لقد لعبت مدينتي (بنغازي ومصراته) دورا محوريا وأساسيا ومركزيا في الثورة الليبية على الظلم والطغيان والانتصار لله ورسوله والمؤمنين، فكانتا حجري الرحى فيها، فالثورة الليبية انطلقت شرارتها الأولى من (بنغازي) في الشرق الليبي لتنتشر نيرانها في بقية المدن الليبية من طبرق شرقا إلى مدن جبل نفوسة غربا ومرورا في طرابلس كالنار بالهشيم، مما جعل ملك ملوك الجرذان والأشرار وعميد الطواغيت والكائن الغريب العجيب الهالك المدعو القذافي يُصاب بالذهول والصدمة والرعب فصار يتساءل
ما الذي جرى؟؟؟
وكيف جرى؟؟؟
وهل من المعقول ما يجري ؟؟؟
فأعلن في خطاب (وهو فاقد لعقله وصوابه واتزانه وبعد أن تجرد من إنسانيته إن كانت لديه إنسانية أو عقل أصلا، فهو كان دائما فاقد لعقله وصوابه واتزانه وإنسانيته) بأنه قرر جلب أوباش أدغال إفريقيا للقيام بتدمير المدن الليبية (بيت بيت وزنقة زنقة وحيط حيط وإبادة أهلها فرداً فرداً) فأعلن حرب الإبادة أولا على (مدينة بنغازي) ولكن الله سلم، حيث أن (ثوار بنغازي) قاموا بالتصدي للقوات المدججة بجميع صنوف أسلحة الدمار الثقيلة والمتقدمة بسرعة جنونية وهي تسابق الزمن، حيث أعلن الجرذ الصغير ابن الجرذ الكبير سيف الجرذان بأنه بعد ثمانية وأربعين ساعة لن يكون هناك بنغازي وقال بالإنجليزية (باي باي بنغازي) ولكن كان (ثوار بنغازي) للمرتزقة بالمرصاد، فدمروا جميع القوات التي دخلت مدينتهم والحقوا بها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وفي نفس الوقت جعل الله سبحانه وتعالى أسياد القذافي ومن جاءوا به إلى الحكم ينقلبون عليه خلال ساعات، فيقومون باتخاذ قرار في هيئة الأمم لحماية المدنيين من الإبادة، لينقذ الله (أهل بنغازي الأحرار) من إبادة جماعية كانت ستتم على يد السفاح القذافي، وبعد أن نجا الله (بنغازي) في الشرق قام السفاح بصب جام غضبه على مدينة (أجدابيا) إلى الغرب من مدينة (بنغازي) ولكن (ثوار بنغازي) طاردوا مرتزقة القذافي، وقاموا بطرد كتائب القذافي منها، وفي الغرب قام القذافي المجرم بصب جام غضبه على (مدينة الزاوية البطلة المجاهدة) حيث استطاعت كتائبه الشريرة الإجرامية أن تستعيد (مدينة الزاوية) من الثوار بعد قتال عنيف معهم استمر لعدة أسابيع ارتكبت خلالها المذابح والمجازر فيها، حتى أنها نبشت قبور الثوار وأهاليهم وسووا المساجد في الأرض، فهو أراد أن تكون (الزاوية) عبرة لبقية المدن الليبية وخصوصا (مصراته) التي قرر أن يمسحها عن وجه الأرض ويبيد أهلها ويجعلها أثراً بعد عين، فقامت كتائبه من المرتزقة بتطويق (مصراته) من جميع الجهات وقصفها بجميع صنوف الأسلحة الثقيلة وخصوصا (الجراد) ليلا ونهارا ودون توقف ودون مبالاة على من تقع هذه القذائف، ولكن الله سبحانه وتعالى بعث على كتائب القذافي رجالا أولي بأس شديد وإيمان لا يتزعزع بنصر الله كأنهم الأسود الضواري فاستشر سوا بالقتال في معركة غير متكافئة معتمدين على الله، فكان ذكر الله لا يفتر على ألسنتهم ونداء الله أكبر يتردد في كل أنحاء (مصراته) مما أرعب مرتزقة القذافي ومما جعل (ثوار مصراته) يصمدون صمودا أسطوريا مما جعل هذه الكتائب المطوقة لمصراته تقف عاجزة عن التقدم إلا من جهة واحدة في بعض الشوارع في أطراف المدينة، ولكن نتيجة لهذه المقاومة الأسطورية التي أذهلت العالم تم إجبار كتائب المرتزقة على التراجع ثم الهروب نهائيا من (مصراته) وبالمقابل أخذ (ثوار مصراته) يتمددون خارجها ويُسيطرون على من حولها من المدن والبلدات في الجبل الغربي المسمى بجبل نفوسة بالتتابع السريع وإلى غاية الحدود التونسية والجزائرية، ومن ثم استعادة مدينة (الزاوية البطلة) فالتحم ثوار هذه المدن المجاهدة البطلة (بثوار مصراته) لينطلق الجميع معتصمين بحبل الله المتين كالليوث الضواري إلى (العاصمة الأسيرة طرابلس) وفي مقدمتهم (ثوار مصراته) بقيادة القائد المجاهد البطل (عبد الحكيم بلحاج) ونائبه (المهدي الحراتي) باقتحامها على المجرم الطاغية الهالك المقبور ملك ملوك الجرذان القذافي وليفكوا أسرها بتوفيق من الله بسهولة ويسر وبغتة وليلتحموا (بثوار طرابلس) الذين أربكوا مرتزقة القذافي من الداخل وسهلوا عملية الاقتحام، مما فاجأ الهالك المقبور والعالم، وكان ذلك بدون التنسيق مع أي جهة كانت أو الرجوع إلى أحد حتى أن (النيتو والمجلس الانتقالي) فوجئ باقتحام طرابلس وسرعة سقوطها، فكان دور (ثوار مصراته) حاسماً في نجاح الثورة الليبية ضد ملك ملوك الجرذان الهالك المقبور صاحب جنون العظمة المجرم الطاغية القذافي، ومن الملفت للنظر بشدة وأثار علامات استفهام كبرى أن (حلف الناتو) الذي جاء تحت غطاء حماية المدنيين الليبيين كان متآمرا تأمراً واضحاً مع الهالك المقبور القذافي على ثوار مصراته، فلم يُقدموا لهم أي دعم أو مساندة جوية حقيقية وفاعلة، حيث كان من الواضح بأنهم كانوا يريدون أن يستسلم (ثوار مصراته) حتى لا يكون لهم شرف إسقاط الطاغية باقتحامهم لطرابلس فيتحولوا إلى قوة حقيقة على الأرض يُحسب لها ألف حساب، وبالتالي يفرضوا إرادتهم فيما بعد على الواقع السياسي لما بعد الهالك المقبور القذافي، ولكن ( (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) ) ] الأنفال:30 [
فخاب مكرهم وطاش سهمهم، فإذا بالعالم كله وفي مقدمتهم الشعب الليبي يشاهد الثوار يجوسون خلال الديار في (باب العزيزية) ويطئون بأقدامهم تماثيل الهالك المقبور القذافي ويُمزقون صوره وملابسه التي كان يستخدمها في التمثيل والتدجيل على الشعب الليبي وعلى العالم وصناعة عظمته المزيفة طيلة اثنين وأربعين عاما، وأكبر تمثيلية ومسرحية كان يُمثلها على الشعب الليبي والعالم إدعائه بأنه (كان يعيش في خيمة وزهد بالقصور والحياة المرفهة، وإذا بالثورة تكشف الحقيقة فإذا بباب العزيزية هو عبارة عن مجمع للقصور والمرافق والمنتجعات الأسطورية فوق الأرض وتحت الأرض، وإذ به يوجد له في كل مدينة عدة قصور مشيدة ولذريته، وإذا به يعيش حياة الفجور والعبث والرذيلة في كل أنواعها) وإذا به يغادر باب العزيزية حصنه الحصين مولياً الأدبار وله ضراط كالشيطان وهو يسمع صيحات التكبير والتهليل يتردد صداها في أرجاء حصنه المنيع والذي ظن بأنه مانعه من الله، وليقوم الثوار بمطاردته إلى أن وجدوه مختبئا في جحر في الصحراء في أنبوب للمجاري وقد تحول شكله إلى (جرذ مذعور مرعوب مذهول) فكانت نهايته أية من آيات الله الكبرى التي تحدثنا عنها في مقال سابق، ! فمن أراد أن يطلع عليه سيجده على الجو جل بعنوان (آيات الرحمن في نهاية ملك ملوك الجرذان) وأثناء اقتحام طرابلس من قبل (ثوار مصراته) ومن معهم من ثوار المدن الأخرى وجد العالم نفسه أمام نوعية من الرجال والثوار على مستوى رفيع من الخلق والإنسانية والرحمة والشفقة ذكرونا بأخلاق صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقتلوا ولم ينهبوا ولم يسلبوا ولم ينتقموا، فكانوا على مستوى عال من المسؤولية غير مسبوقة في الثورات التي تنتصر وتدخل المدن منتصرة، حيث روح الانتقام هي التي تسود وتسيطر على الموقف وتقوم بالنهب والسلب والتخريب والتدمير، وتسيطر حالة الرعب والذعر والخوف على الناس، أما في طرابلس وجدنا أهل طرابلس شيبا وشبانا رجالا ونساءاً يخرجون من بيوتهم إلى الشوارع مهللين مكبرين فرحين مستبشرين لاستقبال الثوار استقبالا يليق بالأبطال (صناع التاريخ والحرية والمجد) ولقد رأى العالم كيف أن أول هم للثوار كان الحفاظ على أمن الناس وعلى أموالهم وممتلكاتهم، وبالتأكيد على الحقيقة بأنهم ليسوا إلا (منقذين لهم من حالة الذعر والخوف والرعب التي أقامها الهالك المقبور ملك ملوك الجرذان القذافي خلال اثنين وأربعين عاما) .
فلماذا لو سقطت مصراتة بيد عصابات الهالك المقبور القذافي لفشلت الثورة ؟؟
لأن مصراته ذات موقع استراتيجي خطير يتحكم بالغرب الليبي وبالجنوب باتجاه سبها وبالشرق باتجاه بنغازي، فهي لو سقطت لجعلت الغرب الليبي بالكامل تحت سيطرة الهالك المقبور القذافي من جديد ولحُسمت المعركة لصالح الهالك المقبور القذافي في الغرب مما سيمكنه من حصر الثورة في الشرق في بنغازي فقط، وسيصبح من المستحيل اقتحام العاصمة طرابلس، ثم يُحقق ما كان يدعيه بأن ليبيا بفعل الثورة انشقت إلى دولتين دولة في الغرب ودولة في الشرق، وبأن هذا هو هدف الثورة وهو تقسيم ليبيا إلى دولتين وفي المنتصف منطقة البترول يُسيطر عليها الغرب فهو في بداية اندلاع الثورة أنكر أن هناك ثورة في الغرب، ولكن الشعب الليبي الثائر الحر أظهر كذب الهالك المقبور القذافي وأن صمود مصراته الأسطوري في الغرب أظهر للعالم بأن الشعب الليبي بكامله منتفض وثائر في وجه الهالك المقبور الطاغية ملك ملوك الجرذان صاحب جنون العظمة القذافي وبأن هذه ثورة شعب ضد الطغيان والظلم والقهر، ومن اجل استعادة ليبيا من عائلة المافيا الإجرامية القذافية وليست مؤامرة من أجل تقسيم ليبيا.
ولقد أظهرت الثورة الليبية أن هناك شعب ليبي على مستوى عالي من الوعي والثقافة، وبأنه حقاً يستحق الحياة، ويستحق قيادة ترتقي إلى مستواه الفكري والثقافي والحضاري، فهذه الحقيقة التاريخية حاول القذافي أن يطمسها بكل الوسائل والأساليب، حتى أنه شكل لجنة أمنية لمحاربة الشهرة لمطاردة كل موهوب أو مبدع بالقتل وبث الخوف والرعب في نفوس كل من يحاول أن يُبدع في أي مجال من المجالات فلم يكن مسموح بالإبداع إلا في مجال واحد وهو الإبداع في النفاق والتزلف والكذب والحديث عن إبداعات وعبقرية وعظمة القائد المجسدة في كتابه (البصل الأخضر) التي ترقى إلى مستوى الإلوهية، فهو كان يعتبر هذا الكتاب التافه بديلا للقرآن والعياذ بالله، فهو كان يسمي نفسه المبدع، فصوره التي كان يتصنع بها العظمة وفي جميع الأوضاع وفي ملابس تصلح للتمثيل المسرحي والتي كانت تملآ جميع جنبات ليبيا في الشوارع والبيوت والمحلات والمرافق العامة وفي التلفزيون مسحها الله من ذاكرة الشعب الليبي عندما مكن الله ثوار ليبيا الأحرار منه، فلن يرسخ في ذهن الشعب الليبي والعالم إلا المشهد الأخير من مسرحية القذافي التي استمرت اثنين وأربعين عاما، فهذا المشهد المخزي المجبول بالخزي والعار هو الذي سيتذكره الشعب الليبي والعالم، فهو قد مسح جميع صور ومشاهد المسرحية التي استمرت اثنين وأربعين عاما، فهذا المشهد كشف حقيقة الكذب والخداع والتضليل والسراب والعظمة المزيفة التي كان يمارسها هذا المجرم المشعوذ الدجال طوال اثنين وأربعين عاما على الشعب الليبي وعلى العالم، فهناك الأبطال الحقيقيون الذين يدخلون التاريخ من باب العز والمجد، وهناك من الأبطال المزيفون الذين يخرجون من التاريخ من باب الخزي والعار مشيعين باللعنات.
فسلام عليكم يا ثوار ليبيا من طبرق شرقا إلى (رأس جدير) الحدود التونسية غربا، السلام عليكم يا أهل مصراته، يا من حاول القذافي المجرم أن يطمسكم من الوجود، فإذا بكم تلقون به في مزابل التاريخ وتمسحونه من الوجود، فأين هو الآن وأين عظمته؟؟
وفي هذا المقام أتوجه لكم بنصيحة أخوية ونداء من القلب:
يا أيها الثوار الأحرار الأبرار الأبطال الميامين، يا من نلتم إعجاب العالم وخصوصا أبناء أمتكم بأخلاقكم العالية وبإنسانيتكم وحضاريتكم وفروسيتكم، أيها الفرسان إياكم ثم إياكم التنازع على الدنيا والاختلاف فيما بينكم
فاعتصموا بحبل الله جميعا ولا تتفرقوا (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) ]أل عمران: 103 [
واذكروا قول الله سبحانه وتعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) ] الأنفال: 46 [
فكما كنتم في الحرب أبطالا ورجالا تتسابقون على الشهادة كونوا بعد النصر القدوة والمثل في تقديم الأفضل والأصلح والأكفأ ليتقدم الصفوف، فإياكم والتنازع على المكتسبات الشخصية أو القبائلية أو الجهوية أو الفصائلية، وإياكم أن يمن بعضكم على بعض، فكلكم أبناء دين واحد وشعب واحد وأمة واحدة ووطن واحد وثورة واحدة، كل واحد فيكم أدى دوره بصدق وإخلاص وهذا كان سببا أساسيا بنصركم المؤزر بأمر الله، وما ثرتم وانتفضتم ضد الهالك القذافي إلا من اجل دينكم وشعبكم ووطنكم، ومن اجل أن تعيشوا بحرية وكرامة وامن واطمئنان، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله كما أمر الله ولا تردوه إلى عصبية قبلية أوالى أنفسكم وهواكم، فالحذر الحذر يا أيها الثوار أيها الأبرار الأحرار، فأمتكم تنظر إليكم بعين الأمل والرجاء والاستبشار بالمستقبل، فوا لله إننا نرى وجوه الشعب الليبي قد تغيرت مائة بالمائة بعد الثورة فأصبحت ضاحكة مستبشرة منشرحة نضرة بعد أن كانت الكآبة والهم والغم والحزن واضح على النفوس والوجوه قبل القضاء على الكابوس الثقيل الذي كان يجثم فوق صدره، فها نحن أمام شعب جميل نبيل رائع، فصورة الشيطان قبل الثورة كانت تطغى على كل!
شيء في ليبيا فلا تفسدوا فرحة شعبكم وأمتكم بكم أيها الثوار.
(قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد ) ] أل عمران: 12 [
والله اكبر ولله الحمد
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: