البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

مجتمعُنا والثقافاتُ النَّادرة

كاتب المقال أحمد بن عبد المحسن العسّاف - الرِّياض    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 8065 ahmadalassaf@gmail.com


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


سمعتُ أحدَ مثقفينا وكتَّابنا الذين يُشارُ إليهم بالبنانِ يقولُ في جلسةٍ خاصَّةٍ إنَّه اضطرَ إلى الانتظارِ في صفٍّ طويلٍ في لندن؛ وكانَ المنتظرونَ على اختلافِ أعمارِهم يقرؤون كتاباً إلاّ أنا– والحديثُ للكاتب- معْ أنّي أُعدُّ في بني قومي قارئاً نهماً! وحدَّثني صديقٌ ذهبَ إلى ألمانيا لحضورِ مؤتمرٍ علمي؛ وفي طريقهِ إلى مقرِ إقامتهِ رنَّ هاتفُ سائقِ سيَّارةِ الأجرةِ فأستأذنَ ليجيبَ فأذنَ له والدَّهشةُ تملؤه منْ هذا السلوكِ الجميل؛ ثمَّ أوقفَ السائقُ سيَّارتَه في مكانٍ مناسبٍ ليتحدَّثَ عبرَ الهاتفِ ممَّا أثارَ استغرابَ الرَّاكبِ العربي منْ هذا السائقِ الذي استأذنَ ثمَّ توقفَ حفاظاً على الأرواحِ والممتلكاتِ والسلامةِ المرورية.

وإذا حلَّ إنسانٌ في بلدةٍ وأرادَ التعرُّفَ عليها فلا مناصَ له منْ سبرِ أغوارِ تراثِها في الأسواقِ والأحياءِ الشعبيةِ والمتاحفِ والآثارِ ولا بدَّ منْ تلمِّسِ ثقافتِها في تعاملِ النَّاسِ معْ الإنسانِ والمكانِ والزَّمانِ والمكتسباتِ فهوَ خيرُ معبِّرٍ عنْ الثقافةِ التي تظهرُ في السلوكياتِ العمليةِ المبنيةِ على التصوراتِ الذِّهنية، ولكلِّ فردٍ ثقافتُه الخاصَّة كما أنَّ لكلِّ مجتمعٍ ثقافتُه التي يُعرفُ بها؛ وبينَ ثقافةِ الفردِ والمجتمعِ ترابطٌ لا يخفى.

وللثقافةِ أكثرُ منْ مئةٍ وخمسينَ تعريفاً؛ وقدْ صدرَ عنْ مؤتمرِ اليونسكو للثقافةِ المنعقدِ منْ 6 يوليو– 6أغسطس عامَ 1982م الإعلانُ العالميُ للثقافةِ ( إعلان مكسيكو) وفيه: "إنَّ الثقافةَ بمعناها الواسعِ يمكنُ أنْ يُنظرَ إليها اليومَ على أنَّها جميعُ السماتِ الرُّوحيةِ والماديةِ والفكريةِ والعاطفيةِ التي تميزُ مجتمعاً بعينه، أوْ فئةً اجتماعيةً بعينها، وهيَ تشملُ الفنونَ والآدابَ وطرائقَ الحياة، كما تشملُ الحقوقَ الأساسيةَ للإنسان، ونظمَ القيمِ والتقاليدِ والمعتقدات" (1).

ومنْ وظائفِ الثقافةِ تمييزُ المجتمعاتِ ومنحُها حصانةً عنْ التغييرِ السلبي، كما تزيدُ منْ تماسكِ البناءِ الاجتماعي بتوحيدِ الإطارِ العامِ للمجتمع، ومنها توضيحُ المعاييرِ والقيمِ التي تضبطُ شؤونَ الحياةِ إضافةً إلى حفظِ تراثِ الأمةِ وغرسِ العزَّةِ في نفوسِ النَّاشئةِ حتى لا يخضعوا لثقافةٍ أخرى؛ فالعزَّةُ مصدرٌ للتحرُّرِ والأنفةِ وإباءِ الضيمِ وهذا ما ترنو إليه أمَّةُ الإسلام.

ومجتمعُنا يحتاجُ إلى تعزيزِ ثقافةِ التربيةِ حتى يستنفدَ الآباءُ والمعلمونَ والمربونَ جهدَهم لتربيةِ مَنْ دونهم على المكارم، ولا نغفلُ أهميةَ ثقافةِ المسؤوليةِ التي يقصرُها بعضُنا على العلماءِ والمثقفينَ والحكَّامِ؛ والصَّوابُ أنَّ كلَّ أحدٍ مسؤولٌ حسبَ قدراته ومواهبه؛ ومنْ لوازمِها أنْ يعرفَ الفردُ واجباتهِ وحقوقَه، كما أنَّ مجتمعَ المسلمينَ بحاجةٍ أكيدةٍ لثقافةِ مراعاةِ حقوقِ الآخرينَ وفقَ ميزانِ الشريعةِ ومقاصدِها؛ ومنْ أبجدياتِها قبولُ الاختلافِ السائغِ والمحافظةُ على النِّظامِ والنَّظافةِ والهدوء.

ومنْ الثقافاتِ التي نريدُها ثقافةُ التعاملِ معْ الخطأِ الذي لا يسلمُ منه بشرٌ ألبته؛ ولوْ أنَّ هذهِ الثقافةَ متوافرةٌ لما سعى البعضُ لإصلاحِ الأخطاءِ بأعظمَ منها كما في تصرفاتِ بعضِ فتياتِ الابتزازِ، وممَّا نتمنَّى تكريسهُ في مجتمعنِا ثقافةُ السلامةِ خاصَّةً في المنازلِ وعلى الطرق، ومنْ أهمِّ الثقافاتِ لمجتمعٍ مباركٍ ثقافةُ العملِ التطوعي، ويجبُ ألاَّ نتهاونَ في نشرِ ثقافةِ التخطيطِ للمستقبلِ والتفكيرِ المنهجي حتى لا تكونَ حياتُنا سبهللا بلا غايةٍ نبيلة.

ولندرةِ الثقافاتِ الإيجابيةِ في المجتمعاتِ أسبابٌ منها:

1. غيابُها عنْ المنابرِ ووسائلِ الإعلام.
2. الانصرافُ عنْ القراءة.
3. سيطرةُ العقلِ المعيشي على أفرادِ المجتمعِ بحثاً عنْ الرِّزق.
4. ضعفُ تأهيلِ الأسرةِ تربوياً حتى لو كانَ الأبوانِ يحملانِ أعلى الدَّرجات.
5. ابتعادُ مناهجِ التعليمِ وتطبيقاتهِ عنْ التربيةِ العملية.
6. إهمالُ الفردِ في بعضِ المشاريعِ الإصلاحية.
7. استيرادُ مكوناتِ ثقافةِ الأطفالِ منْ بيئاتٍ غريبة.
8. خلوُّ المجتمعِ منْ مؤسساتٍ تحمي الثقافةَ على غرارِ حمايةِ المستهلك.
9.
ولا يعني ما سبقَ اتهامُ المجتمعِ المسلمِ أوْ تنقُّصُّه؛ فقدْ تكونُ هذهِ الثقافاتُ ظاهرةً في بلدٍ ضامرةً في آخر، وقدْ تعتني فئةٌ بثقافةٍ مَّا بينما تغيبُ عنْ فئةٍ أخرى؛ وإنَّما الغايةُ أنْ يلتفتَ المجتمعُ بنخبهِ وجهاتِه المسؤولةِ للثقافاتِ المنشودةِ-وهي أكثرُ ممَّا وردَ في المقالة- حتى تكونَ حاضرةً لدى الكبيرِ والصَّغيرِ والرَّجلِ والمرأةِ في القريةِ والمدينةِ وحينَ الخلوةِ والجلوة.

------------

إحالات:


(1) المنظور الإسلامي للثقافة والتربية-أ.د. محمد عبد العليم مرسي- مكتبة العبيكان-الطبعة الأولى 1417- ص 30-31.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

الثقافة، المطالعة، الكتاب، العقل العربي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-05-2009  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  أزياء بنات الجامعة!
  الأعمال الكاملة لشيخ الزَّيتونة والأزهر
  رسائل من غبار السِّنين
  التَّوانسة: شعب أراد الحياة!
  العيد: لُّحمةٌ ورحمة
  ليبيا.. وأربعونَ عاماً منْ الأغلال
  جوائزٌ للإنصافِ الغربي
  الخطباءُ وأفكارُ المنبر
  ابنُ جبرين..والدِّيارُ التي خلتْ!
  الطِّفلُ الملِكيُ والقُنصلُ الفرنسي!
  المهنيةُ إذْ تشتكي...
  مجتمعُنا والثقافاتُ النَّادرة
  الأيامُ العالميةُ: احتفالٌ أمْ إهمال؟
  ابحثْ عنْ الطفلِ الذي يحكُم!
  غزَّةُ هاشم: وخزَةُ الماردِ النائم
  عِبَرٌ منْ غزَّةَ بلا عبَرات
  غزَّة: القطاعُ الكاشف
  العيدُ: اجتماعٌ وفرحة
  العيد: يومُ الزِّينةِ والبسمة
  رمضان: الضيفُ المُعَلِّم
  رمضان: بوابةُ التحسينِ والتغيير
  رمضان:موسمُ العزَّةِ وشهرُ التربية
  وماذا بعدَ البيانِ والبُهتانِ حولَ المسعى؟
  الملتقياتُ العائليةُ: المجتمعُ الجديد
  المرأةُ على خطِّ المواجهة!
  كيفَ يبني المربي ثقافتَه ؟
  المهندسون: عقولٌ وآمال‏
  حَيَّ على الزواج
  المبادئُ الثابتةُ أمْ الرموزُ القابلةُ للتحول ؟‏
  أبناءُ الأكابرِ والمسؤولية

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
كريم فارق، منجي باكير، د. خالد الطراولي ، محمد شمام ، المولدي الفرجاني، إياد محمود حسين ، علي عبد العال، مراد قميزة، سعود السبعاني، أشرف إبراهيم حجاج، عزيز العرباوي، صلاح الحريري، د - محمد بن موسى الشريف ، جاسم الرصيف، عبد الله الفقير، صباح الموسوي ، محمد الياسين، ضحى عبد الرحمن، سفيان عبد الكافي، مجدى داود، عبد الرزاق قيراط ، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أحمد بوادي، خالد الجاف ، صلاح المختار، خبَّاب بن مروان الحمد، الهادي المثلوثي، عمار غيلوفي، محمد يحي، رافد العزاوي، سامح لطف الله، كريم السليتي، محمد العيادي، نادية سعد، أبو سمية، تونسي، محمود سلطان، د - صالح المازقي، أ.د. مصطفى رجب، ياسين أحمد، عراق المطيري، د- جابر قميحة، رمضان حينوني، فتحـي قاره بيبـان، د - محمد بنيعيش، إسراء أبو رمان، الهيثم زعفان، حميدة الطيلوش، رضا الدبّابي، سامر أبو رمان ، الناصر الرقيق، د - الضاوي خوالدية، د - شاكر الحوكي ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عبد الله زيدان، أحمد النعيمي، حاتم الصولي، سليمان أحمد أبو ستة، محمد اسعد بيوض التميمي، أنس الشابي، عمر غازي، رافع القارصي، صفاء العراقي، د. أحمد بشير، د. صلاح عودة الله ، محمود فاروق سيد شعبان، فتحي العابد، صفاء العربي، فوزي مسعود ، مصطفي زهران، محمود طرشوبي، د - مصطفى فهمي، محمد عمر غرس الله، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، وائل بنجدو، فتحي الزغل، فهمي شراب، سلام الشماع، د - المنجي الكعبي، ماهر عدنان قنديل، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سيد السباعي، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسن عثمان، رشيد السيد أحمد، د. طارق عبد الحليم، د.محمد فتحي عبد العال، يزيد بن الحسين، د. مصطفى يوسف اللداوي، صالح النعامي ، عواطف منصور، سلوى المغربي، محمد الطرابلسي، د- محمد رحال، د. أحمد محمد سليمان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسني إبراهيم عبد العظيم، حسن الطرابلسي، محرر "بوابتي"، د- محمود علي عريقات، العادل السمعلي، عبد الغني مزوز، أحمد ملحم، إيمى الأشقر، يحيي البوليني، طلال قسومي، محمد أحمد عزوز، د - عادل رضا، علي الكاش، د- هاني ابوالفتوح، د. عبد الآله المالكي، مصطفى منيغ، أحمد الحباسي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة