البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

أزياء بنات الجامعة!

كاتب المقال أحمد بن عبد المحسن العساف - الرياض    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6707 ahmadalassaf@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


دخل أستاذ علم الاجتماع على طلابه فوجد كثيراً منهم يرتدي الزّي الأفغاني أو الإيراني، وقد حدث موقف مشابه لأستاذ مادة الرِّياضيات حين رأى طلابه بملابس قصيرة، ولبعضهم شعر كدشي مروِّع! إنَّ هذه الصُّور محل استنكار كثير من العقلاء أيَّاً كانت منطلقاتهم، فالزّي يرتبط بالهويّة؛ ولا يتنازل عن هويته إلاّ منسلخ أو جاهل، ولا مكان لدعوى الحرّية هنا؛ فالحرّية في مواضع معينة تعني الفوضى.

وقد حدثني مَنْ يتولى إعادة قريبته من إحدى جامعات الرِّياض عن مناظر الفتيات ساعة خروجهنَّ من مبنى الجامعة، إذ يلبس بعضهنَّ ملابس تتفاوت في القصر من فوق الكعبين إلى حدود الرُّكبتين؛ حتى أنَّ بعض هذه المقاسات لو كانت على رجل متدين لرمقه البعض بنظرة اتِّهام وربَّما ازدراء. ويعظم الأمر على صاحبنا حين يلعب الهواء بعباءة الطَّالبة مبدياً شيئاً من مفاتنها وشكل جسدها؛ أو حين تقفز إلى الحافلة ذات الباب العالي.

قلت لمحدِّثي: غضَّ بصرك! فأجابني مبتسماً أنَّ الظباء قد تكاثرت على خراش فلا يدري أين يضع بصره؟ فاقترحت عليه أن يتخذ لنفسه مكاناً قصيّاً ينتظر فيه قريبته حتى لا يضطَّر إلى الوقوف والنَّظر، فاعتذر بسوء تنظيم الحركة حول الجامعة وصعوبة الحصول على موقف ثابت دائما؛ إضافةً إلى أنَّه يرحم قريبته من البحث والمشي وحيدة بين السَّيارات والرِّجال، وحين اقترحت عليه استئجار حافلة أفادني بأن الحافلات تأخذ الطالبة باكراً وتعيدها متأخرة؛ وزاد أنه فشل في إسناد هذه المهمة إلى غيره من المحارم، وبعيداً عن الحلول فإنَّ أصل المشكلة باق ولا يكفي زجر رجل واحد عن النَّظر!

وتذكرت بعد هذا الحوار مقالاً قرأته لكاتبة فاضلة في صحيفة محليّة؛ روت فيه أنَّ زائرة غربيّة تعجبت من ملابس بعض نسائنا في حفلات الأعراس التي لا تختلف كثيراً عن لباس البحر! وقد زارت داعية سعودية مشهورة بلداً خليجياً بدعوة رسميّة، وقابلت كثيراً من نساء ذلك البلد، ودخلت بيوتات أهله بدءاً من الحاكم وانتهاءً بعامَّة النَّاس، ولاحظت في زيارتها وجولاتها المتعدِّدة أنَّ اللباس السَّابغ هو سمة نساء البلد، ونسبة العري قليلة في الكم والكيف؛ وبعض الشَّابات هناك لا يخرجن إلى فناء بيوتهنَّ دون غطاء رأس! وإنَّه لأمر يجلب السُّرور بهذا التَّصون، ولكنَّه يحزننا حين نقارنه بحال بعض مجتمعاتنا النِّسائية التي تزداد فيها رقعة العراء.

ولدي اعتقاد كبير أنَّ هذه الطَّريقة المبتذلة في اللباس ليست دليلاً على رغبة الفتاة في الفجور، وإنِّما هو نوع من خواء الرُّوح يعالجنه بعراء الجسد، بسبب التَّقليد أو رغبةً في التَّفرد أو تنفيساً عمَّا يواجهنه من حرمان وتجاهل أو لفتاً للأنظار أحيانا. وتزداد أهمية طرق موضوع الأزياء مع الحملة التَّغريبية المتواصلة ضد المرأة والمجتمع، إضافة إلى أنَّنا ننشد أجيالاً رائدة في الإصلاح والإبداع والتَّغيير الإيجابي؛ ويصعب وجود هذه الصِّفات في أبناء لا همّ لأمهاتهم سوى الزِّي والزِّينة بلا ضوابط شرعيّة، فضلاً عن أنَّ الإفراط في تجميل المظهر يقضي على الرُّوح ويحرم العقل والقلب واللسان من الاهتمام اللائق بها.

وللأديبة العراقية الرَّاحلة د.نازك الملائكة محاضرة جميلة([1]) مطبوعة بتعليق الشَّيخ محمد عيد العبَّاسي تنعى فيها على المرأة العربية نسيان العناية بشخصيتها وعقلها وروحها مقابل الإسراف في الملبس والتَّزين؛ والإفراط في أدق التَّفاصيل التي لا تستثني الحذاء أو ربطة الشَّعر؛ وفيه قالت: "ولكم أحترم الهند في أنها حافظت على لباسها، وصمدت في وجه الغرب صموداً رائعاً. فالمرأة الهندية تلبس الساري الهندي الجميل الذي يلف كتفيها؛ ويهبط حتى قدميها، فيحفظ كرامتها القومية، ويصون عزتها النسوية. إن ملابسها هندية وليست أوربية؛ وهي تلبسها في وطنها والعالم كله، وهي لا تقدس أزياء الغرب".

ولا تخلو إدارات جامعاتنا من رجال ونساء يخافون الله، ويحرصون على المجتمع، ويترفعون عن الهوى، وهذه سمة العقل الأكاديمي الباحث عن الحقيقة بتجرُّد، فليت واحداً من هؤلاء يملك من الشَّجاعة ما يكفي لضبط ألبسة الفتيات في الجامعة ومتابعتها بصرامة تربوية دون الالتفات للضَّجيج المصطنع حول المرأة، وللبريق الخاطف لمن يقدِّم التَّنازلات بشأنها؛ فالخاطف اليوم خافت غداً، وليتعاملوا مع الأمر تماماً كما سيفعلون لو لبس الطُّلاب زيِّا أفغانيّاً أو إيرانيّاً أو غربيّا! وهو ما نرفضه لأسباب دينية ولمصالح وطنية واجتماعية.

ولا أغفل الجانب التَّربوي المتزن المرجو من الآباء والأمهات، وهذا الموضوع يحتاج حديثاً خاصَّا، ولعلَّ في الكتب والبرامج التَّدريبيَة ما يعين الأبوين المخلصين على أداء رسالتهما الأبوية بنجاح وحنان. والمأمول من المحاضن التَّربوية والدَّعوية النِّسائية ألاّ تقتصر على العناية بضبط المظاهر الخارجيّة وتهمل تعبيد القلب لله وسوق الجوارح كلها للسُّجود بين يدي الله خاضعة طائعة، لأنَّ السُّلوك فرع عن الاعتقاد والتَّصور، وإصلاح التَّفكير وتعميق الوعي طريق أكيد لتحسين الأخلاق والارتقاء بالاهتمامات، فجمال المرأة الحقيقي كما تقول د. نازك: " ينبع من الروح الكبيرة المستوعبة، والذهن الحر المرن، والقلب النابض الرقيق. وهو جمال الخلق الكريم والعذوبة، والخشوع لله والنزاهة وكبر النفس".

الأحد 22 من شهرِ ذي الحجة الحرام عام 1431
-------------
([1])عنوان الكتاب: مآخذ اجتماعية على حياة المرأة العربية، وهو محاضرة ألقيت في جامعة البصرة قبل أربعين عاما.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

السعودية، التبرج، الجامعة، الإختلاط، السفور، بنات الجامعة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 2-05-2011  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أزياء بنات الجامعة!
  الأعمال الكاملة لشيخ الزَّيتونة والأزهر
  رسائل من غبار السِّنين
  التَّوانسة: شعب أراد الحياة!
  العيد: لُّحمةٌ ورحمة
  ليبيا.. وأربعونَ عاماً منْ الأغلال
  جوائزٌ للإنصافِ الغربي
  الخطباءُ وأفكارُ المنبر
  ابنُ جبرين..والدِّيارُ التي خلتْ!
  الطِّفلُ الملِكيُ والقُنصلُ الفرنسي!
  المهنيةُ إذْ تشتكي...
  مجتمعُنا والثقافاتُ النَّادرة
  الأيامُ العالميةُ: احتفالٌ أمْ إهمال؟
  ابحثْ عنْ الطفلِ الذي يحكُم!
  غزَّةُ هاشم: وخزَةُ الماردِ النائم
  عِبَرٌ منْ غزَّةَ بلا عبَرات
  غزَّة: القطاعُ الكاشف
  العيدُ: اجتماعٌ وفرحة
  العيد: يومُ الزِّينةِ والبسمة
  رمضان: الضيفُ المُعَلِّم
  رمضان: بوابةُ التحسينِ والتغيير
  رمضان:موسمُ العزَّةِ وشهرُ التربية
  وماذا بعدَ البيانِ والبُهتانِ حولَ المسعى؟
  الملتقياتُ العائليةُ: المجتمعُ الجديد
  المرأةُ على خطِّ المواجهة!
  كيفَ يبني المربي ثقافتَه ؟
  المهندسون: عقولٌ وآمال‏
  حَيَّ على الزواج
  المبادئُ الثابتةُ أمْ الرموزُ القابلةُ للتحول ؟‏
  أبناءُ الأكابرِ والمسؤولية

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
أحمد بوادي، عبد العزيز كحيل، حاتم الصولي، تونسي، حسني إبراهيم عبد العظيم، محمد علي العقربي، صباح الموسوي ، صلاح الحريري، محمد شمام ، د. عبد الآله المالكي، د - شاكر الحوكي ، د - عادل رضا، د - محمد بن موسى الشريف ، د- هاني ابوالفتوح، يزيد بن الحسين، العادل السمعلي، خالد الجاف ، بيلسان قيصر، د - مصطفى فهمي، عبد الرزاق قيراط ، أحمد ملحم، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د. مصطفى يوسف اللداوي، مصطفي زهران، أبو سمية، كريم فارق، مراد قميزة، المولدي اليوسفي، محمد أحمد عزوز، علي الكاش، سعود السبعاني، رحاب اسعد بيوض التميمي، فتحي العابد، د- جابر قميحة، علي عبد العال، د. أحمد بشير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، جاسم الرصيف، د. صلاح عودة الله ، ياسين أحمد، د. عادل محمد عايش الأسطل، ضحى عبد الرحمن، إيمى الأشقر، طلال قسومي، صلاح المختار، محرر "بوابتي"، سيد السباعي، د - الضاوي خوالدية، عمار غيلوفي، رشيد السيد أحمد، أنس الشابي، د - المنجي الكعبي، سامر أبو رمان ، عمر غازي، الناصر الرقيق، د- محمود علي عريقات، عبد الله الفقير، محمود طرشوبي، وائل بنجدو، رضا الدبّابي، سلوى المغربي، ماهر عدنان قنديل، حميدة الطيلوش، إسراء أبو رمان، الهيثم زعفان، محمد يحي، د. خالد الطراولي ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، إياد محمود حسين ، سامح لطف الله، حسن عثمان، رافد العزاوي، يحيي البوليني، محمد العيادي، أ.د. مصطفى رجب، كريم السليتي، مجدى داود، فوزي مسعود ، رافع القارصي، فتحـي قاره بيبـان، خبَّاب بن مروان الحمد، أحمد الحباسي، د - صالح المازقي، محمود سلطان، عواطف منصور، عبد الله زيدان، نادية سعد، محمد عمر غرس الله، أشرف إبراهيم حجاج، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، رمضان حينوني، د- محمد رحال، منجي باكير، الهادي المثلوثي، حسن الطرابلسي، د. طارق عبد الحليم، أحمد النعيمي، د.محمد فتحي عبد العال، صفاء العربي، سليمان أحمد أبو ستة، طارق خفاجي، محمد اسعد بيوض التميمي، فتحي الزغل، د - محمد بنيعيش، د. أحمد محمد سليمان، عبد الغني مزوز، فهمي شراب، عزيز العرباوي، محمود فاروق سيد شعبان، سلام الشماع، محمد الياسين، مصطفى منيغ، سفيان عبد الكافي، المولدي الفرجاني، محمد الطرابلسي، صفاء العراقي، صالح النعامي ، عراق المطيري،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز