(142) لماذا الإصرار على تطويع العالم الإسلامى للديموقراطية الغربية ؟
د. أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7383
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يقول الباحثون الإسلاميون :
" تنصب الجهود المكثفة والضخمة من قبل الغرب والمثقفين المسلمين من العلمانيين والليبراليين على إلغاء كل الفوارق والفواصل والتعارض القائم بين الديمقراطية والإسلام، لإزالةَ التناقض الموجود حتما بينهما ، فيتحولان إلى توأمين، ذلك لأنَّ الإسلام يقف كالطود الشامخ أمام الفكرة الديموقراطية الرأسمالية، وهو الذي يمنع استتباب السيطرة لها على العالم الإسلامي، رغم ضعف المسلمين الحالي بسبب غياب الإسلام عن حياتهم ، لذلك كان لا بدّ لهم من العمل على إزالته من الطريق، ولاستحالة ذلك، تمّ تبني تسوية تلك العوائق من خلال تأويل الإسلام ليقرّ بقبول الديموقراطية ويعترف بشرعيتها، وهو أمرٌ لن يشعر الغرب بالطمأنينة والسكينة والاستقرار وتحقق النصر الكامل له، قبل أن يجسد ذلك في العالم الإسلامي، حيث يراد تحويله إلى ما يشبه أميركا اللاتينية إن لم يكن أسوأ."
ويستشهد الباحثون الإسلاميون هنا بكلمة "جورج بوش": "People of Islamic World Must Choose Democracy "
"يجب على شعوب العالم الإسلامى أن تختار الديموقراطية ".
قال " بوش " فى خطابه الذى ألقاه أمام طلاب جامعة " جالاتاسارارى " فى 29 يونيو 2004 باسطنبول بتركيا : "إذا أجرينا مسحا على العالم العربى وجدنا أن العديد من دوله تؤيد الحكومة النيابية والحرية الفردية . إننا نرى فى هذه الدول رجالا ونساء اتخذوا خطوات شجاعة للدفاع عن الديموقراطية والعدالة فى الشرق الأوسط الكبير . إن انتشار الديموقراطية فى الشرق الأوسط سوف يكون أمانا للولايات المتحدة ، حيث ستختفى هذه الإيديولوجيات والحركات التى تعمل على القتل . لا شك أن هذه التحولات فى الشرق الأوسط هى أحد المهام العظيمة والصعبة فى التاريخ ".
وفى ضوء ذلك يرى الباحثون الإسلاميون :" أن الغرب مصمم على أن الديموقراطية إملاء يجب تنفيذه فى العالم الإسلامى . وأن القضية بالنسبة للغرب ليست هي البحث عمّا يناسب العالم الإسلامي ، أو ما يحبذه وينشده المسلمون لهم من منهجٍ للحياة عن رضي وطواعيةٍ منهم ، إنّما هي إملاءات يجب عليهم تنفيذها بغض النظر عن مدى موافقة الديمقراطية لعقيدتهم من عدمها، وبغض النظر عما إذا كان المسلمون بحاجة لهذه الديموقراطية أم لا. والواضح تماما أنّ المطلوب أميركياً هو وجوب انصياع المسلمين لها رغم انفهم، بغض النظر عن قناعاتهم ، مع الخضوع التّام لها ولحلفائها في العالم الغربي."
" ويسعى الغرب إلى تطويع الإسلام للديموقراطية وفق مبدا (إما ... وإلا) ، بمعنى إما أن تقرّ الأمة الإسلامية بفكرة فصل الدين عن الحياة وإطلاق الحريات على النمط الليبرالي ومنح المرأة الحقوق الكاملة من منظور الفكر الغربي الديمقراطي الذي يجعل المساواة والتماثل في الحقوق والواجبات بين الذكر والأنثى هو الأساس، إضافة إلى بناء كل القوانين والتشريعات على أساس تلك القواعد الفكرية، وإلا فمنطق الإكراه المستند إلى قوة مطرقة الغرب هو من سيتكفل بمعالجة استعصاء العالم الإسلامي عليه ، وهو ما سيمنح الغرب القدرة على التحكم بمناهج الأمة التعليمية وخطابها الإعلامي والسياسي والديني والثقافي عموماً، ليصيغها بحسب فلسفته هو لما ينبغي أن تكون عليه الحياة."
" ولهذا فإنه عاد من المستيقن حتماً أن الغرب لن يدع أحداً يصل إلى السلطة إلا إذا استوثق من أنه مؤمن فعلاً بقيمه محافظاً له على مصالحه، ضمن آليات يحرص على أن تكون مقاليدها الحقيقية بيديه، حتى يمنع من أن يعبث أحدٌ بمصالحه فضلاً عن أن ينقلب عليه."
هذا ما أكدته الكاتبة اليهودية " روث كنج" المشرفة على موقع " الربيع العربى " والثورات فى العالم العربى . تقول " كينج " :" إذا كان الإسلام فى شكله المعاصر هو الذى يوحد الشعوب والقبائل العربية ، فلن يكون هناك مكان للديموقراطية ، فهما عنصران لا يلتقيان ، لكننا إذا نجحنا فى زرع ديموقراطية علمانية فى مصر، وتونس، وليبيا ، وسوريا ، وحتى فى السعودية ، فهنا نستطيع أن نحتفل ببزوغ فجر جديد يمهد لمرحلة جديدة من السلام والرفاهية العالمية . أما إذا انتصر الإسلام فى هذه الثورات فإنه سيكون كالداء الذى يفسد وينسف أنسجة النباتات والحيوانات ، وعلينا بعدها أن ندفن تحت الثرى كل مفاهيمنا القديمة عن الأنظمة السياسية العالمية وعن التنافس بينها ..... علينا أن نعرف أنه لو انتصر الإسلام فإن مرحلة جديدة من الصراع الدولى القائم على الدين سوف تنشأ ، وقد يكون هذا التصور خياليا ، لكنه لو حدث فإننا سوف نفتقد كل مكتسباتنا الفكرية ونلقى بها وراء ظهورنا . لو أن الشعوب العربية احتضنت الإسلام ، وتحركت به نحو إقامة دولة الخلافة الإسلامية ، فإن على علماء السياسة أن يعودوا إلى المدارس مرة أخرى لإعادة دراسة التاريخ والسياسة ، وعليهم أن يقضوا كل أوقاتهم للدراسة فى أقسام اللاهوت ".
من هنا يرى الباحثون الإسلاميون الآتى :
1- أن الغرب لا يسعى فى الحقيقة إلى استبدال الظلم بالعدل فى العالم الإسلامى وإنما إلى تغيير ثقافة شعوب العالم الإسلامى
لا يهدف الغرب من دمقرطة العالم الإسلامي إلى استبدال الاستبداد والظلم بالعدل والحق والخير إنما المقصود منها هو تغيير ثقافة الأمة الإسلامية وقيمها وتصورها للحياة، وبالتالي إتمام عملية ضم الأمة الإسلامية إلى حظيرة العالم الرأسمالي الغربي حضارياً بعد أن تمّ ضمها إليه سياسياً.
2- التحكم فى مقدرات وثروات العالم الإسلامى
يسيطر المبدأ الرأسمالي الديمقراطي على العالم الحالي وفق معيارين هما : القوة والمنفعة. وبما أن العالم الغربي هو من يتحكم بمفاتيح القوة وبمقدرات وثروات البشرية، فإنه الأقدر على الهيمنة والانتصار في ميادين الصراع في مختلف أنحاء العالم، وهو يفعل ذلك لتأمين استمرار استئثاره واستيلائه على قدرات الأمم الأخرى بغية تحقيق أعلى درجةٍ من المكاسب له، مما يعني نهاية التاريخ فعلاً لصالحه حضارياً ومادياً، كما تعني أيضا استقرار البشرية على الفكرة الرأسمالية الديمقراطية الليبرالية الفردية الجشعة النهمة التي تنذر بسيادة شريعة الغاب في أبشع صورها على العالم.
ّ3- إلغاء آخر الحضارات الممتنعة على الغرب وهى الحضارة الإسلامية .
تشكل الحضارة الإسلامية على المدى البعيد تهديدا حقيقيا للغرب يبدأ مع بداية ظهور نقطة ارتكاز للأمة، تتمثل بدولة خلافة تجسد مفهوم دار الإسلام. تلك الدولة التي تعني تقديم نظم اقتصادية وسياسية واجتماعية بديلة لما عليه الغرب، وتحدّياً لأطماعه ووقفاً لنهب ثروات الأمة الإسلامية وغيرها من دول العالم المغلوب على أمرها.
وقد اتبع الغرب عدة وسائل لتطويع العالم الإٌسلامى للديموقراطية منها :
1- بناء مراكز فكرية وثقافية وتمويل حركات سياسية ودينية
قام الغرب ببناء مراكز فكرية وثقافية وأكاديمية وإطلاق محطات فضائية لتسويق الديمقراطية ونشرها في العالم العربي والإسلامي. وقامت مراكز قرارٍ غربية بشكلٍ مباشرٍ وغير مباشر، بتمويل حركاتٍ سياسيةٍ ودينيةٍ ودعمت شخصيات مرموقة ومفكرين ومثقفين ليبراليين مؤيدين للغرب وأبرزتهم، بعد أن ارتضى هؤلاء تطويع الإسلام ودمج الديمقراطية فيه، بل وجعلها جوهر الإسلام وقلبه. ومن ثم دعوا إلى الحوار أو التوافق والتلاحم بين الحضارات ، وبغض النظر عن نوايا أصحاب تلك الحملة، فإن ذلك يصب مباشرة في جعبة الحملة لتغريب الإسلام وتفريغه من محتواه وجعله شكلاً بمكوناتٍ تنقضه عروة عروة.
2- إطلاق صفة الفكر الإسلامى الوسطى على من يتبنون الفكر الديموقراطى ووصف غيرهم بالمتطرفين
أطلق الغربيون صفة الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل المنفتح المتنور والمتطور على من يتبنى الترويج للديمقراطية ويعتبرها قضيته الأولى، أما من يفترض التضاد بين الديمقراطية والإسلام ويدعو إلى تطبيق الإسلام وجعله قضيته المصيرية الأولى فهو عند الغرب وتابعيه فى البلاد الإسلامية متشدداَ متطرفاً وأصولياً متزمتاً. .ولذلك وجد أصحاب ما يطلق عليه التيار المعتدل الغطاء الإعلامي والسياسي والمالي وفسحة رحبة واضحة من المنابر التي انبرى من خلالها هؤلاء بالذبّ عن الديمقراطية وبتجميلها في أعين الناس، وذلك من أجل التأثير على شرائح واسعة من المسلمين، بخاصةٍ مع تطور وسائل الإعلام وسيطرتها على أذهان الناس وقدرتها الواسعة على التأثير في أفهامهم.
المصادر :
1- قراءة فى الخطة الأمريكية لزرع الديموقراطية فى العالمين العربى والإسلامى
2- حسن الحسن ، الإسلام والديمقراطية ؛ توأمان أم ضدان ، منتدى التوحيد )
7anein.info/vbx/archive/index.php/t-35816.html
3- Kathleen T. Rhem,Bush: People of Islamic World Must Choose Democracy
www.militaryphotos.net/.../showthread.php?.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: