آية الله الدكتور مصطفى بروجردي وتفسيره المنتظر للقرآن الكريم
د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5076
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كان إهدائي نسخة من تفسير الشيخ الصادق بلخير السياري للقرآن الكريم، الذي كان لي شرف نشره أخيراً وتكميل الضايع منه وتحقيق لفظه ومدلوله والترجمة لصاحبه في كتاب مستقل، الى سعادة سفير الجمهورية الاسلامية بإيران في تونس آية الله الدكتور مصطفى بروجردي، فرصة ثمينة للتعرف على شخصيته العلمية كذلك، فقد كان لنا لقاء قبل مدة في حفل اليوم الوطني لذكرى الثورة الإسلامية الايرانية وسعدت بالاستماع الى كلمته البليغة في الحفل الذي نظمه بالمناسبة.
فإذا هو رجل علم كبير، متخصص في الفقه وعميد سابق بإحدى كليات بلاده وله معرفة بكثير من علمائنا في تونس في القديم والحديث، كالإمام سحنون والعلامة الشيخ الطاهر ابن عاشور، بل وله علم دقيق بتفسير قيد النشر للشيخ المفتي الأسبق المختار السلامي - أطال الله في عمره - ولذا فقد بادر بالتطلع الى التفسير الكامل للقرآن الكريم الذي نشرته قبل أشهر للعالم التونسي الباجي المرحوم الشيخ الصادق بلخير السياري، المعتبر الأحدث في تونس بعد تفسير التحرير والتنوير للشيخ الطاهر ابن عاشور.
ولم يفتني في المقابلة التي سعدت بها التذاكر معه في مناهج بعض المفسرين المحدثين والتعرف على منهجه خاصة في تفسيره الذي أخبرني أنه يتابع يومياً التدوين فيه، في بعض أوقاته، وقارب على إتمامه، وهو تفسير مطول كما ذكر لي يقوم على تقريب المعاني دون خوض في الخلافات الدقيقة بين العلماء، لكن مع العودة الى تفاسيرهم لاستخلاص زبدة المعاني التي تقوم بثقافة المسلم الشاب وغير المتبحر في الخلافات المذهبية والقضايا اللغوية والأدبية، بقصد التركيز على الجوهر وهو القرآن ذاته وتدبر آياته وأحكامه والاهتداء بهديه.
ومن طريف ما عرفته من سعادته خلال اللقاء اهتمامه باستحداث أبواب جديدة في الفقه كباب للسكة وباب للبنوك؛ لحاجة الناس الى هذه الأبواب كحاجة السابقين الى ما استحدثه الفقهاء قديماً من أبواب. ولفتّ نظره على سبيل الاعتبار الى ما أوردته في "موسوعة القيروان" - التي أهديته بالمناسبة نفسها نسخة منها - في فصل بها بعنوان "المذاهب في القيروان" الى قول للمؤرخ التونسي المشهور أحمد بن أبي الضياف من أن الصراع المذهبي بين الصنهاجيين في القيروان والفاطميين في القاهرة كان يغذيه الربح من تبديل السكة بعد القطيعة. لعله يستدل منه كذلك على قضايا العملة أو النقد والسكة في المنازعات بين الدول الاسلامية من قديم، وأنها من بين الأقضية التي أصبح لها من الأهمية في العصر الحديث ما يسمح بمعالجتها، بل يتعين معالجتها في باب منفرد من أبواب الفقه كما هي في القانون الوضعي أو بالمقارنة مع ما فيه؛ ويتصل بالسكة وبالبنوك موضوع الصكوك كذلك، التي هي من المستحدثات في الحضارة اليوم، والاقتصاد الاسلامي في حاجة اليها.
وسعدت باللغة العربية الكاملة في زي إيراني مهيب وعمامة العلماء المميزة في بلده مع نبر فارسي لطيف أعرف من لسانه القليل.
وفي الأخير، لم يفت سعادته التعبير لي عن إعجابه بجامع عقبة بن نافع بالقيروان عند زيارة للمدينة في أول قدوم له الى تونس.
ولم تبرح من مخيلتي بعد لقائه صورة السفير الذي يتقن لغة البلد الذي هو معتمد لديه؛ مما أصبحت تتميز به سفارات كثير من الدول الاسلامية وحتى غيرها من دول الكبرى في بلادنا، واستعدت ذكرى صديق قديم هو الدكتور نور الدين الحمداني الذي ربما كان الدبلوماسي الوحيد - فيما أعرف في سلسلة سفرائنا في طهران - يتقن اللغة الفارسية كأحد أبنائها، حيث كان درس هناك.
والأمل في تواصل الجهود المبذولة بين بلدينا وباطراد لتعليم اللغة الفارسية، التي هذ الأوردو اليوم المنتشرة فى أكثر الشرق الاسلامي من بلاد العجم لتنشيط التبادل الثقافي والعلمي والجامعي، وللاسهام في تعميق أواصر الأخوة وربط جسور التعاون والتفاهم المشترك لصالح ما يجمعنا في العالم الإسلامي من دفاع عن القيم والمقومات في ركب الأمم نحو التقدم والحضارة.. علماً بالشأن الذي أصبحت تحظى به اللغة العربية منذ الثورة الخمينية في إيران وكانت قبل كادت تستصفى ألفاظها العربية الأصل من اللسان الفارسي.
ذلك أن مقولة ابن خلدون المشهورة وهي "أكثر علماء الإسلام من العجم" تبقى صالحة الى اليوم وربما بالقدر الذي لم يتخيله علامتنا التونسي لأهمية اتساع دولة الاسلام بعده أوسع مما كانت في عهده على اختلاف نظمها بين قطر وآخر.
وبانتظار ظهور تفسير الدكتور بروجردي للقرآن الكريم في نسخته العربية لأنه ينوي نشره بتسع لغات في أول ظهور له، نرجو أن تكون تونس وعلماؤها قد أسهموا كما في الماضي بتفاسير بقيت على الأيام قبلة للعلماء والباحثين فضلاً عمن يعتقدون في الحديث: "إن أصفر البيوت من الخير البيت الصفر من كتاب الله"، فيجمعون الى كتاب الله أكثر من تفسير.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
18-04-2015 / 19:17:00 فوزي
بل هناك تفسير تونسي حديث لأبي يعرب المرزوقي
لعله تصحيح صغير للدكتور الكعبي حول قوله في المقال اعلاه ان التفاسير المعاصرة بتونس هي فقط التحرير والتنوير و تفسير الشيخ الصادق بلخير السياري والتفسير الذي قيد التحضير للمختار السلامي
اقول ان الدكتور ابا يعرب المرزوقي نشر حديثا تفسيرا للقرآن، وهو تفسير ذو منحى فلسفي على عادة كتابت ابي يعرب
18-04-2015 / 19:17:00 فوزي