محمد اسعد بيوض التميمي - الأردن
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7652 bauodtamimi@hotmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
(( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[البقرة:217] ))
منذ أن انبلج نور(الإسلام) من غار حراء في( مكة المكرمة) عندما نزل (جبريل عليه السلام) بأمر الله على رسولنا وحبيبنا وقدوتنا وخاتم الأنبياء والرسل(محمد صلى الله عليه وسلم) بقول الله سبحانه وتعالى
(( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) ) ] سورة العلق: 1 [
والإسلام يتعرض إلى حروب إستئصالية ومؤامرات ضخمة من الكافرين بشتى مسمياتهم ومللهم وباللسان وبالحسام وبشتى الوسائل والأساليب تستهدف القضاء عليه تكررت أكثر من مرة في التاريخ منذ عهد النبوة ومروراً في عهد الصحابة رضوان الله عليهم وإلى يومنا هذا.
فالكفار في(مكة المكرمة) استنفروا وأعلنوا الحرب على (الإسلام) وعلى رسوله ودون هوادة،يريدون استئصال هذا الدين قبل أن يستفحل أمره بين الناس ويستوطن في القلوب والعقول فيصعب اقتلاعه من النفوس والقضاء عليه،ولكن لله أمر لابد أن يتم،فهذا دين الله الخاتم الذي تكفل بحفظه،فمهما استخدمت من وسائل وأساليب ومؤامرات وخبث ودهاء ومكر للقضاء عليه فلن تفلح أبداً.
لذلك فجميع هذه الحروب والمحاولات والمؤامرات باءت بالفشل الذريع،واندحر أصحابها مخذولين مدحورين وكان ذلك بدءاً من(معركة بدر الكبرى) التي لو هزم فيها المسلمون لقضي على(الإسلام) في مهده،ومن ثم مروراً بمعركة(أحد) ومن ثم( معركة الأحزاب) التي اجتمعت فيها اليهود والمنافقين والمشركين ليطفئوا نور الله ولكن الله رد الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال،ومن ثم كانت(غزوة مؤتة) وجميع الغزوات والمعارك التي حصلت في عهد( الرسول صلى الله عليه وسلم) ومؤامرات اليهود من(بني قريظة وبني النضير وبني قينقاع) ،وبدلا من أن يقضى على(الإسلام) نتيجة كل ذلك جاء نصر الله والفتح،ففتحت(مكة المكرمة وخيبر) بقيادة(رسول الله صلى الله عليه وسلم) وانتشر(الإسلام) في جزيرة العرب وخضعت لسلطان التوحيد وأنيرت بنور القرآن.
ورغم ذلك فان الحرب الإستئصالية على( الإسلام) لم تتوقف.
فما أن توفي (رسول الله صلى الله عليه وسلم) في السنة العاشرة للهجرة فإذا بجزيرة العرب بمعظمها ينشأ فيها(حركة ردة خطيرة واسعة النطاق) كان ورائها المنافقين ومن دخلوا في دين الله حديثا وأعداد من الأوباش من الذين لم يتمكن الإيمان في قلوبهم ومن الذين ادعوا النبوة،فأعلنوا حرباً إستئصالية على(الإسلام) ظانين ظن السوء والشر بأن الفرصة قد أصبحت سانحة ومهيأة ويجب اقتناصها للقضاء على (الإسلام) ،وأن هذا الدين أصبح الآن من السهل القضاء عليه بموت نبيه،وهم لا يدرون أن الله حي لا يموت،وأن هذا الدين ليس من عند(محمد صلى الله عليه وسلم) وإنما من عند رب محمد،فهو دين الله وليس من صنع البشر فلا يسهل اقتلاعه،،فخاب ظن المرتدين وطاش سهمهم،فرغم الفراغ الذي تركه(رسول الله صلى الله عليه وسلم) بموتهورغم (حركة الردة الخطيرة) التي حصلت إلا أن القلة المؤمنة من المهاجرين والأنصار الذين ترضى الله عنها والتي صدّقت ما عاهدت الله عليه بقيادة (أبو بكر الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم) صمدت أمام هذا الزلزال الخطيروحملت (راية التوحيد) وشنت حربا على المرتدين دون هوادة و لا تردد فيها ولا تخاذل ولا تباطؤ ولا تنازل عن أمر من أمور الدين مهما كان بسيطا،فهذا الدين أمانة يجب أن ينقل بعد ( رسول الله صلى الله عليه وسلم) كما نقله (رسول الله صلى الله عليه وسلم) إليهم عن ربه دون زيادة أو نقصان وتبليغه للناس كما تركه (رسول الله صلى الله عليه وسلم) أمانة في أعناقهم
((تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك كما قال لهم))
فقال (أبو بكر الصديق) رضوان الله عليه قولته المشهورة التي لا زالت تدوي في التاريخ والى يوم القيامة
(والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه)
وبالفعل وبنصر من الله وتوفيقه استطاعت هذه الفئة المؤمنة أن تخمد هذه الفتنة وتقضي على أصحابها وتستأصل شأفتهم وتعيد الجزيرة موحدة لله رب العالمين،ولتنطلق جيوش الفتح في جهات الأرض الأربعة تحمل دين الله إلى الناس.
ولكن الحرب على (الإسلام) لم تنتهي،فإذا بالفرس المجوس الذين حطم إمبراطوريتهم بداية (أبي بكر الصديق) ثم استكمل تحطيمها (عمر بن الخطاب) رضوان الله عليهما في (القادسية) لتدخل بعدها بلاد فارس في سلطان (الإسلام) يُرسلون واحدا منهم معبأ بالحقد الأسود وروح الانتقام على (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه ليقتله غيلة وغدراً انتقاما (للقادسية) لعلهم بذلك يقضون على (الإسلام) بقتل إمام المسلمين.
ولكن دين الله الذي تكفل الله بإتمام نوره يزداد قوة وانتشاراً في مشارق الأرض ومغاربها،فنصر الله للمسلمين على الكافرين لم يتوقف والفتوحات توالت مما زاد حنق الكفار الفرس المجوس الذين تظاهروا بدخول (الإسلام) ،فأخذوا يتآمرون ويخططون بخبث للقضاء على (الإسلام) من داخله،فبعد أن انتقلت راية (الإسلام) إلى (عثمان رضي الله عنه) المبشر بالجنة أخذوا يُحرضون على قتله بواسطة اختلاق الإشاعات حوله بين المسلمين
( (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً) ) ] الكهف:5 [
فمعاذ الله أن تكون هذه الإشاعات صحيحة بحق من ترضى الله عنه،فقام اليهودي (عبد الله بن سبأ) بتنظيم مجموعة من الغوغاء الجهلة والدهماء والرعاع والسفلة والأوباش الذين يتبعون كل ناعق وأرسلهم إلى (المدينة المنورة) لمحاصرة الخليفة (عثمان بن عفان) رضي الله عنه وقتله وإشاعة الفوضى في المدينة وإستباحتها والتنكيل بأهلها من المهاجرين والأنصار حقدا عليهم وأخذا بثأر ( القادسية) مستغلين ذهاب معظم أهل المدينة إلى الحج.
وبعد هذه الجريمة النكراء والتي لا يمكن أن يقوم بها مسلم موحد لله رب العالمين أو من الذين ترضى الله عنهم من المهاجرين والأنصار انتقلت الراية إلى (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه وكرم الله وجهه،ولكن جماعة (عبد الله بن سبأ) لم يهدأ بالهم واستكمالا لمخططهم الجهنمي الشرير الذي يستهدف (الإسلام) قاموا بإحداث فتنة بين المسلمين،فعندما طالب (معاوية) رضي الله عنه والي (بلاد الشام) بالتحقيق في مقتل (عثمان بن عفان) رضي الله عنه وهم يعلمون أن هذا التحقيق سيكشف حقيقتهم وخطورتهم على (الإسلام) استجاب (علي رضي الله عنه) فقرر الذهاب إلى (العراق) من اجل الاجتماع مع مندوبي (معاوية) من أهل الشام للقيام بالتحقيق اللازم واصطحب معه أم المؤمنين (عائشة رضي الله عنها) وبعض صحابة (رسول الله صلى الله عليه وسلم) رضوان الله عليهم ومنهم (طلحة وعبد الله بن الزبير ابن أخت أم المؤمنين عائشة) رجاء أن يرجع المؤمنين إلى أمهمفيراعون حرمة (رسول الله صلى الله عليه وسلم) ،فيستجيبون لها بالمصالحة وتوحيد صف المسلمين لدفع شر (الخوارجالسبئية) الذين أصبح خطرهم داهم بعد ما فعلوه بأمير المؤمنين (عثمان رضي الله عنه) ،وعندما ذهب (علي رضي الله عنه) إلى البصرة للقاء جماعة ( معاوية) للعمل سويا على إجراء التحقيق المطلوب والعمل على احتواء أي خلاف بينهما،وتوصل الفريقين إلى اتفاق،عندها شعر السبئيون أن أمير المؤمنين عازم على التخلص منهم ومحاسبتهم حسابا عسيرا عادوا إلى باطنيتهم،فخططوا ودبروا ومكروا للتأمر على المسلمين ولمنع وحدة الصف والصلح، فقام (عبد الله بن سبأ) وجماعته بإثارة الفتنة بين الفريقين وذلك بالتسلل ليلا لكلا المعسكرين وبالاعتداء عليهما ليظن كلا من الفريقين بأن الفريق الأخر نقض العهد والاتفاق،مما أشعل فتنة عارمة بين الطائفتين المؤمنتين سُميت (بالفتنة الكبرى) نتج عنها صراع خطير بين (أنصار علي وأنصار معاوية رضي الله عنهما) عمل السبئيون على تغذيته وصب الزيت على النار من اجل أن تزداد هذه الفتنة اشتعالا لتأكل الأخضر واليابس ولا تبقي ولا تذر فيقضى على (الإسلام) ،فكلما كانت نار الفتنة تكاد أن تخمد نهائيا يقوم هؤلاء (السبئيون) بإثارة نار الفتنة من جديد،فقاموا بالاعتداء على أم المؤمنين (عائشة رضي الله عنها) عندما ركبت الجمل وسارت إلى الفريقين للعمل على إخماد الفتنة ومناشدتهما بوقف الاقتتال لذلك سُميت ب (معركة الجمل) ،حيث هجموا عليها وكادوا أن يقتلوها لولا حماية الله لها،ومن ثم دفاع أمير المؤمنين (علي رضي الله عنه) عنها ولكن السبئيون تمكنوا من (طلحة رضي الله عنه) فقتلوه،أما (عبد الله بن الزبير رضي الله عنه) فقرر أن يعتزل الفتنة بأن يعود إلى (المدينة) ولذلك سُميت ( بمعركة الجمل) ،ولكن السبئيون لحقوا به وقتلوه غيلة وغدرا،ومن ثم قاموا بقتل أمير المؤمنين (علي رضوان الله عليه) بعد أن توصل إلى اتفاق مع ( معاوية) في ( ( صفين) ) عندما رفعت المصاحف لوقف الاقتتال وتحكيم شرع الله فيما يجري وذلك حتى لا يتوحد صف المسلمين.
ولكن دين الله لم يقضى عليه،بل بقي وازداد قوة وانتشارا رغم انف الكفار السبئين الذين أرادوا أن يفتنوا المسلمين عن دينهم،بل أن الله أصلح بين الطائفتين المؤمنتين على يد (الإمام الهمام سيد شباب أهل الجنة الحسن بن علي رضوان الله عليهم) الذي بايع (معاوية) أميرا للمؤمنين حقنا لدماء المسلمين وتوحيدا للصف ولقطع السبيل على (السبئية الخوارج) وأعوانهم من السفلة والجهلة والغوغاء والأوباش والزنادقة،وسُمي ذلك العام (بعام الجماعة) مما جعل السبئين يتميزون من الغيظ ويستشيطون غضبا وحقدا على (الحسن رضي الله عنه) فبعد وفاته قرروا الانتقام منه بقتل أخيه حتى لا يتوحد صف المسلمين بعدها أبدا لمعرفتهم منزلته عند المسلمين،فقاموا باستدراج (الحسين رضوان الله عليه) إلى العراق بعد أن اعلموه بان أهل العراق خلعوا بيعة (يزيد بن معاوية) رضي الله عنه وبأنهم قد بايعوه أميرا للمؤمنين،وحتى لا يقع فراغ في إمامة وقيادة المسلمين استجاب لهم وذهب إلى (العراق) رغم أن كثيرا من الصحابة نصحوه بأن في الأمر خدعة فلا يذهب وحاولوا ثنيه عن ذلك ولكنه أصر على الذهاب،فلله أمر لا بد أن يتم،فالله يعلم ونحن لا نعلم،وما أن وصل إلى منطقة اسمها يُعبر عن طبيعتها النحسة ( كر وبلاء) فإذا بمن استدعوه إلى (العراق) من السبئين ينفضون من حوله فجأة وينقضون عليه وعلى أهله وذريته ومن معه من ذوي القربى فيقتلونه شر قتلة وبمنتهى الحقد،وبعد ذلك صاروا يلطمون عليه ويبكون وعندما علم (يزيد) بذلك غضب غضبا شديدا وبعث ليحضر من تبقى من من أل البيت ومن ذرية (علي والحسين سلام الله عليهم) فأكرم نزلهم بما يليق بمنزلتهم عند الله ورسوله والمؤمنين،وليس كما يدعي السبئيون الحاقدون على الله ورسوله والمؤمنين بأن (يزيد) هو الذي قتل (الحسين رضوان الله عليه) ،فكيف سيقتله وهناك مسافة شهر بينهما،فهل كان هناك وسائل اتصالات كما هو الحال اليوم تنقل الأخبار والأحداث والمعلومات في أثناء وقوعها،فهذا لا يعقل،ورغم هذه الجريمة البشعة النكراء التي تركت جرحا غائرا في قلب كل مسلم لم يستطيعوا أن يقضوا على دين الله،فإذا (براية الإسلام) في اقل من قرن من الزمن تصبح خفاقة من الصين شرقا إلى الأندلس غربا.
وتمضي الأيام وتمر السنون وتكر القرون فإذا بالكفار يأتون من الغرب من أوروبا معلنين حربا صليبية ضد الإسلام،هدفها المعلن القضاء علىالإسلام والمسلمين وتخليص قبر المسيح الذي يزعمون انه موجود في ( كنيسة القيامة) من (الوثنين المسلمين) ،فإذا بهم يجتاحون (بلاد الشام) ويحتلون (القدس) ويرتكبون فيها أبشع المذابح،حتى أن بعض الروايات تقول بأنهم قد ذبحوا سبعين ألف مسلم من أهلها،فحولوها إلى بركة من الدماء،وما أن ظنوا بأن (الأمر قد استتب لهم في ديار الإسلام وان الإسلام لن تقوم له قائمة من جديد في القدس وبلاد الشام) فإذا برب العالمين يبعث عليهم عبادا له أولي بأس شديد من (الزنكيين محمود وعماد الدين ونور الدين) ثم (الأيوبيين) وإذا (بصلاح الدين الأيوبي) يُجيش جيوش التوحيد وينطلق إلى (حطين) فيُحطم فيها جيوش الكفار الصليبيين لينطلق بعدها إلى (القدس) فيدخلها فاتحا ومحرراً لها من رجس الصليبيين بعد حوالي تسعين عاما من سقوطها بأيديهم ويُعيدها تحت (راية الإسلام) موحدة لله رب العالمين،وبعد صلاح الدين الأيوبي بمئة عام تقريبا يبعث الله عليهم عباد له من (المماليك بقيادة الأشرف بن قلاوون وولده الخليل) فيقضون على وجود الصليبيين نهائيا في فلسطين في (معركة عكا الخالدة) ليُعلن انتصار الإسلام واندحار الصليبين نهائيا من بلاد الشام ولتعود راية التوحيد ترفرف خفاقة فوقها.
وفي أواخر الحروب الصليبية شن (التتار والمغول) حربا لا هوادة فيها على العالم الإسلامي،فكانوا يُدمرون ويخربون المدن والحواضر،فدخلوا (بغداد عاصمة الخلافة) وقتلوا أهلها وخربوها ودمروها وحرقوا مكتباتها،وارتكبوا الفظائع،فأثاروا الرعب والذعر في العالم الإسلامي وظن المسلمون بأن هؤلاء الهمج لا يمكن أن يُغلبوا أو يُهزموا،ولكن الله تكفل بحفظ دينه وإتمام أمره،فبعث عليهم القائدين الهمامين المسلمين الموحدين لله رب العالمين المملوكين (الظاهر بيبرس وقطز) ليهزموهم في (معركة عين جالوت) على ارض فلسطين وليحطما موجتهم العاتية ويوقفا اندفاعهم ويُخلصا المسلمين من شرهم،بل أن التتار والمغول اعتنقوا الإسلام وإمتلئت قلوبهم برحمة الإسلام فصاروا بناة حضارة ومدنية حتى أنهم حكموا الهند ما يُقارب ثمانمائة عام.
ولكن الحرب على الإسلام لم تتوقف فإذا بالصليبيين يُعلنون حرباً جديدة على الإسلام في الأندلس،فشنوا حربا شعواء على المسلمين استطاعوا من خلالها إخراج المسلمين من (الأندلس) والقضاء على دولتهم فيها،وقاموا بإنشاء (محاكم التفتيش) التي تقوم بالتفتيش على كل من بقي على (الإسلام) من أهل (الأندلس) وقتله،فقاموا بارتكاب المذابح ضد المسلمين إلى أن خرج معظم المسلمين من (الأندلس) مع بقاء قلة قليلة تخفي إسلامها إلى أن أعلنت عنه في السنوات الأخيرة بعد تغير الأحوال في اسبانيا.
ولكن الله بعث (بني عثمان) فحملوا راية (الإسلام) واندفعوا في أعماق (أوروبا) بعد أن فتح الله على أيديهم (القسطنطينية) وجعلوها موحدة لله رب العالمين، وليتحقق بذلك بشرى نبينا ( محمد صلى الله عليه وسلم) لنا بأننا سنفتح (القسطنطينية) عندما قال
(ستفتح عليكم القسطنطينية ثم روميا قالوا أيهما قبل يا رسول الله قال القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ونعم الجيش ذلك الجيش )
وتمضي الأيام وتمر السنون وتكر العقود والقرون،فإذا بأوروبا الصليبية تعود مرة أخرى إلى العالم الإسلامي من اجل القضاء على الإسلام،ولكن عادت هذه المرة في البداية بطريقة ناعمة خبيثة من خلال الحملات والبعثات التبشيرية وذلك في مطلع القرن التاسع عشر لتغزوا المسلمين فكريا وثقافيا تمهيداً لغزوهم عسكريا،وما أن جاء مطلع القرن العشرين وبعد الحرب العالمية الأولى،فإذا بالعالم الإسلامي يخضع بالكامل للاستعمار الصليبي المباشر بعد انهيار (الدولة العثمانية) التي نخر بنيانها الغزو الفكري والثقافي والحركات القومية واليهودية السرية،وفي ظل هذا الانهيار حدث فراغ فكري وثقافي وسياسي هائل في العالم الإسلامي عمل الاستعمار على ملئه بالنخب الثقافية التي أنتجتها حملات الغزو الفكري والثقافي التبشيرية وبالأيدلوجيات،وصارت هذه النخب وأحزابها تحارب (الإسلام) بكل وقاحة وتطالب بالتخلي عن (الإسلام) من اجل التقدم كما يزعمون،وها هم هؤلاء يعيثون في العالم الإسلامي الفساد منذ مطلع قرنين تقريبا،وهم الذين يتبوئون المناصب العليا،وصاروا (رموز الأمة الثقافية والسياسية) ،والإسلام غائب عن واقع المسلمين وحياتهم،فالسيطرة السياسية والثقافية والعسكرية لهم،
فماذا صنعوا للأمة ؟؟
لماذا لم يجعلوها تتقدم وتصعد إلى القمر،بل أنهم صنعوا لها الخزي والعار والذل والهوان والهزائم والسخائم لأن مهمتهم القضاء على (الإسلام) وليس النهوض بالمسلمين والعمل على تحريرهم وتقدمهم !!!!!!!!!!
وها هم هؤلاء اليوم يتفاجؤون (بالثورات الشعبية العارمة التي انطلقت من المساجد) وفي أيام الجمع وحولت الميادين العامة إلى مساجد يركع ويسجد فيها الملاين الثائرة الغاضبة يُصابون بالخوف والفزع خشية عودة (الإسلام) إلى واقع المسلمين،فاستنفروا جميع حواسهم وأقلامهم لمحاربة (الإسلام) ومنعه من العودة إلى واقع الأمة،وأوضح ما يتجلى هذا (العداء للإسلام) والحرب عليه والخشية من عودته إلى واقع المسلمين في (مصر وتونس وليبيا وسوريا) ،لذلك فإن خوفهم من (عودة الإسلام) إلى الحكم يدل على أن هؤلاء الخائفين ليسوا من امتنا،فامتنا نحن هي (امة الإسلام) ،فكل من يخاف من عودة (الإسلام) ليس بمسلم ولو ادعى غير ذلك،ولكننا نقول لهم أن الغالبية العظمى من العالم العربي سواء التي أطاحت بطواغيتها أو التي ستطيح بهم عما قريب هم من المسلمين والمتعطشين للإسلام،فهم يريدون أن يحكموا بدينهم بعد انكشاف حقيقة جميع الأيديولوجيات والأحزاب والمبادئ التي جلبت عليهم وعلى أمتهم الويل والثبور وعظائم الأمور والذل والهوان والويلات والمصائب والكوارث والمخازي وبأنها جزء من الحرب الإستئصالية التي تشن على الإسلام،فلذلك إن كل من يرفض (الإسلام) أو أن يحكم (الإسلام) أو تقوم (دولة للإسلام) فهو (كافر ملعون وعدو لله ورسوله وللمؤمنين وهو جزء من الحرب على الإسلام ولو تغطى بالإسلام) ،فالإسلام بريء ممن يُغلفون رفضهم لدين الله أن يعود للحكم بقولهم بأنه
(لا يوجد في الإسلام دولة دينية وإنما دولة مدنية ونحن مع الديمقراطية والحرية وضد الديكتاتورية الدينية)
فكيف لمن يقول هذا أن يكون من المسلمين أم لهم كتاب فيه يدرسون؟؟
ألم يعلم هؤلاء الذين يقولون بأنهم ضد الدكتاتورية الدينية بأن (الإسلام) دين ودولة وليس فيه دكتاتورية دينية،فهو جاء ليحكم بين الناس بالعدل وليخرج الناس من الظلمات إلى النور،وبأن الحاكم الخليفة لا يأتي إلا باختيار المسلمين وبمبايعتهم له بيعة شرعية دون إكراه،وبأنهم يستطيعون عزله إذا خالف شروط هذه البيعة،وبأن الخليفة ما هو إلا خادم للآمة وليس سيدا عليها، فكل من يقصد بالدولة المدنية فصل (الإسلام) عن الحياة فهو يرفض حكم الله في الأرض،أي أن الله ليس له دخل في شأن خلقه يكون من الكافرين.
فالدولة المدنية بالمفهوم العلماني الأوروبي تعني فصل الدولة عن الدين،فالدولة المدنية كانت نشأتها عندما ثارت (أوروبا) ضد الكنيسة التي تنشر الخزعبلات والضلالات،فنحن المسلمون لسنا حجة على (الإسلام) وإنما (الإسلام) حجة علينا،فعندما نبتعد عن حقيقة الدين تنتشر الخزعبلات والضلالات بين الناس،فالإسلام يحارب الخزعبلات والضلالات
( (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يُوقنون) ) ] المائدة:50 [
وها هو (شيخ الأزهر) الذي ما هو إلا احد مخلفات الطاغوت الكافر الملعون (اللامبارك) يدخل في المزايدة على العلمانيين والملاحدة والصليبيين وأعداء الإسلام من كل جنس ودين،فيدعو إلى دولة بعيدة كل البعد عن (الإسلام) ويصدرما سُمي ( (بوثيقة الأزهر) ) صاغها (شيخ الأزهر) وبعض رجاله ومجموعة من الذين سماهم شيخ الأزهر ( (بالمثقفين المصريين) ) طبعا وفي معظم هؤلاء من الذين يرفضون أن يحكم شرع الله في (مصر) بل أنهم اشد عداوة وجهرا بهذه العداوة،وهذه الوثيقة تطالب بتأسيس دولة وطنية دستورية ديمقراطية تعمل على دستور يرتضيه الجميع،طبعا لم تقل هذه الوثيقة تعمل على دستور مرجعيته القرآن والسنة ويرتضيه رب العالمين وإنما يرتضيه الناس ولو كان مخالفا لشرع الله،ألم يعلم (شيخ الأزهر) بأن مرجعية المسلمين هي (القرآن والسنة) وليست الكثرة من الناس،وبأنه لو وقف الناس جميعا في صف والقرآن والسنة في صف فلن نقف إلا في صف القرآن والسنة،أي في صف الله رب العالمين وصف رسوله صلى الله عليه وسلم،ألم يسمع (شيخ الأزهر) قول الله تعالى
((وإن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ ) ) ] الأنعام:116 [
((وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) ) ] يوسف:103 [
(( لا تجد قوما يؤمنون بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ) ) ] المجادلة: 22 [
وبالإضافة إلى (شيخ الأزهر) هناك من المرشحين للرئاسة في مصر من الذين ينسبون أنفسهم للإسلام من أمثال (أبو الفتوح وسليم العوا) وغيرهم يعملون على تسويق أنفسهم عند (أعداء الإسلام والمسلمين) بخسة ورخص وحقارة ونذالة منقطعة النظير بإعلانهم بأنهم يرفضون حكم الإسلام وقيام دولة تحكم بشرع الله وبأنهم يقبلون بدولة يحكمها غير المسلمين وكما يفعل (( راشد الغنوشي)) في تونس الم يسمع هؤلاء بقول الله سبحانه وتعالى الذي يُحرم فيه أن يكون للكافرين على المؤمنين سلطاناً
( ( الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) ) ] النساء:141 [
فهؤلاء لا زالوا يُراهنون على أعداء الأمة كما كان الأمر قبل الثورات،فهم كما يبدوا لم يستوعبوا الأمر بعد،وبأن الشعوب العربية شعوب مسلمة وهي متعطشة للإسلام وحكمه بعد أن ذاقت الويلات على أيدي الطواغيت الذين حكموها بنفايات الأفكار والمبادئ والأيدلوجيات المعادية للإسلام.
فيا من تداهنون الكفار ويا من تحاربون الإسلام ويا من تخافون من الإسلام وتخوفون الناس منه، يا أعداء الله، فمن ماذا تخافون؟؟؟ هل تخافون مما يدعو إليه الإسلام؟؟
فالإسلام إلى ماذا يدعو؟؟
إنه يدعو إلى العدل والرحمة والإنسانية والحرية والكرامة والعزة والسؤدد والأمن والأمان،وهو يدعو إلى كل فضيلة ويُحارب كل رذيلة،ويدعو إلى كل طيب ويُحارب كل خبيث
( ( يسألونك مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ) ) ] المائدة:4 [
أما الذين يحاربون الاسم ويخافون من عودته من أهل الكتاب والطوائف والأقليات نقول لهم بأن (الإسلام) يحمي دمائكم وأعراضكم وأموالكم ومعابدكم،ومن مات من المسلمين دفاعا عنكم يموت شهيداً،فنحن مأمورون من رب العالمين أن نحسن إليكم ما دمتم محافظين على العهد والميثاق مع المسلمين ولم تغدروا بهم أو تناصروا عدوهم عليهم فتاريخ الإسلام يشهد بذلك،أما رفضكم لحكم (الإسلام) فهو إعلان حرب على المسلمين الذين يشكلون الأغلبية الساحقة في العالم العربي الإسلامي
(لا ينهاكم الله عن الذين لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ) ] الممتحنة:8 [
فكل من يُحارب (الإسلام) ويُثير الخوف والفزع منه إنما هو ضد العزة والحرية والكرامة والعزة والسؤدد ومن دعاة الخبائث والرذيلة ويحارب الفضيلة،فالإسلام يتناقض مع هواه ومع طبيعة نفسه التي تهوى العبودية والخبائث والرذيلة،فتجده يهاجم (الإسلام) بقوة وعنف،وإنني أقول لجميع هؤلاء الذين يُعادون الله ورسوله ويُحاربون (الإسلام) فما أنتم إلا إحدى محطات الحرب الإستئصالية ضد الإسلام التي استمرت ألف وأربعمائة عام،أي منذ نزول الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم،ولكن (الإسلام) كان يخرج من هذه المحطات منتصرا وقويا كما أثبتنا ذلك من خلال حقائق التاريخ ( ( فهذا الدين متين وهو محفوظ بحفظ الله لا يمكن لبشر أن يقضي عليه أو يقتلعه من النفوس ومن الأرض) ) فلو كان من عند غير الله لقضي عليه في مهده في بدر أو في احد أو في الأحزاب أو حروب الردة أو في الفتنة الكبرى او في الحروب الصليبية الأولى،لذلك فإننا نؤمن إيمانا قاطعا لا لبس فيه ولا شك ولو واحد بالتريليون بأن قطار (الإسلام) قد تحرك من هذه المحطة التاريخية التي توقف فيها طويلا ليخرج منها منتصرا وقويا عزيزا ليسود الأرض من جديد ولينقذ البشرية من الشقاء والعذاب والضنك الذي تحيا،فالبشرية اليوم بحاجة إلى إنقاذ،وسنكون نحن المسلمين المنقذون وستعود ( خلافة راشدة) على منهاج النبوة كما وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحياً من ربه،فالحكم الجبري الذي يسبق عودة (الخلافة الراشدة) بدأ ينهار وينتهي بفعل (الثورات المباركة) ضد طواغيت الحكم الجبري،فالمستقبل للإسلام شاء من شاء وأبى من أبى.
( (ولا يحسبن الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ) ) ] الأنفال: 59 [
( ( يُريدون ليُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) ) ] الصف:8 [
----------- محمد اسعد بيوض التميمي
الناطق الرسمي باسم تيار الأمة في بلاد الشام
----------
وقع اختصار العنوان الأصلي كما وردنا لطوله
محرر موقع بوابتي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: