سحر الصيدلي - سوريا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4775
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
مساء مقمر بين نسمات الشتاء الباردة وبين كوب من الشاي يبعث الدفء والحيوية في يدي المرتعشتين بردا وشوقا لكتابتي وأنا بجانب مدفأتي أوقدها لأتنعم بدفئها ولتزيل عني البرد المتراكم في جسدي دون باطنه...هامت روحي بالخيال وشردت مع السكن والسكينة ..وتاه فكري في ملكوت الرحمن وعظمة الخالق والخلق..فغسلت قلبي بنور الإيمان ومسحت جبيني بنور الرحمن وقرأت آيات من القران فيها قصة الإنس والجان ..وكيف خلق الله عز وجل أبو الجن وكان أول من عبد الله في الأرض يسبح بحمده وشكره ..ولكن أمة الجن لم تداوم على حمد الرحمن وعاثت في الأرض فسادا وسفكت دماءا وطغت وتجبرت ...أمر الله ملائكته باجتثاثهم والتخلص منهم فقتلوا من قتلوا وفر بعضهم وأسر أصغرهم وهو إبليس....
تربى مع الملائكة حامدا شاكرا طائعا لله فأعطاه الله منزلة رفيعة وعينه سلطان السماء الدنيا فانغر إبليس وتباهى بنفسه...
...وعندما أراد و شاء بارئنا أن يخلق آدم عليه السلام تكبر وتجبر وأبى أن يسجد لمن خلق من تراب وهو من نار فطرده العلي القدير من رحمته عقابا له على العصيان والتجبر
كان آدم حالما متنعما عاشقا للجنة ونعيمها يتهادى بها كريشة تطير من غصن إلى غصن يتفيئ بظلها ويأكل من ثمارها ما لذ وطاب لنفسه ويهيم عشقا في هواها فهي الجنة ولا سواها وهي الروعة سبحان من سواها وهي الجمال والسحر والبهاء ..ولكن غصة الوحدة باتت في محياه يحلم بزوجة تؤنس وحدته وتكون توأما لروحه وأنيسا لقلبه يتمتعا معا بالجنة ونعيمها ويكونا السكن والسكينة لبعضهما.... فانقلب حاله وضاقت نفسه وبات يمشي بالجنة وحشيا هائما سارحا بأنيس أو رفيق أو زوج وبعد تفكير عميق غلبه النعاس مع أحلام وردية
أحب رب العالمين أن يهديه هدية تسعده وتملأ حياته بهجة وسرورا فأخذ ضلعه الأيسر وشكل تلك الحورية التي رقدت بجانبه تحنو عليه وتنظر لعينيه ...ولتكون سكنا له ولقلبه ...هب أدم من نومه على أنيس بجانبه ينعش القلب ويحيي الفؤاد ويسبح في ملكوتها عشقا وجمالا وسعادة
أنت الزوج وأنت الروح وأنت النفس بك سأحيا وسأعيش يا من خلقت مني ومن ضلعي ومن جانب قلبي سأحنو عليك وأشكر ربي على ما وهبني وقام ليسكن إليها ..سمع نداء الرب يقول يا آدم حواء بحاجة لمهر أن تسبح الله وتحمده وتكبره ففعل على عجالة ما طلب منه وتزوجها
سألته الملائكة ما اسمها يا آدم ؟؟؟قال حواء ...ولما حواء؟؟لأنها خلقت من شئ حي مني ..فهي لحمي ودمي..هي قطعة من جسدي ...هي مسكن قلبي وتحتمي بيدي..فكيف لا أحتويها بكل كياني وقلبي..اطمئن يا ملاكي ستكون قرة عيني
كان آأدم قلبه خامدا نظرته باردة...ولكن مع حواء تفتحت أوصاله واشتد شغفه وهامت نفسه وتمتعا معا بالجنة ونعيمها ودعا ربه ..يا ربي إني أصبحت منك في نعمة وستر فأتمم علي نعمتك وليس لي رجاء سواك...قال الله...يا آدم الجنة لك ولزوجك بكل نعيمها وأكلها وما لذ وطاب بها و لكن لا تقرب هذه الشجرة فإنها محرمة عليك...هنا وجد إبليس فرصته لينتقم من الذي أنزله عن عرشه فوسوس لآدم وزوجه بأن يأكلا من تلك الشجرة ..لأنها شجرة الخلد ...كل يا أدم وتمتع مع حواء بها ستعيش للخلود
ضعف آدم المسكين أمام وسوسة الشيطان الرجيم أكل من الشجرة التي عيشته بالبؤس سنين
هنا غضب عليه رب العالمين لأنه عصى ربه فغوى.ثم اجتباه فتاب عليه وهدى وأنزلهم الى أسفل السافلين وكل واحد منهما في مكان عن بعضهما مغتربين..
هبط آدم المسكين في بلاد الهند وحواء المسكينة في مكة المكرمة..والاثنان يبحثان عن بعضهما وبينهما مسافات وبحور
مشى آدم حائرا تائها متفكرا بين قلبه وعقله يبحث عمن خلقت من ضلعه من تحت ذراعه من جانب قلبه ليحيا بها ويعيش...حزن على معصية الخالق وعلى فراق الزوجة التي كانت أقرب لنفسه من نفسه وبات هائما يضرب الأرض طولا وعرضا يبحث عن توأم روحه عن سكنه وسكينته ...شعر أن روحه تشعر بالضيق والحزن ولوعة الحرمان وألم الفراق
وظل يمشي ويمشي وأمل اللقاء يحتويه لم ييأس ولم يمل ولم يتذمر لأنه يبحث عن أحب شئ لديه .....واجتمع الحبيب مع زوجه بجبل عرفات ومن هنا أتى اسمه لأنه هنا تعارف على حواء واجتمع بها ..وبدأت الحياة الزوجية التي يغلفها الشوق والحنين والألفة والمحبة والسكن والسكينة والعيال الطيبين وتكونت أم البشرية ونحن فيها أجمعين
وختمت قراءة القران بهذه الآية الكريمة بسم اله الرحمن الرحيم...هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها...صدق الله العظيم
هل عرفتم يا أخوتي معنى السكن والسكينة التي نطالب بها المتزوجين ..دعوا حبكم زهرة جميلة واعتنوا بها لتكبر وتنموا واجعلوا زواجكم قوة كامنة في كل شخص منكم يملأه الحب والحنان والفخر والاعتزاز ودعوا بصيرتكم مضيئة والكلمة الطيبة أغصان تعانق السماء
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
27-03-2012 / 08:47:01 سامح لطف الله