عبد الرزاق قيراط ـ تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 9080
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
قبل التدخّل العسكريّ في ليبيا، كان القذافي فاعلا لا يشكّ في ذلك أحد. فعل كلّ ما يمكنه قولا و عملا لينقذ نفسه من عاصفة الثورة التي هبّت عليه من الغرب و الشرق تونس و مصر.
كان فاعلا بأقواله الغريبة في خطبه التي ألقاها واقفا أو جالسا، فشتم أعداءه و نعتهم بأقبح الأوصاف.
و كان في تلك الأفعال منفردا في مواجهة بين[ أنا القذافي و أنتم الشعب] بل إنّه عرّف ليبيا في خطاب الزنقة و الهلوسة بأنّها القذافي نفسه و أنكر أن يكون للشعب وجود و هو يصرخ سائلا محتقرا: من أنتم؟
و إمعانا في ذلك النكران لوجود الشعب و حقّه في الكرامة و الحرّيّة، ألقى ذلك الوابل من التهديدات بملاحقتهم و تطهير ليبيا منهم. و بذلك ينتفي وجود الشعب الليبي ليبقى القذافي قائد إفريقيا و أمريكا اللاتينيّة و آسيا بل و قائد العالم في مسيرته الظافرة كما قال في خطبته المشهودة.
إنّها لعبة النفي و الإثبات فالقذّافي ينفي أن يكون رئيسا أو حاكما ليستقيل. ليس له منصب أو سلطة يتنازل عنها. و في مقابل ذلك النفي يؤكّد أنّه قائد ثورة و مجد حتّى نهاية العمر.
و القذافي فاعل بأعماله العسكريّة الإجراميّة ، قتل المئات و ربّما الآلاف من أبناء شعبه الأبرياء. و لكنّه ظلّ يمارس نفس اللعبة و هو يقول أنّه لا وجود لمظاهرات ضدّه و لا وجود لقتل أو دماء.
كان يقصف المدنيين و يغير على بيوتهم و يلاحقهم حتّى و هم يشيّعون شهداءهم و ينفي كلّ ذلك في صورة مقلوبة رأسا على عقب. كلّ الصور التي نقلها إعلامه رفعت أعلامه الخضراء المرفرفة و أثبتت فعله و ألغت الثورة و نفت وجودها و أخفت كلّ مظاهرها حتّى لا تشاركه الفعل.
ذلك هو القذّافي الفاعل الذي كاد يقضي على آخر رجل يعلن العصيان عليه حين استطاع أن يسترجع أنفاسه متوجّها إلى بنغازي لمحاصرتها و القضاء على منبع الثورة فيها . و هو فاعل لكلّ ذلك لأجله، لأجل نفسه لا لأجل شعبه.
ثمّ جاء الهجوم الجوّي الأجنبيّ فأصبح القّذافي مفعولا لأجله كذلك. في الحالتين، يحاول القذّافي أن يستفيد، فاعلا أو مفعولا. حين بدأ الهجوم الغربي، اختفى القذّافي و لم نعد نراه ، غابت صورته و عوّضها صوت يرسل بعض الإشارات من بعيد. إشاراته هي تهديداته المعتادة، فهو سيوسّع دائرة الحرب ليشمل بفعلها الرهيب حوض المتوسّط.
نفس لغة الوعيد و نفس لغة النفي و الإثبات إذ يثبت هذه المرّة سقوط الضحايا و يأمر بعرض صورهم و نقل الصحفيين إلى المستشفيات و المقابر لإحصائهم. أصبح القذافي ضحيّة و الغرب يقتل شعبه، و أصبح قائدا لمعركة جديدة داعيا شعبه رجالا ونساء للتسلّح دفاعا عن الوطن و عنه فهو محبوب من كلّ شعبه شيبا و شبابا و هو مظلوم من الغرب الذي لم يفهم ما يدور في ليبيا من قتال بين القذافي و القاعدة!
و هو يعتقد أنّ حبّ شعبه له و استعداده للتضحية في سبيله سيجعله منصورا في حربه على الصليبيين الكفرة.
ذاك هو القذّافي المحبوب المظلوم المنصور. إنّه نفس الرجل فاعلا أو مفعولا، سيكون الفعل لأجله.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: