من شيراك إلى ماكرون، كيف فقدت فرنسا موطئ قدمها في إفريقيا؟
شارلوت لالان المشاهدات: 917
من يتذكر "أطفال هولاند" في تمبكتو؟ في كانون الثاني/ يناير 2013، أطلق الجيش الفرنسي على بعض الأطفال الرضع في حي من القرون الوسطى في أعقاب تحريره من نير الجهاديين لقب "هولاند" تكريمًا للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند معتبرين إياه "منقذًا". في ذلك الوقت، كانت هيبة باريس في أوجها، بعد أن تمكن جنود عملية سيرفال من السيطرة على بلدات شمال مالي في لمح البصر.
في العاصمة باماكو، نفد مخزون تجار الرايات الزرقاء والبيضاء والحمراء. لكن نشوة السلام كانت قصيرة العمر. فبعد أقل من عشر سنوات، وتحديدًا في 15 آب/أغسطس، غادر آخر جنود الألوان الثلاثة البلاد دون إحداث ضجة كبيرة بعد طردهم من قبل المجلس العسكري الذي تولى السلطة قبل سنتين بالضبط - تزامنا مع أول موجة من الانقلابات في المنطقة. وفي عقد واحد، لقي حوالي 52 رجلا حتفهم هناك.
تم استبدال الفرنسيين بمرتزقة روس من جيش فاغنر الخاص الذي أصبح حليفًا جديدًا لباماكو. وهذه ليست المحاولة الأولى لهذه "الوحدات الحربية" التي يدعمها الكرملين. يتمركز مرتزقة فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى منذ سنة 2018. ومقابل الحصول على الذهب والماس، توفر مجموعة فاغنر الأمن لنظام فوستان آرشانج تواديرا - الخليفة البعيد لصديق عزيز من باريس وهو الإمبراطور بوكاسا الأول (1976-1979).
يتراجع نفوذ فرنسا تدريجيًا في كل مكان من القارة الإفريقية. فقدت الشركات الفرنسية نصف حصتها في السوق على مدى عشرين عامًا لصالح الشركات الصينية أو الألمانية أو الهندية. من داكار إلى نيامي عبر نجامينا، تضاعفت المظاهرات المناهضة لفرنسا في الشوارع كان آخرها في تشاد في 14 أيار/ مايو، عندما هتف بضع مئات من معارضي المجلس العسكري بقيادة محمد إدريس ديبي في مسيرة بـ "رحيل فرنسا" وقاموا بنهب سبع محطات تابعة لشركة "توتال". وعلى غرار ما فعلته رواندا في سنة 2009، يُمثّل قرار ركيزتين من ركائز الفرانكوفونية في القارة، وهما توغو والغابون، الانضمام إلى الكومنولث في حزيران/ يونيو الماضي تأكيدًا على تراجع النفوذ الفرنسي.
من جانبها، أعطت باريس انطباعا بأنها تدير ظهرها للشباب الأفريقي عندما أقر المجلس الوطني في سنة 2019 قانونا يضاعف الرسوم الدراسية للطلاب غير الأوروبيين بمقدار عشرة مرات. أكدت كورينتين كوهين في مذكرة لمؤسسة كارنيغي الدولية للسلام أن "هذه السياسة قصيرة المدى تضر دائما بفرنسا، التي لا يزال تأثيرها في القارة الأفريقية قائمًا على تدريب النخب والطبقة الوسطى وموظفي الخدمة المدنية في جامعاتها". كما يأسف باكاري سامبي، المدير الإقليمي للمركز الإفريقي لدراسات السلام التابع لمعهد تمبكتو قائلا: "إذا اقتصرت الفرانكوفونية على أن تقول للأفارقة 'تحدثوا الفرنسية ... لكن ابقوا في بلدانكم' فلن يكون ذلك منطقيا".
أزمة فكرية، عسكرية، سياسية
ساهمت فرنسا في تبديد أحلام الكثيرين. يقول المؤرخ الكاميروني أشيل مبيمبي: "لم تعد فرنسا تملك الوسائل اللازمة لتحقيق طموحاتها". ويضيف المفكر الذي كلفه إيمانويل ماكرون في سنة 2021 للتفكير في "إعادة تأسيس" العلاقة بين إفريقيا وفرنسا: "في إفريقيا، تعاني فرنسا من أزمة فكرية وعسكرية وسياسية واقتصادية؛ بعبارة أخرى، هزيمة كاملة ستجعلها منبوذة بعد ذلك".
لكن خيبة الأمل ليست جديدة وإنما يعود تاريخها إلى سنة 1998 على الأقل. في عهد جاك شيراك، وقّعت حكومة جوسبان على مذكرة صادرة عن "وزارة أفريقيا" تقضي بإلغاء وزارة التعاون القوية التي أنشأها الجنرال ديغول وتجسدها الآن مديرية "فرنسا-أفريقيا" لتصبح سكرتارية دولة بسيطة تحت إشراف الشؤون الخارجية. وكان من المفترض لهذا الإصلاح تطبيع العلاقات مع القارة. لكن العكس حدث حسب أحد الدبلوماسيين الذي عبّر عن أسفه مشيرا إلى أن "الخبرة في إفريقيا قد انصهرت. ففي كي دورسيه، يقضي بعض الدبلوماسيين سنوات جالسين أمام أجهزة الحاسوب". وأكد الباحث في جامعة ليدن بهولندا رحمان إدريسا أن "فرنسا في ذلك اليوم تخلت عن قوتها الناعمة. وبينما واصلت تنفيذ التدخلات العسكرية في القارة، تخلت عما يمكن أن يجلبه لها التعاطف مع شعوب المنطقة".
على مر السنوات، تضاعفت أخطاء باريس. في سنة 2001، لم يسافر جاك شيراك ولا رئيس وزرائه ليونيل جوسبان إلى داكار لحضور جنازة الرئيس السنغالي السابق ليوبولد سيدار سنغور، الشاعر والأكاديمي الذي كان رمز الصلة بين فرنسا وأفريقيا. في ذلك الوقت، احتج الأكاديمي والروائي إريك أورسينا في أعمدة صحيفة لوموند واصفًا سلوكم "بالعار" - لكن الأسوأ لم يأت بعد. في سنة 2007 في داكار، أمام جمهور من الطلاب والشخصيات، ألقى الرئيس نيكولا ساركوزي الخطاب الذي أعده مستشاره هنري غينو قائلا: "تتمثل مأساة إفريقيا في أن الرجل الأفريقي لم يدخل التاريخ بما فيه الكفاية".
شوّه "الشأن الليبي" سمعة الرئيس ساركوزي، ذلك أنه في سنة 2011 تجاهل رأي الاتحاد الأفريقي وتحذيرات زعماء المنطقة من التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي ضد العقيد الليبي معمر القذافي. ولا تزال وفاته في تشرين الأول/ أكتوبر 2011 والحرب الأهلية التي أعقبت ذلك التي اجتاحت منطقة الساحل في وقت لاحق تغذي استياء باريس.
بهذا الإرث الثقيل، أراد إيمانويل ماكرون أن يكون "مؤثرًا". أمام طلاب جامعة واغادوغو في بوركينا فاسو سنة 2017، أعرب ماكرون عن رغبته في "إعادة إحياء علاقات الصداقة". وضع ماكرون خلال ولايته الأولى بعض المعالم البارزة في هذا الصدد. فقد اعترف أصغر رئيس للجمهورية الخامسة بحجم "المسؤولية الجسيمة" لفرنسا عن الإبادة الجماعية لشعب التوتسي في رواندا سنة 1994. وأذن بإعادة 26 قطعة أثرية تعود لمملكة أبومي إلى بنين نُهبت خلال الحقبة الاستعمارية. كما وعد بالترفيع في مساعدات التنمية العامة بنسبة 0.55 بالمئة من الدخل القومي الإجمالي مقابل 0.37 بالمئة. وفتح نقاشًا دون محظورات مع المجتمعات المدنية الأفريقية في قمة مونبلييه في 8 تشرين الأول سنة 2021.
لكن صورة الوجود العسكري الفرنسي، المتمثّل في أربع قواعد في السنغال وكوت ديفوار والغابون وجيبوتي إضافة إلى عملية برخان، ما انفكت تتدهور بين السكان. وأشار السفير الفرنسي في القارة إلى أن "فرنسا لا تزال قوة استعمارية سابقة ومهما فعلت، فإن جنودها غير مرحب بهم هناك بشكل أساسي". وهناك قصة غير معروفة تشهد على انعدام الثقة بين الطرفين. في سنة 2010، أي قبل إطلاق عملية سيرفال في مالي بثلاث سنوات، عمل رجال "الدبابة" في مركز التخطيط وتسيير العمليات في قبو هيئة الأركان العامة في باريس. في هذا المخبأ، استعدوا لعملية سابر السرية التي تهدف إلى مطاردة الإرهابيين على مساحة شاسعة من الرمال الممتدة من موريتانيا إلى تشاد، حيث تم اختطاف العديد من الفرنسيين منذ سنة 2009. وكان من الضروري إنشاء قاعدة عسكرية ولكن السلطات المالية رفضت ذلك.
أفاد ضابط سابق في القوات الخاصة كان على متن طائرة هليكوبتر بأنه "كان من المفترض أن نهبط في سيفاري وسط مالي، لكن ذلك كان ممنوعا علينا. وأخيرًا، وصلنا إلى واغادوغو". في إطار هذه العملية، لا يزال الجنود يحصلون على إذن لإرسال مجموعة فرعية إلى مالي وتحديدا إلى مستوطنة موبتي. ولكن ذلك أصبح ممنوعًا سنة 2012. وأورد الجنرال كريستوف جومارت، قائد العمليات الخاصة في ذلك الوقت: "أوضحت لي السلطات المالية أنها تريد استعادة موقعنا. تربط بين فرنسا ومالي في كثير من الأحيان علاقة حب غير متبادل".
بعيدا عن رمال الساحل، أفاد جومارت أن الرئيس السابق فرانسوا هولاند استقبلهم في مكتبه الباريسي بإطلالة على حدائق التويلري. ويتذكر قائلا "سنة 2013، تم إطلاق عملية سيرفال، بناءً على طلب مالي، لمنع الإرهابيين من الزحف من الشمال نحو باماكو". وقد نجحت عملية برخان العسكرية المسماة سابقا سيرفال حيث شملت منطقة الساحل بأكملها وتمكنت من استهداف رؤساء الشبكات الإرهابية بشكل فعال. ولكن هذا الأمر لن ينجح دائما إلا مع عودة القوات الأفريقية إلى المناطق التي تم تطهيرها وفرض النظام العام هناك والعمل ضد الجماعات المسلحة على المدى الطويل وتجنب النزاعات العرقية. وأعقب الجنرال "للأسف، لم يحدث شيء من ذلك. وما زاد الطين بلة أن فرنسا حافظت على دعم القادة المكروهين ولطالما فضلت اتباع استراتيجية مركزية عسكرية للغاية".
بعد دراسة الملف سنة 2017، اختار ماكرون الاستمرار عن طريق تعيين جان إيف لو دريان، الذي كان يتولى منصب وزير الدفاع في عهد هولاند، وزيرا للخارجية الفرنسية. تعليقا على ذلك يقول جومارت مازحا: "جنبا إلى جنب مع لو دريان، جعل ماكرون من إفريقيا مجموعة مشابهة لأثاث إيكيا، مع العلم أن لو دريان يمتلك شبكة علاقات، فضلا عن الأفكار والأصدقاء"، إلى جانب أفكار معينة عن السياسة التي يتعين اتباعها في منطقة الساحل.
لودريان، الذي يتقن اللغة الكلتية، نائب عن مدينة لوريان الفرنسية وعضو لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية الفرنسية لمدة عشرين عاما ويعد مندوب مبيعات استثنائيا لصناعة الأسلحة، بعد انفراده ببيع 80 بالمئة من الأسلحة المباعة بين عامي 2012 و2017، فضلا عن كونه حليفا بارزا للجيش. بخصوص هذا، يعلق جندي سابق: "يستدعي بيع الأسلحة، القيام بعرض عسكري، وتعتبر منطقة الساحل ساحة تدريب لرجالنا وعرض معداتنا".
في بداية 2014، حذّر العديد من الدبلوماسيين من تداعيات الركود والممارسات المشكوك فيها لبعض حلفاء فرنسا. وبعد ورود العديد من التصريحات، وقع استدعاء السفير الفرنسي في النيجر أنطوان أُنفري سنة 2015 بعد عام واحد من تعيينه. وفي 2018، اختارت إيفلين ديكوربس، سفيرة فرنسا في مالي، التي تنتقد علنا سياسة الرئيس المالي السابق إبراهيم أبو بكر كيتا والجيش الفرنسي، التخلي عن منصبها. لكن قبل ذلك، حذرت ديكوربس السلطات الفرنسية والأجهزة السرية من تنامي نفوذ الأطراف الموالية لروسيا في باماكو.
"الأورام الروسية في كل مكان"
بعد أربع سنوات، أقض التقدم الروسي في إفريقيا مضجع قصر الإليزيه، وهو ما يتجلى في إحدى تصريحات مستشار الظل لماكرون الذي قال "هناك انبثاث في كل مكان! في كل مكان!". كما أن توقيع وزيري الدفاع الروسي والكاميروني اتفاقية في نيسان/ أبريل الماضي من شأنها تعزيز مكانة روسيا هناك أثار قلق السلطات الفرنسية؛ مع العلم أن روسيا تعتبر المزود الرئيسي للقارة بالأسلحة بحصة سوقية ناهز حجمها الـ 44 بالمئة في السنوات الأخيرة.
ومنذ سنة 2017، وبفضل الروابط التاريخية التي تجمعها مع إفريقيا منذ الستينيات ومساندتها حركات الاستقلال، وقّعت روسيا حوالي ثلاثين عقدًا في مجال التعاون الأمني مع إفريقيا، بما في ذلك عقد تعاون مع ياوندي في مجال تدريب الجنود وتبادل المعلومات وتنظيم المناورات المشتركة في هذا البلد الذي تشهد مناطقه التي يتكلم سكانها اللغة الإنجليزية، تحديدا في الشمال الغربي والجنوب الغربي، عمليات تمرد كثيفة.
يتزامن توقيع الاتفاقية مع شائعة مستمرة بأن فريقًا من "الرجال الخضر الصغار" من مجموعة فاغنر، بدفع من الكرملين، يقومون حاليًا باستكشاف هذه الدولة الواقعة في وسط إفريقيا، غير المستقرة والغنية بالموارد المعدنية (الذهب، البوكسيت، الأتربة النادرة ...) بقيادة بول بيا البالغ من العمر 89 سنة التي قضى منها أربعين سنة في السلطة. وضعت شركة المرتزقة الكاميرون على رأس قائمة الأهداف المحتملة، وذلك وفقًا لملفات داخلية تم الكشف عنها مؤخرًا في الفيلم الوثائقي "جيش الظل لبوتين"، الذي تم بثه على قناة فرانس 5.
سيناريو الانتشار الروسي في المنطقة يثير الذعر في باريس، ويكفي إلقاء نظرة واحدة على الخريطة لفهم السبب. فقوات فاغنر موجودة بالفعل في جمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وليبيا ومالي. وإذا دخلت إلى الكاميرون، فإن منطقة الساحل حيث تجري عملية برخان حاليًا لإعادة تنظيم حول تشاد والنيجر، ستكون محاصرة تقريبًا. ويجب أن يظل حوالي 2500 جندي فرنسي (بدلاً من 5100 تم نشرهم سابقًا) في المنطقة، وربما يشغلون مواقع في البلدان الساحلية (بنين وتوغو) التي سيطر عليها الإرهاب. ويؤكد الإليزيه: "يستمر دعمنا العسكري في النيجر، لكنه سيكون أكثر سرية من ذي قبل وفقط في الخطوط الخلفية، خلف القوات المحلية".
لذلك نحن نفهم بشكل أفضل سبب عمل المتعاونين مع إيمانويل ماكرون، منذ الربيع الماضي، أي في زيارة إلى بول بيا غير القابل للعزل. وبعد ثلاثة أشهر، وتحديدًا في 25 تموز/ يوليو، تم استقبال الرئيس الفرنسي في مطار ياوندي مع تكريم عسكري وباقة من الورود الحمراء وفرقة رقص فلكلوري. وليس مهمًا إذا كان هذا التمثيل "الفرنسي - أفريقي" لـ "الديناصور بيا" يتوافق مع الوعد بـ "علاقة جديدة" مع أفريقيا الذي قدمه الرئيس الفرنسي منذ سنة 2017. ويشير الباحث باكاري سامبي إلى أن المثل العليا لماكرون خلال ولايته الأولى تفسح المجال للأمن والواقعية الاستراتيجية في ولايته الثانية.
توضح الكاميرون الانتكاسة الأخرى الاقتصادية لسياسة فرنسا. كما هو الحال مع جميع الدول الناطقة بالفرنسية، حيث كانت فرنسا ذات يوم مهيمنة، فإن الصين اليوم هي الزعيم. تعتبر المملكة الوسطى المورد الأول للبضائع في حوالي ثلاثين دولة، وهي أيضًا "متعاقد الإنشاءات" الأول في القارة: فهي تبني بأي ثمن بمديونية هائلة للدول المعنية. وتشمل هذه العقود المسرح الوطني الكبير في داكار، وميناء كريبي ذو المياه العميقة (الكاميرون)، والطريق السريع المؤدي إلى مطار نيروبي (كينيا) والبرج الأيقوني (394 مترًا) قيد الإنشاء على بعد 45 كيلومترًا من القاهرة، الذي سيصبح أطول ناطحة سحاب في إفريقيا.
حرب النفوذ
يقول حسومي مسعودو، وزير خارجية النيجر، متأسفًا إن "الشركات الفرنسية بعيدة كل البعد عن أن تكون تنافسية مثل الصينية فيما يتعلق بعقود الأشغال العامة. وفي كثير من الأحيان، يفضل الفرنسيون أوروبا أو آسيا لأنهم يعتبروننا أسواقا صغيرة". إضافة إلى ذلك، فإن الدول الأفريقية، التي تحتاج إلى سلع رأسمالية، تتجه بطبيعة الحال إلى البلدان الأكثر قدرة على المنافسة وبالتالي أرخص الصناعات، مثل الصين أو تركيا. وعلى مدى عشر سنوات، انخفض الاستثمار الفرنسي المباشر بنسبة 18 بالمئة. في الوقت نفسه، تدهورت صورة فرنسا في نظر قادة الرأي، فهي تحتل المرتبة التاسعة فقط بين الشركاء الذين يعتبرون "الأكثر فائدة" للقارة، وفقًا لأحدث مقياس أفريكاليدس من المعهد الفرنسي إيمار.
لضمان نفوذهم، يهتم خصوم باريس بصورتهم. ففي الآونة الأخيرة، تم عرض فيلم "السائح"، وهو فيلم روائي طويل يمجد أشباح فاغنر، في ملعب يتسع لـ 20.000 متفرج في بانغي بجمهورية أفريقيا الوسطى. في الوقت نفسه، تعمل مزارع الترول الروسية على تشويه سمعة فرنسا على الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام التقليدية. وقد شهدت قناة "روسيا اليوم" الدولية، التي تريد أن تتطور في أفريقيا، قفزة في ميزانيتها السنوية الإجمالية من 23 إلى 321 مليون يورو منذ إنشائها سنة 2005. ومقارنة مع ميزانية 350 مليون يورو للقنوات السمعية والبصرية الخارجية الفرنسية (تي في 5 موند، فرانس 24، راديو فرنسا الدولي) التي ظلت مستقرة منذ سنة 2008، وفقًا لتقرير صادر عن المفتشية العامة للمالية العامة نُشر سنة 2022.
بطموح أكبر، تستند استراتيجية بكين أيضًا على ترسانة إعلامية قوية. تمتلك وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أكبر شبكة مراسلين في إفريقيا بعشرين مكتبًا. كما تمر الدعاية الصينية أيضًا عبر ستين معهدًا لكونفوشيوس أو نحو ذلك موجودة هناك، حيث يتم تدريس لغة الماندرين مع تمجيد فضائل النموذج الصيني، ناهيك عن القوة الضاربة لعملاق الاتصالات هواوي، الذي بنى ما يقارب نصف شبكة الجيل الثالث والجيل الرابع في القارة.
تؤتي هذه الجهود، جنبًا إلى جنب مع دبلوماسية دفتر الشيكات التي يتبناها شي جين بينغ، ثمارها. وقد قامت دراسة أجراها معهد أبحاث السياسة الخارجية - وهو مركز أبحاث أمريكي - بقياس تطور التوافق السياسي للدول الأفريقية مع الصين من خلال تحليل الأصوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة ما بين 2008 و2018، ولاحظت ارتفعًا بنسبة 80 بالمئة. من جانبها، تجني موسكو أيضًا ثمار تدخلها في إفريقيا على الساحة الدبلوماسية. ومن بين 54 دولة في القارة، امتنعت 17 دولة عن التصويت ولم تصوت 12 دولة على قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين العدوان على أوكرانيا. وقد كافح مبعوثو إيمانويل ماكرون وراء الكواليس لإقناع القادة الأفارقة لكن بدون نجاح واضح.
---------
المصدر: ليكسبراس / ترجمة وتحرير: نون بوست
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: