يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
اميركا والكيان الصهيوني يحاولان ان يبيعان تجارة وقف الاستيطان بثمن عال على الدول العربية، من خلال الدعوة الى وقف الاستيطان، مقابل التطبيع لفترة زمنية محدودة، قد لا تتجاوز العام الواحد، بعد ان يتم فتح ابواب البلاد العربية امام حركة الكيان الصهيوني السياسية والاقتصادية، وحتى الثقافية والاجتماعية، ثم يدخل العرب في دوامة الجدل مع " اسرائيل "، على حجم التطبيع ونوعيته ووتيرة...الخ، بدون ان يقبض العرب شيئا، خاصة فيما يتعلق بالانسحاب من الاراضي المحتلة بعد حزيران 1967.
لقد استطاعت " اسرائيل " وبدعم اميركي وضع العربة امام الحصان، فبدلا من الحديث عن لب القضية ـ الاحتلال ـ، اصبح الحديث عن النتائج المترتبة على الاحتلال ـ الاستيطان ـ، بدون ان تكون هناك اية احاديث عن الزام الكيان الصهيوني بالانسحاب من الاراضي، التي تم احتلالها في حزيران، وضاع الشعار الذي رفعته البلدان العربية ـ الارض مقابل السلام ـ، ليحل مكانه وقف الاستيطان مقابل التطبيع، فتراجعت المطالب العربية، وتقدمت المطامع الصهيونية، رغم ما قدمه العرب من تنازلات للكيان الصهيوني، في شكل مبادرات، وآخرها المبادرة العربية في مؤتمر القمة العربية في بيروت، واقتربت " اسرائيل من تحقيق الشعار الذي كانت ترفعه في وجه العرب " السلام مقابل السلام ".
الحالة التي وصلنا اليها في تعنت الكيان الصهيوني، واصراره على تنفيذ اهدافه، في العمل على ابتلاع الاراضي العربية، في فلسطين والجولان ولبنان، من خلال تكثيف عمليات الاستيطان، وبشكل خاص على ارض فلسطين، هي من فعل ايادينا، وبسبب سياساتنا الخرقاء، التي عندما رفعت شعار السلام مع الكيان الصهيوني، قد اسقطت خيار المقاومة، وجعلت من شعار التفاوض هدفا لا بديل عنه، مما يجعلها تحت رحمة ورغبات " اسرائيل "، ولان هذه لا رحمة لها، ولا تحيد عن تنفيذ اهدافها الا بالقوة، فقد جنى العرب هذا الكم الهائل من الغطرسة الصهيونية.
ليس هناك من امة في هذا الكون تسقط خيار المقاومة في سبيل تحرير المحتل من اراضيها، وتمكنت من استعادة المحتل منها، وليس هناك من محتل تخلى عن احتلاله لاراضي الغير، الا وكان مرغما على ذلك، اما بالهزيمة المباشرة، او انه قد توصل الى ان مشروع احتلاله خاسرا، بمعنى ان ما يخسره بسبب الاحتلال، اكبر بكثير مما سيربحه من وراء هذا الاحتلال.
على العرب ان يعودوا الى المنطق الطبيعي في معالجة الامر مع الكيان الصهيوني، اذ لابديل عن المقاومة، و لم يكن التفاوض في يوم من الايام سابقا على المقاومة، بل التفاوض تاليا عليها، عندما يصل العدو الى الاقرار بالحقوق المشروعة لاصحاب الارض المحتلة، وهنا قد يختلف العرب فيما بينهم، فمنهم من يقر التفاوض لاستعادة الاراضي التي احتلت بعد حزيران، ومنهم يصر على ان يتم تحرير فلسطين من البحر الى النهر، وان كنت من الذين ينادون بان فلسطين حرة عربية من البحر الى النهر، فلا مانع ان يلتقي العرب على تحرير الاراضي، التي احتلت في حزيران، وبعدها من حق المؤمنين بتحرير كامل فلسطين، ان لا يلزموا انفسهم باي نوع من المعاهدات او الالتزامات الدولية مع الكيان الصهيوني، وان يحشدوا قواهم، ويعملوا على تحرير ما بقي من فلسطين، وعلى اولئك الذين كانوا يكتفون بالسلام مع " اسرائيل "، ان لا يقفوا في طريق هؤلاء الذين يؤمنون، ان وجود الكيان الصهيوني على الارض العربية هو عدوان على الامة، ولا مناص من اسنئصاله والخلاص منه.
المقاومة هي من يتمكن من اجتثاث الاحتلال، والمفاوضات بدون مقاومة هي ترك الحبل على الغارب، لتصنع " اسرائيل" ما تريد على الارض، وبشكل خاص زراعتها بالمستوطنات والمستوطنين، والمضي قدما في ابتلاع الارض، والتضييق على اصحاب الوطن الشرعيين، تمهيدا للخلاص منهم، عندها لن يجد العرب ما يمكن ان يتفاوضوا عليه، فقد قبض العرب الريح، بدلا من الارض وتحريرها، وتحرير الانسان العربي الفلسطيني من الاحتلال الجاثم على صدره.
فلسطين لن تحررها الا المقاومة، والتفاوض مع الكيان الصهيوني اعطاء فرصة للعدو، ليتمكن من ابتلاع الارض وزرعها بقطعان المستوطنين، وفلسطين لا تحتمل وجود الصهاينة على ارضها لانها ليست ملكا لاحد غير العرب الفلسطينيين، ولا يحق لاي كان ان يتنازل عن شبر واحد من اراضيها، لانها ملك الامة بكاملها، والذين يتسابقون في التفاوض مع العدو الصهيوني على قيام دولة هزيلة، لتعيش في كنف الككيان الصهيوني المدجج بالسلاح، يتخلون عن واجبهم الوطني وحقوق الامة القومية والدينية.
الاستيطان غير قابل للحياة في ظل وجود المقاومة، وهو سيرحل سريعا في المواجهة مع قوى المقاومة، لانه لا يشعر بالامن والامان، فاما ان يعود الى البلاد التي جاء منها، واما انه سيهرب داخل الخط الاخضر، وعندها لا يحتاج العرب ان يقيدوا انفسهم بالمعاهدات، ويقدموا التنازلات غير المشروعة، من اجل ايقاف الاستيطان.
المقاومة هي الحل لمواجهة العدو، ولا بديل عن المقاومة، والتفاوض في ظل الاحتلال، ومحاولة انتزاع الحقوق المشروعة منه وهم يعيشه اصحاب نظرية التفاوض، لان العالم لم يعط مثلا واحدا على ان التفاوض، قد اعاد حقوقا بدون مقاومة دامية، تدمي انف العدو، وترغمه على الاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة، لان الكيان الصهيوني طبيعته عدوانية عنصرية توسعية، فكيف يظن اصحاب نظرية التفاوض ان من كانت هذه طبيعته ؟، سيتخلى لهم عن تحقيق اهدافه في ظل التخلي عن المقاومة.
الم يتعب السادة الذين يتفاوضون مع الكيان الصهيوني منذ اتفاقيات اوسلو وما قبلها، اي من اكثر من خمسة عشر عاما، فماذا جنت لهم سلسلة اللقاءات التفاوضية ؟، وكم شبر من الارض قد حرروا بالتفاوض ؟، وكم يحتاجون من الزمن حتى يتمكنوا من اجبار العدو على الانسحاب من الاراضي المحتلة ؟، وهو الذي يمارس طرد الناس من بيوتهم، ويقيم المستوطنات على اراضيهم، ويمزق البلاد في الطرق الالتفافية، و ينتزع الاراضي بشتى الطرق والوسائل من بين ايدي اصحابها.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: