(216) مواطن الخلل فى تعامل طلاب الماجستير والدكتوراة مع الدراسات السابقة
د - أحمد إبراهيم خضر - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5582
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أولا : مقدمة
1- تعرف الدراسات السابقة بأنها " الجهود البشرية السابقة التي بحثت الموضوع الذى يدرسه الباحث بعينه ، أو موضوعا مقاربا له، من زاوية من الزوايا، وفي ظرف من الظروف البيئية المتعددة ، مما تم نشره بأي شكل من الأشكال، بشرط أن تكون مساهمة ذات قيمة علمية . وقد يكون النشر بالطباعة أو بالمحاضرات أو الأحاديث المذاعة صوتا فقط، أو صوتا وصورة، أو تم تقديمها لمؤسسة علمية للحصول على درجة علمية أو على مقابل مادي أو بغرض الرغبة في المساهمة العلمية...ولا يندرج تحت هذه الدراسات ما يعد كتبا دراسية أو مداخل لا تأصيل فيها، أي مجرد تجميع لمعلومات متوافرة ".(صينى)
2- يكتفى الكثير من الباحثين فى عرضهم للدراسات السابقة ببيان كمية هذه الدراسات وموضوعاتها ومناهجها ومدى اتفاقها أو اختلافها مع موضوعات بحوثهم . ولا يتحركون خارج هذه النقطة . ويمثل هذا خللا فى تعاملهم مع الدراسات السابقة .
3- يظن بعض الباحثين أن استعراضهم للدراسات السابقة استعراضا وافيا سيؤدي إلى إلغاء بحوثهم أو التقليل من أهميتها ، وهذا خطأ يعود إلى عدم تفرقة الباحثين بين ما يعرضونه ضمن الدراسات السابقة وما يعرضونه فى متن المادة العلمية للدراسة ، وبصورة لا يمكن الفصل الكامل فيها بين مساهمات الباحث ومساهمات من سبقوه.
4- من يريد إصدار حكم على دراسة سابقة، وبعضها تتجاوز مئات الصفحات،لا بد له من قراءتها قراءة متأنية، وحسب منهج تقويمي محدد، فلعله يخرج برأي يكون قريبا من الصواب، تبرأ به ذمته . أما أن يتصفح الباحث قائمة المحتويات فيقرأ العناوين وربما يتصفح بعض المضمونات بسرعة فيخرج بانطباع ثم يكتب هذا الانطباع على أنه تقويم للدراسة التي أوردها . فهذا إجحاف بحقوق الجهود السابقة. وبخاصة إذا كانت المسألة تتعلق بنفي وجود شيء عن الموضوع في الدراسة السابقة أو تتعلق بتحديد مستوى مساهمتها.
5- محور الاهتمام في طريقة عرض الدراسات السابقة ليس هو من الذي كتب؟ وماذا قالت كل دراسة بشكل مستقل؟ وفي أي كتاب؟ ولكن محور الاهتمام هو ماذا قالت أو ذكرت تلك الدراسات السابقة البارزة مجتمعة حول نقطة من نقاط البحث المقترح؟ وكيف كتبت عن الموضوع؟ وأحيانا كم عدد الذين كتبوا في الموضوع؟ وهل آراؤهم متفقة أم مختلفة أم متعارضة، وإلى أي درجة؟ وما التوجه العام أو سمتها البارزة؟ ثم هل عالجت هذه الكتابات مجتمعة جميع عناصر المشكلة بشكل لا يترك مجالا لدراسة أخرى في الموضوع؟ أم عالجتها بشيء من القصور أو عالجت بعض عناصرها فقط بصورة وافية؟ أم عالجت جميع العناصر ولكن بصورة ضعيفة وبمناهج مهلهلة أدت إلى نتائج خاطئة. .
ثانيا :كيفية الاستفادة من الدراسات السابقة
يطرح الباحث اسئلة يبحث عن إجاباتها فى الدراسات السابقة
1- ماهى الدراسات البارزة ذات العلاقة بموضوع البحث؟
عند استعراض الباحث للدراسات السابقة يجب أن يقتصر على الدراسات البارزة، ذات العلاقة المباشرة بموضوع دراسته . ويجب أن يكون معيار البروز هنا كون الدراسة السابقة أفردت الموضوع بعمل مستقل، ثم التي أفردت له فصلا، ثم تلك التي أفردت له مبحثا مستقلا، أو مطلبا ويلاحظ أن أمر درجة العلاقة والبروز نسبي، يترك لتقدير الباحث. أما الفقرات والإشارات غير البارزة التي ظهرت عرضا في دراسات ليست وثيقة الصلة بموضوع البحث، والمعلومات التي صلتها ليست وثيقة فهي تندرج ضمن المادة العلمية التي سوف يؤلف منها الباحث صلب بحثه، وتظهر مساهمة الباحث هنا في المجهود الذى يلم به الباحث شعثَ مادة متفرقة أو متناثرة في مراجع عديدة أو توضيح قضية غامضة أو استنتاج جديد . ويجب عند عرض الباحث للدراسات السابقة أن يراعى ترابط فقرات الدراسات السابقة بشكل متسق ومنطقى .
2- كيف تناولت الدراسات السابقة نقطة الارتكاز المحورية والعناصر الأساسية التى يتكون منها موضوع دراسة الباحث .
3- ماهى النقطة التى يبدأ منها الباحث دراسته الحالية انتقالا من الدراسات السابقة ؟
يجب أن يوضح الباحث كيف قادته الدراسات السابقة إلى النقطة التى سيدأ منها دراسته المقترحة ، وكيف تعتبر النقطة المحورية فى دراساته امتدادا لنتائج الدراسات السابقة .
4- كيف يبرهن الباحث على أهمية البحث انطلاقا من الدراسات السابقة
عند البرهنة على أهمية البحث المقترح وجدوى تنفيذه يلزم الباحث أن يتأكد من عدم تطرق الدراسات السابقة للمشكلة من الزاو ية نفسها، وبالمنهج نفسه، أو التأكد من وجود قصور من حيث المضمون أو المنهج، يستوجب إعادة البحث أو مزيد من الجهود البحثية . فالقصور في المنهج قد يؤدي إلى نتائج خاطئة، والقصور في المضمون، يعني وجود جوانب للموضوع لا تزال في حاجة إلى البحث للإضافة .
5- كيف يحقق البحث المقترح تراكمية المعرفة فى مجال التخصص .
يجب على الباحث بيان موقع البحث المقترح من الجهود السابقة في مجال البحث، وإيضاح نوع المساهمة التي تقدمها الدراسة المقترحة في هذاالمجال وذلك لتحقيق مبدأ تراكمية المعرفة في التخصص المحدد رغم اختلاف المصادر التي تسهم بالبحث فيه وتعددها.
6- ماهى الأفكار التى تزود بها الدراسات السابقة موضوع البحث من زاوية المنهج ، وماهية الايجابيات والسلبيات فى هذا المنهج ؟
يجب على الباحث أن يبين الأفكار الجزئية والكاملة التى زودت الدراسات السابقة بها الباحث عن المنهج المناسب لإجراء دراسته . وماهى إيجابيات وسلبيات المناهج التى استعانت بها هذه الدراسات ليستفيد منها ، وماهى سلبيات هذه المناهج ليتجنبها .
7- مالذى أفادته الدراسات السابقة للبحث المقترح من زاوية أدوات البحث وغير ذلك ؟
يجب على الباحث بيان ما أفادته به هذه الدراسات من أدوات مثل : المعايير أو المقاييس أو فقرات مكونات الاستبانة التى يحتاجها، أو التعريفات الاصطلاحية والإجرائية، أو برامج الحاسب الآلي المناسبة لتحليل المادة العلمية، أو الأجهزة اللازمة للبحث، أو التقسيمات الرئيسة لموضوعات البحث . وهي إن لم تزوده ببعض هذه الوسائل فقد تزوده بأفكار لتصميم ما يناسب بحثه من الوسائل.
8- ماهى المصادر العلمية التى لفتت الدراسات السابقة الباحث إليها ولم يكن يعرفها.
يجب على الباحث بيان ما زودته به هذه الدراسات من مصادر لم يكن يعرفها وأثبتتها هذه الدراسات فى قوائم مراجعها .
9 - كيف كشفت الدراسات السابقة عن طبيعة المادة العلمية ؟
يجب على الباحث بيان ما نبهت إليه الدراسات السابقة الباحث عن طبيعة المادة العلمية الموجودة، مثل : كون المادة العلمية متيسرة أو صعبة المنال، وكونها معقدة أو غير معقدة...
10- كيف ساعدت الدراسات السابقة الباحث فى صياغة الإطار النظرى لدراسته .
11 - كيف ساعدت الدراسات السابقة الباحث بخلفية تمكنه من مناقشة نتائج بحثه فى ضوئها .
12- كيف عرفت الدراسات السابقة الباحث بالعقبات التى قد تعترض عملية البحث
ثالثا : كيفية استعراض الدراسات السابقة
يتم استعراض الدراسات السابقة وفقا لما يلى :
1- حصر الدراسات السابقة جميعها وذلك باستخدام البطاقات المستقلة بكل جزئية من المادة العلمية أو استخدام وثائق وملفات الحاسب الآلي.
2- وضع تصور للتقسيمات الرئيسة لفقرات عنصر الدراسات السابقة بحيث يضمن عرضها موضوعا بعد موضوع عبر الدراسات السابقة ، وبعبارة أخرى، لا تستعرض الدراسات كاتبا بعد كاتب أو دراسة بعد دراسة وإنما طبقا لموضوعات الدراسات جميعها . مثال ذلك أن من أراد أن يبحث عن دور الخدمة الاجتماعية فى التعامل مع المعاقين ، عليه أن يقسم الموضوع إلى المعاقين ذهنيا، المعاقين حركيا ، المعاقين بصريا ...الخ . فهذه الطريقة تمكن الباحث من المقابلة والمقارنة بين الأقوال المختلفة في الموضوع الواحد، لبيان أوجه الشبه والاختلاف بينها، ومن ثم تصنيف هذه الأقوال في فئات ثم ترتيب ما نتوصل إليه من أصناف، بطريقة تخدم الهدف من الدراسة، مثل الوصول إلى الرأي المرجح..
3- قد يضطر الباحث إلى تعديل التقسيمات الرئيسة للموضوعات -أحيانا -أثناء الاستعراض . ومع هذا فإن على الباحث وضع تصور سابق لهذه التقسيمات. فوجود مثل هذا التقسيم الرئيس الذي يصنف العناصر الدقيقة أو جزئيات البحث يضمن تسلسل الأفكار وتراكمها بطريقة تقود منطقيا إلى البحث المقترح . كما ييسر تنظيم البطاقات التي تحمل المادة العلمية، وإعادة تنظيمها.
4- قراءة الباحث للدراسات السابقة المختارة بدقة تمكن الباحث من استيعاب منهجها ونتائجها. وهذا الاستيعاب يجب أن يكون إلى درجة تجيز للباحث بيان وجه النقص فيها . فلا ينبغي للباحث أن يقرأ قراءة ناقل، إذ عليه أن يقرأ قراءة ناقد تظهر معها شخصيته المستقلة وخلفيته المعرفية المتعمقة في موضوع البحث .
5- على الباحث أن يناقش موضوعات الدراسات السابقة دفعة واحدة وذلك بدلا من مناقشة فقرات القصور في كل دراسة على انفراد . وتجنب هذه الطريقة الباحث تكرار المناقشة الواحدة وأدلتها للفقرات المتماثلة التي ترد في مواقع متفرقة، أو تجنبه الاضطرار إلى تكرار الإشارة إلى المناقشة الأولى، أو تجنبه التعارض بين أقواله دون انتباه. وإضافة إلى ما سبق فإن التكرار قد يشتت انتباه القارئ ويشوش عليه أفكاره.
إن مناقشة كل فقرة وحدها، بدلا من مناقشتها مع مثيلاتها دفعة واحدة دليل على عجز الباحث عن التحليل وعدم الاستيعاب الكافي لما ورد في الدراسات السابقة . فالاستيعاب الكافي والقدرة على التحليل عنصران أساسيان لأي دراسة علمية .
فليس المقصود من الاستعراض هو تحديد موقع البحث المقترح من كل دراسة على انفراد ، ولكن من الدراسات السابقة مجتمعة . فقول الباحث الدراسة الأولى ودراستى تهدف إلى كذا ، والدراسة الثانية لم توف الموضوع حقه فيه تجن على كتابات الآخرين . فربما أن الدراسة المذكورة لم توف بعض النقاط حقها؛ وهذا مبرر كاف لتنفيذ البحث المقترح . ولكن ربما عالجت نقاطا أخرى بشكل واف، وليس في إمكان الباحث أن يأتي بأحسن منها ، وهذه إيجابية يجب أن يثبتها الباحث للدراسة السابقة؛ ولا يقلل هذا الإثبات من شأن الدراسة المقترحة. فالمطلوب إذن هو أن يبرهن الباحث بما يستعرضه بأن الجهود السابقة في مجموعها لا توصد الباب أمام البحث المقترح، وأن الدراسة المقترحة ستضيف شيئا إلى الموضوع ..
6- حين يستعرض الباحث الدراسات السابقة لا يورد نصوصها كلها كما هي، إن كانت طويلة، ولكن يختصر أبرز نقاطها دون تشويه لها أو طمس لمعالمها . أما إذا كان كل ما ورد في الدراسات السابقة إشارات قصيرة، فالأفضل إيرادها بنصوصها.
7- لا يجب على الباحث أن يتحدث عن مضمون أو نتائج الدراسات السابقة كلها و إنما يقتصر على ما له صلة وثيقة بمشكلة بحثه . فقد لا يهم الباحث من كتاب يتألف من عشر ة مجلدات سوى فصول أو مباحث محدودة، ذات صلة وثيقة بموضوع بحثه. فهو يستعرض هذه الجزئية، ويناقشها هي فقط إذا لزم الأمر . ولا علاقة له بالأجزاء الأخرى، فلا يذكرها، لا بخيرولا بخير .
8- على الباحث أن يتجنب إصدار أحكام بالنقص أو القصور دون تقديم الدليل على تلك الدعوى. ومن الأخطاء الشائعة أن يقول الباحث " لقد كتب فلان في الموضوع ولكن لم يوفه حقه ..." وهو يتحدث عن كتاب ضخم مثلا، ربما لم يطلع على عناوينه الفرعية اطلاعا كافيا . فالأفضل أن يسوق الأدلة فقط، وإذا لزم التعليق فلابد أن يسند تعليقه هذا بأدلة تسبقه . فيقول مثلا : "قال فلان كذا وكذا ... ويلاحظ أن هذا القول لا يشمل بعض الجوانب مثل...
9- لا تتم عملية الاستعراض بصورة مقبولة إلا بالتحليل . وهذا يعني حصرالمعلومات المتناثرة في المراجع المختلفة . والحصر هنا عملية نسبية تختلف باختلاف الموضوعات . والتحليل يعني أيضاً تصنيف المعلومات المختلفة حسب التقسيمات الرئيسة للموضوعات التي أعدها الباحث من قبل لموضوعات بحثه، والتي تمثل العناصر الرئيسة لموضوع البحث.
والتحليل يعني –أيضا - ترتيب وتنظيم هذه الأصناف أو المعلومات بطريقة تقود القارئ، تلقائيا ، إلى النقطة التي سيبدأ الباحث دراسته منها .
---------
(انظر تفصيلا : سعيد اسماعيل صينى ، قواعد أساسية فى البحث العلمى ، شبكة الالوكة)
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: