د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8021
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كل الأحزاب التي فازت عيال على النهضة. ويجب أن يخجل المجتمع التونسي منذ قيام البورقيبية الى سقوطها على يد بن علي للمظلمة التي سلطت عليها، والتي كان الكثير من أفراده وأحزابه من شهدائها، ومرت تحت سمعهم وبصرهم.. وجماعات النهضة تئن في السجون والمنافي وتمتلئ بهم المقابر.
إن التاريخ ينصف ولا يظلم، وكان ينبغي أن تتعظ الأقوام من دروسه. هل كان ينبغي الانتظار أكثر من نصف قرن وتقوم ثورة وتنظم انتخابات بعد شهور من قيامها ليجد هؤلاء فرحتهم الأولى بعودة البسمة الى شفاههم وأرواح شهدائهم؟ إنه الظلم لا يعمّر والظالم لا يؤجل..
وكلنا يذكر مع قيام الثورة كيف تسارعت الأصوات والأقلام لتجعل هذه الثورة بعيدة في أهدافها عن الاتجاه الإسلامي وعن النهضة وعن الهوية العربية الإسلامية وما إلى ذلك من المفاهيم.. حتى أنهم وضعوها في أقلية عددية مثيرة في أوساط القرار من أجل تحقيق أهداف هذه الثورة، ومن أجل تنظيم أولى انتخاباتها لتأسيس نظام دستوري بعدها.
ولكن الله لطف، ودارت الدائرة بالمناورين، ولم يكن بد من أن يظهر الحق حتى في الصناديق المغلقة بفتائل التضمين.. رغم ما بذلته الأطراف المهيمنة على اللعبة السياسية منذ بداية الثورة للتخفيف من وقع المفاجأة، بل من وقع النتائج المذهلة بفوز النهضة المحتمل وفوز أقرب الأحزاب إليها وكذلك القائمات المستقلة القريبة منها والمؤيدة لكل تحالف محتمل معها في الحكم.
إن النهضة خففت من وطأة اللقاء المفاجئ بعد الثورة بالمجتمع المناوئ لها كما تركه المخلوع، وكذلك بالسلطة الوقتية بعده التي لم تكن مرتاحة بالمرة لعودة رموزها. وخففت كذلك من حدة اللقاء بالمجتمع الحزبي والسياسي التي ورثته الثورة بعد قيامها أو خلقتها الحكومة الوقتية للتعامل معه لحسابها.
وعلى النهضة اليوم، بعد انصاف الصناديق لحظوظها في السلطة، أن تكون أكثر مرونة وهي تدير دفتها في المرحلة الانتقالية الدقيقة من حياتها..
فكما جنبها عدم التهافت مثلما فعلت كثير من الأطراف والشخصيات السياسية على الدخول في الحكومات الموقّتة سابقاً، عليها في المرحلة القادمة أن تكون أكثر تخففاً من حبال السلطة، دون أن تكون بأيديها وحدها.
والانتخابات التي صُنعت بليل لتحجيم دورها في مستقبل الحكم بعد الثورة كانت برداً وسلاماً عليها لما شتّتت أصوات الناخبين غير الموالين لها على مئات القائمات المنافسة لخصومها أنفسهم، فأضعفت من حظوظهم في الترتيب بعدها بمقدار حفظ لها كل تفوق عليهم في جميع الدوائر تقريباً.
وربما خصومها غداً يكونون من بين حلفائها اليوم، لاحتمال تعديل النظام الانتخابي المقبل بالصيغة التي توفر لهم قلب المعادلة لصالح أنفسهم.
والضمانة في نجاح هذه الانتخابات وفي غيرها ستبقى هي الثورة، التي لا شك أن الفائز الأكبر اليوم في انتخاباتها هي القوى الأكثر التحاماً بأهدافها وتماهياً مع تصوراتها.
ويمكن القول كذلك إن القائمات المستقلة الكثيرة العدد، خاصة القريبة من النهضة بمعنى أو بآخر، أسهمت بكثرتها في المشهد الانتخابي من تخفيف الضغط الذي كان موجهاً لحرمانِ تَشكُّل أغلبية ساحقة للنهضة في شخصها على منافسيها في السلطة القادمة بالمجلس التأسيسي. ولله مرجع الأمور.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: