د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2320
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في الانتخابات، القانون صريح في الشطب من سجل الناخبين "الأشخاص الذين فقدوا أهلية الانتخاب". (الفصل السابع).
ولكن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عندما نظرت في قبول ترشح السيد نبيل القروي - خفف الله عنه - لم تراع فيما يبدو سوى الفصل ٥ الذي يتعلق "بالترسيم في سجل الناخبين" حيث يقول: " لا يرسم بسجل الناخبين الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة تكميلية على معنى الفصل 5 من المجلة الجزائية، تحرمهم من ممارسة حق الانتخاب."
فالسيد القروي، في نظرنا، لا ينطبق عليه الفصل الخامس بل الفصل السابع، لأنه مسجل أصلاً كناخب والمتعين بحقه النظر في شطبه من سجل الناخبين وليس ترسيمه به، لأنه فقد أهلية الانتخاب. وإنما فقد أهلية الانتخاب لأنه مشمول بالجرائم الانتخابية التي ينص عليها القانون نفسه في الفصل ١٥٧ منه الذي جاء فيه: "يعاقب بالسجن (…) كل شخص (…) يخفي حالة حرمان نص عليها القانون، وكل من أورد عمداً بيانات كاذبة (…) في مطلب ترشحه".
والسجن، بقطع النظر عن صفة من هو فيه من غير أعوانه، نزيلُه محروم من حرية الانتخاب. فلا بحث إذن عن كون السيد القروي متهم أو غير محكوم عليه بعدُ، ومن باب أولى وأحرى الخوض في كونه بريء حتى تثبت إدانته. فهو نزيل بالسجن، وهذه الصفة وحدها هي التي تجعله فقد أهلية الانتخاب واقعاً.
وكل حديث عنه، له علاقة بالحملة الانتخابية وتكافئ الفرص والاقتراع والطعن في النتائج، لا يصح بحقه كسجين فقد أهلية الانتخاب بحكم القانون.
أليس هذا من باطل القول في حق غيره، إذا كنا نرغب أن نسحب حالته على سائر الناخبين والمترشحين فنحرمهم من أن يمارسوا حقهم المضمون قانوناً بالضغط أو التلاعب أو التهديد، أو وهو أخطر أن نجازف بسببه بإسقاط الانتخابات؟
فالهيئة، كانت أمام حالة طلب ترشح للانتخابات الرئاسية، ولمجرد كون المترشح أصبح بعد أيام بالسجن نظرت في صفة إيقافه القضائية ولم تراع سوى تطبيق الفصل ٥ من القانون الذي يعدد صور الحرمان المنصوص عليها فيه. فأقرت صحة ترشحه.
وقد تكون غفلت عن الفصل ١٥٧ من القانون نفسه الذي يتحدث عن الجرائم الانتخابية، والتي ينص ذلك الفصل فيه على الأشخاص الذين "فقدوا أهلية الانتخاب".
فالسيد نبيل القروي تم إيداعه السجن أياماً بعد تقديم طلب ترشحه للانتخابات الرئاسية كنتيجة منطقية لإجراءات قضائية، متخذة ضده بشكل متواصل منذ وقت طويل سابق لهذه الانتخابات. فقد كان على الهيئة عندما نظرت في قبول ترشحه أن تطبق في حقه الفصل ٧ المتعلق "بالناخب" فتشطبه باعتباره من الأشخاص الذين فقدوا أهلية الانتخاب لإخفائه عنها في ملفه اتصال وضعه المالي والعملي بالقضاء.
وبإمكان الهيئة بعد التورط في هذه الخلل الاجرائي أن تبحث عن قرار جرئ بشكل يؤمن لها الخروج من الأزمة برأس مرفوع وحق مضمون لجميع الأطراف المشاركة والمسؤولة عن نجاح هذه الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها. ولعلها علّتها هذه هي لطبيعتها الاستثنائية التي لم تتوقعها قوانيننا.
والعدالة لا تطلب في قصر العدالة أو في محيطه فقط أو في الهيئات الدستورية وإنما تطلب كذلك في ضمير كل إنسان في أية مسؤولية كانت قد تنازعه نفسه في إخفاء العدالة عن غيره.
--------------------
تونس في ٣ أكتوبر ٢٠١٩
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: