البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

ماذا وراء الهجوم على الغنوشي؟

كاتب المقال صلاح الدين الجورشي - تونس   
 المشاهدات: 3829



يتعرض هذه الأيام رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي لقصف إعلامي وسياسي من قبل خصومه، وهم كثر، سواء داخل تونس أو خارجها.

ويعود ذلك إلى تصريحات أدلى بها مؤخرا، وكانت هذه التصريحات غير موفقة إما في مضمونها أو في بعض عباراتها القابلة للتأويل، فتم التقاطها للتشكيك في نواياه ونوايا حركته، أو لدعم اتهامات سابقة بقيت تفتقر لأدلة قطعية.

سنتوقف في هذا المقال عند ثلاثة من هذه التصريحات المثيرة للجدل، التي لها صلة وثيقة بملف داعش.

حاول الغنوشي أن يؤكد على ضرورة أن يقبل التونسيون بعودة أبنائهم من بؤر التوتر، لأن البلاد لا تستطيع فرض هؤلاء على الدول الأخرى، فاعتبرهم بمثابة "المرض الذي يتعين التعامل معه بجدية".

وحتى يؤدي هذا المعنى، لجأ إلى استعمال مثل شعبي تونسي يقول "اللحم إذا نتن عليه بأهله"، والمعنى هنا أن الدولة التونسية مطالبة باستعادة هؤلاء لمقاضاتهم في تونس خلافا لمن يدعون إلى منع عودتهم.

ورغم أنه شبه الدواعش التونسيين باللحم النتن، فقد تم تأويل كلامه على أساس كونهم جزءا من الكيان الوطني، ليشكلوا قوة احتياط لحركة النهضة. وهو تأويل خرج بحديث الغنوشي عن السياق الذي أراده صاحبه.

يتنزل التصريح الثاني في سياق محاولة التبرؤ من تهمة العنف المسلح، قال الغنوشي: "حركة النهضة فصلت قيادات كبيرة للاشتباه في علاقتها مع مجموعات مسلحة، في حين أن النهضة متخصصة بالعمل السياسي التونسي لا غير".

وإذ اعترف بأن السماح بدخول بعض الشيوخ المتطرفين من السلفيين في فترة حكم الترويكا "كان خطأ"، معللا ذلك بقوله: "لم تكن لنا خبرة في الموضوع"، إلا أن خصومه رأوا فيما ذكره اعترافا بأن قياديين في الحركة تعاملوا مع جماعات مسلحة، وبناء عليه، طالبوه بمدهم بأسماء، وبالسياق التاريخي لهذا الأمر، وبلغ ببعضهم التفكير في رفع شكوى إلى القضاء بحجة خطورة هذه الاعترافات".

تتعلق هذه المسألة التي تورط في ذكرها الشيخ، بجوانب خفية من تاريخ الحركة الإسلامية التونسية، وهو التاريخ الذي ينتظر من يكتبه ويوثقه حتى لا يبقى أشبه بالألغام التي تنفجر في وجه الإسلاميين سواء عبر الصدفة أو عند اكتشاف أحدها ضمن الصراعات الأيديولوجية المتواصلة بين النخب المتنافسة على السلطة.

أما التصريح الثالث، فقد كان الأكثر إثارة وإرباكا. ففي أعقاب اجتماع مجلس شورى حركة النهضة خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، سئل الغنوشي عن داعش، ففاجأ الرأي العام بقوله إنه ''لا يمكن أن نكفّر الدواعش.. لا يمكن أن نكفّر أحدا يقول لا إله الا الله''.

ولم يكتف بذلك، وإنما وصف تنظيم الدولة بكونه ''حالة متوترة وغاضبة''، مضيفا: ''لا أبحث لهم عن مبرر. هم صورة من صور الإسلام الغاضب الذي يخرج عن العقل والحكمة، ونحن نقول له أنت ظالم ومخطئ ومتطرّف ومتشدّد".

ونزل هذا التصريح كالصاعقة فوق رؤوس معظم قادة الحركة، الذين وجدوا أنفسهم يواجهون موجة قوية من الاحتجاجات والتشكيك في النوايا، وفي مدى مصداقية الحركة لتحقيق التمايز بوضوح عن التنظيمات المسلحة والإرهابية.

هل أن داعش تمثل الإسلام؟ وما هي خصائص الإسلام الغاضب؟ وداعش غاضبة على من؟

هذه ليست سوى عينات متفرقة تلاحق وقوعها خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من هذه السنة. وهي تسمح بقول ما يلي:

أولا: رغم التنازلات التي قدمها رئيس حركة النهضة خلال السنوات الأخيرة من العمر القصير للثورة التونسية، وذلك بهدف كسب ثقة جزء واسع من النخب التونسية، إلا أن تلك الجهود على أهميتها لا تزال عرضة للتشكيك فيها وفي نوايا الإسلاميين في تونس.

هناك أزمة ثقة حادة لم يقع التغلب عليها حتى الآن، ما يجل كل قول للغنوشي قابل للطعن والتشكيك من قبل الدوائر التي تتربص به وبحركته.

ثانيا: يبدو جليا أن هناك مشكلة اتصالية لم يتغلب عليها الشيخ الغنوشي، ويخشى أن يستفحل أمرها خلال الفترة المقبلة، ففي الكثير من المناسبات، تخونه العبارة المناسبة للتعبير عن الموقف المطلوب.

فالرجل شخصية مثيرة للجدل، وتهتم به وسائل الإعلام، وفي عديد الأحيان يجد نفسه مورطا في عبارة أو جملة لا تعكس ما يريد قوله، أو أنها تفتح المجال للتأويل والحفر في خلفياته، وتراثه القديم.

ثالثا: لم يتمكن رئيس حركة النهضة من أن يحسم الأمر بين ثلاثة مكونات لشخصيته، فهو الشيخ، وهو المثقف، وهو السياسي.

وبما أن لكل شخصية أدواتها ولغتها وبنيتها، فإنه في الكثير من المناسبات، يحصل أن تتداخل الشخصيات والأدوار، خاصة وأن بعض المفاهيم الأساسية لم تحسم نهائيا عنده، ولم يقطع فيها مع منظومات سابقة كانت محددة لتفكيره سواء في مرحلة التأسيس أو في مرحلة الهجرة والصراع السياسي ضد الحكم، وأصبحت اليوم متعارضة كليا مع المرحلة الحالية مرحلة السلطة.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، بقايا فرنسا، اليسار التونسي، راشد الغنوشي، العائدون من سوريا،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 2-01-2017   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
الهيثم زعفان، محرر "بوابتي"، علي عبد العال، صباح الموسوي ، د - شاكر الحوكي ، د - محمد بنيعيش، طارق خفاجي، محمود فاروق سيد شعبان، فتحـي قاره بيبـان، منجي باكير، فتحي العابد، سلوى المغربي، أبو سمية، سليمان أحمد أبو ستة، عبد الرزاق قيراط ، عزيز العرباوي، د- محمود علي عريقات، صفاء العراقي، مراد قميزة، مجدى داود، حسني إبراهيم عبد العظيم، أحمد بن عبد المحسن العساف ، علي الكاش، وائل بنجدو، د - المنجي الكعبي، العادل السمعلي، د - مصطفى فهمي، المولدي الفرجاني، رضا الدبّابي، د. أحمد محمد سليمان، فتحي الزغل، د. عادل محمد عايش الأسطل، أحمد بوادي، د- جابر قميحة، كريم السليتي، أنس الشابي، د- هاني ابوالفتوح، المولدي اليوسفي، بيلسان قيصر، أحمد النعيمي، صفاء العربي، ماهر عدنان قنديل، د- محمد رحال، د - محمد بن موسى الشريف ، خبَّاب بن مروان الحمد، د. أحمد بشير، محمد اسعد بيوض التميمي، سيد السباعي، عبد الله الفقير، سامر أبو رمان ، كريم فارق، رافع القارصي، محمد أحمد عزوز، الهادي المثلوثي، د - صالح المازقي، د. طارق عبد الحليم، طلال قسومي، فوزي مسعود ، د. كاظم عبد الحسين عباس ، الناصر الرقيق، محمود طرشوبي، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد شمام ، إيمى الأشقر، حميدة الطيلوش، د. عبد الآله المالكي، سفيان عبد الكافي، صلاح الحريري، أحمد ملحم، أشرف إبراهيم حجاج، محمد يحي، ضحى عبد الرحمن، عبد الغني مزوز، عبد العزيز كحيل، عواطف منصور، د - عادل رضا، د.محمد فتحي عبد العال، د. ضرغام عبد الله الدباغ، حسن الطرابلسي، سعود السبعاني، رافد العزاوي، رحاب اسعد بيوض التميمي، صالح النعامي ، محمد عمر غرس الله، جاسم الرصيف، عراق المطيري، رشيد السيد أحمد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - الضاوي خوالدية، محمد علي العقربي، محمود سلطان، أ.د. مصطفى رجب، د. خالد الطراولي ، إسراء أبو رمان، نادية سعد، د. صلاح عودة الله ، محمد الطرابلسي، فهمي شراب، حاتم الصولي، صلاح المختار، محمد الياسين، عمار غيلوفي، إياد محمود حسين ، يزيد بن الحسين، خالد الجاف ، حسن عثمان، تونسي، رمضان حينوني، يحيي البوليني، عبد الله زيدان، مصطفي زهران، محمد العيادي، سلام الشماع، أحمد الحباسي، سامح لطف الله، مصطفى منيغ، عمر غازي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، ياسين أحمد،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز