ماذا سيفعل الأسد في سوريّة؟ الجواب في كليلة و دمنة
عبد الرزاق قيراط ـ تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8994
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من منّا لم يقرأ و لو جزءا يسيرا من حكايات كليلة و دمنة لعبد الله المقفّع. كلّنا كبارا و صغارا سمعنا بتلك الحيوانات التي نطقت بالحكمة تلقّنها لبني البشر عبر قصص مشوّقة أصبحت مضربا للأمثال و مرجعا للحكماء.
من ذلك الكتاب العظيم، تذكّرت حكاية الأسد الذي خاف من صوت الثور و عجبت للتشابه الغريب بين أسد ابن المقفّع و أسد سوريّة فالأوّل يخاف من صوت الثور و الثاني يخاف من صوت الثورة.
<< وكان هذا الأسد منفرداً برأيه دون أخذٍ برأي أحد من أصحابه. فلمّا سمع خوار الثور، ولم يكن رأى ثوْرا قطّ، ولا سمع خواره، لأنّه كان مقيماً مكانه لا يبرح ولا ينشط، بل يؤتى برزقه كل يومٍ على يد جنده... >>
ذاك أسد ابن المقفّع وأسد سوريّة منذ كان شبلا لوالده لم يبرح أيضا مكانه فلا نشاط في سبيل الإصلاح و لا سعي لتطوير الحياة السياسيّة نحو الحريّة و التعدّديّة بل هو الانفراد بالرأي و الانصراف عن النصح. و قد جاءه النصح منذ بداية الثورات العربيّة التي دوّت بأصواتها حتّى بلغت مشارق الأرض و مغاربها، جاءه من رجال الصحافة الأحرار في المقالة تلو المقالة فذكّروه بوعوده للإصلاح ولمقاومة الفساد و معاقبة الفاسدين، تلك الوعود التي ظلّت مجرّد كلمات فضاعفت من حالة الاحتقان في كلّ أنحاء سوريّة. و قد تساءل السيّد عبد الباري عطوان في نهاية إحدى مقالته:" سورية تنتظر الشرارة، أو محمد بوعزيزي آخر، ومازالت هناك فرصة للحيلولة دون الانفجار الكبير.. فهل يسمع ويقرأ الرئيس الأسد؟"
و الجواب أنّ الأسد على ما يبدو لم يقرأ مقالاتك يا أستاذ عبد الباري و لم يقرأ شيئا من حكايات كليلة و دمنة، فها نحن نرى كيف وصلت أمواج الثورة إلى عقر داره فواجهها بنفس الحلول القمعيّة التي مورست في تونس و مصر. إنّه لا يرى الصورة كاملة إذ يتجاهل الانتصار الذي حقّقه الشباب رغم القنابل والرصاص.
الغريب في الأمر أنّ أسد حكايتنا الحكيمة قتل الثور شتربة و لكنّه ندم بشدّة فقال عنه:" لقد فجعني شتربة بنفسه، وقد كان ذا عقلٍ ورأيٍ وخلقٍ كريمٍ، ولا أدري لعلّه كان بريئاً أو مكذوباً عليه، فحزن وندم على ما كان منه".
نهاية تعبّر عن الحزن الشديد و الندم الذي أصاب أسد الحكاية الخياليّة و قد يصيب أسد الرواية السوريّة إذا تمادى في قتل الثوّار و التضييق عليهم أملا في إخماد أصواتهم المنادية بالحرّيّة.
فماذا سيفعل بشار الآن ؟ ذاك هو السؤال و الجواب جاء من دمنة و هو يحدّث الأسد
عن صوت ذلك الثور الذي أخافه: " لا يصغرنّ عندك أمره: فإنّ الريح الشديدة لا تعبأ بضعيف الحشيش، لكنها تحطّم طوال النخل وعظيم الشجر"
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: