د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4920
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بعد طي صفحة الانتخابات، بنجاح تونس أهل له برجالاتها وتضحياتها واعتدالها في كل الأمور، تفتح السلطة الجديدة المنبثقة عن الانتخابات التشريعية والرئاسية عهداً من الحكم في تونس، قد لا يكون لها نظير به في العصر الحديث، بمفهوم ديمقراطية الحكم وحرية الاختيار على رأس مؤسسات الدولة وهيئاتها الدستورية، دأبُها في ذلك دأب من سبقها في حفظ مصالح الدولة وتسيير دواليبها بأفضل ما جادت به عقول أبنائنا من أنظمة الحكم وإدارة الشؤون العامة واكتساب المعارف والعلوم وتقنيات خلق الثروة المادية والذهنية للإسهام بحظ في دورات الحضارة على أرضها وفي جوارها، والى ما أبعد منه أخذاً وعطاء مع جميع الشعوب والأمم.
تفتح عهدها بأذرع مفتوحة لكل الكفاءات رجالاً ونساء وشباباً وشيوخاً لاتخاذ مواقعهم الطبيعية من أجل التسيير السليم والمشاركة الفعالة في مجريات الانعاش الاقتصادي وتطبيق العدالة الاجتماعية ودعم الاشعاع الفكري والثقافي واستقبال كل ما هو رأي ومشاورة واقتراح أو حفز وتشجيع للهمم والعزائم.
وإذ قد منحتها الثورة القدرة من جديد على تحرير طاقاتها وانبعاث آمالها لمستقبل أفضل في كنف الحكم الرشيد "بين عتيد ورقيب"، من مؤسسات دستورية انتخابية ورقابية وتعديلية، فإنها بعد أن أرست للحوار الوطني شبه مؤسسة تحكيمية، ترأسها أربع قوى مؤثرة في المجتمع، ممثلة لاتحادات العمال ورجال المال والأعمال ومنظمات للدفاع عن القوانين والحقوق والحريات، ستشرع بعد تأليف الحكومة واستكمال باقي المؤسسات الدستورية، في وضع برنامجها الحكومي موضع التنفيذ والانجاز لمواجهة التحديات المطروحة عليها من الاصلاح والتطوير.
وإذ قد تخطت بسلام خلال المرحلة الانتقالية السابقة أزمات وضع الدستور الجديد وإجراء الانتخابات، بالحوار وبالنضالات التي خاضتها كافة القوى الحية في المجتمع من أحزاب ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني، فإن مفهوم التوافق الوطني، الذي دشنه ذلك الحوار الوطني وما يعرف بالرباعية، وقد أعطى نتائجه الباهرة بصدور الدستور والقوانين الأساسية وأخيراً جريان الانتخابات مجراها الطبيعي الموفق للنتائج التي بلغناها سيكون مدعوٌ، كما ألمح الى ذلك السيد رئيس الجمهورية المنتخب الأستاذ الباجي قايد السبسي، الى اتخاذ شكل مؤسسي استشاري.
وأملنا أن يسود هذه المرحلة الجديدة التي دخلناها لبناء الاستقرار الأمثل للنظام الجديد البرلماني الرئاسي التعادلي، جو من الوفاق الوطني، يقوم على رعاية التناسب لكافة المكونات المشاركة فيه. لا تطغى قوة على قوة فيه، مهما كبرت أو صغرت، ولكن يجد فيه كل انسان أو طرف على قدر كسائه اذا صح التعبير، ولا تَغنم في الأخير الا المصلحة الوطنية والتقدم بها في ظل الانسجام والحوار والتشاور والوفاق، الذي لا يغمط المحق حقه ولا يحابي فيه المتطفل على غيره.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: