البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

"المهم بالأهم" في التصويت للرئيس القادم

كاتب المقال د- المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6353


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


المهم بالأهم.. تعبير أطلقه السيد الباجي قايد السبسي عرضاً في افتتاح حملته الرئاسية بالمنستير، الأحد الماضي، للتذكير بمفهوم حسن الاختيار لدى الرئيس بورقيبة في أوقات الأزمات حين تختلط الأمور ويكاد لا يميز المواطن بين المهم والأهم في التقديم من أجل المصلحة العليا. إذ الضرورة أو مقتضيات الأمور تتطلب منه اختيار المهم قبلاً وترك الأهم للوقت الأفضل. وهو معنى المهم بالأهم، على سبيل البدل.

والتذكير في محله، لأن الوضع الذي أصبحنا نعيشه بعد الثورة، شبيه بالوضع الذي دخلته البلاد بعد الاستقلال غداة الخلاف البورقيبي اليوسفي المعروف الذي أحدث قطيعة بين أفراد الأمة بين مؤيد لهذا أو ذاك من زعمائها المتنافسين على رئاسة البلاد آنذاك. وأصبحت الحزبية المتشعبة وما داخلها من عروشيات وجهويات وانتماءات حداثية وسلفية تشق الحياة السياسية بشكل خطير يؤذن بانفراط عقد الدولة وينبي بتهديد خطير للوحدة القومية التي صنعتها ثورة التحرير الوطني لعقود طويلة.

وأمثال هذه الأحداث كثيرة ومعروفة في التاريخ، جعلت حكماء السياسة في الإسلام يفكرون بجواز تقديم المفضول على الفاضل في إمامة الأمة، وفقهاء القانون قبلهم يشرعون لنظام الديكتاتور أو المستبد العادل، الذي يتعين بشروط ولفترة وجيزة عند قيام الفتنة داخل الدولة والخشية بانهيار نظامها سواء الملكي أو الجمهوري أو غيرهما. وهذا في الغالب كان يجنب امتداد حالة عدم الاستقرار المؤقت الذي تنخرط فيه الدولة حتماً بعد كل انقلاب أو ثورة.

والذي حدث بعد ثورة 14 جانفي الأخيرة، حين تعذر الحسم بالدستور القائم لأسباب من النزاعات الحزبية بين المتطلعين الى الحكم بعد هروب المخلوع، أن انساقت الثورة الى وضع الحكومات الوقتية المتعاقبة، والتي مانعت كلها من قيام أي وضع مستقر في غير صالحها إلا بعد انتخابات تأسيسية ووضع نظام انتخابي يخدم أغراضها في الاستيلاء على السلطة لمدة تمنع من عودة النظام السابق، وإن اقتضى الأمر تغيير وجهة الدولة وإعادة صناعة المجتمع بالشكل الذي يوفي بأغراضها في بسط هيمنتها على الحياة العامة لمدة أطول، بمنظورها الحزبي الضيق أو المتسع لتحالفات ظرفية تخدم الأغراض دون الأهداف.

لكن المجتمعات، وخاصة الحديثة في ظل العولمة وسقوط الحدود الاعتبارية بين الدول، أصبحت عصية عن كل تغيير راديكالي الا بالقوة العسكرية القاهرة، وهذا غير متاح الاندراج فيه إلا للقوى العظمى، كما هو مشاهد اليوم في صراعات من هذا القبيل. ولذلك نازعت القوى الاجتماعية الغالبة بعد الثورة على استعادة المبادرة بيدها، وظهرت بمظهر الماسك للعصا من الوسط، بين ثورة مهادنة تطالب بالإصلاح وثورة استئصالية تطالب بالانقلاب والقطيعة مع ما سبق.

ويأتي نداء تونس ليس من باب الصدفة، ولكن من حتميات الصراع بين قطبين، ليوحد تحت جناحه كل القوى المضادة للصراع الحزبي الثنائي بين تيار يميني واسع الأطياف متشدد وتيار يساري أقلي متشدد كذلك. واستفاد هذا الحزب من شرعية هشة على أساس النسبية والبواقي، ليفرش الطريق لدستور غير مستفتى عليه، يحمل في طياته عوار الدساتير التي تتولد تحت ضغط الأحداث والتكتلات القاتلة. فيكون المستفيد من القادم الجديد في التشرعية والرئاسية الأولى بعده هو حتماً، وتؤول الأمور لصالحه، كرد فعل أو تحوطاً من استنتاخ الحالة السابقة التي سادت بما طبعها من تسيب وتهور وانخرام الأوضاع وسقوط الدولة في وحل النزاعات الحزبية المتوالدة كالطحالب في الغدير..

ولذلك يجد المواطن نفسه اليوم أمام أمرين اثنين: تصويت الضرورة لرئيس قادم، لإنقاذ البلاد من الفوضى التي تردت فيها طيلة ثلاث سنوات، وفي ذهنه تقديم المهم على الأهم بين المترشحين، لأن شروط الرئاسة غير شروط المرحلة التي قد لا تخضع لسن دنيا أو قصوى أو تزكيات حزبية أو نيابية تحت أي مسمى أو آخر. وهو معنى المهم بالأهم، إذا كان هناك حقيقة في تقدير المنتخِب مرشحٌ أهم من المهم، قد يخطئه الفوز في هذه المرحلة الحرجة.

ولتحصين اختياره لهذا الرئيس المنتخب لأول مرة انتخاباً حراً ديمقراطياً سرياً مباشراً عليه بعد التصويت له بمداومة اليقظة لدعم صاحب الشرعية بإطلاق ومنع أية معارضة غير مسؤولة من منازعته شرعيته البرلمانية أو الرئاسية أو هما معاً، وبالمقابل دعم كل معارضة ديمقراطية تحقق التوازن في البناء الداخلي للمجتمع وتتحرك به نحو التجديد والتقدم والتداول للسلطة، ما يحفظ للوطن استقلالية قراره وحريته الداخلية لتنمية اقتصاده ودفاعه ومقوماته العربية الاسلامية والمتوسطية والأفريقية، في ظل نظام دولي يحفظ للدول وللأمم حقها في صنع التقدم والحضارة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الإنتخابات التونسية، الإنتخابات التشريعية، الإنتخابات الرئاسية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-11-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ‏حرب يتحمل تبعاتها الطرف المتسبب
  ‏لا خيار أمام ترامب غير خيار الحق
  لابن خلدون نظر وتحقيق
  ‌في ذكرى انبعاث الطوفان لحمل العدو وآلته العسكرية إلى حيث مصيره
  قتل بحجم النصر لقضية ‏المتوفى
  الإسلاموية في فرنسا
  حبر الانتخاب أو بيعة الرضوان
  ‌قدس يسوى أغلى من حسن وهنية
  ‏لينعم السيد حسن نصر الله باستشهاده
  ‌‏بقتل سيد المقاومة اللبنانية تخسر ‏ إسرائيل
  الرمز يُعلى بالإستشهاد ولا يسقط بالموت
  اللائكية كدين يستقلع الأديان ليحل محلها
  الحرب سجال والإنتصار قتال
  قليل من قلة الذوق ‏والشعارات الفارغة
  عملية أللنبي الأخيرة
  جامعة وكلية وقانون‏ ونفوس معقدة من مخلفات الاستعمار ومقبلات الاستقلال
  المستقبل السعيد
  ونقول للمحسن أحسنت
  ‌الرد المستور أقوى من الرد المكشوف الظهر
  ‌الحرب من أجل أمريكا والعالم
  ويذيق بعضكم بأس بعض
  ‌‏الرد الممدود
  ‌نُصرت بالرعب
  سفرة ناتنياهو إلى واشنطن استئذان بايدن على قتل هنية
  ‌إسرائيل أخطأت بقتل هنية بناتنياهو أي وهي تريد ناتنياه
  تناقل أقوال تشومسكي عضو بيت الحكمة في تونس
  مخطوط قيرواني نادر الوجود في بيت آل الكعبي
  وثائق زيتونية شابية عن إحالة الأستاذ الدكتور المنجي الكعبي على مجلس التأديب بتاريخ 25/03/1991
  تحلّ المشاكل بالأقوياء لأنها تنشأ بالضعفاء
  حادث بمثقال ‏الحادي عشر من سبتمبر

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
يحيي البوليني، محمد اسعد بيوض التميمي، فتحي الزغل، عمر غازي، د - مصطفى فهمي، عبد العزيز كحيل، حاتم الصولي، سلام الشماع، حسن الطرابلسي، د - عادل رضا، عمار غيلوفي، محمد شمام ، سيد السباعي، أحمد بوادي، محمد علي العقربي، جاسم الرصيف، سفيان عبد الكافي، مصطفي زهران، وائل بنجدو، د. أحمد بشير، سعود السبعاني، صباح الموسوي ، علي الكاش، د. صلاح عودة الله ، إيمى الأشقر، د. أحمد محمد سليمان، رشيد السيد أحمد، د - محمد بنيعيش، سامر أبو رمان ، رافع القارصي، ضحى عبد الرحمن، أنس الشابي، صالح النعامي ، يزيد بن الحسين، محمد الياسين، د- محمود علي عريقات، د. ضرغام عبد الله الدباغ، المولدي الفرجاني، فتحـي قاره بيبـان، د.محمد فتحي عبد العال، عزيز العرباوي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، نادية سعد، عبد الله الفقير، د - المنجي الكعبي، أحمد النعيمي، محرر "بوابتي"، صلاح الحريري، الناصر الرقيق، محمود فاروق سيد شعبان، فهمي شراب، صفاء العربي، مراد قميزة، محمد عمر غرس الله، الهيثم زعفان، محمد يحي، كريم السليتي، طارق خفاجي، د - شاكر الحوكي ، د - صالح المازقي، مجدى داود، د. مصطفى يوسف اللداوي، د- هاني ابوالفتوح، د - الضاوي خوالدية، د. عادل محمد عايش الأسطل، الهادي المثلوثي، د. طارق عبد الحليم، رافد العزاوي، إياد محمود حسين ، صفاء العراقي، ماهر عدنان قنديل، عبد الغني مزوز، طلال قسومي، خالد الجاف ، أحمد ملحم، سلوى المغربي، عراق المطيري، رحاب اسعد بيوض التميمي، مصطفى منيغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، رضا الدبّابي، محمد الطرابلسي، د- جابر قميحة، أ.د. مصطفى رجب، عبد الله زيدان، د. خالد الطراولي ، خبَّاب بن مروان الحمد، العادل السمعلي، أشرف إبراهيم حجاج، حسن عثمان، صلاح المختار، محمود سلطان، سامح لطف الله، بيلسان قيصر، د- محمد رحال، د. عبد الآله المالكي، أحمد الحباسي، رمضان حينوني، محمد العيادي، د - محمد بن موسى الشريف ، تونسي، منجي باكير، كريم فارق، المولدي اليوسفي، حميدة الطيلوش، سليمان أحمد أبو ستة، عواطف منصور، عبد الرزاق قيراط ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، فتحي العابد، ياسين أحمد، فوزي مسعود ، أبو سمية، إسراء أبو رمان، محمود طرشوبي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد أحمد عزوز، حسني إبراهيم عبد العظيم، علي عبد العال،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة