إيمى الأشقر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4769
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
دائما يتحدث الإنسان عن الشيطان واصفا اياه بأنه صاحب سلطان وجبروت قوى وشديد على عقل الإنسان ومسيطر بكل قوتة على تصرفاتة وردود افعاله ودائما يفتح أمامه ابواب المعصيه ويزينها له ونجد الإنسان حينما يخرج عن صوابه ويتعدى كل الحدود ينسب هذا الفعل الى الشيطان بأنه هو المسؤل عنه بجعله يخرج عن شعورة , بالفعل ان الشيطان عدو لبنى ادم الى يوم الدين وهذا مالايمكن ابدا إنكاره ولكن هل الإنسان ضعيف وساذج الى هذا الحد ؟ الذى يجعله فى يد الشيطان كقطة الشطرنج يحركها كيفما يشاء ؟ والى هذا الحد الإنسان مسلوب الإرادة ؟ ام الفكرة كلها قائمة على أساس إرادة الإنسان ؟ والشيطان هو مجرد شماعة ذات إمكانيات غيرعاديه تليق بأن نعلق عليها اخطاؤنا حتى لانعترف ونقف أمام حقيقة انفسنا ؟
والجواب الذى ليس هناك ادق او اصح منه هو فى كلام الله عز وجل , قال الله تعالى فى "سورة الحجر" ..
وأجاب الشيطان بنفسه على الأسئله التى طرحتها فى البدابة ..
الشيطان الذى منذ ان خلقه الله وهو يريد ان يجعل كل بنى أدم فى جهنم وبئس المصير ولكنه لن يستطيع بديل انه وعد الله ان يغوى كل بنى ادم ولكن عاد واستثنى منهم العباد المخلصين وهذا اعتراف واضح جدا من الشيطان انه لن يستطيع إغواء كل العباد بل سيكون هناك حالات استثنائيه وهى .. العباد المخلصين لله ولعبادته عز وجل , وكذلك الله سبحانه وتعالى قال له" ان عبادى ليس لك عليهم سلطان " ولكن عاد واستثنى وقال " إلا من اتبعك من الغاوين " وهذا اقرار من الله عز وجل ان عباده ليس للشيطان عليهم سلطان إلا من الذين اتبعوا الشيطان وهم الغاوين الذين ضلوا وانقادوا للهوى .
ليس هناك اصدق ولا اعمق من كلام الله عز وجل لكى ادعم به وجهة نظرى المتواضعه ان الإنسان ليس لعبه فى يد الشيطان ولايضعف أمامه بل الإنسان يضعف امام رغباته وميوله وعندما يقع فى الخطيئه ليرضى اهوائه الشخصيه ورغباته وشهواته ينسب السبب الى الشيطان ولان الإنسان لايحب ان يقف امام حقيقة نفسه ويراعى دائما ان يحافظ على صورته امام نفسه وامام الأخرين لايعترف بالحقيقة بل يعلق كل ماحدث على شماعة اسمها "الشيطان"
إن الإنسان حينما يضعف , يضعف لانه لايريد ان يقاوم وحينما يخطأ بكامل إرادته فهو يخطأ لانه ضعف امام شهواته وأهوائه الشخصيه ولو كان يريد ان يحمى نفسه من الوقوع فى الخطأ او المعصيه لإستعان بالله ليقويه ويعصمه ويحميه ويأخذ بيده بعيدا عن المعصيه ولكن الإنسان ترك نفسه لنفسه ليرضى نفسه ثم القى بالمسؤليه على الشيطان
ولكن طالما انك تعلم ايها الإنسان ان الشيطان هدفه ان يجعلك تخطأ وتعصى الله فلماذا تنصت اليه وتنساق خلفه ؟ هل لأنك ضعفت أمامه ؟ ام لأنك استعذبت كلامه ووجدته يتماشى مع أهوائك الشخصية ؟
كلنا ننساق الى المعصيه احيانا ولكن الذى انساق الى الزنا والذى انساق الى اكل اموال اليتامى والذى انساق الى تفسير القراءن واصدار الفتاوى لأغراض شخصيه , هل لانه ضعف امام الشيطان ام لانه انساق خلق اهوائه الشخصيه وارضاء شهواته ؟ انه بالفعل اغمض عينه عن الحقيقة وهو انه يعصى الله عز وجل وانساق بكل قوته فى طريق إرضاء نفسه فى المقام الأول وحينما اضطر الى ابراز مبرر قوى لجأ الى الشيطان ليكون هو السبب وراء كل هذه الافعال التى تنم عن نفس ضعيفه امام شهواتها ليس اكثر من ذلك
وفى الحديث عن الشيطان ومدى تأثيرة على الإنسان اذكر قصة رجل من الواقع الذى نعيشه عاش طوال حياته لايصلى ابدا , يشرب الخمر ويزنى مع من تنال إعجابه ويسهر فى الملاهى الليليه ولديه من الأموال الكثير التى تساعده على فعل كل ما يريده وفجأة تعرض لأزمه ماديه جعلته مفلس وهنا بدأ يعود الى الله بدأ يصلى ويصوم وامتنع عن السهر فى الاماكن التى تعود عليها واعتقدنا انه اهتدى لطريق الصواب وقرر ترك المعصيه ولكن بمجرد ان تحسنت الحالة الماديه ترك الصلاة وعاد كما كان الى المعصيه , هل الشيطان هوالذى جعله يعود للمعصية مرة اخرى ؟ ام كان قربه من الله بسبب الازمه التى تعرض لها وبمجرد ان فرجها الله عليه عاد ليرضى اهوائه الشخصيه وشهواته مره اخرى والتى هى صاحبة التأثير الأقوى عليه .
واذكر ايضا قصة فتاة تتظاهر بالإلتزام الدينى , شهوانية الطباع كانت فى اشد الاستعجال على الزواج وبمجرد ان تمت خطبتها على شاب من نفس نوعها يتظاهر بالإلتزام الدينى ولكنه شهوانى ايضا مثلها طلب منها ان يضمها فى صدره وان يقبلها وهى لم تتردد مطلقا بل وافقته واقدمت على هذه التصرفات بلا تردد ولم يعقبها ندم او تأنيب للذات فيما بعد ولكن السؤال هنا .. هل الشيطان هو الذى جعلها تضعف ؟ هل ضعفت امام إغراء الرجل لها ؟ ام هى ضعفت امام رغباتها المتوهجه ؟ ان الإجابه واضحه لاتحتمل الشك لانها انسانه شهوانيه اندفعت وراء إشباع رغباتها بلا تردد لانها لو كانت تريد ان تمتنع خوفا من الله لحاولت الامتناع والتصدى لرغباتها لكنها تركت نفسها تنساق خلف شهواتها التى كانت تريد ان ترضيها فى المقام الأول .
وفى ظل الحديث عن الإنسان الذى ينساق خلف رغباته وأهوائه الشخصيه مدعيا ان الشيطان هو السبب اذكر قصة اسرة ممن يدعون الإلتزام لإخفاء حقيقتهم عن اعين الناس , كل نساء الاسرة يغطون وجوههم ويرتدون العباءة السوداء والرجال ملتحين , حافظين للقراءن الكريم وبعض من الأحاديث التى يزخرفون بها حديثهم من اجل الإرتقاء بانفسهم فى اعين الناس كل ماهو حلال يرضى الله يفعل امام الناس اما كل ما يغضب الله يفعل فى السر خلف ابواب المنزل المغلقه , فكانوا يعشقون النميمة والغيبه والحديث عن الاعراض كان الفاكهه اللذيذه التى يسهرون عليها طوال الليل , يميلون الى الغش والكذب والخداع تجردوا من الضمير فى افعالهم ولكن المهم ان الناس لاتكن على علم بهذه التصرفات حتى يحافظون على مظهرهم امام الناس , كيف يكونوا حافظين للقراءن وللاحاديث النبويه الشريفه ويرددونها امام الناس من اجل الموعظة الحسنه ويفعلون عكسها ؟ كيف يغطون وجههم ويكشفون اعراض النساء بحديثهم عن اعراضهن وخصوصياتهن ؟ انه نفاق واضح يدعون التدين والالتزام فى العلن وبفعلون المعصيه فى الخفاء , فهل الشيطان هو الذى جعلهم يفعلون هذا وينزلون الى منزلة المنافقين ؟ ام انهم يشعرون بالنقص فارادوا ان يرتقوا فى اعين الناس فارتقوا على حساب الدين , ان القراءن الذى حفظوه لم يجعلهم يتغلبوا على اهوائهم الشخصيه لانها اقوى فى تاثيرها عليهم ولانهم عملوا عملية مونتاج للقراءن والسنه فكل ما لايتماشى مع اهوائهم الشخصيه تجاهلوه عمدا ولكن اذا كانوا يريدون الاصلاح من انفسهم لتذكروا كل الايات والاحاديث التى تحرم افعالهم وخصالهم البذيئه القذره ولكنهم لايردون تذكرها حتى لايبتعدوا عن الاشياء التى ترضى اهوائهم الشخصية التى تتعارض بشدة مع الاخلاق التى امرنا بها الله سبحانه وتعالى .
كان الإمام الحسن البصري يقول .. } إذا نظر إليك الشيطان فرآك مداوماً في طاعة الله ، فبغاك وبغاك- أي طلبك مرة بعد مرة - فإذا رآك مداوماً ملـَّكَ ورفضك، وإذا كنت مرة هكـذا ومرة هكذا طمع فيك.
وفى النهاية اود ان اقول ان الشيطان ليس بالقوة التى يتخيلها الإنسان بل هو ضعيف جدا امام قوة إرادة الانسان الذى قرر التمسك بحبل الله ولجأ اليه ليعصمه ويحميه ويجنبه الوقوع فى المعصيه والخطأ وان الذى ينساق خلف الشيطان هو فى الحقيقة انساق خلف اهوائه الشخصيه ليرضى نفسه وشهواته .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: