(146) دور محور الشر (أوباما وساركوزى وكاميرون) فى انتصارات الثورة الليبية
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6355
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
"محور الشر Axis Of Evil" عبارة ترددت لأول مرة على لسان الرئيس الأمريكى " جورج بوش" فى خطاب ألقاه فى التاسع والعشرين من يناير عام 2002، ليصف به كل من حكومات العراق، وإيران، وكوريا الشمالية. أطلق "بوش" هذه العبارة على هذه الدول لاعتقاده أنها تدعم ما يسميه بالإرهاب، وأنها تسعى لشراء أسلحة الدمار الشامل . ويرى الكثيرون أن فكرة " بوش" هذه هى التى قادته إلى ما يعرف بـ "الحرب على الإرهاب". وفى السادس من مايو عام 2002 استخدم السفير الأمريكى لدى الأمم المتحدة "جون تولسون" فى أحد خطاباته عبارة " ما وراء محور الشر " Beyond The Axis Of Evil مشيرا بها إلى كل من ليبيا، وسوريا، وكوبا. وفى يناير 2005 استخدمت "كونداليزا رايس" عبارة " ركائز الاستبداد " Outposts of Tyranny للإشارة إلى كل من كوبا، وروسيا البيضاء، وزيمبابوى، ومينامار.
ar.wikipedia.org/wiki/محور_الشر
لكن الجديد هنا هو أن الكاتب الأمريكى "برايان بيكر" أعاد استخدام مصطلح " محور الشر" ليشير به إلى تآمر كل من الرئيس الأمريكى " باراك أوباما، " والفرنسى "نيكولاى ساركوزى"، ورئيس الوزراء البريطانى "دافيد كاميرون" على ليبيا والاتفاق على التدخل العسكرى فيها.
"برايان بيكر " هو المدير المشارك لمركز "رامسى كلارك" الدولى (IAC). ويعتبر "بيكر" أحد الشخصيات البارزة المناهضة لما يسمى بالحرب على الإرهاب، كما يرأس أقوى التنظيمات الداعية إلى مناهضة الولايات المتحدة فى حربها على كوريا الشمالية، والداعية كذلك إلى توحيد الكوريتين، وانسحاب الولايات المتحدة من شبه الجزيرة الكورية.
يرى " بيكر" أن تاريخ الولايات المتحدة مرتبط بالشر المتواصل. كتب " بيكر" فى يوليو 1999 ما نصه :" إن قادة الولايات المتحدة يتحدثون فى زيف وكذب متزايدين عن حقوق الإنسان فى بلاد كانوا قد اتخذوا قرارات بالهجوم عليها بالفعل. ومن ثم كانت تصريحاتهم عن حقون الإنسان من باب الدعاية الحربية لصرف الانتباه عن هذا التاريخ... لقد تعلمنا فى المدارس، وعبر أجهزة الإعلام أن الولايات المتحدة دولة غنية وقوية بسبب فضائل الرأسمالية، وسحر السوق الحر. وكانوا يعلموننا فى بعض الأحيان أن قوة وثراء بلادنا يعود إلى عشقها للديموقراطية وحكم القانون، وأن هذه الفضائل هى التى أدت إلى هذا التدفق الخلاق، والتلقائى للطاقة الإنسانية الذى أوصل الولايات المتحدة إلى ماهى عليه الآن....ولكن ماهى حقيقة كل ذلك. الواقع هو أن الرأسمالية الأمريكية تكونت بدرجة كبيرة عبر ثلاثة قرون بسبب تراكم الثروة عن طريق السخرة، وعبودية الآخرين. إن الملايين والملايين من الأفارقة كانوا يعملون عبيدا لنا كمملوكين غير مدفوعى الأجر، وهذا هو الذى أدى إلى تراكم رأس المال والثروة....هل كانت هذه العبودية قانونية طبقا للتشريع الأمريكى ؟. نعم لقد كانت كذلك. وهى جرائم لا تقل سوءا عن الجرائم التى ترتكب فى حق الإنسانية الآن. نعم إن العبودية فى الولايات المتحدة مشروعة رغم أنها فى ذاتها أمر مهين للإنسانية. إن قادة الولايات المتحدة يتحدثون بإسم الشرعية، ويتحدثون عن حقوق الأقليات القومية، لكنهم يتجاهلون ذكر أن ثروة الولايات المتحدة قد تم تجميعها عبر السرقة والتطهير العرقى وإبادة الملايين من أصحاب البلاد الأصليين. إنهم يتجاهلون أن الهنود الحمر سكان الولايات المتحدة الأصليين قد ذبحوا عمدا عبر كل قارة أمريكا الشمالية، وأن القلة الباقية من هؤلاء السكان أجبرت على العيش فى مستوطنات تم احتجازهم فيها. حرموا من لغاتهم ومن ثقافاتهم. انها سرقة الأغنياء للأراضى الغنية وهذا هو الذى جعل الولايات المتحدة غنية وقوية.
هذا عن الماضى البعيد.. اما عن الماضى القريب، ففى أقل من شهرين بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر كان الانتقام من طالبان فى أفغانستان واحدا من الجرائم الكبرى، وأشد أنواع الإرهاب التى ارتكبتها الولايات المتحدة. لم يكن الحادى عشر من سبتمبر هو بداية العنف، لكنه كان مجرد نقطة على المتصل الممتد من العنف الناتج أصلا عن سياسة الولايات المتحدة حول العالم. لم يكن الحادى عشر من سبتمبر هجوما غير متوقع على الولايات المتحدة، لكن حكومتنا ردت على أحداث سبتمبر بتهور طائش لتضرب أفغانستان الفقيرة الضعيفة التى وجدتها أمامها ولتشبع بسرعة دوافع الانتقام. لم تكن حرب الولايات المتحدة على أفغانستان حربا دفاعية تثبت بها شيئا ما، إنها جزء من استراتجية أمريكية تقوم على التوسع الذى بدأ يأخذ مكانه بالفعل فى الشرق الأوسط. من هنا نقول أن الولايات المتحدة لم تكن تدافع عن نفسها، لكنها كانت تبحث أصلا عن مزايا أخرى من أسواق جديدة ومن ربح وفير.... إن الولايات المتحدة تستخدم الحرب أيضا كذريعة للهجوم على الحريات المدنية لمواطنيها أنفسهم. إنها ليست حرب إرهاب فقط، ولكنها حرب قمع أيضا. إن قوانين الحرب ضد الإرهاب سوف تستخدم ضد كل حركة ناشئة مضادة للحرب.. لقد حلت الحرب ضد الإرهاب محل الحرب ضد الشيوعية كإيديولوجية موحدة سواء على مستوى الولايات المتحدة أو على المستوى العالمى ".
فى سبتمبر عام 2002 وصف " بيكر" أعضاء إدارة بوش بأنهم مجموعة من المتسكعين السكارى من حاملى البنادق الذين يطلقون النار على المدينة فى ليلة سبت، لسبب واحد هو أنهم يستطيعون ذلك. وصف " بيكر" الولايات المتحدة بأنها دولة متشردة متبجحة تضرب كل من يحاول تأميم مصادر النفط فى بلاده. وأن ادعاءها بأنها قد تتعرض لتهديد نووى ادعاء كاذب بارع، ذلك لأنها الدولة الوحيدة فى العالم التى استخدمت القنبلة الذرية ضد سكان مدينتى هيروشيما وناجازاكى.
Brian Becker - Discover the Networks
www.discoverthenetworks.org/individualProfile.asp?...
هذه هى الخلفية التى انطلق منها " بيكر" فى تصوره للمرحلة القادمة من التدخل العسكرى فى ليبيا، وهى مرحلة الغزو.
فى مقالة له نشرت فى السادس عشر من أبريل الحالى 2011 بعنوان :" محور الشر الاستعمارى يعد لغزو ليبيا، الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تعد خطط تصعيد الحرب ". يقول " بيكر" : أن قادة محور الشر "أوباما " و "ساركوزى" و"كاميرون " يعدون الآن لتصعيد الحرب ضد " القذافى"وذلك لإرغامه على التخلى عن السلطة بعد أن فشلت العمليات العسكرية فى ضمان نصر للثوار على " القذافى".
استند " بيكر" فى تصوره هذا على الأدلة الآتية :
أولا : أن التهديد بتصعيد الحرب قد يقنع " القذافى" بترك السلطة على غرار ما حدث فى يونيو 1999 عندما أزعن " ميلو سوفتش" للاستسلام بشروط، وسمح لقوات حلف الناتو بالسيطرة على "كوسوفو"، وكان البديل هو الهجوم العسكرى البرى على البلاد.
ثانيا : ما كتبه القادة الثلاثة فى "النيويورك تايمز" بتاريخ الخامس عشر من أبريل الحالى بأنه :" ليست هناك تسوية سياسية بينما لا يزال الطاغية فى منصبه. وأن الغرب وحلفاؤه يجب أن يستعدوا لزيادة الضغط السياسى والعسكرى والاقتصادى على " القذافى" حتى يرحل.
ثالثا: أن المخابرات الأمريكية والبريطانية قد أطاحت بالحكومة المنتخبة برئاسة الدكتور" محمد مصدق" فى إيران واستبدلتها بحكومة الشاه. وجاء فى شرح " النيويورك تايمز" وقتها لهذه العملية بأن "على البلاد المتخلفة ذات المصادر الغنية أن تتعلم من هذا الدرس المختصر أن هناك ثمنا باهظا سوف يدفعه أى أحد قد يجن جنونه ويتعصب للوطنية ". يقول " بيكر" أن " مصدق" قد حصل على لقب " متعصب للوطنية" لأنه كان جسورا فى قراره بتأمين الشركة الانجلوـ إيرانية ( أكا بريتش بتروليم) واستخدم عائدات النفط الإيرانى لكى يخرج بلاده من دائرة الفقر.
رابعا : أن التاريخ القريب يكشف أن أهداف واستراتيجيات الغزو الاستعمارى تتجه إلى تغيير الأنظمة قبل العدوان على البلاد. وهذا واضح فى إيران فى 1953، وفى جواتيمالا فى 1954، فى الكونغو فى 1961، وفى جرينيدا 1983 فى، وفى بنما فى 1989، وفى يوغسلافيا فى 1999، وفى أفغانستان فى 2001، وفى العراق فى 2003. هذه الأدلة تبين أن تغيير الأنظمة يسبق العدوان على الدول المستهدفة. وتظهر الدول المعتدية أن دوافعها عفيفة ونبيلة، وأن القنابل التى تسقطها على شعوب هذه الدول قنابل لطيفة لا تقتل إلا هؤلاء الأشرار من أعداء الحرية فقط.
خامسا : أن أعضاء الأحزاب الأمريكية ينحون خلافاتهم جانبا ويجمعون على اللحاق بجوقة المتهمين للأنظمة المستهدفة بالفساد السياسى وغسيل الأموال، ذلك لأن وقت الهجوم عليها قد حان، والجنود مستعدون، والطائرات جاهزة للإنطلاق وصواريخ كروز تستعد لإلقاء حممها على أهدافها. جميع هؤلاء متحمسون للإمبراطورية، وعليهم أن يناصروا حكومتهم وإلا فإن امتيازاتهم كممثلين للشعب الأمريكى قد تنتهى بسرعة إذا هم وقفوا ضد صانعى الحرب وضد الآلة الإعلامية الضخمة. إنهم أنفسهم قد يتحولون إلى شياطين إذا ماابتعدوا عن الخط المرسوم لهم.
سادسا : أن الحكومة التى تنفذ سياسة خارجية استعمارية عالمية تستفيد من البنوك الكبرى وشركات النفط عن طريق التمويل الضخم الذى لا حدود له لغزو البلاد المستهدفة واحتلالها.
The Colonial "Axis of Evil" prepares for the invasion of Libya , U.S., Britain and France step up war plans, April 15, 2011
www.answercoalition.org/.../axis-of-evil-invasion-of-libya.html
هذه شهادة جديدة تضاف إلى العديد من الشهادات الأخرى التى توضح حقيقة ما جرى فى ليبيا، وهى شهادة أمريكية من سياسى نشط، وخبير معروف، تعطى تصورا مستقبليا لتطورات التدخل اليورو- أمريكى فى ليبيا، لعلها تجعلنا نعيد النظر فى حقيقة ما يريد الإعلام أن يجبرنا على أن نشاهده ونقر به، والحقيقة خلاف ذلك تماما.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: