البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

التداول حصل بقي القادم.. الاستقرار

كاتب المقال د - المنجي الكعبي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 6974


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


يمكن القول في جو الانتعاشة بالفائزين الجدد في التشريعية الحالية، أن التداول السلمي على السلطة بالانتخابات حصل، وحصل لأول مرة بعد الاستقلال دون ثورة كما في 14 جانفي 2011، أو خلافة آلية دستورية مسترقة كما في 7 نوفمبر 1987.

وليس ببعيد أن تصنع الطبقة السياسية، التي استطاعت أن تصنع الانتخابات الناجحة للتداول على السلطة، أن تصنع مرحلة الاستقرار السياسي القادمة. ولكن ليس استقرار ديكتاتورية الحزب الواحد أو التعددية المشابهة للحزب الواحد، بل استقرار الديمقراطية الحقيقية التي دشنّا عهدها بعد الثورة، من خلال تجربتين تأسيسية وتشريعية الى حد الآن.

وبينت الأحداث أن الأمن والاستقرار يمكن أن يحدث في ظل نظام قائم على القمع والاستبداد، كما يحدث في ظل نظام قائم على العدل والحرية. وأقرب مثال الينا نظام المخلوع الذي عمر أكثر من عقدين، وربما بشكل أخف النظام الذي قبله.

والظروف، هي التي تحتم أحياناً قيام هذا النظام أو ذاك، وربما تحكُم بشرعيتهما منعاً للفتنة أو للخطر الداهم، ولكن المجتمعات تتطور كما تتطور حياة الانسان، وتتفاعل مع محيطها بين نكسة وانتعاش الى أن تحقق الغلبة والاقتدار على صنع مستقبلها واكتساب المنعة لنفسها.

ونحن مدعوون الى صنع هذا المستقبل، وعدم الاستنامة الى رياح الأقدار من حولنا - التي عناها الشابي في شعره - لكسب معركتنا مع الديمقراطية.

فأمامنا، بعد تحقيق هذا الفوز الساحق في الانتخابات التشريعية للخط الديمقراطي في توجه الشعب التونسي، بناء استقرار سياسي قائم على الأغلبية المطلقة لا على الأغلبية النسبية في النظام الانتخابي.

ولا شيء أمنع من ظلم الحكام من التعاقب على السلطة لغير أصحاب عصبية واحدة في الحكم، بل لأغلبيات من هذا الأفق وأغلبيات من ذاك الأفق، ممثلة لاتجاهات الرأي العام الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع.

فالدول التي تنعم بالاستقرار والأمن والازدهار الاقتصادي والصناعي والعلمي وبالحريات على اختلافها وبالنفوذ في العالم، لا تعرف الاّ ديمقراطية الأغلبية، لا ديمقرطية النسبية المرقعة كجبة الإسكافي.. والنماذج القليلة استثنائية ومحكومة بتطور مجتمعاتها.

وعلى الطبقة السياسية التي سيشكلها المشهد الجديد معالجة هذا الوضع الموروث عن لجنة ابن عاشور لتحقيق أهداف الثورة.. ونظامها الانتخابي السيء التقدير، والذي بصريح صُنّاعه ولّد غير ما كانوا يتوقعونه من فوز حزب أغلبي نفخ - بتقديرهم - من أنفاسه في أحزاب ضعيفة متهافتة واصطنع منها تحالفاً للاستيلاء على السلطة، واستدامة الأمر له بمنطق المشاركة والتوافق.

وما كان لهذا التحول الديمقراطي الذي أفضى الى هذه النتائج الانتخابية التي لم تكن في الحسبان، أن يتجسم لولا لم تقم بعض الإرادات النافذة البصيرة والعزيمة الصلبة لخلق أسبابه مباشرة بعد الانتخابات الماضية لتعديل كفة الأمور بعدما ما شهدته البلاد من انهيارات. فأمكن لأحزاب مثل نداء تونس - وهنا تهنئة لرئيسه وقياداته - وغيرها من الأحزاب الناشئة من تجاوز محنة التداول السلمي بالانتخابات على السلطة كما هو مقرر اليوم، ولكن بتداول حقيقي مغاير لا بتداول من نفسه.

ولذلك فإن كل عودة لفوضى الأحزاب والتكتلات والتحالفات الهشة والصراعات الفارغة في المجلس النيابي القادم يمكن تجاوزها ومنع قيامها من الآن، إذا استمر نسق الاقبال على معالجة الأوضاع من أساسها، أي التركيز العام على منح الانتخابات الرئاسية بعدها الأهم في الانتخابات العامة، لتعديل صورة الدولة بسلطاتها الثلاث المتوازنة في ظل ديمقراطية الأغلبية بين كل انتخابات وأخرى، لضمان السير الحسن لدواليب الدولة واقتصادها وصورة تونس المتميزة باعتدالها عقلانيتها وتأثيرها في ما حولها. والمتوقع أن تتداعى أصوات الحكمة لنداء تونس لمنح الرئاسية ضمانات التعايش السياسي السلمي للمرحلة القادمة، التي لا تقل دقة من المرحلة السابقة إن لم تكن بأصعب منها.

ومهما يكن من أمر هذه الانتخابات والملاحظات التي يمكن أن يسجلها الملاحظ النزيه، فأنها على كل حال خير من "لا انتخابات"، بعد تلك الفوضى والاغتيالات التي شهدناها بألم وحسرة، ولعل شهداءها عند الله يسامحوننا، وبعد ذلك المخاض العسير للفترة الانتقالية التي استدامت بفعل فاعل لكهربة الأجواء لفائدة استقرار السلطة بيد من تمكنوا منها في فجاءة الثورة والانتخابات الأولى بعدها. ولكنها بمقياس المعاير الدولية للانتخابات حققت سبقاً لبلدان الربيع العربي كما اصطلح على تسميته، التي انتكست الثورات فيها أو تُصارع، وربما تكون الصورة في تونس محفزة لها لاستدراك أمرها، والإعانة على شمل جمعها للتغلب على تحديات عالم الإرهاب والاسلام المقاوم الذي تصطرع حروبه في كل مكان، ونعيشه بمرارة ولكن بأمل.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الإنتخابات التونسية، الإنتخابات التشريعية، حركة النهضة، حركة نداء تونس،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 28-10-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  ‏حرب يتحمل تبعاتها الطرف المتسبب
  ‏لا خيار أمام ترامب غير خيار الحق
  لابن خلدون نظر وتحقيق
  ‌في ذكرى انبعاث الطوفان لحمل العدو وآلته العسكرية إلى حيث مصيره
  قتل بحجم النصر لقضية ‏المتوفى
  الإسلاموية في فرنسا
  حبر الانتخاب أو بيعة الرضوان
  ‌قدس يسوى أغلى من حسن وهنية
  ‏لينعم السيد حسن نصر الله باستشهاده
  ‌‏بقتل سيد المقاومة اللبنانية تخسر ‏ إسرائيل
  الرمز يُعلى بالإستشهاد ولا يسقط بالموت
  اللائكية كدين يستقلع الأديان ليحل محلها
  الحرب سجال والإنتصار قتال
  قليل من قلة الذوق ‏والشعارات الفارغة
  عملية أللنبي الأخيرة
  جامعة وكلية وقانون‏ ونفوس معقدة من مخلفات الاستعمار ومقبلات الاستقلال
  المستقبل السعيد
  ونقول للمحسن أحسنت
  ‌الرد المستور أقوى من الرد المكشوف الظهر
  ‌الحرب من أجل أمريكا والعالم
  ويذيق بعضكم بأس بعض
  ‌‏الرد الممدود
  ‌نُصرت بالرعب
  سفرة ناتنياهو إلى واشنطن استئذان بايدن على قتل هنية
  ‌إسرائيل أخطأت بقتل هنية بناتنياهو أي وهي تريد ناتنياه
  تناقل أقوال تشومسكي عضو بيت الحكمة في تونس
  مخطوط قيرواني نادر الوجود في بيت آل الكعبي
  وثائق زيتونية شابية عن إحالة الأستاذ الدكتور المنجي الكعبي على مجلس التأديب بتاريخ 25/03/1991
  تحلّ المشاكل بالأقوياء لأنها تنشأ بالضعفاء
  حادث بمثقال ‏الحادي عشر من سبتمبر

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
محمد شمام ، رضا الدبّابي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سيد السباعي، د. طارق عبد الحليم، د- هاني ابوالفتوح، عبد الرزاق قيراط ، محمد العيادي، د- محمد رحال، المولدي اليوسفي، سلوى المغربي، نادية سعد، صفاء العراقي، سليمان أحمد أبو ستة، خالد الجاف ، أحمد النعيمي، فتحي العابد، ماهر عدنان قنديل، د - صالح المازقي، يزيد بن الحسين، مراد قميزة، حميدة الطيلوش، أحمد بوادي، رافد العزاوي، د. ضرغام عبد الله الدباغ، علي الكاش، منجي باكير، د. أحمد بشير، أحمد بن عبد المحسن العساف ، محمد الطرابلسي، سامح لطف الله، صلاح المختار، أ.د. مصطفى رجب، الهادي المثلوثي، علي عبد العال، إسراء أبو رمان، إيمى الأشقر، حاتم الصولي، عزيز العرباوي، إياد محمود حسين ، ياسين أحمد، كريم فارق، صفاء العربي، أنس الشابي، جاسم الرصيف، د. أحمد محمد سليمان، د - محمد بنيعيش، أبو سمية، خبَّاب بن مروان الحمد، سلام الشماع، رافع القارصي، د. صلاح عودة الله ، د. خالد الطراولي ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د - محمد بن موسى الشريف ، أحمد ملحم، محمود طرشوبي، الهيثم زعفان، عمار غيلوفي، عراق المطيري، د. عبد الآله المالكي، د- جابر قميحة، عواطف منصور، محمد علي العقربي، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - عادل رضا، حسني إبراهيم عبد العظيم، مصطفي زهران، حسن الطرابلسي، كريم السليتي، د - شاكر الحوكي ، عبد الله زيدان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، مجدى داود، تونسي، د. مصطفى يوسف اللداوي، فتحـي قاره بيبـان، مصطفى منيغ، الناصر الرقيق، أشرف إبراهيم حجاج، د - الضاوي خوالدية، د- محمود علي عريقات، ضحى عبد الرحمن، صالح النعامي ، يحيي البوليني، فتحي الزغل، عبد الله الفقير، رشيد السيد أحمد، حسن عثمان، عبد الغني مزوز، صباح الموسوي ، طارق خفاجي، محرر "بوابتي"، سعود السبعاني، فهمي شراب، د - مصطفى فهمي، محمد أحمد عزوز، عبد العزيز كحيل، بيلسان قيصر، د.محمد فتحي عبد العال، محمد عمر غرس الله، صلاح الحريري، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمود فاروق سيد شعبان، سامر أبو رمان ، طلال قسومي، محمد يحي، د - المنجي الكعبي، المولدي الفرجاني، عمر غازي، محمد الياسين، وائل بنجدو، فوزي مسعود ، العادل السمعلي، محمود سلطان، سفيان عبد الكافي، أحمد الحباسي، رمضان حينوني،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة