البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

أمريكا وصناعة "الإسلام المعتدل الليبيرالي" ‏

كاتب المقال محمد إبراهيم مبروك   
 المشاهدات: 12087



بانتهاء الحرب العالمية الثانية ينتقل مركز الثقل الغربي إلى أمريكا، ومن ثم قيادة الفكر البراجماتي الأمريكي للعالم الغربي ‏بوجه عام، وتحول الغرب التقليدي إلى الغرب الأمريكي أي المهيمن عليه أمريكياً، وهو الآمر الذي تم تعميمه على العالم ‏كله بسقوط الاتحاد السوفيتي حيث غدت الأمركة نظاماً عالمياً جديداً لا يجد مارقاً يتحداه سوى الإسلام.‏
والفلسفة البراجماتية هي الفلسفة التي تخضع حقيقة كل الأشياء لما يمكن أن تجلبه من مصلحة من ورائها.‏

ومن هذا المنطلق وضع "وليم جيمس" منظر هذه الفلسفة نظريته البراجماتية للدين، فالدين يكون صحيحاً من وجهة نظره ‏مادام يقدم نفعاً عملياً للمعتقد به، ولكن ترى ما هذه المنافع التي يريدها "جيمس" من الدين؟، إنه يحددها في التالي:‏

الراحة – الهدوء – السكينة – الطمأنينة – السلام – الاغتباط – المشاعر المتدفقة التي تلهب الصدور وتبعث الحركة في ‏الحياة أي أن "جيمس" أراد من الدين أن يكون مجرد مسكن أو مخدر يستطيع الإنسان من خلاله مواصلة حياته بطمأنينة ‏وحماسا أكبر، وبهذه الصيغة اصطبغت الحياة الدينية الأمريكية إلى الحد الذي يقول عنه "هارولد بلوم" في كتابه (الدين ‏الأمريكي – 1992): "إن المسيحية تجربة براجماتية أمريكية، وإن "يسوع الأمريكي" أقرب لما هو أمريكي مما هو ‏مسيحي".‏

ومن الطبيعي بعد الهيمنة الأمريكية على العالم والعالم الإسلامي بوجه خاص أن يعمل الأمريكيون على صبغ الدين ‏الإسلامي نفسه بهذه الصبغة البراجماتية والذي يعنيه هذا هو العمل على توظيفه لخدمة المصالح الأمريكية في المنطقة، ‏وكان المخطط المقترح لتطبيق هذا المنهج هو العمل على صناعة ما يُسمى بـ"الإسلام الليبرالي الديمقراطي"، والعمل على ‏تسييده في المنطقة.‏

وخلاصة هذا الإسلام الليبرالي أنه إسلام يتم تفريغه من الداخل من العقائد والقواعد والأحكام التي يتم استبدالها بمحتوى ‏علماني يسقط كل ما له علاقة بالوحي والمقدس والمرجعية الإسلامية ويضع مكانه العقل والمصلحة كمرجعية وحيدة ‏للإنسان في تصوراته وسلوكه بينما يحتفظ بالشعارات والمظاهر الدينية من الخارج.. إسلام مزيف يتفق مع العلمانية ‏والديقراطية والعولمة الأمريكية ومبادئ حقوق الإنسان الغربية ومقررات المؤتمرات النسوية، ويتفق مع كل شيء في العالم ‏إلا مع الإسلام الحقيقي نفسه.‏
إسلام يدعو إلى السلام والتسامح والتعايش ويعادي الجهاد والمقاومة ومواجهة المظالم أو يغض الطرف عنها تماماً. ‏

ويوجد الآن أكثر من تيار يعمل على توجيه سياسة الولايات المتحدة تجاه العالم الإسلامي والإسلاميين بوجه خاص ‏ويتراوح الأمر مابين التطويع لخدمة المصالح الأمريكية ومابين التحجيم والمواجهة الحاسمة للإسلاميين الأصوليين. ويرى ‏أصحاب الاتجاه الأول مثل مؤسسة كارنيجي ومركز سابان ومركز بروكينجز تطويع فكر بعض الاتجاهات الإسلامية ممن ‏يسمون بالإسلاميين المعتدلين بما يتوافق مع المصالح الأمريكية العالمية وذلك عبر المؤتمرات المتتالية تدور مايسمى ‏بالحوار الغربي الإسلامي، هذا فضلاً عن اللقاءات الخاصة وتهدف الى العمل على إشراك هذا النوع من الإسلاميين في ‏الحكم والنفوذ في مقابل التأويل الإقصائي لثوابت مرجعية في الإسلام مثل الحكم والشريعة والجهاد.‏
أما الاتجاه الثاني الذي يرى التحجيم والمواجهة للإسلاميين الأصوليين فتقوده مؤسسة راند التابعة للمخابرات الأمريكية ‏وهي أكبر مؤسسة فكرية في العالم وقد أصدرت تقريرين حول الموضوع في عامي 2003 ، 2007 الأول يدور حول ‏تحجيم الإسلاميين الأصوليين ومساندة العلمانيين والحداثيين، أما الثاني فيذهب الى أنه لابد من إعادة تفسير مبادئ الإسلام ‏لتستجيب للمصالح الغربية بل وجوب إستخدام الإسلام نفسه في مواجهة الإسلاميين الذين يجب وصمهم بالإرهاب ‏والتطرف والجمود، بل يذهب التقرير الى وجوب دعم وتقوية العلمانيين في مواجهة الإسلاميين وتهميش سيادة الدول ‏وتقليص قدرتها على التصدي للمشروع الأمريكي والمتتبع للسياسات الأمريكية في المنطقة يرى أنها تجمع مابين كل هذه ‏الاتجاهات.‏


صنــاعة النجوم:‏

كثيرا ما تسمع الناس في عالم الفن عما يسمي بصناعة النجوم والمقصود بذلك أنه قد يكون هناك فنانون كثيرون موهبون أو ‏غير موهوبين، أما أن يتحول بعض هؤلاء إلى نجوم ملء السمع والبصر وموضوع الاهتمام الدائم من الجمهور فهذه مسألة ‏أخرى تنشط من أجلها صناعة إعلامية متخصصة تنفق الأموال هنا وهناك وتسلط الأضواء وتختلق الحكايات وتنشر ‏الإشاعات كل ذلك ليتحقق غرضها في صناعة هذا النجم أو ذاك .‏

ليس هذا فقط بل أنه غالبا ما يصاحب ذلك صناعة أخرى هي صناعة إجهاض النجوم أو تدميرهم وذلك لإفساح الطريق أو ‏إفراد الساحة لهؤلاء النجوم الآخرين المقصودين بالتكريم وذلك بالتضييق علي الأولين أو تشويههم أو تعمد إغفال أعمالهم ‏بأي إشارة إلى درجة منع ذكرهم تماماً في الجرائد والقنوات والأجهزة الإعلامية الأخرى أو نشر الفضائح القائلة حولهم .‏

ولكن المشكلة الكبرى فيما لا يعلمه الناس أن ذلك يحدث في عالم الفكر والسياسة أكثر كثيراً مما يحدث في عالم الفن . ‏والمسألة لا تكون هنا بغرض الربح المستهدف وراء صناعة النجم أو بهدف بلوغ الغاية المنشودة من النجمة المقصودة ‏ولكن بهدف إيصال فكرة معينة أو القضاء على فكرة معينة؟ أو إشاعة حالة سياسية أو فكرية معينة أو إجهاض حالة سياسية ‏أو فكرية معينة أو فعل كل ذلك أو بعضه معاً .‏

وليس شرطاً أن يكون فعل الصناعة هذا من الأصل أو يستمر طوال الوقت وإنما هي مسألة تدور تبعاً للمصلحة والغرض ‏ويكفى فيها تبنى الشخص المناسب في فترة ما لتحقيق أغراض معينة ويكون ذلك من خلال دفعه أكثر إلي توجهات نمت ‏بدايتها لديه من الأصل حتى يحقق هذه الأغراض تدريجيا سواء ًكان ذاك بالإغراء أو الضغط أو كلاهما معاً .‏

ومن أكثر الاعتقادات الشائعة والمدمرة في نفس الوقت لدى الجمهور الاعتقاد بأن انتشار الشخص أو تواجده في أجهزة ‏الإعلام هو تعبير عن درجة نبوغه أو أهميته والحقيقة غالبا ما تكون عكس ذلك تماماً خصوصاً في الأجهزة الإعلامية ‏التابعة التي تقود منطقتنا فانتشار الشخص يكون تحديداً .. وأعود وأقول تحديداً .. وأعود وأقول مرة أخرى.. تبعاً لقدرته ‏على تحقيق الأغراض السياسية والفكرية والاقتصادية للقيادات التي تقف وراء هذه الأجهزة وتقودها إليها أو تضغط عليها ‏تجاهها .‏


 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 11-08-2007   islamicnews.net

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
الردود على المقال أعلاه مرتبة نزولا حسب ظهورها  articles d'actualités en tunisie et au monde
أي رد لا يمثل إلا رأي قائله, ولا يلزم موقع بوابتي في شيئ
 

  5-04-2012 / 15:24:52   مصطفى مجاهد
الرجل الرائع

الاستاذ الكبير محمد مبروك هو صوت من اصوات الحق فى هذا الزمان
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
إسراء أبو رمان، فوزي مسعود ، د- هاني ابوالفتوح، علي الكاش، سفيان عبد الكافي، صلاح المختار، فتحي العابد، د - محمد بن موسى الشريف ، فتحي الزغل، عواطف منصور، محمد العيادي، مصطفى منيغ، د. أحمد بشير، د.محمد فتحي عبد العال، د. عبد الآله المالكي، الناصر الرقيق، محمد اسعد بيوض التميمي، أشرف إبراهيم حجاج، خالد الجاف ، محمود سلطان، د. خالد الطراولي ، ضحى عبد الرحمن، سلوى المغربي، محمود طرشوبي، أ.د. مصطفى رجب، المولدي اليوسفي، رشيد السيد أحمد، محرر "بوابتي"، د - صالح المازقي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، حسن الطرابلسي، محمد أحمد عزوز، يزيد بن الحسين، سامح لطف الله، سيد السباعي، حميدة الطيلوش، جاسم الرصيف، أبو سمية، إياد محمود حسين ، مراد قميزة، د. عادل محمد عايش الأسطل، عزيز العرباوي، ياسين أحمد، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد شمام ، كريم السليتي، د - الضاوي خوالدية، د - شاكر الحوكي ، وائل بنجدو، صفاء العربي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. أحمد محمد سليمان، محمد الطرابلسي، حسن عثمان، طارق خفاجي، أحمد النعيمي، الهيثم زعفان، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فهمي شراب، صفاء العراقي، د. صلاح عودة الله ، مصطفي زهران، عمار غيلوفي، سامر أبو رمان ، د - مصطفى فهمي، سلام الشماع، د. ضرغام عبد الله الدباغ، محمد الياسين، خبَّاب بن مروان الحمد، عبد العزيز كحيل، عبد الرزاق قيراط ، محمد علي العقربي، سليمان أحمد أبو ستة، عبد الله الفقير، صباح الموسوي ، أحمد بوادي، محمود فاروق سيد شعبان، مجدى داود، المولدي الفرجاني، صلاح الحريري، رافد العزاوي، عمر غازي، د - المنجي الكعبي، العادل السمعلي، أنس الشابي، رافع القارصي، عبد الغني مزوز، محمد عمر غرس الله، صالح النعامي ، رضا الدبّابي، د- محمود علي عريقات، منجي باكير، د. طارق عبد الحليم، ماهر عدنان قنديل، إيمى الأشقر، حسني إبراهيم عبد العظيم، فتحـي قاره بيبـان، أحمد ملحم، عبد الله زيدان، كريم فارق، بيلسان قيصر، حاتم الصولي، د- جابر قميحة، طلال قسومي، علي عبد العال، الهادي المثلوثي، د- محمد رحال، سعود السبعاني، د - عادل رضا، أحمد الحباسي، يحيي البوليني، تونسي، د. مصطفى يوسف اللداوي، عراق المطيري، رمضان حينوني، نادية سعد، محمد يحي، د - محمد بنيعيش،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز