سنية هاني - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4110
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لست أدري كيف يصرح الأستاذ قيس سعيد بأن تقدم الحبيب الصيد رئيس الحكومة بطلب يوم الأربعاء الماضي رسميا الذهاب إلى مجلس نواب الشعب للتصويت على منح الثقة لحكومته هو انتحار سياسي له. والحال أن الرجل لم يخير سوى الحل المؤسساتي والدستوري للحفاظ على المسار الديمقراطي، عبر طلبه رسميا الذهاب إلى مجلس نواب الشعب والرجل لم يكن يوما لا سياسيا ولا متحزبا بل كان رجل وفاق بامتياز.
والحق أقول إن الانتحار السياسي هو بامتياز للأحزاب التي عينته وهي التي ستدفع الثمن غاليا لتبيان فشلها للعامة وللخاصة في جلسة قد تسمى جلسة حوار أو سمها ما شئت بيد إنها ستكون بامتياز جلسة نشر الغسيل وجلسة مساءلة ومحاسبة ومصارحة.
انتهى الوقت الذي يقع التقييم فيه سريا في الزوايا بعيدا عن الشخص الذي يراد تقييمه.لقد انتهى زمن المحاكمات سريا وحان الوقت للمحاكمات العلنية دون ترك الفرصة للمناضل السياسي ولرجل الدولة ليدافع عن نفسه وعن أدائه.
مضحكة جدا الاستطرادات التي يطلقها بعض أشباه الساسة الذين يتوجهون برسائل صريحة للصيد للاستقالة عبر وسائل الإعلام الرسمية ثم يستدركون في الآن ذاته قائلين’إن هذا حقه الدستوري’.فكانوا كمن يأخذون بالشمال ما أعطوه باليمين.
الأحزاب حرة في أن تختار نوابها في البرلمان وقد كانت كذلك فلقد جدد حزب النهضة مثلا لقرابة الثلاثين من جملة النواب السبع والثمانين المؤسسين وتركت الباقين تتلاطمهم الأمواج يمينا ويسارا دون جلسات استماع لهم ودون أي مقياس يذكر أو أدني مشاورة معهم ولم تدمجهم حتى في مؤسساتها لا الشورية ولا التنفيذية ولا حتى الجهوية بل حتى المحلية وتركت خبراتهم تذهب سدى دون تصريفها مثلهم مثل أي منخرط وكأنهم لم يخوضوا قرابة الثلاث سنوات في التأسيس وفي محن صعبة جعلتهم يصمدون ولم يتنقلوا من حزب غلى حزب لأنهم أصحاب مبادئ.
لكن أن تختار رئيس حكومة وتعزل آخر عبر سحب الثقة منه دون مصارحة للرأي العام فهي ليست حرة في ذلك ولن تظل تقييماتها حبيسة الأدراج.
ثم ما هذا الكلام السوقي الذي لا يخرج على مستوى الأزقة فكيف لرجال دولة ولمسؤولين في الأحزاب أن يهددوا رئيس حكومة بلغة ‘التمرميد’ ألهذه الدرجة وصل مستوى الخطاب السياسي حتى ولو كان عبر الهواتف أو عبر أشخاص آخرين.
حري برئيس الحكومة أن يفصح للشعب عن مهدديه وعليه أن يستعمل كل الوسائل القانونية - إن لزم الأمر- حتى الإذن القضائي للكشف عن محتوى المكالمات الهاتفية المهددة له والمربدة والمزمجرة حتى يتعرى أصحابها أمام الملإ لا يعرف الجميع إن التأنق ليس ‘بالكرافات’ و’الكوستيمات’ وبتسريحات الشعر وإنما بالأخلاق وبالسلوك الحسن.
إن تهديد رئيس حكومة منتخب من قبل نواب الشعب أنفسهم الذين انتخبهم الشعب هو تهديد للشعب برمته .
ثم ماذا تراه يكون نوع التهديد والوعيد وماذا عساه يكون نوع ‘التمرميد’.
إنني احمل المسؤولية كلها كل المسؤولية إذا انتاب الرجل مكروها لا قدر الله غلى أصحاب التهديد والوعيد وإلى كل من مارس عليه الضغوطات لدفعه للاستقالة.
لم أقابل السيد الحبيب الصيد يوما في حياتي ولم أهاتفه قط ولا أدافع عنه لأنه من جهتي جهة الساحل فأنا أبعد مخلوق على وجه البسيطة عن الجهوية المقيتة ولا لأنني إبنة وزارته الأصلية منذ 15 سنة في وزارة الفلاحة وإنما الأمور بالنسبة لي أمور مبدئية ولأنني تجرعت من نفس الكأس لما لم يجدد لي حزبي النيابة بالبرلمان.
وهنا استحضر المثل الدارج التونسي ويا كثرة حبي للأمثال الدارجة الشعبية فكلام أمهاتنا وأجدادنا رحمهم الله ‘نقش على الحجر’ وقد تعلمتهم منذ الصغر.
‘ما يحس بالجمرة كان إلي يعفس علاها’
وكان ذنبي الوحيد أنني خلقت شعبية بمفردي وإنني كنت صريحة وأكثر إنسان مشهور في تونس واشتغلت بضمير طوال مدة النيابة تفوق الخيال فكان جزائي أن أصبح نسيا منسيا داخل هياكل الحزب وكأنه مرفوعا ضدي الفيتو.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: