البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

فرحون .. لكننا حزينون أيضا

كاتب المقال د. أكرم حجازي   
 المشاهدات: 4438



لا يمكن لأي مسلم حر إلا ويفرح فرحة عارمة لسقوط واحد من أعتى طغاة الأرض في ليبيا. ولا يمكن لنا إلا أن نفرح لفرحة الشعب الليبي الصابر الذي تحمل القتل والظلم والطغيان والاستبداد طيلة أربعين عاما على يد مستبد مجرم لا يرقب في مؤمن إلاًّ ولا ذمة.

فرحون بسقوط من تطاول على الله عز وجل، وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، ودين الله، والمسلمين، وتزندق وكفر وعصى وتكبر وتجبر، فأذله الله على عين الأمة والعالم أجمع، وشفى صدور قوم مؤمنين .. وفرحون بدموع الثكالى والمقهورين والمعذبين من أهل ليبيا، وهم يشهدون طي صفحة من خِيَم الذل والعار، أو يعيدون تسليك مجاري ليبيا كي تتسع لـ « الجرذ الأكبر» ومسوخه، بعد أن ضاقت بهم الأرض بما رحبت.

ولا شك أننا فرحون بمن قاتل في سبيل الله، وكانت رايته نقية، وقتل على يد هذا الطاغية المستبد، فمثل هؤلاء نحسبهم شهداء والله حسيبهم. رحمهم الله رحمة واسعة، وأبدلهم دنيا خير من دنيانا. لكننا فرحون أيضا بمن بقي منهم على قيد الحياة ليتلقى منا التهنئة .. وفرحون أكثر لمن أحياه الله عز وجل ليرى عجائب آيات الله في خلقه فلعله يعتبر قبل فوات الأوان.

فرحون أن يتلقى القذافي الإهانة تلو الإهانة لقاء ما أوقعه بالملك إدريس السنوسي من ظلم وافتراء بحقه، وتعذيب للشعب الليبي، ومجازر السجون في أبو اسليم وغيره، والمقابر الجماعية التي وارى تحت ثراها الأبرياء من الشعب الليبي المسلم المجاهد.

فرحون أن يتجرع القذافي مرارة ملكه اليوم بعد أنْ تجرع مرارة خلع زميله بن علي .. ولعلنا فرحون قليلا بنجاته إلى حين، كي يتجرع مرارة كل أذى أوقعه بالشعب الليبي وبالأمة على مدار العقود الأربعة، ومرارة كتابه المأفون، ومرارة الغطرسة، ومرارة الاستخفاف بعباد الله، ومرارة الإذلال والقهر الذي صبَّه على المستضعفين صبّاً بلا حسيب أو رقيب.

فرحون ونحن نرى من حالف الروافض والفرق الضالة والمبتدعين، ودعا إلى إحياء الدولة الفاطمية، وبعثها في شمال أفريقيا، يختفي.. فرحون ونحن نتساءل، عمن وصف شعبا ثار برمته عليه بـ « الجرذان» و« المهلوسين»؛ فإذا بنا نفتش عليه الأرض، ولا نجد له أثرا بعد .. وكأنه دخل السرداب!!!

فرحون ونحن نتخيل حالة الطغاة وهم يشاهدون سقوط زميل لهم .. أو نتساءل عن حال فرائصهم وهي ترتعد مما هو آت .. أو وهم يعدون ما تبقى لهم من وقت قبل أن يجرفهم الطوفان .. وسنفرح أكثر لما يُلقى القبض على القذافي، وعلى أبنائه، وأركانه المجرمين، الذين هددوا بأنهار من الدماء، وسفكوا منها عشرات الآلاف في بضعة شهور فحسب.

لكننا حزينون كيف سمحنا لهؤلاء القتلة الأفاكون .. والكذبة الفاجرون .. واللصوص المحترفون .. أن يحكموا الأمة، ويستبدوا بها، ظلما وعدوانا، لعقود طويلة، وهم على هذه الأخلاق والسفاهة والانحطاط والكفر والزندقة، ثم نجد من يعتبرهم ولاة أمر، ويدعو لهم بصلاح الحاشية وطول العمر!!!

وحزينون على مصير ليبيا ونحن نرى تكالب الضباع الكاسرة عليها من كل حدب وصوب .. ضباع دمرت في البلاد عشرات آلاف الأهداف من البنى التحتية، العسكرية والمدنية، وصارت فاتورتها ثقيلة، فضلا عن بدء التصارع على النفط والثروات الليبية قبل أن يتوقف نزيف الدماء.

حزينون ونحن نراقب التصريحات المحمومة لقادة « المركز » وهم يسارعون إلى اللقاءات وعقد الاجتماعات، ويتحدثون بكل صفاقة ووقاحة عن البدء في ترتيب الأوضاع في ليبيا خلال المرحلة الانتقالية، وكأن البلاد ملك يمينهم، أو إحدى ولاياتهم الجديدة.

حزينون أن يجد المجلس الانتقالي، مبكرا، سعة من الوقت للتعبير عن التزامه بكل المعاهدات والقوانين الدولية ذات الصلة بما يسمى « مكافحة الإرهاب»، بينما يضيق صدره عن تصريح واحد يلتزم بقضايا الأمة ونوازلها.

حزينون على مستقبل ليبيا والشعب الليبي وعلاقته بأشقائه العرب والمسلمين، ونحن نسمع تصريحات تتوعد « المتطرفين» الإسلاميين بالويل والثبور، بينما تطمئن تصريحات أخرى: « الدول التي دعمت الثورة الليبية بأنها ستحظى بمعاملة مميزة».

حزينون ونحن نشتم روائح كريهة، لا تفسير لها، فتارة نسمع عن إلقاء القبض على ابني القذافي ثم نفاجأ، تارة أخرى، بأنهم أفلتوا مما يفترض أنهم محبسهم!!! وقلقون أكثر على التعمية المفروضة، منذ بدء الثورة، على هوية المجلس الانتقالي والثورة، حتى بديا كأنهما شأن « الناتو» و « المركز» بدلا من أن يكونا شأن الأمة.

نعم فرحون .. ولكننا حزينون أيضا


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

ليبيا، الثورة، ثورات شعبية، الثورة الليبية، القذافي، تحرير ليبيا، سقوط النظام الليبي، الناتو،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 27-08-2011   www.almaqreze.net

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
طلال قسومي، حسني إبراهيم عبد العظيم، سعود السبعاني، صلاح المختار، إيمى الأشقر، تونسي، د. عادل محمد عايش الأسطل، سلوى المغربي، رشيد السيد أحمد، كريم السليتي، منجي باكير، مجدى داود، د - عادل رضا، د. عبد الآله المالكي، أحمد الحباسي، مصطفى منيغ، محمد الطرابلسي، د. أحمد محمد سليمان، ضحى عبد الرحمن، عبد الله زيدان، سفيان عبد الكافي، كريم فارق، يزيد بن الحسين، محرر "بوابتي"، د. طارق عبد الحليم، د- جابر قميحة، فتحي الزغل، صفاء العربي، د. أحمد بشير، وائل بنجدو، رافع القارصي، خالد الجاف ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، ياسين أحمد، محمد يحي، عبد الله الفقير، محمد شمام ، د - محمد بن موسى الشريف ، د. صلاح عودة الله ، سامر أبو رمان ، سلام الشماع، فوزي مسعود ، علي الكاش، سليمان أحمد أبو ستة، رافد العزاوي، د - المنجي الكعبي، أحمد النعيمي، صلاح الحريري، أبو سمية، محمود سلطان، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد الياسين، حميدة الطيلوش، إسراء أبو رمان، حسن الطرابلسي، محمد عمر غرس الله، د - صالح المازقي، جاسم الرصيف، رمضان حينوني، الهادي المثلوثي، فتحي العابد، المولدي الفرجاني، د- هاني ابوالفتوح، عبد الغني مزوز، نادية سعد، محمد أحمد عزوز، محمود طرشوبي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. خالد الطراولي ، عواطف منصور، د- محمد رحال، رحاب اسعد بيوض التميمي، ماهر عدنان قنديل، أنس الشابي، أحمد ملحم، العادل السمعلي، سيد السباعي، الهيثم زعفان، عمر غازي، الناصر الرقيق، د - محمد بنيعيش، فتحـي قاره بيبـان، صباح الموسوي ، أحمد بوادي، عراق المطيري، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، محمد اسعد بيوض التميمي، د- محمود علي عريقات، د - شاكر الحوكي ، إياد محمود حسين ، سامح لطف الله، أشرف إبراهيم حجاج، مصطفي زهران، أحمد بن عبد المحسن العساف ، صفاء العراقي، د.محمد فتحي عبد العال، أ.د. مصطفى رجب، د - الضاوي خوالدية، د - مصطفى فهمي، رضا الدبّابي، فهمي شراب، حسن عثمان، عبد الرزاق قيراط ، صالح النعامي ، يحيي البوليني، محمد العيادي، حاتم الصولي، خبَّاب بن مروان الحمد، محمود فاروق سيد شعبان، عزيز العرباوي، مراد قميزة، عمار غيلوفي، علي عبد العال،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة