اعتذار مبرر

د - المنجي الكعبي - تونس من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
المشاهدات: 4388

يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط

في فوعة الفعل ورد الفعل على إعدام الشيخ الشيعي السعودي نمر النمر - رحمه الله، لأن المسلم مرحوم وإن ابتلاه الله بالعقاب على يد مخالفيه - خَشِي الجميع من احتداد التوتر بين مؤيد ومعارض للرياض أو لطهران، ودخول باب المصالح الضيقة معهما بدل تقدير المصالح العليا للعلاقات بين الدول، فتزداد الفرقة بين الأطراف المتصارعة في الشرق الأوسط والمنطقة الإسلامية بالذات لتصب بالتالي في مصالح الأعداء والمتربصين للاصطياد في الماء العكر، وفي مقدمتهم الصهيونية وعملائها في العالم.

ولذلك نزل خبر الاعتذار الرسمي من جانب طهران للسعودية عن طريق مجلس الأمن، نزول الغيث النافع على الأرض القاحلة، وبعكسه على ذوي النفوس المؤهبة والمتأهبة للفتنة بين الجارتين الكبيرتين في المنطقة والأخوين الكبيرين في عالم الإسلام.

ورب ضارة نافعة.. فتكون هذه الأزمة العارضة محك صقل للمعدن الجوهري بينهما، وهو الإسلام في أروع معانيه وهو الصلح بين الأخوين، حتى بنصرة الظالم منهما بدعوته للكف عن ظلم أخيه؛ وما في معناه من الاعتذار له إذا صدر منه خطأ أو تقصير.

والتنويه بذلك واجب في الملمات، فالنفوس ضعيفة إذا مسها الضر، أو لامس من تحبه أو تتعصب له لسبب من الأسباب. والغضب قد يتجاوز مداه ويعود بالضرر على صاحبه قبل غيره أحياناً لفرط التملّك من نفسه في بعض الأحوال. ولا تقْدر حتى أعتى الحكومات من السيطرة عليه لدى من تحت نظرها من الأفراد والجماعات، حتى وإن بلغ بها الحال الى قمعهم أو تسليط العقوبة الردعية عليهم قبل وقوعهم في المحظور من أفعالهم الغضَبية المستنكرة.

وقد تأخذ هذه الحادثة، بأبعادها المختلفة بين الرياض وطهران منحى جديداً لتطهير العلاقات بينهما، كما يُطهّر العِرض بالدم والجوهر بالنار، ليعود الصفاء بينهما كمدخل لحل كثير من الأزمات القائمة والتحديات الأكثر مستقبلية لحياتهما، لادخار الطاقات لديهما لبناء ما تعوّل عليه الأجيال لعزة الاسلام بهما ولأمن العالم بهما؛ خاصة والدنيا بأسرها تتطلع اليهما لإخراج منطقتهما وسائر المناطق في العالم من الوحل الواقعة فيه والتي تتقاصر الجهود المنفردة لبقية الدول عن مواجهتها دون ضمان حد أدنى من القوة والمنعة.

---------
تونس في ٥ جانفي

اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

نمر النمر، السعودية، آل سعود، إيران، الشيعة، الصراع السعودي الإيراني، الصراعات المذهبية،

6-01-2016

لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه

رابط المقال

لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال

البريد الإلكتروني

اسمك