محمود طرشوبي - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4803
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تدور في مصر اليوم معارك كثيرة أشبه ما تكون بمعارك طواحين الهواء , فمعركة علي عودة البرلمان و معارك ضده بمنع العودة , و معركة ضد اللجنة التأسيسية للدستور و معارك في داخل اللجنة داخلها , و معارك مع القضاء و بين القضاء و بعضه , و تشعر إن مصر أصبحت ساحة حرب بين المجلس العسكري و بين الثورة , و بين الثورة و الدولة العميقة , ثم المعركة المشتعلة علي ساحات الفضائيات بين أشباه الإعلاميين و بين الرئيس الإخواني ,
حتي المعركة التي تدور بين الأحزاب القديمة و الأحزاب التي نشأت بعد الثورة معركة تكاد لا تعرف ما السبب ؟ حتي المعركة الرئيسية و هي معركة الدستور لا تجد فيها طرف له فكر و رؤية محددة بل ما تراه نوع من الإزدواجية الفكرية التي تجعل من المشاركين في كتابته نوع جديد من الممثلين يقومون بدور تمثيلي في مشهدسينمائي لم يكتب , فتراه إرتجالياً , فيظهر داخل المشهد كم هو التناقض الموجود بداخل كل شخصية , فمن يصف نفسه إسلامياً لاتجده إسلامياً كاملاً بل مطعم ببعض من بقايا فكر آخر , و من هو ليبرالي لا تجده كذلك بل به شوائب من فكر آخر , و هكذا تستمر الحرب من أجل دستور لا يعبر عن عقيدة و فكر هذا البلد .
من ضمن هذه الحروب هناك حرب غريبة علي الحس السياسي في العالم كله , و هي الحرب المختصرة في شعار ترفعه بعض الجهات الغير دارسة لسيكلوجيه الحركة الإسلامية و هو (يسقط حكم المرشد ) فرافعين هذا الشعار غير دارسين للعمل الحركي داخل التيارات الإسلامية .
إن من يردد هذا الشعار لا يدرك أن العمل و الانضمام إلي أي من الحركات السياسية الإسلامية , لا يكون بمجرد كتابة الأسماء و عمل بطاقات العضوية , بل يتم عن طريق حمل الفكر و السير به و الدعوة إليه أي إن الطريق إلي الانضمام هو إثبات كونك أصبحت جزء من الجماعة بكونك تحمل فكره و قضيته و تسعي إلي تحقيق أهدافه و علي إستعداد لتحمل الصعاب و المشاق في سبيل ذلك بغض النظر عن صحة أو خطأ هذا الفكر بل نتكلم بصفة عامة , و بناء علي هذا فإن وصول الدكتور مرسي إلي رئاسة حزب الحرية و العدالة و من قبلها مسئول سياسي عن بعض الملفات داخل جماعة الإخوان ,يعني أن الرجل معتنق للفكر و يدعو له و سجن بسببه و لا يكاد وجود إختلاف جوهري بين أعضاء الجماعة و بعضها سواء علي مستوي القيادات أو الكوادر إلا إختلافات بسيطة, و علي هذا فإن الدكتور مرسي نفسه يحمل نفس فكر و عقلية المرشد فمن يقول بإسقاط المرشد لا يدرك أن مرسي و بديع لا يختلفان , بل هل كان من المستبعد أن يكون مرسي نفسه في يوم من الأيام مرشداً للجماعة ؟ فإسقاط حكم المرشد هو نوع من الحرب في الهواء لأن العقلية واحدة و المنبع الذي تستقي منه الأفكار واحد ,الأمر الآخر هو استقالته من حزب الحرية و العدالة بناء علي طلب النخبة منه و هو نوع من ممارسة السياسة بشكل مصري , أي مختلف عن أي سياسة تمارس في العالم . فلم يحدث في أي دولة أن ينجح رئيس في الإنتخابات و هو علي رأس حزب ثم يتخلي عن الحزب بعد نجاحه , فهل معني ذلك أنه اصبح بلا فكر حزبه الذي دخل به الإنتخابات , إنه نوع من السخف السياسي الذي تحيا فيه مصر منفرده عن باقي الدول و ليس ذلك لأنها تبدع في نوع جديد من التصرفات السياسية , و من طرح طريقة جديدة في العمل السياسي , أو من طرح النظام المتوافق مع عقيدة و نفسية المجتمع المصري و عليه نضرب عرض الحائط بأي ممارسات , بل الحاص إن النظام الحاكم في مصر مازال كما هو لم يتغير و لم يتم طرح نوع جديد من الحكم , و الحاصل في كل الدنيا إن إنتخاب رئيس كان علي رأس حزب له فكر و منهج محدد نستطيع محاسبته بناء علي فكر محدد يتبناه الحزب .
هكذا تستمر الحرب علي أرض المحروسة في معارك وهمية لا تجد فيها من يراعي مصلحة البلاد و العباد , بل أصبحت ممارسة السياسة في مصر نوع من الشخصنه , و حول المصالح الشخصية و الايدلوجية تتمحور الآراء و الدفاع عنها و إعلان الحرب علي الطرف الآخر أيا كان من هو الطرف الآخر .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: