البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لنلتفت إلى الأرياف

كاتب المقال وائل بنجدو - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7797


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


"بوزيد قالت لالة بوزيد قالت لالة لبلاد حالة بحالة اتفرزت الرّجّالة،......
وليّام دالة بدالة بوزيد قالت لالة
لحُقرة الرّجّالة العيشة مِذلالة والكذب عامل حالة.بوزيد قالت لالة
لبلاد حالة بحالة،الفقر هد صحابة والجوع كشّر نابة يعضّ في النّهّابة والتّنمية الكذّابة.
بوزيد قالت لالة لبلاد حالة بحالة واتفرزت الرّجّالة،كي خرجت البطّالة هربت الدّجّالة،
ومازال هالجنوب يجيب في الرّجّالة."

بهذه الكلمات تغنى محمد بحر بمدينة سيدي بوزيد إحدى المدن التونسية المنسية و التي منها إنطلقت شرارة انتفاضة 17 ديسمبر لتعلن بداية مرحلة جديدة في تاريخ النضال ضد الاستغلال و التهميش : مرحلة استعادة الشعب لزمام المبادرة ليتأكد مرة أخرى أن الشعب و الشعب وحده هو صانع التاريخ.

انطلقت انتفاضة 17 ديسمبر من الأرياف حالها حال أغلب الإنتفاضات التي شهدها القطر التونسي مثل انتفاضة الخبز في جانفي1984 و إنتفاضة الحوض المنجمي سنة 2008. هناك حيث تظل تلك البؤر الثورية بمثابة الخزان الذي يتزود منه الوطن كلما إنخفض منسوب المقاومة ، و ذلك بسبب الحقد العنيف الذي تعود جذوره إلى عشرات السنين . حقد ولدته خيانة بورقيبة و أصحابه الذين ساوموا الإستعمار الفرنسي و قدموا التنازلات على حساب أبطال الحركة الوطنية و أداروا ظهرهم لدماء شهدائنا . و لو كانت جبال تلك الربوع تتكلم لحدثتنا عن إنتصارات المقاومين و هزائمهم و عن مسامراتهم الليلية...

لا تزال صورة إحدى النساء الحرائرفي منزل بوزيان (اللواتي أصبحن في عرف القادمين من أحياء لندن الراقية مجرد مكملات للرجل) ماثلة في ذاكرتي و هي تصرخ يوم 24 ديسمبرـ تاريخ سقوط أول شهيد في الإنتفاضة ـ قائلة أثناء إحدى المعارك مع قوات البوليس : " كيما خرجنا الإستعمار باش نخرجو الإستقلال" ، ربما لم يسعفها معجمها البسيط لتعبر بشكل جيد عن فكرتها التي تعني أننا مثلما ناضلنا ضد الإستعمار المباشر فسنواصل النضال ضد الإستعمار الجديد الغير مباشرفي إيحاء إلى الإستقلال الكاذب الذي لم ير منه أحفاد الدغباجي و الطاهر الأسود و الأزهر الشرايطي غير عصا الجلاد و إستغلال كبار الملاكين الإقطاعيين . لذلك فإنه ليس من الغريب أن تبقى تلك القرى شوكة في حلق العملاء القدامى و الجدد مدفوعين برغبتهم الجياشة في الثأر من الخونة الذين جعلوا من دماء المقاومين جسرا لمساوماتهم القذرة . الخونة الذين لم يكتفوا بسرقة أحلام ا لمفقرين بل سرقوا منهم حتى تسمية "مقاومين" و إستبدلوها باسم "الفلاقة" ، و "الفلاق" هو اللص الذي يسطو بالقوة على أملاك الناس . و كيف لا يكون الإحساس بالخيانة دافعا للتمرد و قد قال أحد الثوريين "إن خيانة الرفيق هي خيانة للقضية".

في يوم 24 ديسمبر2010 إستعمل النظام الرصاص الحي في قرية منزل بوزيان ضد المتظاهرين العزل لأول مرة منذ إندلاع الإحتجاجات في 17 ديسمبر 2010 ، حينها تسلح المتظاهرون بذكريات أجدادهم في المقاومة و صدحت حناجرهم بأحد أكثر الشعارات ثورية و تقدمية :"يسقط نظام السابع رجعي عميل و تابع ".و مما لا شك فيه أن هذا الشعار تردد صداه في قصر قرطاج فلم يكن أمام الجنرال الهارب إلا ان أعطى أوامره بوأد هذا الشعار قبل أن يسري كالنار في الهشيم ، لكن فات الأوان فقد تمت تلاوة القرار الشعبي الذي نص على إلقاء الجنرال العميل إلى مزبلة التاريخ ، وحين تصدر القرارات الشعبية فإنه لا يفيد معها دوي الرصاص و لا قذائف الدبابات . تحول الشعار يوم 14 جانفي في العاصمة إلى كلمة مفرغة من محتواها "DEGAGE"جعلت من رأس السلطة هدفا للإنتفاضة في حين إستهدفت الإحتجاجات النظام برمته من حيث تشكيلته الطبقية و إختياراته الإقتصادية المرتهنة للدوائر الإمبريالية و التي أدت إلى إرتفاع نسبة البطالة ، و لكن ثوار القصبة القادمين من البؤر الثورية الريفية أعادوا لشعار إسقاط النظام توهجه و لازالوا متمسكين به إلى اليوم .
لم تتوقف الإحتجاجات منذ 17 ديسمبر و أخذت أشكالا مختلفة و تمكنت من تغيير شكل السلطة لكنها تظل عاجزة على إسقاط النظام بسبب غياب أسلحة الثورة . إن تشكيل قيادات ميدانية و لجان دفاع عن الإنتفاضة للإرتفاع بالوعي الطبقي للجماهير و ربط النضال المطلبي الإقتصادي بالنضال السياسي أصبح ضرورة ملحة إستعدادا للمحطات النضالية المقبلة ، فطالما لم تتغيرالظروف الإقتصادية و الإجتماعية التي كانت سببا في إندلاع إنتفاضة 17 ديسمبرفإن الأشكال الإحتجاجية ستأخذ أشكالا أكثر تطورا في مواجهة الطبقات الحاكمة . و من هذه الزاوية فإنه على العناصرالثورية أن تلتحم بالجماهير و تعمل على تأطير حركتها حتى لا يركب الإصلاحيون هذه النضالات وحتى لا يتم إعادة أخطاء الماضي القريب مثل اللهث وراء الحركة العفوية للمنتفضين و حتى تكون المقاومة على أرضية الشعار المركزي للإنتفاضة " الشعب يريد إسقاط النظام" و ليس مجرد تحقيق بعض المكاسب المؤقتة في ظل النظام القائم.

مازال أغلب السكان الذين يعتبرون سواء في حالة فقر مدقع او فقر نسبي يسكنون الارياف وتتراوح هذه النسبة بين % 80 او% 65 في الوطن العربي لذلك تمثل الأرياف إحتياطا ثوريا هائلا و لا يمكن إحداث التحولات الإجتماعية الكبرى دون المراهنة على هذا الجيش من الجماهير الفلاحية المسحوقة و تطوير أدائها النضالي .أما المؤتمرات و الصفقات التآمرية التي يعقدها الإصلاحيون و الإنتهازيون سعيا لتقاسم الحكم مع الرجعية و عملاء الإمبريالية فلا تصدر إلا الأوهام للجماهير و لا تساهم إلا في تأبيد واقع الإستغلال من خلال ترميم النظام ، و ستتحول أحزابهم تدريجيا إلى مرمى للثورة الإجتماعية.
لن تتحرر الطبقات المضطهدة إلا عبر أحزاب و جبهات تتبنى برنامجا ثوريا على المستوى الإقتصادي و السياسي و الثقافي و تكون الخطوة الأولى لتحقيقه حسم مسألة السلطة لصالح الشعب و القطع مع الإصلاحيين الذين يقول عنهم مظفر النواب :" وما زال لم يفهم الأغبياء. بأن الرصاص طريق الخلاص".


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، سيدي بوزيد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 6-10-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  فوضى الإعلام التونسي
  تونس : الإنتخابات ليست حلاًّ
  عن مواجهة الإرهاب
  رؤوس أقلام
  لحظة الإنحياز
  حملة إنتخابية
  الحرب على غزة : الأسباب، النتائج و الدروس
  الوقوف أمام محكمة الشعب
  شرعية "يقين"
  أهداف العدوان الإمبريالي ضد سوريا
   لنلتفت إلى الأرياف
  بن جعفر : الصهيوني الوقح
  لتسقط كل الدمى: ردا على مقال د.سالم الأبيض "طبقة الدمى السياسية"
  حول الإنتخابات المصرية
  "الإتحاد العام لطلبة تونس الممثل الشرعي و الوحيد"
  واقعيّة حمص
  فلسطين والارتماء في أحضان الأمم المتحدة
  "استفتاء الخداع"
   السّبسي... كش مات!
  بنية النظام و أركانه المتشبثة بالحكم
  رفض التطبيع من أهداف الثورة التونسية

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عراق المطيري، سامر أبو رمان ، محمد الطرابلسي، وائل بنجدو، فوزي مسعود ، فتحـي قاره بيبـان، عواطف منصور، د. أحمد بشير، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. طارق عبد الحليم، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سيد السباعي، صفاء العراقي، د. عبد الآله المالكي، علي الكاش، محمود سلطان، محمد يحي، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمود فاروق سيد شعبان، محمد شمام ، أ.د. مصطفى رجب، د- محمد رحال، د - شاكر الحوكي ، إيمى الأشقر، محمود طرشوبي، فهمي شراب، د. خالد الطراولي ، كريم السليتي، جاسم الرصيف، مراد قميزة، بيلسان قيصر، رمضان حينوني، سليمان أحمد أبو ستة، حسن عثمان، محمد أحمد عزوز، صفاء العربي، مجدى داود، سلوى المغربي، د- هاني ابوالفتوح، محمد اسعد بيوض التميمي، د- محمود علي عريقات، ضحى عبد الرحمن، سلام الشماع، أنس الشابي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، علي عبد العال، منجي باكير، حسن الطرابلسي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، كريم فارق، طلال قسومي، محمد علي العقربي، الهيثم زعفان، د- جابر قميحة، خالد الجاف ، د. صلاح عودة الله ، د - الضاوي خوالدية، محمد العيادي، صلاح المختار، أشرف إبراهيم حجاج، تونسي، د - صالح المازقي، حسني إبراهيم عبد العظيم، رضا الدبّابي، د. عادل محمد عايش الأسطل، فتحي العابد، د - محمد بن موسى الشريف ، طارق خفاجي، يزيد بن الحسين، إسراء أبو رمان، رافد العزاوي، المولدي الفرجاني، مصطفى منيغ، مصطفي زهران، عبد الرزاق قيراط ، سفيان عبد الكافي، رشيد السيد أحمد، الهادي المثلوثي، ياسين أحمد، د - المنجي الكعبي، عبد العزيز كحيل، د. أحمد محمد سليمان، عزيز العرباوي، أحمد الحباسي، عمار غيلوفي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، العادل السمعلي، أحمد بوادي، فتحي الزغل، د - مصطفى فهمي، سامح لطف الله، صباح الموسوي ، د - محمد بنيعيش، يحيي البوليني، حميدة الطيلوش، عبد الغني مزوز، الناصر الرقيق، عمر غازي، محرر "بوابتي"، خبَّاب بن مروان الحمد، صالح النعامي ، محمد الياسين، إياد محمود حسين ، د - عادل رضا، المولدي اليوسفي، رافع القارصي، نادية سعد، عبد الله زيدان، سعود السبعاني، أبو سمية، أحمد النعيمي، عبد الله الفقير، د.محمد فتحي عبد العال، حاتم الصولي، محمد عمر غرس الله، صلاح الحريري، ماهر عدنان قنديل، أحمد ملحم،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة