تتحدث وسائل الإعلام الغربية عن الإرهاب (الإسلامي) كلما قامت مجموعة هنا أو هناك بعملية عسكرية، سواء كرد فعل على سياسات داخلية، في بلدانها، أو ردا على سياسات خارجية للدول الغربية المهيمنة على أقطارهم سياسيا واقتصاديا وثقافيا. ورغم أن تلك الجماعات لا تمثل إلا نفسها، وتعبر عن ممارساتها انطلاقا من موقفها الذاتي للاحداث والأوضاع إلا أن الغرب يتعامى عن الأسباب، ويرى أنه أسهل له أن يرمي تلك الافعال بوصمة الإرهاب، ويضاعف من مضايقته للمسلمين في كل مكان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. لكننا عندما نلقي نظرة على تاريخ الإرهاب نجده غربيا بامتياز، سواء ما يتعلق بالحروب الدينية وما جرى فيها من فضاعات، أو الحروب القومية وما تم فيها من جرائم، بما فيها الحروب الفرنسية النمساوية، أو الفرنسية البريطانية، أو الالمانية البريطانية والحربين العالميتين الاولى والثانية. وفي الغرب توجد منظمات تستخدم العنف لكنها لم توصف بأنها منظمات ارهابية نصرانية، مثل الجيش الجمهوري الارلندي، أو منظمة ايتا الباسكية، بل حتى منظمات المافيا الايطالية وغيرها من المنظمات.
أقوى أسلحة الإرهاب
لا يملك ما يوصفون بـ(الإرهابيين المسلمين) سوى أسلحة بدائية غالبا ما تكون أحزمة ناسفة، أوقنابل أو متفجرات مصنعة غربيا، بينما يملك الإرهابيون الغربيون أسلحة فتاكة لم يتوانو في استخدامها بما في ذلك السلاح النووي، والسلاح البيولوجي، وغيرها من الأسلحة التي تقتل الملايين من المدنيين في بضع دقائق. ومن ذلك السلاح النووي وهو عبارة عن سلاح يعتمد في قوته التدميرية على عملية الانشطار النووي. ونتيجة لعملية الانشطار هذه، تكون قوة انفجار قنبلة نووية صغيرة، أكبر بكثير من قوة انفجار أضخم القنابل التقليدية، حيث بامكان قنبلة نووية واحدة إلحاق أضرار فادحة بمدينة بكاملها. فجرت أول قنبلة نووية للاختبار في 16 يوليو 1945 م في صحراء ألاموغوردو في ولاية نيو مكسيكو. وقد استخدمت الولايات المتحدة الاميركرية القنابل الذرية مرتين في الحرب العالمية الثانية، حيث قامت باسقاط القنبلة الاولى على هيروشيما اليابانية في 6 أغسطس 1945 م، والثانية على ناكازاكي في 9 أغسطس من نفس السنة. وأدى ذلك إلى قتل 120 ألف انسان في لحطة واحدة. وضعف ذلك العدد بعد بضع سنوات وبعد معاناة طويلة، وجميعهم من المدنيين . وتمتلك حاليا عدة دول الأسلحة النووية من بينها الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا وبريطانيا والصين والهند وباكستان والكيان الصهيوني وجنوب افريقيا وأكرانيا والسويد وهولندا وكندا واستراليا وعدد من الدول الغربية الاخرى.
ويهدف منتجوا الأسلحة البيولوجية التقليدية الغرببيين إلى انتاج الجراثيم والميركوبات المضرة بالانسان، ونشر تلك الجراثيم والميكروبات في ساحة الطرف المقابل دون تفريق بين مدنيين وعسكريين . ويتم القضاء على الطرف الآخر بالسلاح البيولوجي عن طريق الإلقاء به في ساحته، سواء في الهواء ليتنفسه أو عن طريق اللمس، أو الحقن،أو في الطعام،أو نشره عبرالحشرات المحملة به كالذباب.
تاريخ الإرهاب الغربي
ويعود استخدام الاسلحة البيولوجية إلى القرن الرابع عشر الميلادي، ففي سنة 1346 م رميت الجثث التي كانت ملوثة بمرض الطاعون الاسود خارج مدينة فلكا. وفي 1850 م حارب البريطانيون الهنود الحمر في أميركا بمرض الجدري. الذي قضى على الملايين منهم. وفي سنة 1915 استعمل الجواسيس الالمان الحمة الفحمية أنتراكس Anthrax كسلاح ضد خصومهم. وفي 1925 تم توقيع اتفاق بين 30 دولة على عدم استخدام السلاح البيولوجي. وفي سنة 1932 م اختبرت اليابان سلاح بيولوجي على 3 آلاف أسير صيني. وفي سنة 1942، 1943 م اختبر البريطانيون الحمة الفحمية ضد جزيرة جينارد وظل التلوث لعدة سنوات فيها. وفي الفترة ما بين 1940 م وحتى 1944 م اختبرت اليابان نفس السلاح ضد عدة مدن صينية. وفي الفترة ما بين 1950 و 1966 م أجرت الولايات المتحدة الاميركية عدة تجارب في مجال الأسلحة البيولوجية. وفي سنة 1976 اتفقت عشرات الدول على منع استخدام تلك الأسلحة لكنها ظلت تمارس الاختبارات السرية ولا سيما الدول الغربية ومعسكر وارسوا المنحل على حد سواء. وفي سنة 1975 م وقعت حادثة المختبر الروسي وقتل العشرات ممن هم في سن التجنيد.وفي سنة 2000 م اتفقت 143 دولة على حظر السلاح البيولوجي لكنها كالعادة استمرت في اجراء الاختبارات.غير أن انتاج سلاح بيولوجي عرقي هو آخر ما تفقت عنه الذهية الاجرامية في الغرب في السنة السابعة من الألفية الثالثة
في 1710 م وأثناء الحرب التي دارت بين روسيا والسويد، قامت القوات الروسية باستخدام أشلاء الجثث الملوثة بالطاعون لنشر المرض بين الأعداء. وفي 1767 م وأثناء الحرب التي دارت بين الانجليز والفرنسيين في الفترة ما بين 1754 و1767 م اعتمد كلا الجانبين على حلفائهم من الهنود. وفي احدى الهجمات التي شنتها فرنسا على الانجليز ألحقت خسائر فادحة بهم، وتلتها هجمة أخرى مما أدى إلى تفكير الجنرال الانجليزي جيفري أمهرست باهداء حلفاء الفرنسيين من الهنود بطاطين مليئة بفيروس الجدري مما أدى إلى انتشار المرض في الهند وتخلل صفوف الجيش الهندي مما مكنه من استعادة اسمه مرة أخرى بعد انتصاره على الفرنسيين في هجوم شنه عقب تلك الأحداث. أي أن الوباء لعب دورا حيويا وهاما في تحقيق النصر للانجليز وإلحاق الهزيمة بالفرنسيين. وفي 1797 م أجبر نابليون مدينة " مانتو " على الاستسلام عن طريق نشر عدوى حمى تسمى Swamp fever بين سكان المدينة.
وفي 1900 م قام طبيب أميركي بحقن السجناء الفلبينيين بجرثومة الطاعون لاجراء أبحاثه. وفيما بين 1914 و 1917 م قام الألمان أثناء الحرب العالمية الأولى بنشر الكوليرا في ايطاليا، والقنبلة البيولوجية في بريطانيا. وفي 1917 م أيضا قام الألمان بتلقيح الخيول والماشية قبل شحنها لفرنسا بمرض الرعام (مرض يصيب الخيل فيسيل خطامها) وتم ذلك في أميركا، وعلى الرغم من أن الخيل قوة لا يستهان بها في الحروب قديما إلا أن الألمان فشلوا في تغيير مسار الحرب لصالحهم. وفي 1931 م قام المسؤولون العسكريون في اليابان بتسميم الفاكهة بمرض الكوليرا لايذاء لجنة البحث والتقصي القومية التي كانت تبحث أسباب وضع مدينة منشوريا تحت حصار اليابان. وفي 1939 م قام العالم الأميركي أي جي فاربين بانتاج أول غازسام للأعصاب للنازيين ومفعوله أقوى بكثير من مفعول غاز الخردل الذي استخدم في الحرب العالمية الأولى. وفي الاربعينات قام الأطباء الاميركيين بحقن 400 سجين بمرض الملاريا وذلك لاكتشاف عقار جديد يحارب المرض الذي انتشر أثناء الحرب العالمية الثانية.
وفي 1941 م بدأت الولايات المتحدة الاميركية في صنع الأسلحة البيولوجية بعد طلب سكرتير الحرب هنري ال ستمسون من الاكاديمية القومية للعلوم بتشكيل لجنة لدراسة جدوى خاصة بانتاج مثل تلك الأسلحة. وفي 1942 م اقرت لجنة، ناسا، الاجراءات الفعلية في تصنيع الأسلحة البيولوجية. وتم تشكيل وكالة خدمات الحرب بتوجيه جورج دبليوميرك، صاحب شركة ميرك للادوية. وفي 1943 م أصبح كامب ديتريك، المقر الرئيسي لتلك التجارب المعدة لحرب إبادة، وعمل فيها في البداية 4 آلاف شخص منهم 2800 عسكري و1000 عسكري من البحرية و100 من المدنيين. أما الاختبار فكان يتم في الميسيسيبي ثم تم نقله بعد ذلك إلى، يتواها، سنة 1994 م. بعد انشاء معمل مجهز هناك وتم تأسيس محطة لانتاج تلك الأسلحة في نفس السنة. وبين 1943 و1949 م كانت الولايات المتحدة قد أتمت إعداد البرامج ودخل الانتاج حيز التنفيذ بشكل كبير. وكانت وزارة الحرب الاميركية قد أعلنت في سنة 1946 م انتاج الأسلحة البيولوجية. كما أعلنت عن اتخاذها كافة الاحتياطات لمنع إصابة العاملين في هذه القطاعات الخطرة من الإصابة. وفي أثناء حكم الرئيس جون كينيدي تضاعف الانتاج الاميركي من الأسلحة الكيميائية والتي استخدم جزء منها في حرب فيتنام بعد ذلك. وأعلن عن أن الجيش الاميكري أصبح بمثابة منجم للاسلحة الكيميائية. إلى جانب قنابل النابالم التي توصل إليها الاستاذ في هارفارد، لويز فايزر.
وفي 1947 م تم اختبار محفزين بيولوجيين في كامب ديتريك، بأميركا. وفي 1949 م قامت الولايات المتحدة الاميركية بتطوير برامج أسلحتها البيولوجية وتوسيع نطاقها، وظل ذلك التوسع طي الكتمان فترة من الزمن. وفي 1949 م تم اجراء أول تجربة عملية لاختبار الأسلحة البيولوجية التي تحتوي على الجراثيم الممرضة في كامب ديتريك. وفي 1950 م قامت الولايات المتحدة الاميركية بتطوير برامج أسلحتها البيولوجية وتوسيع نطاقها.
وفي 1950 و1953 م تم اسقاط ريش طيور فوق كوريا الشمالية ملوث بالجمرة الخبيثة، كما تم حقن الباعوض بمرض الطاعون والحمى الصفراء وتم نشره في البلاد. وكانت الولايات المتحدة الأميركية وراء ذلك العمل الاجرامي و اللاانساني.
وفي 1956 / 1958 م قام الجيش الأميركي بنشر الباعوض الحامل لمرض الحمى الصفراء عن طريق الطائرات وعن طريق البر لاجراء اختبار ميداني في ولايات فلوريدا وجورجيا وآفون بارك مما أدى إلى موت العديد من الحالات المصابة.
وفي 1959 / 1969 م وصفت هذه الفترة ب " الأعوام الذهبية " فيما حققته أميركا من طفرة في انتاج الأسلحة البيولوجية والتي وصلت تقنيتها إلى أعلى المراتب. والتي تتلخض فيما يلي:
1) شهد تخمر جراثيم الكائنات الحية الدقيقة المستخدمة في تلك الأسلحة نجاحا كبيرا وعلى نطاق أوسع من قبل.
2) اتباع وسائل أمان غاية في الدقة، تطبيق أحدث الوسائل التكنولوجية الخاصة بتركيز البكتيريا، الفيروسات، السموم، الريكتسيات (متعشيات مجهرية شبيهة بالبكتيريا)
3) تطوير الأساليب المستخدمة في تثبيت العوامل السائلة والجافة.
4) النجاح في حفظ هذه العاومل تحت تأثير درجات الحرارة المختلفة وفي ظل طروف بيئية متنوعة.
5) التنوع في انتاج الأسلحة البيولوجية وصنعها بكفاءة عالية
6) الزعم بوضع مبادئ خاصة بعدم الحاق الضرر بالبيئة والمحافظة عليها من التلوث !!!
وفي 1969 م قام الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون بزيارة " اف تي تيدتريك (قاعدة الأسلحة البيولوجية المميتة ) وبعدها بسنة أي في 1970 م زار الرئيس الاميركي القاعدة مرة أخرى وقال بأن برامج الجيش ستقتصر على استخدام السموم لحماية أميركا على حد زعمه.
ولا شك فإن تقنية الأسلحة البيولوجية، والنووية، وغيرها قد شهدت تطورات كبيرة وتخطت كل الخطوط الحمراء، وكل ما تم تحريمه، صوريا، وهو ما سنتحدث عنه تباعا بعون الله.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: