د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4159
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
نشرت جريدتكم (*) أخيراً مقالاً بعنوان:"إلى الدكتور الكعبي: بصراحة هيكل.. خاب أملي..!" بقلم رشيد البكاي، وهذا ردي على صاحبه:
أن يَخِيب أمله فيما قرأ لي، ليس مشكلاً ولكن أن يسرع في الفهم عني قد يكون بالعكس هو المشكل، لأنه إنما توهم الفهم وسقط في سرعة عدم الفهم. لم "يُجمِّع" كما يقول المصريون أو "جاته الخِيبة" كما يقولون كذلك. بدليل أني لم أقل ما نقله على لساني بأن "بورقيبة حمل في جولته العربية مشروعه الأمريكي الأطلسي لحل القضية الفلسطينية". إنما أنا حكيت على لسان الذين هاجموه ما توهموه مشروعه. ولذلك قلت في أعقاب الجملة: "أو هكذا ترجم بعض الساسة زيارته لهم في المنطقة".
وأما أحكامه عن كيفية تناولي للمقال، فليس من شأنه أن يقاسمني التصور أو الإخراج، في حين بإمكانه الكشف عن عبقرياته في تصحيح ما يقال بمستوى فهمه وتقديره للأشياء، سواء كانت سياسة أو هي أدب أو حتى تاريخ. وسواء ما قرأه باسمي وهو يخاطبني بـ "يا" للعتْب أو قرأه لغيري بأقل احترام.
والتأدب بحق الميت وقد غادرنا قريباً لم يمنعه من وصفه ووصف صراحته بأوصاف لا أريد أن أذكّر قارئه بها، وإن كان الواجب للقارئ اليوم أن أذْكُرها له (فهي كالآتي: أسير العاطفة الجياشة - هجومه الشرس - افتقاده العقلانية والواقعية - تكفيره عن الذنب - يعوزه التفكر والتدبر ومناصرة الحق - وأخيراً الدخول في جلباب زعيمه والخروج منه مثل نظيره التونسي المرحوم الحبيب بولعراس)
لكن الأعجب أنه يتقمص شخصية من يقلده ليخاطبني "بصراحته": أنني خيّبت أمله!! فمتى لم يخِبْ أمله فيّ أو بسببي؟! فهو حتى وأنا استذكر مواقفي بمجلس الأمة قلل من دوري وشكك في وطنيتي وإخلاصي لمهمتي واحترامي لحسن ظن من أمثلهم والرأي العام الذي كان ينظر الي باحترام إن لم يكن بتقدير بكبير، بشهادة الكتاب الذي نشرته مرآة لمداولات حية لا مذكرات.
فأكِله الى الخالق والى التاريخ ليحكم على لفظه وسوء تقديره للأحياء والأموات. ولا أعتقد أن أحداً منهم اليوم حتى الزعيم الخالد بورقيبة يناصره، فضلاً عن أشقائنا في المشرق الذين كانت الصراعات السياسية والإعلامية تشقهم من أجل الدفاع عن قضايا الأمة وقضية فلسطين في المقدمة. وكانوا حتى و هم فلسطينيون الى النخاع يختلفون في ما هو أفضل للحل السياسي لقضيتهم أو أوْفق للمقاومة المسلحة لاستعادة حقهم بالكامل. وإذا كان من بينهم من كان لا يؤمن بغير استعادة أرضهم والقدس كاملة، فقد كانت النظريات التي تأخذ بالتدرج في استعادة الحق أو ممارسة النضال بكل وسائله لا تزال تتفاعل لتخدم في الأخير قضيتهم طال الزمان أم قصر. كما كانت القضية التحريرية نفسها تشق صفوف التونسيين ثعالبيين أو بورقيبيين أو يوسفيين أو القضية الجزائرية تشق صفوف جبهة التحرير الوطني الجزائرية بين ثوّار وبن خدّيين بدعم بورقيبة نفسه وفي الأخير فازوا بثورتهم المسلحة من أجل الاستقلال الكامل.
فلا يَقْصُر بقلمه كالسابق، في قضية الوزيرة المستجلبة من الخارج، التي رمت بوجهنا استقالتَها استهانة بالثورة التي منحتها، بمجلسها التأسيسي من لحظات الثقةَ لحكومتها، ليحشر أنفه فيما بيني وبين بورقيبة ويتولى بالنيابة اليوم عن الأموات الحديث اليّ بصراحة هيكل التي ينتقدها وفي الوقت نفسه يتشبه بها. ويبقى الاختلاف في القامة.
---------
تونس في ١٥ مارس٢٠١٦
(*) جريدة الصباح الأسبوعي بتاريخ أمس. والمقال موضوع الرد عل الرد نشر بهذا الموقع قبلاً بعنوان "تونس بصراحة هيكل".
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: