أوله.

ومن الطبيعي أن تتناثر أجزاؤه التي كانت مجتمعة في الأول على أهداف قريبة وتتخذ مواقعها الصحيحة في الأحزاب السياسية ذات الإيديولوجيات الأنسب لتوجهاتها الحقيقية، أو تؤسس لنفسها أحزاباً جديدة. ولا يبقى ينضوي تحت لوائه إلا من أراد مؤسسه الأول أو مؤسسوه الأوائل أن يصوغوه لاحتواء أضخم كتلة اجتماعية توحد تونس نحو أهدافه ومبادئه المعلنة في برنامجه الاقتصادي والاجتماعي وفي ولوائحه ومؤتمراته.

وفي الأحزاب: لا مناص من الانسلاخ لحسن التنظم. وكل ضجيج أو صخب، ما لم يتخط الحدود الحمر كما يقولون، يبقى من شؤون الأحزاب الحميمة طالما لم يخرج عن دائرة فضاءاتها ومنتدياتها ومؤتمراتها. ولا تثريب فيه على أحد، لأنه من لزوميات الحياة الحزبية مثله مثل التمثيل البرلماني؛ يتسع للشغب والعنف اللفظي، وقد يتجاوز ذلك في بعض تقاليد البرلمانات العريقة، بل وتحَصّنه تنظيماتها ولوائحها.

وفي حال تفكك الكتلة البرلمانية للنداء - ولعلها تفككت بعد - تصبح كل الفرائض الدستورية قائمة لإعادة الاستقرار للحياة العامة، والسياسية منها بالخصوص، بسبب هذا الشرخ الحاصل في حزبها. ومهما تكن القراءة لأزمة الثقة في الحكومة؛ هل تكون تزعزعت داخل المجلس أو لا؟ فإنها في حقيقة الأمر والواقع قد تزعزعت حتى قبل ذلك للأداء المتعثر لها في الأسابيع الأخيرة.

وكل الدواعي تدعو الى أن يستبق السيد رئيس الحكومة الى التفكير جدياً لعرض ثقته من جديد على البرلمان، إن لم يكن بوسعه أن يُقدم على الاستقالة من باب قراءة المشهد الحزبي المتهشم النوافذ خلفه، والذي كان يسنده، وحتى بكل هشاشة قبل ذلك.
إلا أن يكون العناد أو معاكسة التيار هو سيد الموقف في الأزمة السياسية العامة التي نعيشها بالحد الأقصى بعد الانتخابات الأخيرة، اجتماعياً وأمنياً واقتصادياً.

كما للرئيس أن يبادر الى تخفيف الضرر من تزعزع الثقة بالمؤسسات الدستورية في عمومها، بسبب هذا الانشطار في حزبه الذي غادره يخوض تجربة مؤتمره التأسيسي المؤجل دونه بعد انفصاله عنه بسبب ارتقائه الى سدة الرئاسة، أن يبادر الى رأب الصدع بالدعوة الى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها. فقد تكون المناسبة الذهبية لاقتضاء الأغلبية الحزبية لحزبه كما كان يأمله من خلال الانتخابات التشريعية السابقة، والذي لم ينلها لطبيعة النظام الانتخابي النسبي الذي اعتمدته سياساته القصيرة المدى قبل ذلك، للهاجس الذي كان لديه، أو لدى الطبقة الحاكمة يومها، لمنع انفراد حزب بعينه من نيل ذلك الامتياز.

وما دام قد تحصل له الوصول للرئاسة، فليدْع لتنقيح النظام الانتخابي ليفتح الطريق للفوز بالأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية المقبلة للحزب الذي يختاره الشعب. ونؤسس بذلك لنظام برلماني شبه رئاسي، تتداول فيه الأغلبية المطلقة على الحكم، أفضل من التداول للتحالفات الهشة في نظام انتخابي رقيق الحواشي سريع الانكسار، لا يقيم وزناً لنظام الأفراد.

فلكل نظام خصائصه ولا يمكن استنساخ نظام بتنقيح طبيعته الخاصة، إما بإقحام ما ليس منه فيه، أو بحذف ما هو جوهري منه فيه. فذلك مولّد للأزمات. فخذ مثلاً انتخاب رئيس مجلس نواب الشعب عندنا للمدة النيابية كاملة! فهذا، لو كان جرى العمل فيه بالتقليد القديم لمجالسنا النيابية السابقة منذ الاستقلال، أي بانتخاب رئيس المجلس في افتتاح كل دورة، لما استعصت الأمور الى مثل ما وصل اليه نداء تونس صاحب أكثرية المقاعد في المجلس، ولكان لأزمة مروره الى حزب مهيكل ديمقراطياً ومنضبطة عناصره ترتيبياً ولكنا في غير عنق الجرة مثل اليوم.
وحتى حكومته، كان ينبغي أن تخضع بالكامل لطبيعة النظام البرلماني، وإن قيل له معدّل، القابلة لعدم استقرار الحكومات وتسارع انحلالها بعد شهور، دون أن تقع هزة في المجتمع أو تفقد الدولة السيطرة على سير دواليبها بشكل طبيعي.

فليّ أعناق الأنظمة لتطويعها لشراهة الحسابات الحزبية المحضة دون أن تكون هذه الأحزاب التي تقف وراءها مهيكلة حقيقة وديمقراطية حقيقة، يُدخل على اللعبة السياسية - ما دمنا نقول لعبة - كثيراً من الغش والاضطراب. وليس كل الأنظمة القائمة محصّنة من ذلك، وخاصة في مثل دولنا وبالأخص بعد الثورات.
تونس في ٣ نوفمبر ٢٠١٥


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، نداء تونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 4-11-2015  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  حل الدولتين في مأزق النقض
  فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ
  المرحوم قاسم بوسنينة مثال نادر من الرجال المخلصين
  فعل المستحيل، أو بعبع حق النقض في يد إسرائيل بالتناظر لأمريكا
  أفكار يجرفها الطوفان
  كل ما تخسره إسرائيل بتطاول مدة الحرب تكسبه حماس
  يهود العالم في ولايات متحدة أمريكية صهيونية
  هدنة تفتح على حل دائم وإلا عودة لحماس أشد بأسا
  معركة الأسرى أقوى من معركة السلاح وفتيل النار
  كل الغثاء حمله الطوفان
  رب درس تأخذه من عند غير مدرس ولو من طوفان
  في غزة طوفان دموع اختلط بطوفان الأقصى
  فرنسا من المعاداة للسامية إلى المؤاخاة للصهيونية
  قمة العرب والمسلمين لمساندة طوفان الأقصى في غزة بما أوتوا من قوة الإختلاف والإئتلاف
  فلسطين بطوفان الأقصى دخلت حرب التحرير بالمعنى الجزائري الفريد
  إهلال الإسلام على الكون الجديد
  "‏الفيتو" الأمريكي البريطاني الفرنسي ملطوخ في غزة
  ‏إسرائيل تقتل نفسها عرقا عرقا في غزة
  إسرائيل «غريبة» أوروبا في الشرق الأوسط
  هذه حرب ظالمة لا حرب دفاع عن النفس
  مال الإسلام إرهاب
  الصراع الأمريكي الإسرائيلي
  ‏تركيا وإيران ومصر
  حل الدولة الواحدة
  التهور مزلة والإقدام عن تبصر مأمون
  الموقف التونسي
  ‌على أنفاس غزة
  لمحات شابية
  نيتشه الموت والحياة
  من وحي قلم الشيخ محمد الصادق بسيس

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عمر غازي، وائل بنجدو، الهادي المثلوثي، منجي باكير، عبد الله الفقير، رضا الدبّابي، الهيثم زعفان، محرر "بوابتي"، سيد السباعي، علي الكاش، محمد العيادي، د - صالح المازقي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - شاكر الحوكي ، صلاح الحريري، د - محمد بن موسى الشريف ، حسن الطرابلسي، سفيان عبد الكافي، كريم فارق، رافد العزاوي، يزيد بن الحسين، أحمد ملحم، فتحي الزغل، محمد أحمد عزوز، حاتم الصولي، صلاح المختار، علي عبد العال، حسن عثمان، محمد الياسين، عزيز العرباوي، نادية سعد، د. عادل محمد عايش الأسطل، أحمد النعيمي، رمضان حينوني، المولدي الفرجاني، طلال قسومي، عبد الغني مزوز، مصطفي زهران، ماهر عدنان قنديل، د. صلاح عودة الله ، محمود فاروق سيد شعبان، ياسين أحمد، د- جابر قميحة، خالد الجاف ، مجدى داود، فهمي شراب، إياد محمود حسين ، الناصر الرقيق، د. عبد الآله المالكي، أحمد بوادي، محمد شمام ، سامر أبو رمان ، محمد اسعد بيوض التميمي، د. أحمد بشير، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. أحمد محمد سليمان، محمد يحي، د - محمد بنيعيش، رحاب اسعد بيوض التميمي، عواطف منصور، د - المنجي الكعبي، فتحـي قاره بيبـان، د. طارق عبد الحليم، إيمى الأشقر، عمار غيلوفي، سلوى المغربي، أشرف إبراهيم حجاج، خبَّاب بن مروان الحمد، العادل السمعلي، جاسم الرصيف، د- محمود علي عريقات، أنس الشابي، د. خالد الطراولي ، د- هاني ابوالفتوح، مراد قميزة، محمد الطرابلسي، رشيد السيد أحمد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. مصطفى يوسف اللداوي، أبو سمية، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صفاء العربي، عبد الله زيدان، د - عادل رضا، فوزي مسعود ، يحيي البوليني، عراق المطيري، عبد الرزاق قيراط ، سلام الشماع، سامح لطف الله، د - مصطفى فهمي، محمد عمر غرس الله، محمود طرشوبي، أحمد الحباسي، صباح الموسوي ، فتحي العابد، مصطفى منيغ، صفاء العراقي، تونسي، سعود السبعاني، د. كاظم عبد الحسين عباس ، إسراء أبو رمان، د- محمد رحال، صالح النعامي ، محمود سلطان، حميدة الطيلوش، رافع القارصي، سليمان أحمد أبو ستة، أ.د. مصطفى رجب، د. ضرغام عبد الله الدباغ، ضحى عبد الرحمن، د - الضاوي خوالدية، د.محمد فتحي عبد العال، كريم السليتي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة