قد لا تكون تونس “البلد الصغير” تمتلك مقوّمات أو موارد كبيرة تجعلها قادرة على ممارسة نفوذ هيمنة خارج حدودها غير أنها تمتلك تجربة فريدة تجعلها مصدر إلهام وتمايز عن غيرها من الدول النامية أو التي هي في طور النمو خاصة بعد ثورة الشعب وإستعادته حق تقرير المصير.
في السنوات الثمان التي تلت الثورة التونسية حدثت متغيرات كثيرة ليس آخرها تلك الإشادة بالموقف الشعبي الرافض لزيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من كبريات صحف العالم، الشعب التونسي الذي بات محميا بدستور ديمقراطي جديد بات قادرا على ان يصدح بصوته وبمواقفه التي تتناقض أحيانا حتى مع الموقف الرسمي الذي ينزع نحو الكثير من البرود.
فرز ديبلوماسي
يوجد الكثير من الأشياء التي لم لم تصلها الثورة بعد والعديد من الهياكل أيضا، ولكن الخطير أن تواصل مؤسسات الدولة سياسات الفرز السياسي والإيديولوجي بعد الثورة والتمسك بالمواقف والخطابات الإستئصالية التي ترفعها بعض التيارات المتمسكة بالقديم المنهار لفشلها في التعايش وإيجاد موطئ قدم داخل الجديد الديمقراطي.
نائب الشعب عن كتلة حركة النهضة والمخترعة البارزة التي نالت تكريمات إقليمية ودولية حياة العمري أعلنت عبر صفحتها الرسمية بشبكة التواصل الإجتماعي فايسبوك أنها ضحية للفرز الديبلوماسي في سفراتها بالخارج.
بسبب إنتمائها لحركة النهضة وبسبب بعض الإنتماءات الحزبية والسياسية لكثير من السفراء والقناصل وملحقي السفارات التونسية بالخارج تم تجاهل الدكتورة حياة العمري خلال تواجدها لتمثيل تونس والبرلمان التونسي والمرأة التونسية في أكثر من دولة أوروبية وعربية في السنوات الأخيرة
كما يوجد الفرز الأمني والفرز الطبقي والفرز الإيديولوجي يوجد أيضا فرز ديبلوماسي يمثل إهانة للديبلوماسية التونسية وللتجربة التي تعيشها البلاد وللدولة برمتها خاصة عندما يتعلّق الحديث بنائب شعب خارج حدود الوطن.
أزمة عميقة
يسجّل للديبلوماسية التونسية بعد الثورة مواقف مهمة إختارت من خلالها دعم القضايا العادلة وعدم الإنخراط في الكثير من المعارك وسياسات المحاور خاصة منها تلك التي لا تنفع ولا تضر البلاد وتجربتها في شيء، ولكن يسجل على الديبلوماسية التونسية الكثير من النقائص في زمن الثورة والديمقراطية.
لا يتعلّق الأمر باستقبال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان المجرم في نظر كل العالم تقريبا والمتهم في قضية إغتيال الصحفي والمعارض جمال خاشقجي فحسب، فقد فشلت الديبلوماسية التونسية فشلا ذريعا في ملفات أخرى كثيرة لعل أبرزها الديبلوماسية الإقتصادية والترويج لصورة تونس وتجربتها في الخارج.
شهدت تونس منذ ثماني سنوات ثورة وهي اليوم النمودج الديمقراطي العربي الأكثر إلهاما للعالم، غير أن كثير من مؤسسات الدولة مازالت تعمل وتسير عكس هذا التيار والتوجه من ذلك الديبلوماسية التونسية في العديد من المواقف والعناوين. فهي لم تخذل شخصا أو طرفا سياسيا بعينه، بل خذلت ثورة وتجربة رائدة يفترض ان يقدم لها الجميع كل شيء خدمة لها.
-----------
وقع تحوير طفيف للعنوان الأصلي للمقال
محرر موقع بوابتي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: