منجي باكير - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5937
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
"الرّجل المريض" عبارة نسوقها إسقاطا لا قياسا ، عبارة سجّلتها صفحات التاريخ بخصوص وضع الدولة العثمانية وقت عجزها و أفول نجمها و ما حام حولها من تهافت الدّول الغربيّة بُغية الإجهاز عليها و تفتيتها و تقاسمها تشفّيا و غُنْما بعد أن كانت دولة لا تغيب عن أرضها الشّمس ،،،
الترويكا أصبحت الآن أكثر من أيّ وقت مضى في وضع لا تُحسد عليه ، الترويكا وجدت نفسها في زاوية حشرها فيها مكوّنات الصفّ الذي عارضها من أوّل يوم لها و الأجندات الخارجيّة التي لم يسعدها أغلبيّة الإسلاميين فيها و كذلك الظروف و الملابسات التي تكاثرت زمن حكمها من كلّ صوْب و جانب ،
الترويكا و بزعامة النّهضة التي كانت في بعض الأحيان انفراديّة القرار أدمنت منذ مدّة على – التنازلات – التي اشتهرت بها فألّبت عليها طرفا كبيرا من الرأي العامّ فضلا عن بعض أنصارها و محبّيها ، النّهضة و بقيادة شيخها و مؤّسّسها اعتمدت استراتيجيّة كانت إلى حدّ ما ناجحة بحساب المصالح السياسيّة و بذريعة اتّقاء السيناريو الذي حدث في مصر الشّقيقة ، لكنّها ربّما لم تضع في حساباتها و لم تضع كشفا استشرافيّا للآثار التي ستترتّب عن مسلسل التنازلات هذه ، أيضا ربّما لم تقدّر تمام التقدير ما أصبح عليه غرماؤها من دهاء و خبث سياسي مسنود داخليّا بأزلام النّظام القديم و أُطر و سدنة و مموّلي الدّولة العميقة الذين أفلت جلّهم من تطبيق أحكام الثورة عليهم فتحوّلوا إلى كائنات تستأسد بكلّ صفاقة و بجاحة و قلّة حياء بعد أن كانوا أشبه بالقطط المذعورة تبحث عن ملاجيء و فتاوي تبيّض ما ضيهم الأسود..غرماءٌ كذلك مسنودون بحضور خارجيّ و مافيوزي انتهز فرصة الإنفلات و الغوغائيّة ليملأ البلاد تهريبا و سلاحا و مخابراتا و كذلك استثمارا في مصائب البلاد و العباد ليكوّن مركزيّة عمل و قاعات عمليّات تتحكّم في الأحداث و المجريات و تختطف كلّ مسارَ بناءٍ إصلاحي أو توافقي لأنّه حتما سينتهي بهدنة تقطع على هذا الحضورو مرجعيّاته أسباب تغلغله و تجذب البساط من تحت رجليه فتنزع القرار من بين يديه ،،،
دخل هؤلاء الغرماء بأصفار إنتخابيّة و افتقار للسّند الشعبي أثبتته خيباتهم في استقطاب العمق الشعبي في كلّ كرنافالاتهم التي دعوا إليها و إفلاس في كيفيّة التعاطي مع مستجدّات الأحداث و كذلك كثيرا من الرّفض الشعبي لِما أسقطوا فيه البلاد من – تبريك –و غلق المؤسّسات و تعطيل الإنتاج و المصالح و التعليم ، و أصبح لا رصيد لهم إلاّ بروباجندا إعلاميّة موالية و لصيقة لهم تحرّكها – ماكينة – امتهنت التخويف و التهوين و الإشاعة و البلبلة و توتير الأوضاع ..
و برغم كلّ هذا فإنّ هؤلاء الغرماء السياسيين استطاعوا أن يجتازوا إلى مقارعة الحكومة الشرعيّة و أن ينكّلوا بها على أعين الملإ و أن يستهينوا برموزها في تحدّ واضح و جليّ للإرادة الشعبيّة و نقمة لا يخفونها على ثالوث الترويكا حسدا من عند أنفسهم و رغبة جامحة في الحلول مكانهم حكما و تحكّما بعد أن لفظهم الصندوق و بعد أن سفّهتهم ديموقراطيّتهم التي كان يتغنّون بها .
إذًا كان ما كان و وصل هؤلاء –المعارضين- الغرماء بعد حلقات من المزايدات و التنازلات من احتلال طاولة الحوار/ الحمار - طاولة نعتوها بالوطنيّة برغم غياب كثير ممّن يمثّلون شرائح من هذا الشعب – حوار انطلق في تعثّرات و معاندات لا تقيم للوطن قيمة ولا للمواطنين قدْرا ليجعلوا من أنفسهم ندّا ثمّ قوّة ضاربة تفرض إرادتها و تملي رغباتها أمام ثالوث الشرعيّة الإنتخابيّة الذي بدا منهكا سليب المبادرة و خاليا من أحقّيته في حكم و إدارة البلاد ...
تبقى الترويكا هي الرّجل المريض الذي يُعمل فيه أدعياء المعارضة أنصالهم بسبب التهاون الواضح الذي سارت عليه الحكومة وتجاوزها للإرادة الشعبيّة و إقبارها لقانون التحصين و المحاسبة و تغييلها لأرشيفات الفساد و باقي مقدّرات و مستحقّات ثورة الشعب ،، و ما سيكتبه التاريخ و يسجّله من مقايضات و تلاعبات بمصير الثورة سيفصح عنه قادم الأيّام و لن يعفى عنه الزّمن ..!
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: