نور الدين بن نتيشة: سجلّ مستشار يحرّض الرئيس ويهين الرئاسة
توفيق الخالدي - تونس المشاهدات: 2893
مع بداية بروز مؤشرات على ترجيح كفّة رئيس الحكومة يوسف الشاهد في صراعه مع حزبه نداء تونس من جهة، ومع رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي من جهة أخرى، وقبل حتى التحوير الوزاري الذي حسم عبره مجلس النواب الأزمة السياسية نهائيا، عاد مستشار رئيس الجمهورية نور الدين بن نتيشة للظهور بعد أن قضّى أشهرا من السبات في القصر مدفوعا من ميزانية الدولة.
بروز نور الدين بن نتيشة رافقه جدل واضح تجلت من خلاله مؤشرات إنخراط رئاسة الجمهورية في صراع نداء تونس مع رئيس الحكومة والإئتلاف الحكومي الجديد، تحريض وتصعيد أدار رئيس الجمهورية ظهره له في البداية ولكن يبدو أنه قد إستسلم أو أنه يريد أن ينخرط فيه بشكل أو بآخر.
سجلّ نور الدين بن نتيشة يبين بشكل جلي أنه بات محرّكا رئيسيا لدعوات التحريض ولتوظيف رئاسة الجمهورية في معارك خارج إهتمامات الرئيس وصلاحياته الدستورية، وهو سجلّ حافل بالسقطات المتتالية خاصّة وأن هذه “الهواية” قد لازمته منذ زمن.
في واحدة من أبرز الصفقات التي عقدها المخلوع زين العابدين بن علي، إنتدب وجوها عرفت بنشاطها النقابي داخل الجامعة التونسيّة كان بينهم نور الدين بن نتيشة القادم من إتّحاد الشباب الشيوعي وأخرسه ببعض من الفتات لقاء خدمة كان هو وثلة من الشباب اليساري الذين تم استقطابهم، يتقنونها بشكل جيّد، وهي تحويل النشطاء الشباب الذين تعوزهم الخبرة والتجربة إلى مخبرين.
بما أن دور المخبر لم يعد يطعم صاحبه بعد الثورة، كان واضحا أن نور الدين بن نتيشة قد تدرّب على أسلوب رجل الظل كمال اللطيف الذي كانت تربطه به علاقات مثيرة ومقرّبة جدّا وتحوّل إلى بوق دعائي ينفث عبارات ودعوات الإستئصال بعد إنتخابات 23 أكتوبر 2011، تطوّر أهّل بن نتيشة للفوز بعقد إنتداب جديد لصالح جبهة الإنقاذ ومنها إلى نداء تونس.
قبل الوصول إلى الرئاسة، إنقلب نور الدين بن نتيشة على الباجي قائد السبسي وكان هو أوّل من تحدّث عن الوضعية الصحية التي لا تسمح للسبسي بإدارة شؤون البلاد قبل ترشحه للسباق الرئاسي نهاية سنة 2014 وإختار أن يكون الذراع الأيمن للمحافظ السابق للبنك المركزي مصطفى كمال النابلي، الذي غادر السباق الرئاسي حينها من الدور الأول بهزيمة مهينة.
رغم كل الإنتقادات التي وجهها له إلاّ أن الباجي قائد السبسي قبل بعودة نور الدين بن نتيشة إلى “بيته” وقام بتعيينه مستشارا له في رئاسة الجمهورية رغم الجدل والتحذيرات من أن التعيين إهانة لصورة الرئيس ومدخل لتهديد حرية الصحافة خاصّة في ظلّ السجلّ الأسود الذي بحوزة بن نتيشة ضدّ حرية الصحافة قبل تعيينه.
لم ينتظر بن نتيشة وقتا طويلا ليؤكّد أن المنصب الذي منح له في رئاسة الجمهورية كان أكبر منه، فقد أظهرت أزمة تنحية رئيس الحكومة الأسبق الحبيب الصيد أنّ الأخير قد بات يشكل خطرا على الإستقرار، بعد أن صرّح الصيد حينها بأنه قد تعرّض للتهديد من الرئاسة، في إشارة إلى بن نتيشة، إذا لم يقدّم إستقالته.
تصريحات الحبيب الصيد بشأن التهديدات التي وردت عليه من رئاسة الجمهورية كانت مسبوقة ومرفوقة وتلتها إتّهامات من نقابات الصحفيين لنور الدين بن نتيشة بمحاولة السيطرة على وسائل إعلام والتدخّل في خطّها التحريري، وأصدرت نقابة الصحفيين التونسيين بيانا إتهمت فيه المستشار الرئاسي بتهديد حرية الصحافة وبالعمل على إعادة أساليب نظام المخلوع مع المؤسسات الإعلامية.
سجلّ الإتهامات لنور الدين بن نتيشة طويل، ولكن الأخير قد تحوّل مؤخرا إلى رمز من رموز التحريض. فبعد أن خرج معلنا “الحرب” على التحوير الوزاري الذي أعلنه رئيس الحكومة مؤخّرا، عاد بن نتيشة ليهاجم منتقدي ومعارضي إستقبال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتطوّر الأمر ليصبح مستشارا مكلّفا بتحويل مواقف الجبهة الشعبية وما تبقّى من نداء تونس إلى مواقف مسحوبة على مؤسسة الرئاسة، في تهديد واضح للإستقرار وللأمن القومي للبلد برمّته.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: