معنى الحوار بين الأديان:
الحوار بين الأديان من المصطلحات الحادثة المجملة، وهو يتنوع بحسب أهدافه وأغراضه إلى عدة أنواع، منها ما هو حق إذا كان الهدف شرعيًّا، ومنها ما هو باطل إذا كان الهدف مذمومًا شرعًا.
ومما تقدم، يمكننا أن نقول أن للحوار بين الأديان عدة معاني؛ بحسب أهدافه وأغراضه منها:
1- حوار الدعوة أو التنصير.
2- حوار التعايش أو التسامح.
3- حوار التقريب.
4- حوار الوحدة.
5- حوار الاتحاد [انظر: الحوار مع أهل الكتاب أسسه ومناهجه، خالد القاسم، (108)].
وسيأتي بمشيئة الله تعالى بيان معنى كل نوع من هذه الأنواع في العالم الإسلامي وفي العالم الغربي، وأبرز المؤسسات أو الشخصيات الداعية له.
حقيقة الحوار بين الأديان في المنظور الغربي:
الحوار بين الأديان في المنظور الغربي بكل أنواعه وسيلة تنصيرية واستعمارية، ومناورة سياسية لوقف القتال بعد تحقيقهم لبعض المكاسب.
ذكر "دانيال آر بروستر"، في محاضرة له بعنوان "الحوار بين النصارى والمسلمين" عدة حقائق توضح حقيقة الحوار عند النصارى منها:
1- (في عام 1960م، رفع مجلس الكنائس العالمي الحوار مع المسلمين، وكان يُعتبر هذا الحوار وسيلة مفيدة للتنصير، فإن الحوار الذي هو وسيلة لكشف معتقدات وحاجيات شخص آخر هي نقطة بداية شرعية للتنصير.
2- وفي عام 1968م، نُقل الحوار خارج محيط التنصير، واكتفى بالإقرار بصحة الديانة النصرانية، وفتح أبواب الصداقات، والمشاركة في الحياة على وفق ما يراه النصراني.
3- إن الهدف من الحوار هو إقناع الآخرين باتخاذ قرارات معينة، فإن بدر منهم ذلك فدعهم يسمونه ما يشاءون) [انظر: الحوار مع أهل الكتاب، خالد القاسم، (112-143)، ودعوة التقريب بين الأديان، أحمد القاضي، (347-350)].
وذكر "هيوكيتسكل" ـ زعيم حزب العمال البريطاني ـ في كتابه "التعايش السلمي والخطر الذي ينتابه"، تعريف التعايش بأنه: (مناورة خالصة، وهي ظاهرة مؤقتة، قد تقتضي تحوير السياسة بوقف القتال، وتخفيف الضغط) [انظر: التنصير خطة لغزو العالم الإسلامي، الترجمة الكاملة لأعمال المؤتمر التبشيري الذي عُقد في مدينة "جلين آيري" بالولايات الأمريكية، عام 1978م، (767-783)].
ومما جاء في الكتاب الصادر عن الفاتيكان عام 1969م:
1- (هناك موقفان لابد منهما أثناء الحوار؛ أن نكون صرحاء، وأن نؤكد مسيحيتنا وفقًا لمطلب الكنيسة.
2- سيفقد الحوار كل معناه إذا قام المسيحي بإخفاء أو بتقليل قيمة معتقداته التي تختلف مع القرآن.
3- لا يكفي أن نتقرب من المسلمين، بل يجب أن نصل إلى درجة احترام الإسلام على أنه يمثل قيمة إنسانية عالية وتقدمًا في التطور الديني بالنسبة للوثنية.
4- إن الحوار بالنسبة للكنيسة هو عبارة عن أداة، وبالتحديد عبارة عن طريقه للقيام بعملها في عالم اليوم) [التعايش السلمي، (3)].
ولذلك صرح أهل العلم ممَّن درس مفهوم الحوار عند الغرب، سواء بمسمى الزمالة أو الصداقة أو التقارب أو نحو ذلك من المسميات، بأن هذه الدعوى جوهرها وهدفها في الحقيقة هو أن يكسب اليهود والنصارى اعترافًا من المسلمين بصحة دينهم، وهذا له دور كبير في صد النصارى واليهود عن الدخول في الإسلام) [انظر: كتاب الفاتيكان توجيهات من أجل حوار بين المسيحيين والمسلمين، نقلًا عن كتاب "التنصير"، عبدالرحمن الصالح، (62-66)].
أنواع الحوار بين الأديان:
أولًا ـ حوار التعايش والتسامح:
لم ترد لفظة التعايش والتسامح في القرآن أو السنة، ولكن ورد لفظ البر والإحسان والقسط [انظر: أهمية الجهاد، العلياني، ص(449)، والإبطال، بكر أبو زيد، ص(35-46)، والتبشير والاستعمار لمصطفى الخالدي وعمر فروخ ص(257)، والاتجاهات العقلانية الحديثة، ناصر العقل، ص(407)، والولاء والبراء لمحمد، سعيد القحطاني، (346-351)].
فالحوار المتعلق بالعلاقة المعيشية البحتة بين معتنقي الأديان، ويهدف إلى تحسين العلاقة بين شعوب أو طوائف، وربما تكون أقليات دينية؛ فإن الإسلام يرحب به، ويدعو إليه من خلال الإحسان والبر والقسط، ولا يتنافى مع نصوص الشرع الناهية عن موالاة الكفار.
فمفهوم التسامح والتعايش في الإسلام هو: التعامل مع غير المسلم وفق الحكمة واللين والمعروف، سواء في ذلك التعامل في الخطاب، أو في مطلق التصرف، وفق الضوابط الشرعية، فإذا حارب أو اعتدى فعلى المسلمين أن يحاربوه ويردعوه.
فأهم ضوابطه ثلاثة [انظر: حقيقة العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين، سعد الصيني، (25-26)]:
1- مراعاة جانب الولاء و البراء.
2- إقامة العدل.
3- الحكمة في الدعوة أو المعاملة.
المراد بالتعايش والتسامح في العالم الغربي:
لقد رفع الغرب شعار التعايش والتسامح مع العرب والمسلمين في اليوم السادس من نوفمبر 1973م بعد الأحداث التالية:
1- نشوب الحرب يوم العاشر من رمضان ـ السادس من أكتوبر ـ وقيام القوات العربية بعمليات حربية لتحرير الأراضي العربية المحتلة، ونجاحها في إنزال ضربات قوية بالمحتل الإسرائيلي.
2- قرار وزراء النفط العرب يوم السابع عشر من أكتوبر في الكويت: فرض الحصار النفطي على الولايات المتحدة الأمريكية، وتخفيض مستوى الضخ حتى يتحقق الجلاء عن الأراضي العربية المحتلة، وتؤمن الحقوق الوطنية لشعب فلسطين.
3- فرض الدول العربية الحظر النفطي على هولندا يوم العشرين من أكتوبر لموقفها العدائي من العرب.
فهذا الشعار عبارة عن مناورة خالصة، وظاهرة مؤقتة؛ من أجل وقف القتال أو تخفيف الضغط، ثم تطور هذا الشعار حتى أصبح دعوى فكرية تخفي وراءها أهدافًا عديدة؛ عقدية وثقافية، واجتماعية، وسياسية، واقتصادية، ومن أمثلة ذلك:
1- اتخاذه وسيلة للتنصير وتشويه حكم الردة في الإسلام.
2- اتخاذه وسيلة لمحاربة مفهوم الجهاد في الإسلام، وإضعاف عقيدة الولاء و البراء.
3- المحافظة على المكاسب المتحصلة، وامتصاص غضب العرب والمسلمين من الظلم الحاصل عليهم.
4- المطالبة بالحصول على المناصب الهامة داخل الدولة المسلمة.
وفي عام 1415هـ (1995م) أعلنت هيئة الأمم المتحدة أن هذا العام هو عام التسامح، وأصدرت نشرة خاصة عن ذلك، وكان أبرز ما فيها الدعوة إلى التسامح بين الأديان، ويريدون به الدعوة إلى زمالة الأديان، وجعل القاسم المشترك بينها البيان العالمي لحقوق الإنسان، والتأكيد على الحرية الدينية، واعتبار حكم الردة في الإسلام منافيًا لهذه الحرية.
وقد قام بعد ذلك بالدور على أتمه وأكمله المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسسكو"؛ فأصدرت كتابًا باسم "مفهوم التعايش في الإسلام"، أثبت فيه أن الإسلام يقر بالديانات السماوية، وأنه مهيمن عليها لا بمعنى ناسخ لها، وإنما بمعنى مراقب، فهو يرصد ما تتعرض له تلك الديانات من تحريف عن أصلها الحق [تأليف: د.عباس الجراري]، ثم يقول:
(لا انفتاح ولا حوار؛ وبالتالي لا تعايش بدون كيان شخصي وهوية خاصة، أي بدون المحافظة عليها، مما يقتضي عدم التنازل عنهما، وفي طليعتهما: الدين، وإلَّا فلا يكون انفتاحًا ولا يكون حوارًا، ولا يكون تعايشًا، وإنما تكون الهيمنة والتسلط ...، والإلحاح على مثل هذا الحوار ارجع إلى أمرين:
الأول: لتحقيق المزيد من التفاهم المفضي إلى التعايش.
الثاني: لتقوية الإيمان بالله في النفوس، خاصة بعد أن طغت المادية، وتفشت قيمها المسيطرة على الشباب في جميع أنحاء العالم).
ثم أصدرت اليونسكو بيانًا بمعنى التسامح، وأنه: (احترام الآخرين وحرياتهم، والاعتراف بالاختلافات بين الأفراد، والقبول بها).
والتسامح هو: (تقدير التنوع الثقافي، وهو الانفتاح على الأفكار والفلسفات الأخرى بدافع الاطلاع، وعدم رفض ما هو غير معروف)، ثم قامت كتابات عربية أخرى تؤكد على هذا المعنى من التسامح، وتقصد به حرية الردة عن الإسلام، وحرية السلوك والأخلاق، فهذا محمد الطالبي يقول بأنه: لا يرى سندًا في الإسلام لما يُعرف بحكم الردة [نقلًا عن تسامح الغرب، ص(30)].
وهذا عبدالفتاح عمر يتسائل: (هل الظاهرة الدينية ستقوم على ترسيخ قيم الاحترام والتسامح؟ أم أنها ستنبني على التطرف والعنف والتكفير والتدخل فيما للغير من معتقدات وماله من سلوكيات؟ هل الظاهرة الدينية ستساعد على ترسيخ الحرية الدينية، أم هل ستعصف بها في آخر الأمر؟) [انظر: مقالته بعنوان "الحرية الدينية حق من حقوق الإنسان أم قدر الإنسان"، ضمن كتاب دراسات في التسامح، ص(30)].
ثانيًا ـ حوار الدعوة والبلاغ:
الحوار مع أصحاب الديانات الأخرى من أجل دعوتهم للدين الإسلامي الخاتم والناسخ لجميع الأديان السابقة، وإيضاح محاسن الإسلام لهم، وبيان ما هم عليه من باطل، واستنقاذهم من ظلمات الشرك والجهل، هذا الهدف من أعظم ما يدعو إليه الإسلام، وبالتالي فهذا النوع من الحوار، مطلوب شرعًا وعقلًا.
المراد به في العالم الغربي:
يُراد بهذا النوع من الحوار عند الكنيسة الكاثوليكية، وعند مجلس الكنائس العالمي، وعند المستشرقين من النصارى عدة أمور:
الأمر الأول: اتخاذه وسيلة للتنصير، وهذه كانت غايتهم الأولى، من إعلان الحوار مع المسلمين.
الأمر الثاني: اتخاذه وسيلة لتشكيك المسلمين في دينهم، وفي نبيهم صلى الله عليه وسلم.
الأمر الثالث: اتخاذه وسيلة لأخذ الشهادة والإقرار بصحة دينهم، وجواز التعبد به لله تبارك وتعالى.
أبرز المؤسسات الداعية له في العالم الغربي:
1- الكنيسة الكاثوليكية:
وهي الكنيسة التي اعتقدت قرارات مجمع "نيقية" المنعقد عام (325م)، ومقر قيادتها الفاتيكان، وهو مقام البابوات في روما، وقد أعلن مجمع الفاتيكان الثاني عام 1962م الدعوة إلى الحوار بين الأديان، وأصدر النشرات والكتب الموضحة لذلك، ووضع خطة لإعداد وتدريب المحاورين النصارى، ومن تلك الكتب: "نحو حوار مع الإسلام"، "توجيهات في سبيل الحوار بين المسيحيين والمسلمين".
وقد أولى البابا يوحنا بولس الثاني ـ والذي تزعم رئاسة هرم هذه الكنيسة من عام 1978م ـ الحوار بين الأديان عناية فائقة، واعتبره في إطار المهمة الأساسية للكنيسة، وهي التبشير [انظر: التنصير خطة لغزو العالم الإسلامي، ص(775)].
2- مجلس الكنائس العالمي:
يمثل هذا المجلس بقية الطوائف النصرانية غير الكاثوليكية من بروتستانت وأرثوذكس، وقد وُلد هذا المجلس نتيجة لقاءات عالمية لتلك الكنائس من أجل توحيدها، ويُعتبر لهذا المجلس قوة ونفوذ تضاهي قوة الفاتيكان على الكنيسة الكاثوليكية.
وقد قام أيضًا هذا المجلس بإقامة دورات تدريبية للمنصرين للقيام بمهمة لحوار، ولكنَّه لما لم ير جدوى من ذلك، فمال بالحوار إلى دعوى التقارب والزمالة بين الأديان، وأدرجه ضمن إطار العلاقات الدولية للمجلس [انظر: دعوة التقريب، (1/406-461)].
ثالثًا ـ حوار التقريب بين الأديان:
المراد به عند العصرانيين:
من أفضل من شرح فكرة التقريب من العصرانيين على حسب اطلاعي د.عباس الجراري، في كتابه "الحوار من منظور إسلامي"، والذي نشرته "المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة" ـ إيسيسكو ـ وقدَّم له المدير العام للمنظمة شاكرًا له حسن عرضه لوجهة النظر الإسلامية في هذا الموضوع، ويليه د.يوسف الحسن، في كتابه "الحوار الإسلامي المسيحي الفرص والتحديات"، والذي نشره المجمع الثقافي بالإمارات، وأبرز ما في فكرتهم ما يلي:
1- شروط نجاح الحوار: الانطلاق من اعتراف كل طرف بالآخر، ويبدأ بالاستعداد النفسي للانفتاح عليه بتسامح، أي بقبوله كما هو، ثم البحث أثناء الحوار عن مواطن الاتفاق، والبعد عن مواطن الاختلاف.
2- قاعدة الحوار تتمثل في المعادلة التالية:
أ- ما تريد أن يعرفه عنك الآخر، فاعرفه أنت عنه.
ب- ما تريد أن يفعله معك الآخر، فافعله أنت معه.
والمقصود بالآخر هو من يؤمن بعقيدة غير عقيدتك، ويقصدون بذلك السماحة ونيسان الماضي.
3- تأويل "الكلمة السواء" في قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64]، بأنها فعل الصالحات والنافعات للبشرية، ومواجهة الطغيان، وتحقيق معرفة كاملة بالطرف الآخر، وإزالة سوء الفهم، دون المحاولة إلى إلغاء الخصوصيات.
4- البعد عن جعل الحوار دعوة مبطنة سوء للإسلام أو للنصرانية، والبعد عن التلفيق الديني، والبعد عن نوازع التشكيك، ومقاصد التجريح، بل لابد من إشاعة المودة وروح المسالمة والتفاهم والوئام، والتعاون فيما يقع التوافق فيه من أعمال النفع العام للبشرية.
وكما نلاحظ أن هذا النوع قريب من حوار التعايش، إلَّا أنه يزيد عليه المطالبة بإشاعة روح المودة والمحبة، وإزالة البغضاء والكراهية من النفوس، وأن تتقبل صاحب الديانة الأخرى كما هو، ولكنه يختلف عن الوحدة أنه لا يشترط فيه الإقرار بصحة الديانة الأخرى.
المراد به في العالم الغربي وأشهر الدعاة إليه:
العالم الغربي بعد نجاحه في إدارة الحوار العربي الأوربي، واستطاع عن طريقه أن يمتص غضب العرب، وأن يقنعهم بفكره الذي يريد، فوجد أمامه عقبة الدين، وبالأخص الدين الإسلامي الذي يأمر أتباعه بالبراءة من الكفار ومجاهدتهم والغلظة عليهم؛ فصار يطالب بالحوار بين الأديان، على أساس أن يقبل أتباع كل دين المخالف لهم كما هو، ويكون التعاون من أجل السلام العالمي، والتعايش العالمي، وترك المعاداة، ونحو ذلك.
وأبرز المؤسسات الداعية إليه: مجلس الكنائس العالمي، عن طريق "لجنة الحوار مع أصحاب العقائد والمثل الحية".
حوار الوحدة بين الأديان:
الحوار من أجل الوصول إلى القول بصحة جميع المعتقدات والديانات، وأنها ينبغي أن تكون جنبًا إلى جنب، تتزامل في الإيمان، دون أن يتخلى كل دين عن عقائده وشرائعه الخاصة به [انظر: الحوار الإسلامي المسيحي، (33)].
القسم الأول: الوحدة الصغرى: وهذا خاص بالأديان التي تعلن انتمائها إلى إبراهيم عليه السلام، وهي الإسلام واليهودية والنصرانية؛ ولذلك يطلق أصحاب هذا القسم على هذه الأديان: الأديان الإبراهيمية.
وتفرع عن هذا القسم من الحوار الدعوة إلى بناء: مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد، في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة، والدعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غلاف واحد.
والقسم الثاني: الوحدة الكبرى: وهذا شامل لجميع الأديان والملل الوثنية، بل والملحدين، بدافع أن تلك الوثنيات آثار نبوات سابقة، وأن الملحدين يؤمنون بالإنسان، وأن للحياة معنى.
أبرز دعاته:
إن الدعوة إلى وحدة الأديان دعوة قديمة، فقد دعا إليها زنادقة الصوفية كابن عربي، والفرق الباطنية كإخوان الصفا [انظر: الحوار مع أهل الكتاب، خالد القاسم، ص(127-128)]، وأمَّا عند النصارى، فيعتبر الراهب "رامون لول" ـ المتوفى عام 1315هـ ـ أول من دعا إلى تصويب جميع صور العبادات والأديان.
وأمَّا الدعوة إلى التقارب في الإبراهيمية، فيعتبر المستشرق الفرنسي "لويس ماسينيون" أول من دعا إليها بحماس، عن طريق كتاباته عن الحلاج، وعن طريق تدريسه في جامعة القاهرة، وإدارته لمجلة العالم الإسلامي عام 1919م.
وأخيرًا، تأتي محاولة "روجيه جارودي" للتحاور بين الأديان،على أساس إقامة وحدة فيدرالية للطوائف الدينية، ورأى أن الرابط بين الأديان هو الإيمان بمعناه الأرحب والأوسع، والذي يمكن أن يوجد حتى عند الملحدين، فهم لديهم إيمان بالإنسان، ورأى أن أفضل دين فيه سعة ورحابة يمكن أن يتقبل فكرته هذه هو الإسلام، ولكن ليس بمدلوله الخاص، وإنما بمدلوله العام والذي يعني الاستسلام لله.
وهذا لا خلاف في عدم شرعيته، وأنه مطية لإلغاء الدين والعبور على أشلائه، وهو كفر بواح لا ينبغي على المسلمين أن يتغافلوا عنه, فالإسلام نفي وإثبات؛ نفي للمعبودات الأخرى، وإثبات لاستحقاق الله بالعبودية, ولا يتم صحة الاعتقاد بالإسلام إلا بالكفر بالطواغيت، وهو كل ما عُبِد من دون الله وكل ملة تخالف دين الإسلام
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: