البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

اغتيال المهندس الزواري

كاتب المقال عبد الستار قاسم   
 المشاهدات: 3815



كان الشهيد محمد الزواري من المبدعين العرب، الذي قرر توظيف إبداعم في خدمة المقاومة العربية ضد الصهاينة. ظهر الزواري في تونس طالبا مبدعا، ودرس في جامعة صفاقس وتنفل من دولة عربية إلى أخرى. وأبدع في مجال الإلكترونيات. وقد قاد طلابه نحو الاهتمام بصناعة الطائرات المسيرة، ووفق وسائل الإعلام كان قد جرب الطيران في الجامعة. دفعته غيرته على أرض العرب للالتحاق بالمقاومة الفلسطينية في غزة، وتسلل عبر الأنفاق لينضم إلى حركة حماس. غزة تنهمك في تطوير أسلحتها لتكون أكثر قدرة على مواجهة الصهاينة، فكانت البيئة المناسبة للزواري أن يتمم إبداعاته. بدأ يعمل، ووفق وسائل إعلام مختلفة، استطاع تقديم خدمات كبيرة وواسعة في تطوير طائرة أبابيل المسيرة التي اخترقت أجواء الصهاينة ودللت على الإرادة القتالية للعرب. وقالت وسائل إعلام إنه كان يعكف على تطوير الطائرة؛ لكي تحمل قذائف صاروخية تعدّل إلى حد ما من ميزان القوى الراجح لصالح الصهاينة. لكن الصهاينة عرفوا عنه ولاحقوه وعاجلوه بالرصاص في عقر داره في صفاقس التونسية. لقد قتلوه وقضى شهيدا دفاعا عن أمته العربية والمقدسات الإسلامية.

هناك عدد من الأسئلة لا بد من طرحها على تونس وعلى غزة. بداية نسأل: لماذا لم تستوعب تونس هذا المهندس المبدع الذي لم يكن نكرة في الحرم الجامعي؟ على الأقل من الناحية الاقتصادية، كان من الممكن إنشاء مركز صناعي للشهيد يقوم من خلاله بتطوير طائرات، يمكن تسويقها لدول كثيرة في العالم مثلما يفعل الصهاينة. لكن الفارق بين العرب والصهاينة أن الصهاينة يبحثون عن مبدعين والعرب يقتلون المبدعين. وبعد أن أتى إلى غزة، كيف تم ترويج اسم الزواري ليكون معروفا لدى عدد من الأشخاص؟ المهنية الأمنية تقتضي أن يبقى اسم الملتحق بصفوف المقاومة سرا، ويتم تحديد الاتصال به بطريقة أمنية لا تسمح بالتقاط صور له أو تسجيل صوته أو معرفة أبعاد جسده، إلخ. صحيح أن حماس تبذل جهودا كبيرة من أجل تحقيق التحصين الأمني، لكن ثقافة التسيب الأمني الفلسطينية غلبت على ما يبدو كل الحرص. مطلوب من حماس ومن حركة الجهاد وكل فصائل المقاومة الفلسطينية أن تستعين بخبراء أمنيين، والأفضل أن يكونوا من حزب الله لتحسين الأوضاع الأمنية.

وربما في الثقافة العربية ما يعرض الأشخاص في كثير من الأحيان للخطر. العرب يحبون المفاخرة ومن ضمنها المفاخرة بوجود معلومات حول قضايا تخفى على عامة الناس. فإذا علم أحد عن الزواري ودون أن يكون جاسوسا، يمكن أن يحدث صديقه بالإنجازات التي يحققها هذا المجاهد. والصديق يتفاخر أمام صديق آخر حتى تتسع الدائرة فيصل الخبر للصهاينة بسهولة. الصفوف العربية مخترقة أمنيا من الزوايا كافة، ولا يوجد زاوية من زوايا الحياة العربية لا تجند فيها إسرائيل عملاء وجواسيس. الحكام وأعوانهم ينفون ذلك، لكن تجاربنا الكثيرة والمعقدة تثبت صحة ادعائنا، وزيف ادعاء الحكام وأعوانهم. بل من المحتمل، بل من الأكيد أن من الحكام من هم عملاء وجواسيس لإسرائيل وأمريكا. العرب شاهدوا على شاشات التلفاز أحد ملوك العرب وهو يهبط بطائرته السمتية في تل أبيب، ليخبر رئيسة وزراء الصهاينة أن سوريا ومصر ستشنان حربا عما قريب، لكنه لم يخبر عن الموعد لأنه لم يكن يعرفه. وهذا الملك نفسه وعلى ذمة محمد حسنين هيكل كان يتقاضى راتبا شهريا من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مقداره مليون دولار شهريا. وملك آخر في المغرب العربي كان يستضيف رجال الموساد الصهيونيين في غرفة مجاورة لمكان انعقاد القمة العربية، ويزودهم بأجهزة تنصت لكي يسمعوا أدق تفاصيل المداولات العربية. وفي التجربة الفلسطينية، هناك فضائح أمنية كثيرة جدا ذهب ضحيتها مئات الفلسطينيين من الشهداء وعشرات آلاف المعتقلين.

وهناك أسئلة أخرى مثل كيف عرفت إسرائيل أن الزواري قد خرج من غزة، وكيف تمت متابعته على مدى فترة من الزمن دون علم أجهزة الأمن التونسية؟ وما دام الرجل على هذا القدر من الأهمية العلمية التي تترتب عليها أهمية تقنية، لماذا لم تخصص الأجهزة الأمنية التونسية فريقا لحراسته والسهر على أمنه؟ في كثير من الأحيان، يراودني القول إن الأنظمة العربية ليست معنية بالمحافظة على المبدعين والعلماء لأنها تخشى سطوة إسرائيل وأمريكا، وتخشى على نفسها من هؤلاء المخلصين بانتمائهم والتزامهم، والأفضل تركهم فرائس للموساد الصهيوني.

لماذا تخشى الأنظمة العربية المحافظة على المبدعين والمخترعين؟ السبب بسيط وهو أن أغلب الأنظمة العربية تعتمد على الدول الغربية ماليا وأمنيا. عدد من الأنظمة العربية لا يتمكن من صرف الرواتب آخر الشهر، وعدد آخر لا يستطيع أن يصمد إذا لم يؤمن حماية من قبل أمريكا وإسرائيل. ومن أراد العون من العدو، عليه أن يطيع العدو ويفعل كما يريد العدو. إسرائيل وأمريكا تسرحان وتمرحان في الساحة العربية، ومن لا يفتح بيته للبغاة والغزاة لن يلاقي إلا المصائب والأهوال.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، محمد الزواري، الموساد،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 30-12-2016   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د. عادل محمد عايش الأسطل، المولدي الفرجاني، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، ياسين أحمد، أبو سمية، د - عادل رضا، د. مصطفى يوسف اللداوي، عبد العزيز كحيل، مصطفى منيغ، د. أحمد محمد سليمان، أشرف إبراهيم حجاج، الناصر الرقيق، حسن عثمان، سيد السباعي، محمد أحمد عزوز، صالح النعامي ، أ.د. مصطفى رجب، حميدة الطيلوش، سعود السبعاني، الهادي المثلوثي، د - مصطفى فهمي، عبد الغني مزوز، أحمد النعيمي، د- جابر قميحة، فهمي شراب، د. عبد الآله المالكي، عبد الله الفقير، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د - الضاوي خوالدية، محمد الياسين، عبد الرزاق قيراط ، فتحي العابد، مجدى داود، كريم فارق، مصطفي زهران، يزيد بن الحسين، طلال قسومي، د. طارق عبد الحليم، رافد العزاوي، صفاء العربي، د - صالح المازقي، د - محمد بن موسى الشريف ، صفاء العراقي، رافع القارصي، العادل السمعلي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - شاكر الحوكي ، محمود طرشوبي، خبَّاب بن مروان الحمد، صلاح الحريري، محمد العيادي، محمد علي العقربي، منجي باكير، محمد عمر غرس الله، فتحـي قاره بيبـان، أنس الشابي، د - محمد بنيعيش، عراق المطيري، د- هاني ابوالفتوح، أحمد بوادي، د- محمد رحال، المولدي اليوسفي، فوزي مسعود ، سامر أبو رمان ، سلوى المغربي، جاسم الرصيف، الهيثم زعفان، أحمد ملحم، حسني إبراهيم عبد العظيم، سامح لطف الله، كريم السليتي، محمد الطرابلسي، د. خالد الطراولي ، عزيز العرباوي، حسن الطرابلسي، طارق خفاجي، خالد الجاف ، عبد الله زيدان، محمود فاروق سيد شعبان، نادية سعد، سليمان أحمد أبو ستة، فتحي الزغل، رضا الدبّابي، تونسي، إيمى الأشقر، إياد محمود حسين ، د- محمود علي عريقات، يحيي البوليني، محمد اسعد بيوض التميمي، بيلسان قيصر، د.محمد فتحي عبد العال، رشيد السيد أحمد، حاتم الصولي، عمر غازي، وائل بنجدو، علي الكاش، محرر "بوابتي"، د. أحمد بشير، محمد يحي، عواطف منصور، ضحى عبد الرحمن، محمود سلطان، د - المنجي الكعبي، أحمد الحباسي، علي عبد العال، مراد قميزة، د. صلاح عودة الله ، صلاح المختار، إسراء أبو رمان، عمار غيلوفي، رحاب اسعد بيوض التميمي، صباح الموسوي ، سلام الشماع، محمد شمام ، رمضان حينوني، سفيان عبد الكافي، ماهر عدنان قنديل،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز