د - المنجي الكعبي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8764
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كنت بصدد كتابة مقال بهذا العنوان عندما عصفت بأفكاري خبريّة اغتيال المناضل شكري بلعيد فتوقفت. والآن أستخدم العنوان فقط لطرح أفكار في ملف قضية اغتياله التي بدأت خيوط عنكبوتها تنسج.
وتصوري على ما أحدثه الاغتيال من انقلابِ حكومة، كان يراهن على انقلابها شكري بلعيد، ويغَلّظ القول بأنها سوف لن يكون تحوير بها.. الى ما تابعناه بعد ذلك من تهاوٍ بها، وأزمة سياسية انتهت باستقالتها، لم أتصور أن رئيس الحكومة المكلف بتشكيل جديد لوزرائها سوف يخرج في أول ظهور إعلامي له بعد تكليفه ليدلي بتصريح في قضية تقدم البحث عن الجناة في قضية الاغتيال، بدل ما كان منتظراً، وهو أن يدلي بتوفّقه الى إعلان تشكيلته التي سيتقدم بها الى الرأي العام والمؤسسة التشريعية لنيل الثقة.
لم أتصور أن يتولى بنفسه، باعتباره وزير الداخلية المكلف بتصريف الأعمال، الإدلاء وطرح حقائق ربما بدت هزيلة في ملف هذه القضية. لماذا فضل أن يقوم هو بهذا التبليغ للرأي العام عن متهمين ثلاثة أو أربعة تم التعرف عليهم وإيقاف بعضهم؟ هل لم يكن له خيار إلا أن يتولى، وهو في هذه الوضعية التي هو بها، مباشرة الملف من هذه الزاوية بنفسه إلا لأنه يحرص على أن يقول إنه يزن ألفاظه ليقول أمام الصحافة إن القاتلين ينتمون الى تيار ديني متشدد.
هذه الوصفة هل تأتي في التحقيق لتؤكد أن الاغتيال ديني في جانب المتهمين، أم قطع السبيل على الجهة أو على ألسنة السوء التي تستهدف بالتهمة الحزب الحاكم، باعتباره حزباً دينياً في اعتبارات خصومه، يقع في دائرة التهمة لصفته الدينية الغالبة على مرجعياته، وباعتبار المغتال كانت مشكلته الأساسية التطرف الديني في هذا الحزب بالذات، الذي لم يكن ينزهه أو لم يكن يماهيه بغير التيار الديني المتشدد أو التيارات الدينية المتشددة التي تحيطه من يمين ومن شمال.
فتقديم متهمين بقضية قتل سياسي، قد يكون الأوْلى فيها التعرّف على آلة الجريمة والأيدي التي مسكت بها وأطوار الخطة التي تمت بها، قبل الوصول الى صغائر القائمين بها، أو حتى المعرفة الدقيقة ببياناتهم الشخصية المدنية دون غيرها، بانتظار أن تقف العدالة على انتماء لهم بالانخراط أو بالنشاط في أي توجه فكري أو ايديولوجي، أو غيره من نشاط حزبي أو سياسي معين.
فالدين براء ويجب أن يبقى براء من كل تهمة بالتشدد أو سواه، وإنما السياسية وباطلها في أوقات هي مشكلة الدين. ولمتشددٌ في الدين أكثر استقامة من رقيق الدين ضعيف على الظلم.
فبما قاومت النهضة في تونس وغيرها التهاون بالدين إلا بالتشدد؟ وما اعتدلت الكفة بالسياسيين وأهل التقوى والخشوع لله إلا لوقت قليل بعد الاستقلال، أو على هذا العهد بعد الثورة عندما انفرج الدين.
.. فالصفة فيهم بالمتشددين أو بالمتطرفين أو بالعنف في سلوكهم تكفي .. والمتطرف يقتل المتطرف إلا المظلوم.
---------
تونس في 27 فيفري 2013
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: