(251) مناقشة رسالة ماجستير بعنوان: (التغير الثقافى والعنوسة)
د - أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 14537
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
خطاب المناقشة
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلاة وسلاما على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
هذه هى المرة الثالثة التى أتشرف فيها بمناقشة رسالة فى قسم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة بنى سويف. وأشكر فيها الأخ والصديق الأستاذ الدكتور جلال مدبولى على استضافته لى، وأعبر فيها عن سرورى لمشاركة الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور طلعت لطفى فى مناقشة رسالة معه للمرة الثانية.
بارك الله فى زميلى الفاضلين وأمد فى أعمارهما وأسبغ عليهما الصحة والعافية.
ومن دواعى سعادتى أيضا أن يكون الابن العزيز أحمد عبد الهادى هو صاحب الرسالة التى جئت لمناقشتها اليوم، فهو أحد طلاب الامتياز الذين أعتز بهم، وقد درست له منذ ثمانى سنوات تقريبا، وأشهد له إلى جانب الخلق والأدب الجم، بحب العلم والإصرار على تحصيله، وملازمة الأساتذة ومناقشتهم، وأشهد له بالجدية وأَُلْمَحَه فى الأفق باكورة باحث متميز بإذن الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د أحمد إبراهيم خضر
حيثيات المناقشة
هناك تسع ملاحظات على النحو التالى :
أولا : ملاحظات على عنوان الرسالة.
ثانيا : ملاحظات عن الأخطاء العامة مثل الأخطاء اللغوية والمطبعية، وأخطاء استخدام الأرقام، والأخطاء الناتجة عن عدم استخدام علامات الترقيم، وأخطاء استخدام الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وغير ذلك من الأخطاء.
ثالثــا : ملاحظات حول مدى قوة وجدة وحداثة المادة العلمية.
رابعا : ملاحظات حول مدى اتباع الباحث القواعد العلمية الصحيحة فى عرض وتحليل الدراسات السابقة.
خامسا : ملاحظات حول الإطار النظرى والمفاهيم المستخدمة فى الرسالة.
سادسا :ملاحظات حول منهج البحث وتساؤلاته وأدواته.
سابعـا : ملاحظات حول توصيات البحث.
ثامنـا : ملاحظة حول التوثيق الصحيح للمادة المأخوذة من المراجع ومن المواقع الإلكترونية.
تاسعـا: ملاحظة حول تمشى عرض ملخص الرسالة مع الطريقة العلمية الصحيحة
أولا : ملاحظات على عنوان الرسالة
بتطبيق معايير التزام الباحث بشروط العنوان الجيد للرسالة، نجد أن عنوان الرسالة احتوى فعلا على المتغير المستقل وهو التغير الثقافى، والمتغير التابع وهو ظاهرة العنوسة. ولم يتجاوز خمس عشرة كلمة، ويمكن التعامل معه إحصائيا.
ولكن لنا وقفة أمام شرط هام ينص على أن يكون العنوان غير ممل وبعيد عن الإثارة غير المفيدة. الواقع أن استخدام الباحث للفظ "العنوسة" هو استخدام مثير وغير مفيد. يقول الباحث فى ص 23:" إن لفظ العانس بما يحمله من دلالات فى مصر والمنطقة العربية هو من أشد أنواع العنف المعنوى الذى يمارسه المجتمع ضد المرأة. فالعانس خصوصا المصرية كائن له خصائص مميزة يسبغها عليها المجتمع منذ أن تلتصق بها هذه الصفة المرعبة.فالمجتمع ينظر إليها نظرة هى مزيج من الشفقة والخوف والسخرية. الشفقة على حالها البائس الذى جعل القطار يفوتها، والخوف منها، فهى فى نظر المجتمع شخصية سيكوباتية مريضة ذات عين حاسدة، وقلب حاقد، ورغبة مدمرة فى إيذاء الآخرين الذين حازوا على وسام الزواج، وانتصروا فى معركة الاقتران الدائم، والحصول على زوج أو عريس."
كيف يحمل عنوان الرسالة كل هذه المدلولات السلبية المثيرة والغير مفيدة فى الوقت الذى كان يمكن أن يستخدم الباحث فى العنوان مصطلحا بديلا أكثر رقة مثل " تأخر سن الزواج "، وهو لفظ استخدمه الباحث قى أكثر من موقع فى الرسالة.
وأعتقد أن الباحث لو استخدم هذا اللفظ البديل لوجد هذه القاعة ممتلئة. فهناك العديد من الفتيات اللاتى تواجهن هذه المشكلة، ويردن أن يعرفن ماذا يقول العلم فى قضيتهن، وكيف وجد العلم حلولا لها ؟ وإلآ فلا فائدة فى علم ليس له ثمرة عملية يشعر بها الناس، ومن ثم يفقدون ثقتهم فى علومنا. ولهذا أرى إن استخدام هذا اللفظ المقيت يحرج الكثيرين ويمنعهم من الحضور.
لكنى من زاوية أخرى أثنى على الباحث فى أنه تخلص من مشكلة وقع فيها باحثون عديدون اضطروا بسببها إلى تغيير عناوين رسائلهم، وهذا أمر يحتاج إلى إجراءات إدارية وانتظار طويل.فالعنوان الفرعى " دراسة ميدانية فى مجتمع محلى " أنقذ الباحث من مشكلة أنه إذا لم يكن قد تمكن من تطبيق دراسته الميدانية على المجتمع الذى حدده، يكون من السهل عليه تطبيقه فى مجتمع محلى آخر دون الحاجة إلى تغيير العنوان. وقد أشار أحد الأساتذة إلى أنه من الأفضل ألا يحتوى العنوان الفرعى على تحديدات تقيد الباحث، فذكر أن باحثة أنهت دراستها النظرية وعندما حان الوقت لإجراء الدراسة التطبيقية وجدت أن المؤسسة التى كانت ستجرى عليها هذه الدراسة قد أغلقت فاضطرت لتغيير العنوان. وباحثة أخرى رفض مدير المؤسسة قيامها بالدراسة بل وطردها من مكتبه. فاضطرت لتغيير العنوان أيضا.
ثانيا :
ملاحظات حول الوقوع فى الأخطاء العامة مثل الأخطاء اللغوية والمطبعية، وأخطاء استخدام الأرقام، والأخطاء الناتجة عن عدم استخدام علامات الترقيم، وأخطاء استخدام الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وغير ذلك من الأخطاء.
بتطبيق ذلك على الرسالة الحالية وبضرب مثال أو مثالين فقط اتضح الآتى :
1- هناك أخطاء نحوية عديدة من أمثلتها قول الباحث فى ص (4) : "حدد الباحث أهداف خاصة " وصحتها "أهدافا خاصة" وفى ص (29) : "وهذا يخلق كثير من المشكلات الاجتماعية" وصحتها "كثيرا من المشكلات" وفى ص(77) :"وقد اكتملت المقابلات بالعشرون امرأة "، وصحتها "وقد اكتملت المقابلات مع عشرين امرأة ". والرسالة مليئة بمثل هذه الأخطاء وكان من المفروض أن يراجعها مدقق لغوى.
2- تحتوى الرسالة على خطأ شائع لم وهو "الاستخدام غير الصحيح للأرقام" مثل قول الباحث فى ص (72) :( صمم الباحث استمارة استبيان احتوت على 38 سؤالا )، وقوله فى ص (74) (استخدم الباحث استمارة لجمع البيانات عن طريق المقابلة لعينة تتكون من (324) من الذكور الغير متزوجين الذين تجاوزوا الـ 27 عاما)، وقوله فى ص (112) :( صمم الباحث استمارة مقابلة احتوت على عدد 45 سؤالا)، (و تم جمع البيانات من عينة تقدر بحوالى 100فتاة).
هذا استخدام غير صحيح للأرقام فى الرسائل العلمية. والقاعدة الصحيحة لاستخدام الأرقام فى الرسائل هى : ( الرقم الذى لا يحتاج الطالب فى التعبير عنه إلى أكثر من ثلاث كلمات ينبغى أن يكتب هذه الأرقام بالحروف مثل : اثنان وسبعون سؤالا، أربعة وسبعون، خمسة وأربعون سؤالا، تتكون العينة من ثلاثمائة وأربع وعشرين مفردة. وأذا احتاج الطالب إلى التعبير عن رقم بأكثر من ثلاث كلمات فعليه أن يستخدم الأرقام مثل 1465 (
وقد دفعتنى هذه الأخطاء الشائعة إلى كتابة موضوعين أحدهما : عن "علامات الترقيم" مثل الفصلة والأقواس والنقاط التى إذا لم تستخدم استخداما صحيحا غيرت المعنى، والآخرعن : "الاستخدام الصحيح للأرقام " فى رسائل الماجستير والدكتوراة نشرا على صفحتى الخاصة بإسمى فى موقع "بوابتى تونس" تحت رقمى 204و205 ، وذلك ليستفيد منها الباحثون.
2- استخدام الآيات القرآنية والأحاديث فى الرسائل الجامعية له قواعده التى لا بد من الالتزام بها، فهى ليست كلاما عاديا، وإنما هى كلام له قداسته وذلك على النحو التالى : " الآيات القرآنية تُثْبت من المصحف الشريف، وتُوضع بين قوسين مزهرين على النحو التالى : ﴿... ﴾،وتُضبط بالشكل، وتُرسم كما عليه فى المصحف ويُذكر بعدها في المتن اسم السورة ورقم الآية محصورا بين قوسين إذا كان عدد الآيات المستشهد بها كثيرا، أما إذا كان عددها قليلا تكتب في الهامش.
أما الأحاديث النبويه فقاعدة توثيقها أنها تحصر بين قوسين عاديين ( )، وتضبط بالشكل، و تُخَرّج في الهامش من كتب الحديث المعتبرة الصحاح أولا ثم السنن.
بتطبيق ذلك على رسالة الباحث نجده اتبع ذلك فى الآية القرآنية التى وضعها فى بداية الرسالة، والآيات التى استخدمها فى ص (15) ، لكنه أهملها فى الآية المذكورة فى ص (84) و(88) ولم يُِخرّج الأحاديث التى استعان بها.
والمشكلة فى الاستعانة بالآيات القرآنية والأحاديث كما أوضحنا فى مناقشاتنا السابقة هى أن الباحثين يستخدمونها دون فهم معناها بسبب ضعف خلفيتهم فى مسائل الدين فيستخدمونها فى غير مواضعها مع التسليم بفطرتهم السليمة وحسن نواياهم. وهم عادة يستخدمون الآيات القرآنية فى الرسائل إما للتبرك أو كمجرد ديكور، وهذا فى عرف العلماء سوء أدب مع الله سبحانه وتعالى ونبيه صلى الله عليه وسلم. فأرجو من الباحثين أن يعوا ذلك تماما.
3- استخدم الباحث فى ص (173) مصطلح ( رجال الدين ) وهذا مصطلح يتحفظ علماء الإسلام فى استخدامه ويقولون فى ذلك :" وإن كنا نتحفظ على هذا المصطلح لما له من دلالة منحرفة في الملل الأخرى، حيث يكون رجال الدين فى هذه الملل واسطة بين الله تعالى وبين عباده، فيتحكمون في شئون الناس باسم السماء أو باسم الرب، حتى يبلغوا مرحلة النيابة عن الله سبحانه، ويعطون حق التحريم والتحليل، وهذا ما يعرف عندهم باسم "الإكليروس " وهذا تنبيه للباحثين بأنه ليس همناك رجال دين فى الإسلام وإنما هناك علماء دين.
4- يؤخذ على الباحث استخدامه لبعض الكلمات غير العلمية والترجمة الركيكة لبعض الفقرات. فى ص (120) يقول الباحث :"أن ظاهرة تأخر سن الزواج "طفحت" بقوة على سطح المجتمع المصرى ". صحيح أن هذه الجملة منقولة عن مرجع لباحث آخر، لكن الباحث مسئول عن كلمة يسطرها بيده فى رسالته.وقوله فى ص (114) : "ومن المضحك أن هناك بعض الفتيات....الخ ".
وعن الترجمة الركيكة : فى ص (68) وفى ص (76) هناك دراستان الأولى أجريت فى الولايات المتحدة عنوانها "روابط أسرة المرأة العانسة" والثانية بعنوان : "المال والزواج الثانى : تبسيط الأشياء والانفصال ". يقول الباحث فى الدراسة الأولى : إن المرأة التى لم تتزوج فعلت هذا لكى تتلاءم مع احتياجات الأسرة أكثر من الموضة". ويقول الباحث فى الدراسة الثانية :"هل لجوء العوانس إلى الزواج من زوج ثانى نتيجة اليأس من عدم الزواج ". وهذه الترجمة الركيكة تطرح سؤالا كيف يمكن اعتبار المرأة التى تتزوج للمرة الثانية عانسا، رغم أن شعار الفتيات اليوم " أتزوج حتى لو طلقت فى اليوم التالى أو حتى أنجب طفلا لأهرب من وصمة العنوسة".
وهذا تنبيه للباحثين الذين يقدمون نصوصا إلى متخصصين فى اللغة أو يترجمون من شبكة الانترنت بضرورة مراجعة هذه الترجمة وتصحيحها.
5- فى ص (ب) يقول الباحث : أن رئيس مركز التعبئة والإحصاء أكد لصحيفة النور أن عدد السكان الذين لم يسبق لهم الزواج بلغ فى سنة 2006ما يعادل 6و3% من إجمالى السكان.هناك ملاحظتان على هذه النقطة، الأولى : أن ما يستقى من الصحف يحتاج إلى حذر شديد لأنها تعتبر مصادر غير علمية. الثانية : هى أن المعلومات الإحصائية تؤخذ من الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء مباشرة، خاصة وأن الأمر لا يحتاج اليوم إلى الذهاب إلى الجهاز مباشرة بعد أن فتح الجهاز موقعا له على شبكة الانترنت موفرا كافة الخدمات التى يحتاجها الباحثون منذ القرن الثامن عشر وحتى الآن.
ثالثا :
ملاحظات حول قوة وجدة وحداثة المادة العلمية مقاسا بعدم مضى أكثر من عشر سنوات واستناد الباحث إلى المصادر الأصلية الأولية سواء بالعربية أو بالانجليزية مثل دائرة معارف العلوم الاجتماعية وقواميس علم الاجتماع، وكذلك استناده إلى ملخصات الرسائل العلمية التى تتناول موضوع دراسته و المكتوبة بالانجليزية والمتوافرة بمكتبة الجامعة الأمريكية بالقاهرة منذ ما يقرب من نصف قرن وهى تحت إسم sociological abstract ، ومقاسا كذلك بتضمن الدراسة للأبحاث المتعلقة بها فى المؤتمرات العلمية والدوريات المحكمة علميا والمعترف بها عالميا من عام 2012
بتطبيق هذا المعيار على رسالة الباحث تبين الآتى :
1- رجع الباحث إلى ثمان وتسعين مرجعا عربيا وأجنبيا، بلغت نسبة المراجع التى لم يمر على طبعها أكثر من عشر سنوات ما يقرب من 39%. وكانت نسبتها فى المراجع العربية مايقرب من 45%، وفى المراجع الأجنبية مايقرب من 23%. وتعتبر هذه النسب معقولة جدا إذا ماقورنت بمثيلاتها فى الرسائل الأخرى.
2- استعان الباحث فعلا بموسوعة العلوم الاجتماعية عند تعريفه لمفهوم الزواج، والأصل أن يستند إليها عند تناوله لمختلف المفاهيم الأساسية فى الرسالة.
3- استعان الباحث بدورية عربية واحدة وبحوالى خمس دوريات انجليزية، لكنه لم يحقق الهدف المطلوب من استخدام الدوريات التى مهمتها الأصلية أنها توجه الباحث إلى أحدث الدراسات فى موضوع بحثه بدءا من عام 2012 فما دونها.
4- لا أثر مطلقا لاستعانة الباحث بما يعرف بـ Sociological Abstract التى تتضمن رسائل الماجستير والدكتوراة التى تناولت موضوع دراسة الباحث.
5- استعان الباحث بموضوع نوقش فى إحدى الندوات ولا أثر لاستعانته بمؤتمرات تتناول موضوع دراسته.
6- كنت أتمنى أن يرجع الباحث إلى أهم الهيئات التى تضم أكبر وأشمل وأحدث مصادر البحث مثل أكاديمية البحث العلمى والمركز القومى للبحوث الاجتماعية وغيرها فلا شك أنها كانت ستفرق كثيرا.
رابعا :
ملاحظات حول اتباع الباحث القواعد العلمية الصحيحة فى عرض وتحليل الدراسات السابقة
بمراجعة ما كتبه الباحث عن الدراسات السابقة، نجد أنه استعرض سبع عشرة دراسة أجريت فى ثمانى دول، ست منها عربية وواحدة فى الولايات المتحدة وأخرى فى نيبال تبين الآتى :
عرض الباحث لأهداف مناهج هذه الدراسات فقط، وأجاد فى ربط نتائج دراساته بالدراسات السابقة كما جاء فى صفحات: 117و121و123و125و126وغيرها.
ويؤخذ على الباحث الآتى :
1- لم يظهر الباحث بوضوح كيف قادته الدراسات السابقة الباحث إلى النقطة التى بدأ منها دراسته، وكيف كانت النقطة المحورية فى دراساته امتدادا لنتائج الدراسات السابقة.
2- لم يظهر الباحث الأفكار والمفاهيم والمصطلحات التى زودته بها الدراسات السابقة فى تكوين الإطار النظرى والمنهجى بما فيها أدوات البحث كالاستمارة وغيرها..
3- لم يبين الباحث المصادر العلمية التى لفتت الدراسات السابقة الباحث إليها ولم يكن يعرفها.
4- لم يبين الباحث كيف نبهته الدراسات السابقة إلى طبيعة المادة العلمية الموجودة، مثل : كون المادة العلمية متيسرة أو صعبة المنال، وكونها معقدة أو غير معقدة...والعقبات التى تعترض البحث.
5- رغم وجود تباين ثقافى بين مختلف مجموعات هذه الدول التى أجريت فيها هذه الدراسات، فإن الباحث لم يحلل نتائج هذه الدراسات فى ضوء التباين الثقافى لمجموعات هذه الدول، وهذا فى حد ذاته كان يشكل إضافة جديدة.
6- لوحظ أن الباحث فى عرضه لأحد هذه الدراسات خلط بين المتأخرات فى سن الزواج وبين الأرامل وبين المتزوجات للمرة الثانية.
خامسا :ملاحظات حول الإطار النظرى والمفاهيم المستخدمة فى الرسالة
1- النظريات
أ- أكبر مشكلة وقع فيها الباحث فى هذه الرسالة هو أنه عالج موضوع دراسته من زوايا يغلب عليها ويغطيها التحليل السوسيولوجى فى حين أن التحليل كان يلزم أن يكون سوسيوأنثروبولوجى، فموضوع الرسالة هو التغير الثقافى، ومن ثم كان يلزمه أيضا أن تكون أحد نظريات التغيرالثقافى هى النظرية الرائدة التى تقوده فى دراسته وليست النظريات الخمس التى استند إليها. وكان من المفروض أن تكون كل تساؤلات أو فروض الدراسة مشتقة من نظرية التغير الثقافى وليس غيرها،ولا يعفى الباحث من هذه المشكلة أنه استعان بنظرية "باريتو" عن الرواسب الثقافية لأنه اختار منها حقيقة جزئية فقط.
ب- استند الباحث إلى أربع نظريات هى : النظرية الاقتصادية لكارل ماركس، ونظرية النسق الاجتماعى لتالكوت بارسونز ونظرية الرواسب الثقافية لفلفريدو باريتو ونظرية التكامل والتكافؤ لروبين بنش،واختار من الاتجاهات الحديثة نظرية العولمة.
اشتق الباحث فروض نظرياته منها فأخذ من نظرية "ماركس" فرضية العلاقة بين العامل الاقنصادى وتأخر سن الزواج. واشتق من نظرية "بارسونز" فرضية العلاقة بين العادات والتقاليد وتأخر سن الزواج. واشتق من نظرية "باريتو" العلاقة بين الرواسب الثقافية وتأخر سن الزواج. واشتق من نظرية "بنش" العلاقة بين مواصفات اختيار الزوجين وتأخر سن الزواج.واشتق من نظرية العولمة العلاقة بين تهميش العولمة للزواج والأسرة وتأخر سن الزواج.
ج- ملاحظاتنا على الباحث أنه أخل ببعض القواعد الضرورية الخاصة باختيار النظريات :
-هناك قاعدة تقول : " النظرية بناء شمولى فرضي استنتاجي، يتعارض مع المعرفة الجزئية"، وقد أخل الباحث بهذه القاعدة حينما انتقى عدة حقائق جزئية من مجموعة نظريات، فنحن نختبر صحة نظرية واحدة شاملة ولا نختبر صحة حقائق جزئية لعدة نظريات.
- هناك قاعدة ثانية تقول :" ان النظريات العلمية تتنافس فيما بينها بحسب ما تستند اليه من مرجعيات "
بتطبيق هذه القاعدة على رسالة الباحث نرى أنه اختار نظريات متنافسة فيما بينها، وذات مرجعيات متضادة لا ينطبق عليها المبدأ الذى حدده "كارل بوبر" وهو البساطة وجدة النظرية وقوة الربط بين الاشياء وتوحيدها، وكذا ما تحمله من مفاهيم جديدة " وهذا لا يتوافر فى كل النظريات وإن توافر فى بعض منها. وهذا يعنى أنه حتى لو أمكن تفسير شواهد دراسة الباحث بأى من مرجعيات هذه النظريات فإن هذا ليس مبررا لأن يكون الإطار النظرى مشتملا على عدة نظريات.
- تقول القاعدة الثالثة: " أن الشاهد الواحد الذى لا يؤيد النظرية يبطل النظرية تماما ويسقطها من الحساب ".
من الملاحظ أن الباحث توصل إلى نتائج كلها تؤيد تساؤلاته ما عدا التساؤل الذى الخاص بالعلاقة بين خروج الفتاة للعمل وتأخر سن الزواج، ورغم أن الباحث لم يذكر بوضوح الإطار النظرى والمرجعى لهذا التساؤل، لكننا سنستدل منه على أن هناك شاهدا واحدا توصل إليه الباحث لا يؤيد النظرية التى استند إليها الباحث فيبطلها بالتالى ويسقطها من الحساب، أو هو دلالة على عدم صحة النظرية، لأنه يحتمل وجود نظرية أخرى تتفق شواهدها مع كل منطلقات النظرية.
وحتى لو أكد الباحث أنه لا مشكلة هناك فى أن شواهده النظرية تؤيد كل تساؤلاته فإنه يصطدم بالقاعدة التى تقول : " أيا كان عدد الشواهد المؤيدة للنظرية فإنها قد لا تكفى لصحة القاعدة الكلية التى ينطلق منها الباحث. فنحن لا نرى من الغربان إلا السود منها، وهذا يحعلنا نتصور أن كل الغربان سود، فوجود غراب واحد أبيض يعنى أن استدلالنا بأن كل الغربان سود استدلال زائف.
- تقول القاعدة الرابعة " انه من العبث ان يضع الباحث فرضاً ذهنياً وهو معزول مطلقاً عن النظر الى الواقع والقرائن المتعلقة به، بشهادة السيرة التي عليها الناس ".
بتطبيق ذلك على دراسة الباحث يتبين أن الاعتماد على الأطر النظرية الغربية التى لا تتسق مع ثقافة المجتمع أوقع الباحث فى خطأ كبير وهو أنه وضع فروض دراسته معزولة تماما عن الواقع والقرائن المتعلقة به بشهادة السيرة التى عليها الناس فى هذا المجتمع المسلم . فواقع مجتمعنا أنه مجتمع مسلم يؤمن بالغيب، ويؤمن بأن الزواج "نصيب ". وأن الأخذ بالأسباب فيه صحيح كطلب الأب من شاب صالح أن يتزوج ابنته، وأن تيسير أمور الزواج من تكاليف ومن مهر ومن شبكة وغير ذلك من الأسباب التى يمكن من شأنها أن تعالج مشكلة تأخر الشباب والفتيات عن الزواج، لكن جميعه يقع فى دائرة "قدر الله تعالى" الذى لا يخضع للبحث التجريبى وإنما لا بد من الإيمان به.
2- المفاهيم
أ- استعرض الباحث بعض المفاهيم المرتبطة بدراسته، مثل الزواج والثقافة والتغير الثقافى والعنوسة لكنه لم يتبع الخطوات العلمية فى تحليل المفاهيم فأهمل الآتى :
- تحديد المعنى المتفق عليه فى تعريفات هذه المفاهيم.
- وضع التعريف المبدئى الذى تجمع عليه أغلب التعريفات.
- إخضاع هذه التعريفات للنقد.
- وضع تعريف خاص به يتبناه فى ضوء هذا النقد.
كل ما التزم به الباحث فقط هو تبنيه مفاهيما إجرائية وأغفل تماما تبنى مفاهيم نظرية أو مجردة.
ب- لم يبين الباحث أن بعض المفاهيم التى عرضها لا تتفق أصلا مع ثقافة المجتمع مثل قوله أن الزواج بوجه عام هو علاقة جنسية مقررة اجتماعيا بين شخصين أو أكثر ينتميان إلى جنسين مختلفين، وقوله كذلك أن الزواج هو مجموعة من العادات والتقاليد والمواقف والآراء والممنوعات القانونية، وبذلك يكون قد اعتبر زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة زواجا فليست هناك فى بعض المجتمعات الغربية ما يمنع ذلك قانونا.
ج- عرض الباحث لمفهوم الزواج فى الإسلام ضمن عرضه لمفهوم الزواج من الناحية الدينية أى فى الديانات المختلفة ثم عرضه من الناحية الاجتماعية والقانونية، ومن ثم لم يعقد هذه المقارنات التى تبرز أهمية المفهوم الإسلامى فى الزواج وتفوقه عن غيره فى الثقافات والديانات الأخرى. لكن الباحث أدرك ذلك عند تبنيه للمفهوم الإجرائى للزواج.
سادسا : ملاحظات حول تساؤلات البحث ومنهجه وأدواته
هناك ما يمكن أن نعتبره مواطن خلل فى التصور المنهجى للبحث
1- التساؤلات
من الملاحظ أن لدى الباحث تشوشا فى الحدود الفاصلة بين التساؤلات والفروض. قدم الباحث اثنا عشر تساؤلا جميعها تبدأ بـ (هل) وغالبيتها تتناول العلاقة بين متغيرات. فلم تظهر التساؤلات على أنها تساؤلات بحتة ولا يبدو عليها أنها أنها فروض بحتة ولو حذفت كلمة ( هل ) لكانت أقرب إلى الفروض.ويرى علماء المناهج أن التساؤلات تطرح أسئلة حول ( من ؟ ولماذا ؟ ومتى ؟ وأين؟ وكيف ؟ ) ويؤكد بعضهم على عدم صحة التساؤل باستخدام أداة الاستفهام هل.
فعلى سبيل المثال يقول الباحث فى تساؤلاته فى ص (4):
هل هناك علاقة بين العادات والتقاليد الخاطئة وتأخر سن الزواج عند الفتيات ؟
هل هناك علاقة بين خروج الفتاة للعمل وتأخر سن الزواج ؟
الفرق بين التساؤلات والفروض أن التساؤلات هى أسئلة تحتاج إلى إجابة لوصف الواقع، تصاغ فى شكل استفهامى، وتضم متغيرا واحدا فقط. ومعظم تساؤلات الباحث تضم متغيرين.
الفروض هى أجوبة افتراضية مبدئية مقترحة ومؤقتة تحتاج إلى إثبات، وهى علاقة بين متغيرات، ويحاول الباحث اختبار مدى صحة وجود هذه العلاقة.
ولا شك أن هذا التشوش فى ذهن الباحث بين التساؤلات والفروض ترك بصماته واضحة على منهج البحث، ويعتبر خلالا فى التصور المنهجى البحث.
2- المنهج
أ- نوع الدراسة الذى استخدمه الباحث هو الدراسة الوصفية،استخدم فيها المنهج المقارن ومنهج دراسة الحالة. هناك اختلاف بين علماء المناهج حول كون هذه المناهج مستقلة عن المنهج الوصفى أو هى تابعة له. الباحث لم يحدد موقفه، لكنه بنى تحليلاته على العلاقة بين متغيرات، فألزم القارئ أن يخمن ماهى العلاقة بين المناهج التى استخدمها الباحث حتى يمكنه الحكم عليها. ولهذا نعتبر أن عدم التحديد خلل فى التصور المنهجى للباحث، ترتب كما قلنا على التشوش فى تصوره للعلاقة بين التساؤلات والفروض.
كانت نتيجة التخمين هو التصور بأن أقرب فهم للإطار الذى سار عليه الباحث فى منهجه هو المنهج السببى الارتباطى المقارن المتفرع من المنهج الوصفى، لأن الباحث استخدم كل هذه المناهج.
بتطبيق قواعد المنهج السببى الارتباطى على تحليلات الباحث وجدنا أن هناك خللا واضحا. وهو أن الباحث كان مجرد مبوب أو مجدول للبيانات. وكانت الجداول التى عرضها هى مجرد جداول تكرارية استخدم فيها معامل ارتباط كا 2 الذى مهمته حساب دلالة فروق التكرار أو البيانات العددية التي يمكن تحويلها إلى تكرار مثل النسب والاحتمال.
ومن المعروف من الناحية المنهجية أن الجدول التكرارى يوحي بوجود علاقة بين متغيرين فقط، لكنه لا يؤكد وجود ارتباط بينهما، ولا يزودنا بقياس له. لأنه يقتصرعلى وصف الأمور المحسوسة كما هي. الذى يؤكد ذلك هو اختبارات الارتباط أو اختبارات التباين، التى هى خطوة متقدمة عن خطوة وصف المحسوس، وتبحِرفي عالم الاستنتاج، تؤكد نوع من العلاقة بين متغيرين عن كون أحدهما سببا في حدوث الآخر.وهناك أنواع متعددة من المعادلات لاختبارات الارتباط لم يستخدمها الباحث مطلقا مثل المتوسطات الحسابية والانحراف المعيارى...الخ.
إذا أخذنا مثلا لذلك ما جاء فى ص (136) عن العلاقة بين تدنى المستوى الاجتماعى والاقتصادى للفتاة، وتأخر سن الزواج نجد أن الباحث عرض لهذه العلاقة بمجرد تكرارات ونسب باستخدام معامل الارتباط (كا2 )، أكد فيها صحة تساؤلاته، وربط بينها وبين الدراسات السابقة التى عرضها. وكان نتيجة ذلك أن الدراسة لم تبين اتجاه هذه العلاقة هل هى عكسية أم طردية. ولو أن الباحث استخدم معاملات ارتباط متقدمة لأمكنه الاعتماد عليها بالتنبؤ بمستوى العلاقة بين متغيرات بحثه.
ب- كانت أمام الباحث فرصة ثمينة لم يستطع الاستفادة منها. هذه الفرصة هو أن يحول المنهج الوصفى الذى استخدمه إلى منهج وصفى معيارى أو تقويمى وموضوع الدراسة من أقرب وأجمل وأحسن الموضوعات إلى البحث الوصفى المعيارى أو التقويمى. كان من الممكن أن يقدم الباحث إسهاما جديدا فى هذه الدراسة إذا ما تناول موضوع تأخر سن الزواج فى ضوء قيم ومعايير الإسلام واقترح علينا خطوات وأساليب يمكن اتباعها للوصول إلى ما نستطيع أن نصل به إلى حل هذه المشكلة فى ضوء هذه المعايير وهذه القيم.
القضية التى غرق فيها الباحث وغيره وأضاعوا سنوات من أعمارهم فى بحثها، أوجز الله سبحانه وتعالى علاجها فى قوله : ﴿ وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله﴾ النور 34، فالزواج رزق والرزق كما قال صلى الله عليه وسلم:( إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله )، كما أنه فضل من الله تعالى، لا دخل فيه للفقر أو الغنى فالله تعالى يقول : ﴿ إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله﴾ النور 32. وما عند الله لا يؤتى بمعصيته مثل اعتقاد الناس أن الفتاة حينما تظهر مفاتنها وتختلط مع الشباب دون النظر الى احتمال تطور العلاقة بينهما إلى حد خطير، هو السبيل إلى اصطياد العريس قال صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح : (ليس من عمل يقرب من الجنة إلا قد أمرتكم به ولا عمل يقرب من النار إلا وقد نهيتكم عنه فلا يستبطئن أحد منكم رزقه فإن جبريل ألقى في روعي أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه فاتقوا الله أيها الناس وأجملوا في الطلب فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله فإن الله لا ينال فضله بمعصيته ) ويقول تعالى : ﴿ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء ﴾ الأعراف 96. فهل فكرت الفتاة التى تأخرت فى الزواج أن تنتظر حتى يأتى الثلث الأخير من الليل حين ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا، وهو الذى يجيب المضطر إذا دعاه، تستغفرا الله عما أذنبت فيه،وتعده ألا تعود إلى هذا الذنب أبدا،وتدعوه أن يرزقها بالزوج الصالح.كما جاء فى الحديث الصحيح :( إذا كان ثلث الليل أو شطره ينزل الله إلى سماء الدنيا فيقول هل من سائل فأعطيه، هل من داعي فأستجيب له هل من تائب فأتوب عليه، هل من مستغفر فأغفر له حتى يطلع الفجر).( انظر ) 24) الزواج تعبد لله أم إشباع رغبة وإنجاب ولد، انظر كذلك (31 ) أزمة البحث عن عريس، موقع بوابتى تونس)
ج - من إيجابيات استخدام الباحث للمنهج الوصفى بالصورة التى هى عليها أنه :
قدم لنا معلومات وحقائق عن واقع الظاهرة الحالية،وأوضح لنا العلاقات القائمة فى الظاهرة نفسها وعن غيرها من الظواهر.
كان من الممكن أن يضيف الباحث إسهاما آخر متميزا ويعتبر من أهم خصائص المنهج الوصفى لو أنه استفاد بما عنده من معلومات لوضع تصور عن مستقبل الظاهرة نفسها، لكننا لا نلومه عليها، لأنه طالب ماجستير فقط.
هـ - بالنسبة لمنهج دراسة الحالة
فى ص (111-112) حصر الباحث مبررات استخدامه لمنهج دراسة الحالة فى أن هذا المنهج يساعده فى تقديم دراسة شاملة متكاملة ومتعمقة للحالة المطلوب بحثها، ويساعده فى الوصول إلى تعميمات تمكنه من تفسير الظاهرة التى يدرسها.
الواقع الذى أمامنا أن الباحث استخدم منهج دراسة الحالة كمنهج مكمل للمنهج الوصفى والمنهج المقارن. واستخدام دراسة الحالة كمنهج مكمل لمنهج آخر كما يقول علماء المناهج يتوقف على :
- مدى حاجة الباحث لاستيضاح جانب معين من جوانب بحثه أو
- تفسير نتائج معينة بصورة مستفيضة، ويحدث عادة عند الحاجة لتفسير بعض نتائج البيانات الكمية، فعلى الرغم من أهمية التحليل الكمي الإحصائي في البحوث العلمية إلا أنها لا تكفي لشرح العوامل الديناميكية المؤثرة في الموقف، وهذا يقتضي استخدام منهج دراسة الحالة كمنهج مكمل لفهم الموقف بعمق وتفسير النتائج الإحصائية وتبريرها.
الباحث لم يوضح مطلقا الجوانب التى لم يستطع استيضاحها والنتائج التى لم يستطع تفسيرها بصورة مستفيضة والتى لم يغطها المنهج الوصفى والمنهج المقارن فاستكملها بمنهج دراسة الحالة. كل ما فعله الباحث هو أنه صنفها طبقا لمستويات السن ونمط الإقامة والتعليم والمهنة وحجم الأسرة ودرجة الجمال. كما طوع الحالات لمجرد الإجابة على تساؤلاته، وبالتالى فقد استخدام منهج دراسة الحالة قيمته فى هذه الدراسة طالما أنه لم يكشف هذه الجوانب.
- وفى صفحة (160) صنف الباحث الحالات التى درسها طبقا لدرجة الجمال على ثلاثة مستويات أقل من المتوسط- جيد- فوق المتوسط.
يقول ابن القيم فى وصف الجمال :" الجمال أمرٌ لا يُدرَك إلا بالوصف، وقد قِيل: إنَّه تناسُب الخِلْقَة واعتِدالها واستواؤها، ولكنْ قد يكون التناسُب في الخلقة دُون وجود حُسْنٍ هناك، وقيل أيضًا: الحُسْنُ في الوجه، والمَلاحة في العينين، وقيل كذلك: الحُسْنُ أمرٌ مُركَّب من أشياء: وضاءة وصباحة، وحُسن تشكيل وتخطيط، ودم يجري في البشرة، وقيل: الحسن معنى لا تنالُه العبارة، ولا يحيطُ به الوصف".
ويقول ابن القيم أيضا : " إن الرجل الصالح المحسن ذو الأخلاق الحميدة من أحسن التاس خلقا وإن أسود غير جميل.....وكانت بعض النساء تكثر صلاة الليل فقيل لها فى ذلك، فقالت إن صلاة الليل تحسن الوجه وأنا أحب أن يحسن وجهى."انظر "211 الجمال والغيرة، موقع بوابتى تونس)
السؤال على أى مقياس فى علم الاجتماع وعلى أى مفهوم نظرى وإجرائى قمت بتحديد جمال هذه الفتيات.
و- بالنسبة للمنهج المقارن
استخدم الباحث المنهج المقارن بعلة أنه يدرس ظاهرة العنوسة فى مجتمعين مختلفين بالريف والمدينة كما جاء فى ص (111). ولنا هنا ملاحظة هامة
يقول "دوركايم" :" المقارنة من المناهج الهامة التى تساعد الباحث فى الحصول على المعلومات والحقائق الموضوعية التى يمكن أن يعتمد عليها فى تكوين الفرضيات والنظريات "
السؤال أين الفرضيات أو النظريات التى توصل إليها الباحث بعد مقارنة أوضاع ظاهرة العنوسة فى الريف والحضر. كل ما قام به الباحث هو أنه أن هناك علاقة أو لا توجد علاقة بين متغير كذا وظاهرة العنوسة وأنها ترتفع أو تقل فى الريف أو الحضر بنسبة كذا وأن أسباب ذلك هو كذا. وأن الدراسة أكدت كذا وكذا ". وكان المفروض أن يستخرج الباحث من المقارنة التى أجراها فروضا أو منظورات جديدة يمكن أن يستفيد منها باحثون آخرون.
3- الأدوات
استخدم الباحث ثلاث أدوات هى المقابلة والملاحظة والاستبيان
أـ كانت علة استخدامه لأداة المقابلة هى أنها تساعده فى شرح الأسئلة الغامضة للمبحوثين، وكانت علة استخدامه لأداة الملاحظة هو أنها تساعده على الربط بين كلام المبحوث والواقع المحيط به والتعرف على العادات والتقاليد الاجتماعية الخاصة بأسر الفتيات المتأخرات عن الزواج وسلوكياتهن ومشاعرهن واتجاهاتهن وميولهن الخاصة. ص (112)
استخدام هذه الأدوات الثلاث من إيجابيات الباحث.وكن من المتوقع من الباحث أن يبرر استخدامه للأدوات الثلاث تبريرا علميا فيقول :" أن هذه الأدوات الثلاث تمثل وسائل اتصال بين الباحث والمبحوثين اثنتان منها معنويتان هما المقابلة والملاحظة والثالثة مادية وهى الاستبيان.فالباحث هنا جمع بين وسائل الاتصال المعنوية ممثلة فى المقابلة والملاحظة وبين وسيلة الاتصال المادية ممثلة فى الاستبيان. فلا تكون المقابلة ولا الملاحظة علمية إلا بوجود استبيان أو ما ينوب عنه.
ب- يعرف "ويك " الملاحظة بأنها : "الاختيار والاستثارة والتسجيل وتفسير مجموعة من السلوكيات والأوضاع فى ظروفها الطبيعية ".
هذا ما نعتقد أن الباحث قد قام به لكن قيمة هذه الملاحظة من الناحية العلمية تتوقف على مدى استطاعته فى تطوير الفرضيات والنظريات.
يقول علماء المناهج : أن الملاحظة تصبح علمية إذا ما توافرت لها الشروط التالية :
أن تخدم هدفا واضح التحديد.
أن تكون مخططة بشكل مقنن.
أن يتم تسجيلها بطريقة منظمة.
أن يتم ربطها بمقترحات عامة بدلا من تقديمها فى هيئة انعكاسات لأشياء شيقة مثيرة للانتباه.
أن تخضع لاختبارات المصداقية والثقة.
فإذا راعى الباحث هذه الشروط كانت ملاحظته علمية، وإن لم يأخذ بها فهى غير علمية. كل هذه الشروط لم يذكر لنا عنها أى شيئ.
ج ـ بالنسبة للاستبيان
1- لم أجد فى الرسالة ما يوضح أن الباحث قد قام باختبار كفاءة الاستبيان كأداة بحثية فليس فى الرسالة ما يؤكد أنه التزم بإجراء عمليات مراجعة مسودة الاستبيان قبل التطبيق أو قام بتجريب الاستبيان على عينة إحصائية للتأكد فهم أفراد العينة للأداة والمصطلحات والكلمات التي تزيد الاستفسارات حولها أوالتأكد من سلامة الأداة، ومن ثم تطويرها وتغيير ما يلزم تغييره، ولا حتى عملية تجهيز الاستبيان للتطبيق الفعلى.
2- كما لم أجد فى الرسالة ما يثبت أن الباحث قد قام بعملية التأكد من ثبات وصدق الاستبيان لا بعرضه على أساتذة متخصصين، وحتى لو عرضه عليهم، فليست هناك معاملات إحصائية تخص ذلك. كما لم أجد أيضا ما يثبت أن الباحث قد قام بعملية التجزئة النصفية.وهناك أربع طرق إحصائية للتأكد من ثبات الاستبيان وسبع طرق إحصائية للتأكد من صدقه لم أر شيئا منها فى الرسالة.
سابعا : ملاحظات حول توصيات البحث
المعايير التى لم تتضمنها توصيات الباحث
1- مناقشة النتائج التى توصل إليها فى ضوء نتائج الدراسات السابقة والمسلمات الأخرى أو الفرضيات التي لا تزال في حاجة إلى الاختبار، وذلك بعقد مقارنات بين نتائج البحث ونتائج الدراسات السابقة ككل وليست منفردة. ( لم تتضمن النتائج هذا المعيار)
2- أن ينبه الباحث بنفسه إلى بعض الأخطاء المنهجية التي ربما أثرت في نتائج بحثه. وأن يقدم فيها بعض التبرير للنتائج التى توصل إليها.( لم تتضمن النتائج هذا المعيار)
3- إثبات الباحث لعلاقة الأخذ والعطاء المتبادلة بين فروض بحثه والنظريات التى استند إليها :
تستمد الفروض قوتها من النظرية أو المسلمات الأكثر قوة، ويتم تطوير النظرية أو اختبارها بواسطة الفروض. وتقوم الفروض بوظيفتين:أساسيتين هما : تنمية نظرية جديدة أو اختبار نظرية موجودة للتأكد من مصداقيتها. وقد تكون سببا في إلغاء نظرية أو تثبيتها أو تعديلها، والتعديل قد يكون بالإضافة أو بالتقليص لشموليتها، مع التسليم بأن ثبوت الفروض في الدراسة الواحدة لا يكفي لإ نشاء نظرية إذ لا بد من اختبار الفرضية مرات متعددة.(لم تتضمن النتائج هذا المعيار)
4- لم يقدم الباحث فى توصياته المتعلقة بالجانب النظرى مقترحات تدور حول الأبحاث المستقبلية التى قد تسهم فى تنمية المعرفة فى تطويرها فى مجال البحث.
ولم يقدم للقارئ هذه المشكلات التى تكشفت له والتى تحتاج إلى دراسة أو متابعة أو استكمال. اكتفى الباحث بتقديم توصيات مرتبطة فقط بنتائج البحث التطبيقى وهى توصيات معقولة وغير خيالية تحسب له. ( لم تتضمن النتائج هذا المعيار)
ثامنا : ملاحظة حول التوثيق الصحيح للمادة المأخوذة من المراجع ومن المواقع الإلكترونية
توثيق الباحث للمراجع أغلبه صحيح، ولكن توثيقه للمادة المستخرجة من شبكة الانترنت يحتاج إلى مراجعه، ويمكنه الرجوع إلى طرق التوثيق فى صفحتى على موقع بوابتى تونس تحت رقم 206.
وننبه هنا إلى نقطة هامة وهى أن كثيرا من الباحثين ينقلون المراجع المكتوبة بالانجليزية فى حاشية المراجع التى اعتمدوا عليها فى دراستهم ويضعونها فى قائمة المراجع الخاصة بالرسالة حتى يزيدون من عدد المراجع المكتوبة بالانجليزية. بعض الباحثين يفعلون ذلك اعتقادا منهم بأن هذا الأمر صحيح و البعض الآخر يفعل ذلك عمدا، والواقع هو أن هذه سرقة علمية يحاسبون عليها قانونا بالإضافة إلى أنها عمل لا أخلاقى. ونحن لا نتهم الباحثة بأنها قامت بذلك الفعل ولكننا نلفت نظر الباحثين المتواجدين فى هذه القاعة إلى ضرورة الانتباه إلى هذه النقطة.
تاسعا: ملاحظة حول تمشى عرض ملخص الرسالة مع الطريقة العلمية الصحيحة
من المفترض أن يتوفر فى ملخص الرسالة النقاط الآتية :
1- عرض مركز للعمليات والمراحل التي قام بها الباحث لإنجاز بحثه.
2- عرض موجز للنقاط الأساسية للبحث أو الدراسة.
3-عرض للمشاكل والعراقيل التي اعترضت الباحث وكيف تم التغلب عليها.
4- عرض مركز وموجز للنتائج والحقائق التي توصل إليها الباحث.
5- لا تزيد عدد كلماته عن 250 كلمة.
بمراجعة عرض ملخص رسالة الباحث نجده قد استوفى معظم متطلباته باستثناء عرض المشاكل والعراقيل التي واجهته وكيف أمكنه التغلب عليها كما كان الملخص طويلا وأكثر من اللازم.
*عنوان الرسالة بالكامل هو "التغير الثقافى والعنوسة - دراسة ميدانية على مجتمع محلى بمدينة سويف ).الرسالة مقدمة من الباحث أحمد محمد عبد الهادى إلى قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة بنى سويف، ونوقشت فى يوم السبت 7/7/2012.وتكونت لجنة المناقشة من : الأستاذ الدكتور جلال مدبولى أستاذ علم الاجتماع بكلية مشرفا ورئيسا، والأستاذ الدكتور طلعت لطفى عضوا أستاذ علم الاجتماع بالكلية، والدكتور أحمد إبراهيم خضر الأستاذ غير المتفرغ بكلية التربية جامعة الأزهرعضوا.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: