البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

اتفاقية "سيداو" في منظور الشريعة الإسلامية

كاتب المقال د. تيسير الفتياني   
 المشاهدات: 16392



ما زالت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" محط اهتمام العديد من العلماء والمفكرين الغيورين على دينهم، لما تحويه من تناول الكثير من المسائل الهامة التي تضعف توجهات المرأة المسلمة نحو الالتزام بدينها وعاداتها وتقاليدها، وتحاول من خلال تلك المسائل تمييع هوية المرأة الحضارية الإسلامية.

تعد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) بيانا عالميا بحقوق المرأة الإنسانية، إذ تؤكد على ان حقوق المرأة حقوق إنسانية، وتدعو هذه الاتفاقية بصورة شاملة إلى المساواة المطلقة في الحقوق بين المرأة والرجل في جميع الميادين، السياسية والاقتصادية، والثقافية والمدنية، وبعد المصادقة عليها تعد ملزمة قانونيا للدول الموقعة بتنفيذ بنودها، وتعتبر من أهم الصكوك الدولية التي تضم مبادئ أساسية تدعو لتمتع المرأة بكافة حقوقها، وان التمييز ضد المرأة يعد إجحافا أساسيا واهانة للكرامة الإنسانية؛ لذا يجب إلغاء كافة القوانين والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة، فهي بمثابة قانون دولي لحماية حقوق المرأة، وعلى الدول الموقعة اتخاذ كافة التدابير للقضاء على التمييز بين الرجال والنساء، سواء على مستوى الحياة العامة فيما يتعلق بممارسة جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية سواء أكانت المقاومة على أسس دينية أو أخلاقية أو اجتماعية.

والمنصف يرى أن للاتفاقية بنودا ايجابية وبنودا سلبية والخطورة من أخذها كحزمة واحدة ومن الايجابيات ما ورد في المادة (3) والتي تعمل على كفالة تطور المرأة وتقدمها وضمان ممارستها لحقوق الإنسان والحريات الأساسية وما ورد في المادة (5) والتي تدعو إلى القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على فكرة دونية أو تفوق احد الجنسين وما ورد في المادة (6) والتي تدعو إلى اتخاذ جميع التدابير لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلالها في الدعارة، وإكراهها على البغاء وما ورد في المادة (7) والتي تدعو إلى اتخاذ جميع التدابير لان تمارس النساء حقوقهن السياسية، ترشيحا وانتخابا ومشاركة في صياغة السياسات الحكومية وجميع المنظمات والجمعيات غير الحكومية ومثل المواد (8) و( 9) و(10) و(11).

وأما سلبيات الاتفاقية، فمنها أنها تعارض ميثاق الأمم المتحدة، والذي ينص على احترام كافة الأشكال الحضارية وكافة نظم الاعتقاد الديني في العالم وان تخرج معاهداته على مستوى الحياة الخاصة وعلى وجه الخصوص من الإطار الأسري، فينبغي على مختلف بلدان العالم التفكير بها والحوار حولها وذلك من خلال انتقال الموضوعات ذات الاهتمام من قائمة أولويات الحضارة الغربية إلى القائمة العامة لأوليات الشعوب باختلاف ثقافاتها، ولتطبيق هذه الاتفاقية فلا بد أن تمر بمراحل تبدأ بتكثيف اهتمام وسائل الإعلام، وتسليط الضوء عليها حتى يثور الاهتمام العام بها فتصل إلى مصاف الاحتياجات الاجتماعية الدولية. وحتى يبدأ النقاش العام حولها في مختلف بلدان العالم لتشكيل الرأي العام الدولي، ثم تأتي مرحلة صياغة قواعد كونية تحكم السلوك البشري للعالم كله في جميع مجالات الحياة عبر المؤتمرات الدولية للخروج بمواثيق واتفاقات تكون ملزمة للبلدان التي تصادق عليها ثم يتم الضغط على الدول التي صادقت وتحفظت على بعض البنود لرفع تحفظاتها كما حصل للأردن وغيرها من الدول والضغط على الدول التي لم توقع عليها أصلا ليتم التوقيع الحضاري الغربي واتفاقياته بما يتسق مع هذا الاحترام.

غير ان اتفاقية السيداو تريد أن تفرض نظرة واحدة للإنسان والكون والحياة وهي النظرة الغربية التي لا تعترف بالقيم الدينية أو الخصوصيات الحضارية فما طرحته الاتفاقية من حقوق وواجبات يغلب عليه سيادة النظرة الغربية والتي تنظر للإنسان باعتباره كائنا ماديا يستمد معياره من القوانين الطبيعية المادية، والتي ترفض وجود تمايز في الخصائص والوظائف بين الرجل والمرأة وتنظر إلى المرأة كفرد مستقل وليس عضوا في أسرة يتكامل فيها الزوجان مما يؤدي إلى تفكيك الأسرة ويعلن حتمية الصراع بين الذكر والأنثى وضرورة وضع نهاية للتاريخ الذكوري الأبوي مما يولد القلق والضيق والملل وعدم الطمأنينة عند المرأة، وخلاصة السلبيات من المادة (2) إلى اتخاذ جميع التدابير بما في ذلك التشريع لإبطال كافة الأحكام واللوائح والأعراف التي تميز بين الرجل والمرأة من قوانينها، وان تستبدل بها قوانين تؤكد القضاء على هذه الممارسات سواء أكانت صادرة عن أشخاص أو ناتجة عن تقاليد أو أعراف دون استثناء حتى تلك التي تقوم على أساس ديني وهذا مخالفة واضحة وصريحة للشريعة الإسلامية، وبمقتضى هذه القوانين تصبح جميع الأحكام الشرعية، المتعلقة بالنساء لاغية وباطلة ولا يصح الرجوع إليها أو التعويل عليها فالاتفاقية تنسخ الشريعة.

وأما في المادة (16) والتي تعتبر من اخطر مواد الاتفاقية على الإطلاق لأنها تمثل حزمة من البنود التي تهدد قانون الأحوال الشخصية فهذه المادة تمثل نمط الحياة الغربية فتتجاهل معتقدات شعوب العالم ومنظوماتها القيمة وأنساقها الإيمانية، فهي تتجاهل مسألة الولاية على البنت في اختيار من تراه وتتجاهل ما يفرضه الإسلام على الزوج من تقديم للمهر، وتأثيث منزل الزوجية، والتكفل بالنفقة وغير ذلك، وتتجاهل وضع الأسرة كمؤسسة مكونة من زوجين، وتسمح بان تنسب الولد لامه، وهذا مخالف للإسلام وغير ذلك كثير، وإذا نظرنا إلى الشريعة الإسلامية رؤية كلية، وحقوقا كاملة للمرأة نلخصها فيما يلي:

أولا: اعترف الإسلام بإنسانية كاملة للمرأة وجعلها والرجل سواء بسواء قال تعالى "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة" النساء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم "النساء شقائق الرجال".

ثانيا: في المجال الاجتماعي فتح لها باب العمل الاجتماعي من جميع جوانبه فالعمل شرف والعمل عبادة وعمل المرأة قد تتماثل فيه مع الرجل كالدعوة والتعليم وأداء التكاليف الشرعية وقد يجري فيه التفاضل فالمرأة أفضل من الرجل في الحضانة والرجل أفضل من المرأة في القوامة.

ثالثا: في المجال الاقتصادي والقانوني: أعطاها الأهلية الكاملة والمساواة الكاملة مع الرجل على مختلف المستويات.
رابعا: في المجال الأسري فقد اعتنى بها قبل الزواج وأعطاها حق اختيار الزوج واشترط موافقة الولي أو علمه عند زواجها لأول مرة ووضع لها من الأحكام ما يكفل لها الاستقرار والمودة والرحمة.

وختاما وبعد التوقيع على الاتفاقية وإلغاء التحفظات التي كانت على بعض بنودها تقول بأن هذا الأمر تم دون الرجوع إلى المرجعيات الشرعية من العلماء المخلصين والمختصين من دائرة قاضي القضاة ودوائر الإفتاء وكلية الشريعة وغيرها من الهيئات الشرعية الرسمية والشعبية وهذا أمر عير مقبول وعلى جميع هذه الهيئات أن تبذل جهودها وتقوم بالدور الحقيقي الذي كلفها الله تعالى به واسأل الله أن يحفظ العباد والبلاد.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

سيداو، تحرير المرأة، المرأة، تغريب، الأمم المتحدة، حقوق المرأة، الأسرة، تفكيك الأسرة، إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ضد المرأة،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 9-03-2011   http://www.shareah.com

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها  articles d'actualités en tunisie et au monde
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
 

  9-03-2011 / 08:38:20   ابو زيد
تونس بعد الثورة توافق على اتفاقية سيداو

للعلم فإن اتفاقية سيداو هذه قد وافقت عليها تونس بعد الثورة بعد ان كانت تونس رافضة لها ككل البلدان الاسلامية، فقد تم تمرير الموافقة عليها في غفلة من التونسيين من خلال حكومة الغنوشي الاولى ، حيث بادر مجموعة من البساريين الذين يوجد منهم ستة وزراء بالحكومة وكتاب دولة ساعتها، ومنظمة حقوق الانسان لتقديم هذه الاتفاقية التي كانت تونس متحفظة عليها من قبل، وقدمت تلك الاتفاقيات مع مجموعة من القوانين الاخرى للرئيس المؤقت المبزع ووافق عليها ورفع بالتالي تحفظ تونس
ووقع تعتيم اعلامي على هذه الموافقة لما يعلم من رد التونسيين لو تم الكشف عن مثل هذه الاتفاقية للاعلام
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
نادية سعد، ماهر عدنان قنديل، أنس الشابي، صفاء العربي، رضا الدبّابي، سامر أبو رمان ، د - شاكر الحوكي ، محمد الطرابلسي، الناصر الرقيق، مصطفي زهران، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حسن عثمان، مراد قميزة، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أحمد الحباسي، حاتم الصولي، سلوى المغربي، د - مصطفى فهمي، فتحي الزغل، تونسي، الهادي المثلوثي، مجدى داود، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أشرف إبراهيم حجاج، سلام الشماع، عبد الرزاق قيراط ، محرر "بوابتي"، محمد العيادي، مصطفى منيغ، كريم فارق، سيد السباعي، د. عادل محمد عايش الأسطل، د. أحمد محمد سليمان، محمود سلطان، حميدة الطيلوش، محمد يحي، فوزي مسعود ، كريم السليتي، محمد شمام ، عمر غازي، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد عمر غرس الله، د. طارق عبد الحليم، عزيز العرباوي، أحمد النعيمي، الهيثم زعفان، محمد الياسين، خبَّاب بن مروان الحمد، د - محمد بن موسى الشريف ، جاسم الرصيف، عبد الله زيدان، إياد محمود حسين ، د. عبد الآله المالكي، صفاء العراقي، سفيان عبد الكافي، أ.د. مصطفى رجب، أحمد ملحم، فهمي شراب، عبد الله الفقير، إسراء أبو رمان، إيمى الأشقر، عبد الغني مزوز، صالح النعامي ، خالد الجاف ، ضحى عبد الرحمن، د - عادل رضا، يحيي البوليني، سليمان أحمد أبو ستة، علي الكاش، العادل السمعلي، د- هاني ابوالفتوح، محمد أحمد عزوز، عراق المطيري، حسني إبراهيم عبد العظيم، وائل بنجدو، د.محمد فتحي عبد العال، فتحي العابد، عواطف منصور، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، المولدي الفرجاني، د- جابر قميحة، طلال قسومي، د. صلاح عودة الله ، صلاح المختار، أحمد بوادي، د. أحمد بشير، عمار غيلوفي، رافد العزاوي، د - المنجي الكعبي، فتحـي قاره بيبـان، سعود السبعاني، د - محمد بنيعيش، صباح الموسوي ، علي عبد العال، رافع القارصي، منجي باكير، د - صالح المازقي، يزيد بن الحسين، محمود طرشوبي، محمد اسعد بيوض التميمي، محمود فاروق سيد شعبان، د - الضاوي خوالدية، رشيد السيد أحمد، د. مصطفى يوسف اللداوي، سامح لطف الله، أبو سمية، رمضان حينوني، صلاح الحريري، ياسين أحمد، د- محمد رحال، د. خالد الطراولي ، د- محمود علي عريقات، حسن الطرابلسي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة