د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4668
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
نعيش وتعيش دول العالم على وقع قمة المناخ بباريس. وكلنا أمل أن تخرج بقرارات حاسمة في قضية تغيّر المناخ واستخدام بعض الدول الكبرى للتكنولوجيات البيئية المتقدمة للأغراض الحربية، والتي لم تعد خفيّة بعد الكوراث التي سببتها.
خاصة في مناخ الحرب المعلنة قبل أيام من حكومة باريس ذاتها على غول الدولة الإسلامية في العراق والشام، أي سوريا الأسد.
وفي ظل التحفظ الروسي، الذي لم يساعد على قرار قوي من مجلس الأمن كما كانت تتمنى فرنسا، ثم ما أعقبه من إسقاط تركيا لطائرة روسية، سوخوي، زهرة الطائرات العسكرية، عنوان تفوقها الحربي.
وكل ذلك ترك الانطباع ابتداء بأن التحالف الواسع المأمول الذي تبحث عنه فرنسا لم يعد بالقريب صناعته، بحكم الخلافات القائمة بين أطراف الصراع الدولية والاقليمية والوطنية بشأن هذه الحرب المخسورة سلفاً ضد الإرهاب وضد الدولة الاسلامية تحديداً. لسبب بسيط ظاهر للعيان ولكنه عميق لا تتحدث به الألسنة، وهو أن الإرهاب صناعة استخباراتية عسكرية عميقة الجذور متعددة الدوافع والاعتبارات والأهداف، لأنه بالأخير يصب في ميزان القوى بين الدول المتصارعة على امتلاك الثروة والسلاح والنفوذ، في دنيا أصبحت ضيقة عن العيش فيها للجميع لأسباب بيئية واقتصادية وثقافية ودينية مكشوفة أو مستورة.
ولذلك لم يتردد هولاند من اغتنام قمة المناخ لاستنهاض همم الدول، والحليفة منه بالذات، من أجل تجفيف المنابع لما يسميه بالدولة الإسلامية، لأنها بتقديره واقعة في منافسة الدول العظمى على البترول والغاز في المنطقة وباقي الثروات الطبيعية. فكأنما أعلن في نفس الوقت الحرب عليها اقتصادياً ومناخياً. ومنه تقديرنا أن حرب الإرهاب لا تكسبها الحرب المناخية، لأن تجفيف المنابع بضرب سلاسل ناقلات البترول المهرب التي تستفيد منها داعش وتركيا - كما يتهمها بذلك - بل سوف تكون حرباً مناخية بامتياز تأتي على الأخضر واليابس في المنطقة، وتسبب الكوارث التي منعت الى حد الآن من استخدام تلك الآليات المحظورة رسمياً لتضعيف الخصم ودحره بتدمير بيئته، فكأنها حرب لتدمير العالم العربي والاسلامي في ثرواته ومقدّراته من أجل بقاء فرنسا.
ومن هنا فالحرب على الإرهاب لا تكون دولية شاملة بهذا المعنى لأن الدول تختلف أقدارها في مسؤولية خلقه في فضاءاتها وفي تصريفه لأغراضها في نفسها خارج فضاءاتها. وعليه، فلا ينبغي تحريف القضايا وافتعال الأزمات لحل مشاكل اختلال التوازن في العالم لفائدة فريق دون فريق باستخدام الحرب المناخية لتلويث العالم وإعادة تركيبه من جديد بنزعات عنصرية أو دينية لم تعد خافية.
وليس هذا دفاعاً عن الاسلام، فالإسلام يدافع عن نفسه ولم تكن أبداً حروبه ما دامت تنعت كذلك من خصومه حروباً مناخية، كيمياوية أو نووية أو جرثومية.
وإذا كانت بعض دول هذه القمة المناخية ستشرّع له بحجة اقتدارها اليوم عسكرياً باستهداف الآليات التي تنقل البترول المهرب واحدة واحدة بدقة تامة لتحييدها دون إحداث كوارث بيئية جانبية، بسبب إمطار قوافل تلك المركبات المتنقلة بالبترول بقذائف الصواريخ لإشعال مجرة من الحرائق والنيران لا تخمد نيرانها، وتلوث أرض الشرق الأوسط وسماءه دون رهبة من رد فعل وعقاب. فهذا وهم وادعاء لأن تلك الآليات الحربية التي تحدّث المسؤول الألماني بزهو عنها، ستذكّر بصنيع كثير من الخبراء العسكريين من أسلافه في توصيف مخترعاتهم الحربية ذات التدمير الشامل بالمخترعات الصديقة للبيئة والمحدودة بالإنش أو السنتمتر المربع في إلحاق الضرر بالخصم.
تونس في 28 نوفمبر
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: